ضريبة الراديو.. من طرائف الاجراءات في العراق وضعت لتحسين الإذاعة اللاسلكية
مر العراق بظروف اقتصادية صعبة في اواخر الثلاثينيات من القرن الماضي دفع حكومة جميل المدفعي الرابعة الى اصدار قانون ضريبة المذياع ( الراديو ) رقم (59) لسنة 1938 وقد نشرت في جريدة الوقائع العراقية في العدد (1637) في 23 ايار 1938 ذلك القانون، وضريبة الراديو باختصار هي ضريبة سنوية قدرها نصف دينار عن كل جهاز راديو، وتدفع في الاول من نيسان من كل عام، عن كل جهاز مذياع يستعمل في البيت او السيارة او المقاهي او الحوانيت و المحال.
ويذكر المؤرخ العراقي عبدالرزاق الحسني ان عدد الاجهزة وقتذاك لم يتجاوز (10) الاف راديو. فيقدر مجموع ضرائب الراديو بخمسة الاف دينار، وانيطت تلك المسؤولية الى وزيري المالية والعدلية لتنفيذ ذلك القانون.
ومما جاء في الاسباب الموجبة لصدور القانون هو حاجة البلاد الى الاموال اللازمة لتطوير الاذاعة وعدم وجود مواد كافية اخرى للتمويل، وسرعان ماتكون جيش من الجباة بزي موحد لجمع تلك الضريبة.
لقد واجه الجباة صعوبات متعددة في استيفاء هذه الضريبة فقد بقيت اساليب استحصالها عقيمة الى حد بعيد، بسبب تنقلات السكان، وعدم تقديم المعلومات الصحيحة عن محلات سكناهم، ومايتطلب ايضاً اجراء تنزيل او اضافة الذين يتنقلون بين السجلات بصورة دائمة.
كما فرض القانون عقوبة قدرها خمسمائة فلس الى خمسة دنانير لمن يمتنع عن دفع الضريبة.
امتعض الناس من تلك الضريبة، فهناك ضرائب اخرى اثقلت كاهل الشعب فهاج الناس واخذ يردد المثل الشعبي المعروف ( مارضينا بجزة.. صارت جزة وخروف)
سوغت الحكومة اصدار ضريبة الراديو: " ان الحكومة صرفت مبالغ لايستهان بها على تأسيس محطة الاذاعة، وانها كانت تفكر في تحسين وتقوية المشروع بشكل يتفق مع تطور العصر انذاك، وان ذلك يتطلب صرف مبالغ اخرى، في حين ان الحكومة لم تستوف حتى العام 1938 اي ايراد لقاء النفقات المتكبدة في ذلك الشأن ".
وقد تكلم وزير المالية في حكومة جميل المدفعي عن ضريبة الراديو بالقول : " ان الضريبة المفروضة هي لاجل تحسين الاذاعة اللاسلكية العراقية الحالية، واذا كنا كل يوم نطالب الحكومة بتحسين الاذاعة والقيام بالخدمات التي يقتضيها العصر الحاضر، يجب ان نعطيها من الضرائب التي يقدمها الشعب، كما ان الضريبة الحاضرة ستكون سبباً لتحسين الاذاعة اللاسلكية، لان الاذاعة لاتؤمن الحاجة باعتبار انها مسموعة في بعض الاماكن، وغير مسموعة في الاماكن الاخرى، وان تحسين الاذاعة اللاسلكية الحالية لجعلها مؤمنة لحاجة الجميع ".
عانى العراقيون من ضرائب متعددة مثل ضريبة ( البصوانية ) ومعناها بالتركية الحراسة الليلية على البيوت، وضريبة الويكر ومعناها بالتركية الضريبة المفروضة على الاملاك، فضلاً عن ضرائب الماء والكهرباء والمنتوجات الزراعية.
لذا عارض العراقيون وبشدة هذه الضريبة وامتنعوا عن دفعها، واستمر قانون ضريبة المذياع سارياً ومعمولاً به حتى عام 1945، ومن ثم الغي نتيجة ارتفاع عائدات النفط.