سأمُرُّ بالوطنِ القَديمِ لِكَي أَرَى |
أهلي... وأغنيةَ السَّواحِلِ للقُرَى |
لأَرَى نِساءَ الريفِ ثانيةً، فَقَدْ |
أخْفتْ دروبُ الصمتِ عنِّي المَنْظرَا |
لأرى انتظارَ حبيبتي الأُولى... وَهَلْ |
مَا زالَ دربُ الحبِّ يُمْطِرُ سُكّرا |
أدْري وتَدْرِينَ الحَمائِمَ كُلَّهَا |
تَدري... وأنَّ النَّهْرَ من زمَنٍ دَرَى |
أنَّ المنافي لنْ تَكُونَ صَدِيْقةً |
حتَّى وإن حَجَرُ المنافي أزْهَرَا |
الأرضُ والإنسانُ كَانَا مَوْطِنَاً |
يا أرضُ: قَدْ تَرَكَ الدِّيَارَ مُهَجَّرَا |
فَلِذَا يَقُولُ النهرُ شِعْرَاً ظَامِئَاً |
والصيفُ... ظَلَّ الصَّيفُ عُشْبَاً أصْفَرا |
لا شيءَ يَعبرُ فِي الفَراغِ سوى يَدٍ |
تَمْحُو بذاكرتي زَمَانَاً أخْضَرَا |
بَيْنِي وَبَيْنَ العَائِدينَ لِدَارِنا |
كفٌّ تُصَافِحُنَا وتُخْفِي خِنْجَرَا |
سَأَمُرُّ بالوَطَنِ القَديمِ... بِنَخْلَةٍ |
ظَلَّتْ تَشُدُّ الأرضُ عِزَّاً بالذُّرَى |
يا أهْليَ الغُرَبَاء... إنَّ طَرِيْقَنا |
صَوْبَ النَّخِيْلِ إذَا المَكَانُ تَحَجَّرَا |
أنَا عائِدٌ... فالأرضُ طَعْمُ طُفُولَةٍ |
هُو جدوَلُ الذِّكْرَى بِصَدْري قَدْ جَرَى |
أشتاقُ للطِّفْلِ الذِي كَلِمَاتُهُ |
دَارٌ... ودُورٌ... ثُمَّ يَطْوِي الدَّفْتَرَا |
أنَا كُنْتُ طِفْلَ الصَّيْفِ... صَوْتَ طُيُورِهِ |
أنَا لَمْ أزَلْ يا صَيْفُ طِفْلاً أسْمَرَا |
أنَا كُنْتُ ذاكِرَةً لِكُلِّ زُرُوعِهِ |
أبَدَاً فَلَسْتُ أَجِيءُ وَجْهَاً آخَرَا |
سيُعاتِبُ الوطنُ القديمُ إذا رأَى |
في صدريَ الصَّحْراءَ تَشْرَبُ أنْهُرَا |
ويقولُ لي نَهْرُ الحِكَايةِ من هُنَا |
يَمْضِي إلى المَلَكُوتِ تَسْبِيْحُ الثَّرَى |
يَمْضي... وفي الجُرْفَيْنِ شَعْبٌ مُبْصِرٌ |
هل يُفْزِعُ الغُرَبَاءُ شَعْبَاً مُبْصِرَا |
مطرٌ مِن الذِّكرى... وَشَعْبٌ جَائِعٌ |
وحدائقٌ يَبِسَتْ... وَضَيْمٌ أَمْطَرَا |
أحتاجُ صَوْتَ العَائِدِينَ لِدَارِهِمْ |
حتَّى أَمُرَّ على الأمَاسِي مُقْمِرَا |
حتَّى أُعِيْدَ إلى البِحَارِ نُجُومَها |
حتَّى أَشُدَّ لِكُلِّ جُرْحٍ مِئْزَرَا |
حتَّى أرَى أُمِّي وأَهْلِي مِثْلَمَا |
كانُوا يَلُمُّوْنَ الأَمانِي بَيْدَرَا |
أهْلِي... وأهْلِي عَائِدونَ مِنَ اللَّظى |
بَعْدَ الغِيَاب سَتَحْمَدُ الأرْضُ السُّرَى |