الأوابد من الشِّعر الأبيات المشهورة السائرة كالأمثال، واستعملها الجاحظ بهذا المعنى؛ لأنه عطفها على الأمثال إذ قال: "وفي بيوت الشعر الأمثال والأوابد، ومنها الشواهد، ومنها الشوارد" وأعاد ابن رشيق معنى الجاحظ في الأوابد، ولكنه زاد عليه بأن جعل الأبيات الأوابد في الهجاء خاصة؛ لأنه لمح فيها معنى (الداهية) وهي إحدى معاني الأوابد اللغوية، قال ابن رشيق: "والأوابد من الشِّعر الأبيات السائرة كالأمثال، وأكثر ما تستعمل الأوابد في الهجاء، يقال: رماها بآبدة، فتكون الآبدة، هنا، الداهية. قال الجاحظ: "الأوابد الدواهي"، ومنه أوابد الشعر، حكاه عن أبي زيد، وحكى: الأوابد الإبل التي تتوحش فلا يُقدَر عليها إلا بالعقر. والأوابد: الطير التي تقيم صيفاً وشتاءً. والأوابد: الوحش. فإذا حُملت أبيات الشعر على ما قال الجاحظ، كانت المعاني السائرة كالإبل الشاردة المتوحشة، وإن شئت، المقيمة على من قيلت فيه، لا تفارقه، كإقامة الطير التي ليست بقواطع. وإن شئت قلت: إنها في بعدها من الشعراء وامتناعها عليهم كالوحش في نفارها من الناس".
وقد تضمنت لفظة (الأوابد) في الدلالة الاصطلاحية المعاني الثلاثة الآنفة الذكر.
ولعل ابن رشيق لمح معنى الهجاء في مدلول الأوابد من مجموعة الأمثلة التي وردت فيها اللفظة، وكلها في الهجاء. منها قول النابغة الذبياني:
نُبّئت زُرعة، والسفاهة كاسمها
يهدي إليَّ أوابد الأشعار
ومنها قول مزرّد بن ضرار الذبياني متوعداً:
زعيمٌ لمن قاذفتهُ بأوابد
يغنِّي بها الساري، وتُحدى الرواحلُ
وقول الفرزدق يهجو جريراً:
لن تدركوا كرمي بلؤم أبيكمُ
وأوابدي بتنحّل الأشعار