قالتْ مها مالَهُ ؟ ما همُّها مالي
وهمُّها الهمُّ لكنْ دّمعُها غالي
تَرُدُّ عن عينها عيني وتَشغَلُني
عن حالها بسؤالي كَيفَ أحوالي ؟
بَنو الحروبِ بنا من حُزننا خجلٌ
إذا حَزِنّا اعتَذَرنا يا ابنةَ الخالِ
ويا مها دَعْكِ مِنَّا إنَّهُ زَمَنٌ
تَداولَ الناسُ فيهِ الموتَ كالمالِ
تَدَاولوهُ إلى أنْ أشبَهوهُ فهُمْ
صُمُّ الملامحِ من شيبٍ وأطفالِ
تّكَرّرَ الأمرُ حتى لم يَعُد خَبَرًا
يُرى ويُسمعُ لكنْ ليسَ في البالِ
ما أعرضوا عنهُ إلّا قابلينَ بهِ
لا فَرقَ ما بينَ إعراضٍ وإقبالِ
وَهمُ الدوامِ ضروريُّ يُعاشُ بهِ
ورُبَّما رَوِيَ الظمآنُ بالآلِ
إنّي لَيُتعِبُني يأْسي وأُتعِبُهُ
إذْ أَنَّ ما زادَ يأسي زادَ آمالي
نحنُ الذينَ مشينا للجيوش وقد
مَشَتْ لنا ، مَشْيَ أهوالٍ لأهوالِ
بلا سلاحِ سوى حبرٍ على ورقٍ
ولا دُروعِ سوى خَلٍّ على شالِ
والناسُ إن وَجَدوا الأحرارَ في كُرَبٍ
تَناذلوا وهُمُ لَيسوا بِأنذالٍ
فالناسُ كالناسِ إلّا أنّهُم يَئِسوا
مِن صَدِّ أرتالِ هَمٍّ بَعدَ أرتالِ
مِنَ المصائبِ لاذوا بالمصائِبِ كالْـ
أسماكِ فَرَّتْ من المِقلاةِ للقالي
والمَرءُ يَيأسُ من إبراءِ عِلَّتِهِ
إنْ عاوَدَتهُ مِراراً بعد إبلالِ
أبشِر إذا ما رَأَيتَ اليأسَ مُكتَمِلًا
ولَم تجِدْ حيلةً فيهِ لِمُحتالِ
فإنَّ في كلِّ يأسٍ كاملٍ أملًا
وكَمْ نبيٍّ خَفِيٍّ تحتَ أسمالِ
نرى القديمَ جديدًا من بَراءتنا
وهوَ المُعادُ لِأجيالٍ وأجيالِ
شَعبُ يسيرُ بِراياتٍ مُلوَّنةٍ
لِدولةٍ وَقَفتْ بِالأكْدَرِ البالي
فإنْ تَجَمَّعَ باتَ المُلْكُ غَلَّتهُ
وإنْ تَفَرَّقَ أمسى رهنَ أغلالِ
وحُلَّةُ الدولةِ الجرباءُ تُحرَقُ لا
تُطلى بقارٍ وإلّا أَعْدَتِ الطالي
سَيُهزِمُ الوَغدُ مُختالًا بِنَصرَتِهِ
فَلَيسَ أسهلُ منْ إهلاكِ مُختالِ
هذي الميادينُ فيما بيننا حَكمُ
وسوفَ يدري الأعادي أيُّنا الجالي
أودَت ذَخائرُهم إلّا فَوارِغُها
فالآن يُوفَوْنَ مِثقالاً بمِثقالِ
أَجدِرْ بما كانَ يَومًا أن يكونَ غدًا
فالدَهرُ بعدُ خيوطٌ فوقَ أنوالِ
قد يلحقُ الذُلُّ غَلّابًا بلا شَرَفٍ
والنصرُ يُهدى لمغلوبينَ أبطالِ
م