وَكانَ ما كانَ لا صَوْتٌ يقولُ: هَلا للعَائدين... ولا للرَّاحلين كَفَى لمَّا مشينَا... مَشَيْنَا نحْوَ مَغْرِبِنَا ومشرقُ الدار يَبْكِي وحدَهُ أسَفَا لا تسألوا الدَّارَ... خَلُّوْهَا لِدَمْعَتِها حيطانُها... سَقْفُها... الكلُّ قد رَجَفَا وكانَ ما كانَ ... أهلُ الدارِ قد رَحَلوا فكلُّ نافذَةٍ تستنطِقُ الغُرَفَا وكلُّ بابٍ إلى الأحْزانِ منفتِحٌ وألفُ صمتٍ كئيبٍ ههنا وَقَفَا يا دارُ... والصيفُ قد ألْقَى حدائِقَهُ كيف الحديقةُ؟ ماذا أهْدَتِ الشُّرَفَا كيف النجومُ، نجومَ الصيفِ، هَلْ تعبتْ مِن الرَّحيلِ؟ وهل وجهُ السَّماءِ صَفَا؟ وكيفَ أشجارُنا؟ كيفَ الضياءُ بها؟ ومَنْ سَقَى العِنَبَ الظَّمْآنَ؟ مَنْ قَطَفَا كيف الطيورُ؟ وهل تأوي لمَنْزِلنا كَيْفَ الظِّلالُ؟ وَمَنْ تَحْتَ الظِّلالِ غَفَا؟ الآن آمنتُ والأشجارُ قد يَبِستْ ألَّا مكانَ بهذي الأرضِ للضُّعَفَا ولا ديارَ لمن ظلَّتْ ديارُهُمُ بعيدةً... ودُخَانٌ نحوَهَا عَصَفَا ماذا يظلُّ... وقد عادَتْ مراكبُهُمْ يا طائِرَ الدَّارِ... هم قد أحْرَقُوا السَّعَفَا لقدْ خَسِرْنَا... خَسِرْنَا صوتَ نخلَتِنَا وكانَ صوتُ المُنُى من صُبْحِهَا هَتَفَا يا طائرَ الدَّارِ عُدْ للدارِ ثانِيَةً واقرأْ مدامِعَها هلْ خبَّأتْ شَغَفَا وقلْ لها: إنَّهم لا دفءَ يَجْمعُهُم ولا ظِلالَ... ضَلالٌ، والسَّلامُ جَفَا