في سيهات.. بكاميرا من والده… آل نصر من استيديو في غرفته إلى محكّم دولي
بواسطة : سناء آل حسين - القطيف اليوم - القطيف اليوم
4 يناير، 2020
هل كان يعلم والده حين أهداه كاميرا Minolta، قبل 29 عامًا تقريبًا أنه يهديه دراسة جامعية، يهديه مستقبلًا، يهديه تميزًا وعالمية، ليصبح مصورًا يقف في مصاف المصورين العالميين، بل ويحكم التقاطات المتنافسين على جوائز التصوير العالمية.
في عام 1990م، تلقى المصور الفوتوغرافي مجدي آل نصر هدية من والده كانت عبارة عن كاميرا Minolta D8000i، لتبدأ رحلة مختلفة في حياته، فهو لم يتعامل مع تلك الكاميرا كهدية فقط، بل حولها إلى مشروع تجاري، استفاد من عوائده المادية بعد سنوات تجاوزت أصابع اليد الواحدة بإصبع واحد.
استيديو منزلي
بدأ آل نصر في التعامل مع هدية والده وكأنها كنز لابد من استغلاله جيدًا قبل أن ينفد، فقد بدأ بتعليم نفسه ذاتيًا في مجال التصوير الفوتوغرافي، مستغلًا موهبته في هذا للمجال.
وافتتح له استيديو شخصيًا، ولعدم توفر مكان، أو إمكانية أن يستأجر طالب الثانوية مكانًا خاصًا به لتحويله إلى استيديو، فقد لجأ إلى تحويل غرفته المشتركة مع أخيه في بيت جده – رحمه الله – في مدينة سيهات بحي مدينة العمال (الطابوق)، ليستقبل فيها زبائنه.
كان مكانًا متواضعًا إلا أنه اتسع إلى حلم ذلك الشاب في تلك الفترة، فهو لم يحتج فيه إلا إلى كاميرا وعدسة قياسية 35-80 ملم، وفلاش واحد مع عواكس لتوزيع الإضاءة، تلك العواكس التي صنعها من الفليين، كما استخدم ورق الألمنيوم (القصدير) في حال الرغبة بتوفير إضاءة أقوى.
زبائن وتوثيق اجتماعي
حتى ينجح مشروعك لن تصفق وحدك، أنت حتمًا تحتاج ليد أخرى كي تسمع صدى ما تنتجه يدك، تحتاج من يقف خلفك مشجعًا ومساندًا ولو بطريقة مختلفة.
وفي رحلة الفوتوغرافي المنحدر من مدينة سيهات، كان الأقارب والأصدقاء هم أبرز المساندين، ولم يكونوا مساندين وحسب بل كانوا هم زبائنه الأوائل، واستفتاحيته في مشروعه الأول.
وكما كان لـ آل نصر زبائن أوائل، كان له توثيقات أولى في مسيرته الفوتوغرافية، وأبرز تلك التوثيقات كان مهرجان الزواج الجماعي بمدينة سيهات، وعن ذلك يقول: “كنت حينها بجانب الفنان العالمي محمد الشبيب، وقد انبهر حينها بمدى إمكانياتي ومعرفتي بتقنية التصوير”.
دراسة لا فوتوغرافية
الاستيديو المنزلي لم يكن مجرد مشروع لتنمية الهواية الفوتوغرافية عند الشاب مجدي حينها، بل كان ادخارًا لبناء مستقبلٍ جديد، مستقبل بعيد عن التصوير تؤطره شهادة جامعية.
وحول ذلك يقول لـ«القطيف اليوم»: “بعد أن أهداني والدي تلك الكاميرا افتتحت لي استيديو خاصًا، وبدأت بتوثيق الأحداث الاجتماعية في مسقط رأسي، وقد فعلت ذلك حتى ألتحق بالجامعة في مملكة البحرين”.
ويضيف: “في عام 1996 توقفت عن التقاط الصور، والتحقت بجامعة البحرين تخصص هندسة ميكانيكية، إلا أن الحنين للكاميرا كان يعاودني بين حين وآخر”.
صدمة العودة
غادر آل نصر هوايته خلال فترة الدراسة وأكثر، إلا أنه عاد لها بعد أحد عشر عامًا، يقول: “عدت إلى هوايتي وشعرت بالصدمة عندما وجدت أنه كان عليّ أن أغادر مجال التصوير الفوتوغرافي للأفلام بعد أن تدخلت التكنولوجيا الجديدة وغيرته إلى رقمي”.
ويتابع: “بحكم طبيعة عملي في عالم تقنية المعلومات، إلا أنها كانت صدمة بالنسبة لي مع وجود الأساسيات وهي المعرفة التامة بمثلث التعريض (فتحة العدسة – سرعة الغالق – وحساسية الضوء ISO). مع وجود برمجيات المعالجة وكيفية إخراج الصورة بشكل رقمي متقن. لم تكن بالسهل ولكن مع وجود الإصرار تم تخطي أغلب الصعاب ومازلت أتعلم.
عودة بعد انقطاع شبيه بالفيلم الأمريكي عودة إلى المستقبل، برغم طبيعة علمي في تخصص تقنية المعلومات، إلا أنها كانت بعض الشيء معقدة، بالإضافة إلى بعض برمجيات معالجة الصورة.
ويضيف: “بأمانة واجهت التحدي من خلال الاستفادة من مدارس التصوير الفوتوغرافي على الإنترنت والالتقاء بمجموعة من الأشخاص الذين يدعمون بعضهم البعض بتدريب قليل وخبرة كبيرة”.
المعلم كتاب ومحترف من نيويورك
كأي هواية حتى تتطور لابد من صقلها بالتعلم، وهواية آل نصر اختارت كتب التصوير معلمًا، عن ذلك يقول: “كان اعتمادي على كتب التصوير في ذلك الوقت مع قلة وفرتها”.
ويضيف: “في عام 2017 التحقت بمعهد نيويورك، ونلت شهادة محترف التصوير الفوتوغرافي في فترة وجيزة لم تتجاوز الثلاثة أشهر، وهي عبارة عن 6 وحدات دراسية من المقرر دراستها خلال فترة 18 شهرًا، وقد اجتزت جميع المتطلبات وهي ستة وحدات دراسية مع ستة امتحانات وستة مشاريع فيما يقارب الثلاثة أشهر.
مركز الخليج ومناصب أخرى
مجدي آل نصر بعد هذا المشوار هو رئيس مركز مصوري الخليج، وعن تأسيس مركز مصوري الخليج بسيهات، قال: “تأسس بدعوة من أصدقائي الذين كانوا متحمسين للعمل في التصوير الفوتوغرافي، بعد أن جلسوا معًا، وفي نوفمبر من عام 2013، قاموا بتكوين جمعية مركز الخليج للمصورين (GPC Photo)”.
كما أنه يقوم حاليًا بمناصب PSA كمدير للمملكة العربية السعودية، ومدير قسم تصنيف النجوم لقسم الطبيعة.
أول جائزة دولية
حصد آل نصر أول جائزة في أكتوبر 2015، وهي عبارة عن وسام شرف من الاتحاد الدولي لفن الصورة FIAP، وفي حديثه عن تلك الجائزة قال: “من لا يشكر المخلوق لا يشكر الخالق، أخص بالشكر هنا الفنان الفوتوغرافي وأخي زكريا الحمد والفنان عباس الخميس على تشجيعهم لي للدخول في مثل تلك المنافسات”.
محكّم دولي
وصل آل نصر الآن إلى أن يكون محكّمًا في إحدى المسابقات الدولية، وحول سؤالنا عن كيفية اختياره للتقييم فيها، وما هي المسابقة، أجاب: “الحضور الدولي للمؤتمرات الفوتوغرافية وتمثيل وطني وخصوصًا محافظتي ومدينتي سيهات حين يشار بجانب اسمي (المملكة العربية السعودية – مدينة سيهات) فهذا في بادئ الأمر وسام أفخر به”.
وتابع: “في الجانب الآخر إحدى العوامل الرئيسية هي الورش والنقاشات الفوتوغرافية طوال العام مع العديد من الفنانين العالميين وتواجدي معهم على المستوى الشخصي والفني، وقد حكّمت العديد من المسابقات منذ عام 2017، حتى الآن سواء كان حضورًا أو عن بعد، بالإضافة إلى العديد من الورش الفوتوغرافية التي أحضرها سنويًا في المؤتمر السنوي للجمعية الأمريكية للتصوير الفوتوغرافي، إحدى المسابقات في نسختها الـ89 تم اختياري مع نخبة من المصريين، وقد شعرت بالخجل كوني أصغُرهم بكثير، ومن جانب آخر أحسست بالفخر بأن أكون صفًا بصف مع أيقونات فوتوغرافية دولية”.
وأضاف: “المسابقة الأخيرة هي عبارة عن مشاريع فوتوغرافية وهي عبارة عن مجموعة من الصور لموضوع معين يتم تنسيقها تدرجيًا كموضوع شامل، وهي مغلقة لأعضاء نادي سينت باول بولاية مينيسوتا والذي أُسس عام 1893م”.
ووصف شعوره بقوله: “شعور جميل في ظل شح الاختيارات المحلية، كما أنه يشبه شعور اللاعب المحلي المحترف دوليًا”.
التقاطة تسرد حكاية
التقاطات آل نصر هي مجموعة حكايات التقطها من موطنه، وأضاف لها رصيدًا من عدة دول؛ كأوروبا والصين وكوريا وإثيوبيا وأمريكا والعراق والخليج.
وعن أكثر الحكايات التي خلفتها إحدى رحلاته الفوتوغرافية ومازالت راسخة في ذاكرته أوضح أنها كثيرة، إلا أنه مازال يحتفظ بإحدى القصص التي صادفته خلال زيارته لإثيوبيا، يحكي: “كان الأطفال يركضون من خلفنا أو يستقبلوننا بحفاوة كبيرة وينادون “هاي لاند”، وكنت أظن أنهم يلقون التحية بحرارةً وأنا بسجيتي أرد عليهم بنفس الكلمات وبهز الرأس “هاي لاند”، لكن استوقفني تكرار تلك الكلمات، فسألت أحد المنسقين فأجاب أنهم يقصدون بهاي لاند قوارير الماء التي نشربها، فهم لا يطلبون الماء بل يطلبون القوارير ليملؤها بالماء لاحتيجاهم لها وذلك لشح الموارد لديهم، وهذا الموقف شمل الاثنين المضحك المبكي”.
واستدرك: “لدي العديد من الصور وكل واحدة ترمز أو توجد لها محطة في ذاكرتي، إلا أن هناك واحدة فقط مميزة وهي الصورة الأولى التي حققت لي أولى جائزاتي وهي صانع أقفاص الصيد (القرقور)”.
إنجازات
وختم حديثه بالإنجازات التي حققها قائلًا: “لدي الكثير من الإنجازات على الصعيدين الشخصي والعام ولكنني أفخر بالعامة أكثر من الخاصة، وهي وضع بصماتي في طريق عدة مصورين محليين وخليجيين في مسيرتهم الفوتوغرافية وشق طريقهم للوصول إلى العالمية، أما على الصعيد الشخصي فهي؛ تأسيس مركز مصوري الخليج، ومدير تنفيذي لدى الجمعية الأمريكية للتصوير الفوتوغرافي، وتأسيس مسابقة آفان الدولية للتصوير الفوتوغرافي، وحكم دولي للمسابقات الفوتوغرافية”.