التقيا..في زحمة العمر وضجيج الحفلات.. كتب لحبهما أن يخلق..
منذ اللحظة الأولى كان لحضوره سطوة على قلبها..
وكان لحضورها بريق لم تبدده زحمة المكان وأنواره..
التقيا..
وراحت الحارات الدمشقية بأبوابها الخشبية وياسمينها المعتق تشهد قصة حب من طراز جديد..
وراحت تلك الفتاة تعلق بأمالها أجمع على عاتق رجل ظنت بأنه مختلف..
وكأغلب قصص الحب تلت الوعود والأحلام على مسامع ليلة مخملية..
ولكنه الخوف..
لم يكف عن السباحة بأعماقها..
ربما نحن نخاف أقدارنا المجهولة لأنها مجهولة أصلا
ولكن خشية هناء كان لها طابع مختلف..
كانت خشيتها كأحاسيس أنثى ماسبق لها وأن كذبت.. كتنبؤات أنثى ماسبق وأن أخطأت أبدا..
قدر جميل
زف العروسة الدمشقية إلى بيت محبوبها فدخل معها الربيع وراح الخريف يجر اذيال هزيمته..
كانت هناء كحورية هاجرت البحر وكنوزه ورضيت بالمكوث إلى جوار معشوقها
وكان عروة كمن أعطى كل نعم الأرض بلحظة وسقط ساجداً من فرط امتنانه
ولكن ماان مضى الوقت..
جلس القدر الأحمق في زاوية البطش يعبث بطرحة الفرح ويلبس هناء ثوبها الأصفر..
إنه المرض...
إنه الحرمان..
إنها لحظات الذبول والأمنيات الأخيرة..
كتب لحمامة الايك أن تقتص أجنحتها وترغي وتزبد تحت وطأة عزرائيل
وتحول ذلك العاشق الشاب المفعم بالحياة إلى ناقوس فزع يدق في كل لحظة تغمض آنثاه فيها عينيها الذابلتين..
ترى هل يصمد الحب طويلاً أمام المرض؟؟
هل يبقى الوفاء شامخاً رغم وساويس الخيانة؟!
وحين راحت هذه الأسئلة تطارد عروة كانت الوعود تدهس تحت عجلات الرغبة..
تأملته طويلاً وكأنها لأول مرة تكتشف أن فارسها لم يخلع رداء شرقيته البته وأن لابد للرجل الشرقي أن يخضع لنزواته ولا بد له أن يخون
استجمعت كل مابقي داخلها من حياة وراحت تسأله :
ماكان فيك تستنى لموت؟!
هنيئاً لسخافة المبررات لقد أسقطت كل الأمنيات
دفنت نفسها في فراش الخيبة تبكي شبابها تشتم قلبها العليل وتنادي بالموت الرحيم..
أي خيبة زرعت في قلب تلك المرأة أي إحساس بالعجز باغتها وهي عاجزة حتى عن العتب..
آي آمال مزقت في كيان أنثى شاخت كل ملامحها فجأة..
هاهو الجسد ينتفض والقلب يعلن استسلامه لنوبات علته..
هاهي هناء تأبى العودة للحياة فعاشقة مثلها لاتعرف العيش ضمن إطار الشفقة..
رحلت هناء
ورحل معها ربيع العمر وعاد الخريف يركل باب عروة بهمجية..
رحلت هناء
وحل محلها الندم...
أي إعتذار سيمحي قبح مافعلت!!
أي ندم سيسقط عنك عار ماصنعت!!
هنيئاً للقبر فسيحتفل اليوم بعروسته
وتبا للغرائز التي طعنت الحب في الصميم وقتلته
مامن فتاة أجمل من هناء
ومامن رجل أقبح من عروة
#بقلمي أيلول