..
رغم كراهتي الدخول في هكذا نقاش
أحاول الرد باختصار :-
-خطب النبي (ص) بطبيعتها قصيرة ..
عن عمار بن ياسر -رضى الله عنهما- قال: سمعت رسول الله
يقول: إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مَئِنَّة من فقهه،
فأطيلوا الصلاة، وأقصروا الخطبة[مسلم]
-كثير من الأحاديث النبوية مسموعة في خطبه عليه الصلاة والسلام ومنقولة عنها أصلاً
وخطب الرسول المكرم لا تشبه خطب اليوم كثيرة الكلام قليلة النفع ..
- طبيعة الحياة في زمن الرسول عليه الصلاة والسلام وعملهم في الرعي والتجارة وفهمهم العميق لطبيعة الدين وروحه جعلهم
لا يتعاملون مع الدين على أنه حبيس المساجد وحلقات العلم
الدين منهاج حياة كامل ينظم كل دقائقها وتفاصيلها ولا يعطّل تقدمها.
فكانوا يزاولون أعمالهم وكثيرًا ما يتخلف بعضهم عن مجالس الرسول وخطبه ممن يعرفون الكتابة والذين هم قلة بالأصل في ذلك الزمن ..
-وخطبة الجمعة لا يلزم أن تكون شيئا جديدا ، بل كثيرا ما تكون للتذكير ، فيخطب النبي (ص) بآيات كما ثبت أنه خطب بسورة ق مثلا ، فعن أم هشام رضي الله عنها ،قالت:ما حفظت (ق) إلا من في رسول الله (ص) يخطب بها كل جمعة[مسلم] ،
وعن جابر بن سمرة قال: كان لرسول الله خطبتان، يجلس بينهما،
يقرأ القرآن، ويذكِّر الناس، ويحذِّر [ مسلم]
وهذا يدل على أن من شأنه عليه السلام الخطبة بآيات من القرآن الكريم
-هناك جمع من أهل العلم اعتنوا بجمع خطب النبي (ص) وهي غير قليلة ..مع أن الأحاديث بعامة قد تكون جزءا من خطبه كما تقدم، ولا يلزم أن يكون ابتداء الحديث بقول الراوي: خطبنا رسول الله..
-والله عز وجل جعل حفظ دينه بتصريف من لدنْهُ لطيف ، فما يُحتاج إلى حفظه وتدوينه ونقله ،فإن الله تعالى يقيّض نقله بلطفه فيقدّر أن يقدم أعرابي-مثلا- من بعيد ليسأل فيكون في جواب النبي الحكمة البليغة التي تحتاجها الأمة ، وهكذا حُفظ الدين في جله اتفاقا دون ترتيب خاص سوى تقدير العليم الخبير اللطيف
-ولا يلزم نقل كل سكنة وحركة وكل نفَس وخطوة..فإن ظن المرء أنه لابد من نقل كل شيء ، فهذه مقدمة وهمية ..وإنما تكفل الله جل ثناؤه بحفظ دينه الذي ارتضى لعباده والذي به صلاح البشرية ، كما قال "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا"
- في بادئ الأمر نهى الرسول المكرم عليه صلوات ربي عن كتابة ما يتحدّث به خشية أن يختلط كلامه مع القرآن لكن بعد حين وبعد رسوخ الوعي أُذن لهم
فسمح الرسول بالكتابة.
-كانت صلاة الجمعة كما ذكر بعض أهل العلم
أنها كانت كصلاة العيدين تقام الصلاة أولاً ثم الخطبة بعدها ولكن بعد حادثة أغضبت الرسول قُدّمت الخطبة على إقامة الصلاة ..والحادثة هي ترك بعض الصحابة للخطبة
عند سماعهم طبول قدوم القوافل التجارية
والدليل في سورة الجمعة ..
( وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)
-وهذا الأمر متعقل حتى في واقع طلبة العلم مع العالم الذي هم تلامذته ، فتراهم يتحلقون حوله ويخبرون أحواله ، لكنه قد يكرر الشيء مرات ، ويذكرهم بما هو عندهم معلوم ،ويضمّن كلامه ما هو مفهوم ،فإذا دوّنوا ، فإنهم يميزون ما يلزم كتابته مما قد لا تشتد الحاجة لكتْبه .. لأنه مُتضمّن في غيره مثلا ..وهكذا
-والحاصل أن المهم هو تكفل الله تقدست أسماؤه وجلّت آلاؤه بحفظ دينه ، فبلَغَنا كما أراد ، فما ترك رسول الله من خير إلا أرشد أمته إليه ،ولا شرا إلا حذرها منه ،وكلا النوعين محفوظ ..والحمد لله رب العالمين
..