قالَ: اما آنَ أوانُ النهوضْ؟
أما مَلِلْتُمْ مِن كُثرِ البعوضْ؟
هيّا انهضوا وقفوا معًا
وأدّوا كلَّ ما عليكم مِن فروضْ
فأجبتُهُ: أتُريدُ النهوضَ مِنْ شعبٍ جريحْ
ضعيفٌ كالغُصنِ يتقلَبُ معَ كلِّ ريحْ
ومعَ كلِّ هذا الضعفِ فإنّهُ متفرقٌ
فيَشُنُ حربًا ردًا على كلامٍ صحيح
فقالَ: ننبذُ الفُرقَةَ ونبدأُ مِن جديدْ
فنُكوّنُ شعبًا ذو أُسسٍ من حديدْ
ذو خُلُقٍ قويمٍ وتفكيرٍ سديدْ
فيصبحُ ذاكَ العودُ سيفًا شديدْ
سَمِعَ حوارَنا شابٌ بدى متحمسًا للثورةِ..وقال:
نعم! لِنُحررْ رقابَنا من كيدِ هذهِ الحالْ!
ولْنُشعلْ شمعَ دربِنا ولْنبدأ بالنضالْ!
مللنا مِن الأُمنياتِ وكلِّ هذهِ الأقوالْ
معًا نُضحي سويًا بالنفسِ والأموالْ
وأخذَ الحديثُ يتصاعدُ في الأرجاءْ
وتَدَخَّل الكثيرُ لإعطاءِ كَفِّ الولاءْ
وبدأنا أخيرًا نُحِسُّ بقوةِ شعبِنا
حتى قاطعنا صوتُ ذاك البُكاءْ..
كانتْ شابةً في العشرينَ من عُمرِها
فَقَدَتْ في الحربِ الماضيةِ حبيبَها
الذي ذهبَ في ذلكَ اليومِ المشؤومْ
يدافعُ عنْ وطنِه ناسيًا حقَّ حضنِها
فأخذتْ تُنشدُ وهي مشتاقةٌ إليهِ:
تاقَ قلبّ إلى وصالِكَ مِن بعدِ نوًى
أخلى كلَّ ما في القلبِ من وجيبِ
فأمسيتُ أرى البدرَ مشكاةَ حبٍّ
يعكِسُ حُسنَكَ فأبدأُ بالنحيبِ
طارَ الذي أَحبَبْتُ من بين يديّ
وقسى قلبي وغرِقْتُ بالمشيبِ
في كلِّ ليلٍ أتلو صلاةَ حُبِّكَ
وما لهذا الجوى الأزليِّ مِن مُجيبِ
يا ربي خُذْ بقايا روحي إليكَ
فإنّني مَيتَةٌ حينَما ماتَ حبيبي
حيدر رسول..