كربلاء مدينة الحسين ( ع )
اسماء كربلاء
مقال الدكتور مصطفى جواد (رح)
خريج جامعة السوربون في التاريخ العربي والاستاذ بجامعة بغداد كلية التربية والعضو بالمجمع العلمي العراقي والمجمع العلمي العربي بدمشق
معنى كربلاء:
ذكر السيد العلامة هبة الدين الشهرستاني ان (كربلاء) منحوتة من كلمتي (كور بابل) بمعنى مجموعة قرى بابلية(1)وقال الأديب اللغوي (انستاس الكرملي): والذي نتذكره فيما قرأناه في بعض كتب الباحثينان كربلاء منحوتة من كلمتين من (كرب) و(إل) أي حرم اللـه او مقدس اللـه) (2)
قلنا: ان رجع الأعلام الأعجمية الى أصول عربية كان ديدنا لعلماء اللغة العربية منذ القديم.
وأنا ارى محاولة ياقوت الحموي رد (كربلاء) إلى الأصول العربية غير مجدية، ولا يصح الاعتماد عليها، لانها من باب الظن والتخمين، والرغبة الجامحة العارمة في ارادة جعل العربية مصدراً لسائر أسماء الأمكنة والبقاع ، مع ان موقع كربلاء خارج عن جزيرة العرب ، وان في العراق كثيراً من البلدان ليست أسماؤها عربية كـ (بغداد) و(صرورا) و(جوخا) و(بابل) و(كوش) و(بعقوبا) ، وان التاريخ لم ينص على عروبة اسم (كربلاء) فقد كانت معروفة قبل الفتح العربي للعراق وقبل سكنى العرب هناك وقد ذكرها بعض العرب الذين رافقوا خالد بن الوليد القائد العربي المشهور في غزوته لغربي العراق سنة 12 هجرية 634م . قال ياقوت الحموي: (ونزل خالد عند فتحه الحيرة كربلاء فشكا اليه عبد اللـه بن وشيمة النصري (3)الذبان : فقال رجل من اشجع في ذلك :
قد حُبست في كربلاء مطيتي
وفي العين(4)حتى عاد غثا سمينها اذا رحلت من منزل رجعت لـه
لعمري وايهـا انني لأهـينـها ويمنعها من ماء كل شريعة
رفاق من الذبان زرق عيونها (5)
ومن اقدم الشعر الذي ذكرت فيه كربلاء قول معن بن اوس المزني من مخضرمي الجاهلية والاسلام وعمر حتى ادرك عصر عبد اللـه بن الزبير وصار مصاحباً لـه، وقد كف بصره في آخر عمره. وذكر ياقوت الحموي هذا الشعر في (النوائح) من معجمه للبلدان. و(المعبر) وذكره قبلـه ابو الفرج الاصبهاني في ترجمة معن من الاغاني (12: 63 دار الكتب) وقال وهي قصيدة طويلة:
هي حلت كربلاء فعلعا
فجوز العذيب دونها فالنوائحا
وقال في كلامه على الكوفة: قال أبو عبيدة معمر بن المثنى: لما فرغ سعد بن أبي وقاص من وقعة رستم بالقادسية وضمن أرباب القرى ما عليهم بعث من أصحابهم ولم يسمهم حتى يرى عمر فيهم رأيه، كان الدهاقين ناصحوا المسلمين، ودلوهم على عورات فارس، واهدوا لـهم واقاموا لـهم الاسواق. ثم توجه سعد نحو المدائن الى يزدجرد وقدم خالد بن عرفطة حليف بني زهرة بن كلاب، فلم يقدر عليه سعد حتى فتح خالد ساباط المدائن، ثم توجه الى المدائن فلم يجد معابر فدلوه على مخاضة عند قرية الصيادين اسفل المدائن فأخاضوها الخيل حتى عبروا، وهرب يزدجرد الى اصطخر، فأخذ خالد كربلاء عنوة وسبى أهلها، فقسمها سعد بين اصحابه، ونزل على قوم في الناحية التي خرج سهمة فأحيوها، فكتب بذلك سعد الى عمر، فكتب اليه عمر ان حولـهم. فحولـهم الى سوق حكمة ويقال الى كويفة ابن عمر دون الكوفة... ).
ولقائل ان يقول : إن العرب أوطنوا تلك البقع قبل الفتح العربي، فدولة المناذرة بالحيرة ونواحيها كانت معاصرة للدولة الساسانية الفارسية وفي حمايتها وخدمتها.
والجواب: ان المؤرخين لم يذكروا لـهم انشاء قرية سميت بهذا الاسم - اعني كربلاء غير ان وزن كربلاء الحق بالاوزان العربية ونقل (فعللا) (فعللاء) في الشعر حسب. فالاول موازن لجحجحى وقرقرى وقهقرى والثاني موازن لعقرباء وحرملاء، زيد همزة كما زيد برنساء.
أما قول الأب اللغوي انستاس ما معناه : أن كربلاء منحوتة من (كرب) و(ال) ، فهو داخل في الإمكان، لأن هذه البقاع قد سكنها الساميون وإذا فسرنا (كرب) بالعربية أيضا دل على معنى (القرب) فقد قالت العرب: (كرب يكرب كروباً أي دنا) وقالت (كرب فلان يفعل وكرب ان يفعل أي كاد يفعل، وكاد تفيد القرب، قال ابن مقبل يصف ناقته:
فبعثتها تقص المقاصر بعدما
كربت حياة النار للمتنور (6)
وقال ابو زيد الاسلمي:
سقاها ذووالارحام سجلاًعلى الطما
وقد كربت اعناقها ان تقطعا (7)
وجاء في لسان العرب : كرب الامر كروبا: دنا ... وكل شيء دنا فقد كرب، وقد كرب ان يكون وكرب يكون وكربت الشمس للمغيب: دنت.
فكرب البابلية قريبة من العربية.
وإذا فسرنا (ال) كان معناه (اله) عند الساميين أيضا، ودخول تفسير التسمية في الإمكان لا يعني أنها هي التسمية الحقيقية لا غيرها، لان اللغة والتاريخ متعاونان دائماً فهي تؤيده عند احتياجه إليها وهو يؤيدها عند احتياجها إليه، فهل ورد في التاريخ إن موضع كربلاء كان (حرم الـه) قوم من الأقوام الذين سكنوا العراق؟ أو مقدس الـه لـهم؟ لا يجيبنا التاريخ عن ذلك، ومن الأسماء المضافة إلى (ال) بابل واربل وبابلي(8)
وعلى حسبان (كربلا) من الأسماء السامية الآرامية أو البابلية، تكون القرية من القرى القديمة الزمان كبابل واربيل، وكيف لا وهي من ناحية (نينوى (9) ( الجنوبية ! قال ياقوت الحموي: (نينوى بكسر اولـه وسكون ثانية وفتح النون والواو بوزن طيطوى.. وبسواد الكوفة ناحية يقال لها نينوى منها كربلاء التي قتل بها الحسين، عليه السلام(10)
وقال في كتاب لـه آخر: (نينوى موضعان: بكسر النون وياء ساكنة ونون اخرى مفتوحة وواو والف ممالة، نينوى بلد قديم كان مقابل مدينة الموصل. ونينوى كورة كانت بأرض بابل منها كربلاء التي قتل بها الحسين بن علي عليهما السلام- (11)ونينوى من الاسماء الآشورية).
ولا نشك في ان نينوى السفلى سميت باسم نينوى العليا إحدى عواصم الدولة الآشورية المشهورة في التاريخ، سميت اما لمعارضتها واما لادامة ذكراها، على عادة الناس في تسمية البلدة التي ينشئونها بعد المهاجرة من بلادهم والجلاء عنها ويسمونها باسم بلدتهم التي هاجروا منها. وهذا معروف قديماً وحديثا، وهو من اجمل ضروب الوفاء، وان كان لغير الأحياء.
ونقل بعض الفضلاء قول أحد الباحثين في تاريخ كربلاء القديم وهو (كل (12) ما يمكن ان يقال عن تاريخها القديم انها كانت من أمهات مدن طسوج النهرين الواقعة على ضفاف نهر بالاكوباس (الفرات القديم) وعلى أرضها معبد للعبادة والصلاة، كما يستدل من الأسماء التي عرفت بها قديماً كعمورا، ماريا، صفوراً، وقد كثرت حولـها المقابر، كما عثر على جثث موتى داخل اوان خزفية يعود تاريخا إلى قبل العهد المسيحي، وأما الأقوام التي سكنوها فكانوا يعولون على الزراعة لخصوبة (13) تربتها وغزارة مائها لكثرة العيون التي كانت منتشرة في أرجائها ) (14)
ومن المعلوم ان كربلاء ليست على ضفة الفرات ولا على ضفافه، فالقائل لو قال (كورة كربلاء) لكان القول علمياً.
ومما يدل على قدم كربلاء أيضا ووجودها قبل الفتح الإسلامي ما ذكره الخطيب البغدادي بسنده الى أبي سعيد التيمي قال: (اقبلنا مع علي (ع) من صفين فنزلنا كربلاء، فلما انتصف النهار عطش القوم) وروى بعد ذلك بسنده أيضا عنه قال: (أقبلت من الانبار مع علي نريد الكوفة وعلي في الناس، فبينا نحن نسير على شاطي الفرات اذ لجج في الصحراء فتبعه ناس من أصحابه واخذ ناس على (15) شاطئ الماء ، فكنت ممن أخذ مع علي حتى توسط الصحراء، فقال الناس: يا أمير المؤمنين إنا نخاف العطش، قال: إن اللـه سيسقيكم، وراهب قريب منا، فجاء علي إلى مكانه فقال: احفروا هاهنا فحفرنا، وكنت فيمن حفر، حتى نزلنا ـ يعني عرض لنا حجر ـ فقال علي: ارفعوا هذا الحجر، فأعانونا عليه حتى رفعناه، فإذا عين باردة طيبة، فشربنا. فرجع ناس وكنت فيمن رجع، فالتمسناها فلم نقدر عليها، فقال الراهب: لا يستخرجها إلا نبي أو وصي
ثم ذكر الخطيب بسنده إلى إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني أن (أبا سعيد التيمي) متروك الحديث وغير ثقة (16) والمهم من هذا الحديث أن الإمام عليا (ع) مرّ بكربلاء ولج في الصحراء قبل سنة أربعين الـهجرية، ولم يذكر أحد من المؤرخين إنشاء مدينة باسم كربلاء في أثناء تلك السنين الأربعين، وهذا مرادنا بقبولنا أنها غير إسلامية، وقد أشرنا إلى مثل هذا المعنى آنفا. وهذا الخبر نقلناه لتأييده وتأكيده (17)
الطف :
ومن المواضع التي عرفها العرب قديما قرب كربلا (الطف) قال ياقوت الحموي: (الطف بالفتح والفاء مشدده وهو في اللغة ما اشرف من ارض العرب على ريف العراق) . . . وقال أبو سعيد: (سمي الطف لأنه مشرف على العراق من اطف على الشيء بمعنى اطل، والطف طف الفرات أي الشاطئ والطف ارض من ضاحية الكوفة في طريق البرية فيها كان مقتل الحسين بن علي ـعليه السلام ـ وهي ارض بادية قريبة من الريف فيها عدة عيون ماء جارية منها الصيد والقطقطانة والرهيمة وعين جمل (18) وذواتها، وهي عيون كانت للموكلين بالمسالح (19) التي كانت وراء خندق سابور الذي حفره بينه وبين العرب وغيرهم وذلك ان سابور اقطعهم أرضها يعتملونها من غير ان يلزمهم خراجا، فلما كان يوم ذي قار ونصر اللـه العرب بنبيه ـ صلى اللـه عليه وآلـه وسلم ـ غلبت العرب على طائفة من تلك العيون وبقي بعضها في أيدي الأعاجم ثم لما قدم المسلمون الحيرة هربت الأعاجم بعد ما طمت عامة ما كان في أيديها منها، وبقي ما في أيدي العرب فأسلموا عليه وصار ما عمروه من الأرض عشرا، ولما انقضى أمر القادسية والمدائن وقع ما جلا عنه الأعاجم من ارض تلك العيون إلى المسلمين واقطعوه فصارت عشرية أيضا).
جاء في معجم البلدان عدة معان للحائر أهمها قول الأصمعي: (يقال للموضع المطمئن الوسط المرتفع الحروف حائر وجمعه حوران) .. قال ابو القاسم علي بن حمزة البصريرادا على ثعلب في الفصيح: هو الحائر الا انه لا جمع لـه، لأنه اسم لموضع قبر الحسين بن علي ـ عليه السلام) ـ. . . ثم ذكر ان كربلاء من مساكن العرب منذ الجاهلية، ولذلك سميت اكبر مدينة في هذا الصقع (عين التمر) وهذا الاسم المركب الإضافي يحتوي على اسمين عربيين خالصي العروبة فهل كانت تسمية الحائر قبل الإسلام ؟ وقد ذكر ياقوت في معجم البلدان أيضا (يوم حائر ملـهم) قال: (ويوم حائر ملـهم أيضا على حنيفة ويشكر) فهذا الحائر كان جزيرة العرب، فيجوز فيه الأمران اعني انه سمي في الجاهلية بالحائر وانه سمي في الإسلام بهذا الاسم. وقد أطال الكلام مؤلف (تاريخ كربلاء) على الحائر وسمى كتابه (تاريخ كربلاء وحائر الحسين عليه السلام) وقال: وهو بحث علمي تحليلي واسع عن الحائر المقدس وتاريخه في اللغة والتاريخ والفقه والحديث وثم تاريخ عمارته وهدمه من الصدر الأول إلى العصر الحاضر قال: (وقد نعتت كربلاء منذ الصدر الأول في كل من التاريخ والحديث بأسماء عديدة مختلفة ورد منها في الحديث باسم كربلاء الغاضرية ونينوى وعمورا وشاطئ الفرات وشط الفرات.
وورد منها في الرواية والتاريخ أيضا باسم مارية والنواويس والطف وطف الفرات ومشهد الحسين والحائر والحير إلى غير ذلك من الأسماء المختلفة الكثيرة إلا إن أهم هذه الأسماء في الدين هو الحائر لما أحيط بهذا الاسم من الحرمة والتقديس أو أنيط (20) به من أعمال وأحكام في الرواية والفقه إلى يومنا هذا. . ) (21)
وقد ذكرنا أن (الحائر) اسم عربي وان العرب سكنوا هذه البلاد منذ عصور الجاهلية، فلابد من ان يكون معروفا قبل استشهاد الحسين (ع) لأن هذه التسمية هي والحير والحيرة من اصل واحد، وقد قال ياقوت في كلامه على الحيرة ـ واكثره مذكور في تاريخ الطبري ـ: (وفي بعض أخبار أهل السير: سار اردشير (22) ملك النبط وقد اختلفوا عليه وشاغبه ملك من ملوك النبط يقال لـه بابا فاستعان كل واحد منهما بمن يليه من العرب ليقاتل بهم آلاف فبنى الاردوان حيراً فأنزلـه من أعانه من العرب فسمي ذلك الحير الحيرة كما تسمى القيعة من القاع وانزل بابا من أعانه من الأعراب الانبار وخندق عليهم. .) .
أما التسمية بشط الفرات وبشاطي الفرات فهي عامة لا خاصة فلا يجب اختصاصها بكربلاء والحائر وإنما سبيلـها سبيل التحديد الشعري كقول الشاعر (وقد مات عطشاناً بشط فرات)، لان الشاعر لا يستطيع دوما من التعيين الجغرافي المحقق لالتزامه بالوزن والقافية. وأما (مارية) فلم يذكرها صاحب معجم البلدان، إلا بكونها اسماً لكنيسة بأرض الحبشة، وإنما ذكر (نهر ماري) قال: (بكسر الراء وسكون الياء، بين بغداد والنعمانية، مخرجه من الفرات وعليه قرى كثيرة منها همينيا وفمه عند النيل من أعمال بابل (24)
المخيم الحسيني رائعة ٌ من روائع العمارة الاسلامية في العالم
7 / 12 / 2012
الشعراء الكربلائيون
بدأت الحركة الشعرية من مدينة كربلاء منذ القرن السابع الهجري حتى يومنا هذا ، وقد انجبت عبر القرون عشرات الشعراء المجيدين النابغين ، أخذت قصائدهم بمجامع القلوب . وقد تعرض لذكرهم الكثير من المؤرخين والباحثين في آثارهم المخطوطة والمطبوعة . والى القارئ ابرز هؤلاء الشعراء :
اسم الشاعر ولادته
وفاتهفخار بن معد الحائري
630هـ حسين بن مساعد ال عيسى
كان حياً سنة 917هـ فضولي البغدادي
963هـ نصر الله الفائزي الحائري
1168هـ حسين مير رشيد الرضوي
1156هـ الملا عبد الجليل الحائري
كان حياً 1241هـ الحاج جواد بدقت 1210هـ 1281هـ الشيخ قاسم الهر 1216هـ 1276هـ الحاج محمد علي كمونه
1282هـ الحاج محسن الحميري
1288هـ الشيخ يوسف بريطم
كان حيا 1288هـ الشيخ حسين الفتوني
1278هـ الشيخ موسى الاصغر
1289هـ الشيخ عمران عويد
1290هـ السيد أحمد الحسيني الرشدي
1295هـ الشيخ فليح حسون رحيم الجشعمي
1296هـ الشيخ محمد فليح الجشعمي
1295هـ الشيخ محسن أبو الحب 1235هـ 1305هـ الشيخ علي الناصر السلومي 1250هـ 1300هـ الشيخ كاظم الهر
1330هـ السيد عبد الوهاب ال الوهاب
1322هـ الشيخ أحمد بن درويش 1262هـ 1329هـ السيد جواد الهندي
1333هـ الشيخ مهدي الخاموش
1332هـ الحاج عبد المهدي الحافظ
1334هـ الشيخ محمد حسين بدقت 1255هـ 1335هـ الشيخ محمد حسن ابو المحاسن
1344هـ الشيخ عبد الحسين الحويزي
1377هـ
العلماء
ابن فهد الحلي
الشيخ محمد تقي الشيرازي
الهمداني الحائري
محمد مهدي بحر العلوم
خدمة المنبر الحسيني
انتجت كربلاء العديد من خدمة المنبر الحسيني من خطباء ورواديد وشعراء وكذلك العديد ممن افنوا حياتهم في خدمة الشعائر الحسينية ومن الطبيعي ان تكون كربلاء عاصمة خدام المنبر الحسيني لوجود ابي الشهداء (ع) ، وفي ما يلي نستعرض جانبا من هؤلاء الخدمة وملخصا من سيرتهم متأملين ان نتوسع بعرض اكبر عدد منهم في المستقبل لان ما موجود ادناه لايمثل الا قطرة في بحر من خدموا منبر ابي عبد الله (ع)
السيد جواد الهندي
السيد محمد باقر الفالي السيد محمد جلوخان
السيد مرتضى القزويني الشيخ رديف الغزالي
الشيخ عبد الأمير الترجمان الشيخ عبد الزهرة الكعبي
الشيخ عبد الحميد المهاجر الشيخ عبد الكريم ـ ابو محفوظ ـ
الشيخ عبد الكريم النايف الشيخ كاظم المنظور
الشيخ محمد علي الهر الشيخ محسن ابو الحب
الشيخ مرتضى الشاهرودي الشيخ هادي الكربلائي الخفاجي
الملا حمزة الزغير المرحوم الحاج مهدي الاموي
الحاج باسم الكربلائي
التقسيمات ألادارية
- قضاء كربلاء
- قضاء طويريج
- قضاء عين التمر
- قضاء الجدول الغربي
جغرافية كربلاء
بحيرة الرزازة
عين التمر
نهر الحسينية
نهر العلقمي
نهر الغازاني
النهرين
نهر نينوى
بحيرة الرزازة
الموقع : 70 كم جنوب بحيرة الحبانية ، تفصلها عن الحبانية تلول مرتفعة يربطها بالحبانية ناظم وجدول المجرة . المساحة السطحية : تتراوح مساحتها بين (400كم2 ) و (800كم2 ) وتصل الى 1810 كم 2 بمنسوب 27 م هو منسوب الامتلاء.
الخزن : اكثر من 26 مليار م3 وكله خزن ميت . التبخر : 11.90 م عمق في السنة . الملوحة : عالية جدا تقارب ملوحة ماء البحر وهي مقدرة بحوالي 34000 جزء بالمليون . الوصف تقع على مسافة (15كم) الى الغرب من مدينة كربلاء ، وهي بحيرة مغلقة وتتميز مياهها بأرتفاع نسبة الملوحة فيها . تكثر في بحيرة الرزازة المواقع الطبيعية والتأريخية والاثرية التي لها امكانية جذب سياحي ، وتهيىء للزائر انواع الفعاليات السياحية . كالنزهة على شاطئ البحيرة وممارسة السباحة ،
اضافة الى صيد الاسماك والطيور المائية وزيارة المواقع الاثرية القريبة من البحيرة ، وكذلك الراحة والاستجمام قرب عيون المياه الطبيعية في عين التمر وممارسة الصيد والقنص للحيوانات البرية .
انظر ايضا : بحث زراعي عن بحيرة الرزازة
وانظر ايضا : نظرة مستقبلية لتطوير بحيرة الرزازة
وكذلك انظر : الاسماك في بحيرة الرزازة
موقع وصور للبحيرة
عين التمر
عين التمر، أو شثاثا او شفاثا قضاء تابع لمحافظة كربلاء قال عنها ياقوت الحموي صاحب معجم البلدان : بلدة قريبة من الأنبار غربي الكوفة بقربها موضع يقال له شفاثا منهما يُجلَب القصب والتمر إلى سائر البلاد وهو بها كثير جدا وهي على طرف البرية وهي قديمة افتتحها المسلمون في أيام أبي بكر على يد خالد بن الوليد في سنة 12 للهجرة تتواجد في عين التمر عيون الماء النقية الصالحة للشرب، وبها انواع نادرة من الاسماك الصغيرة والملونة، وينابيع المياه فيها مازالت تتدفق من باطن الارض منذ الاف السنين. وتعتبر منطقة عين التمر أحد أهم واجمل الواحات الصحراوية وفيها انواع مختلفة من بساتين التمور. ولد فيها شاعر الزهد والحكمة أبي العتاهية .
جغرافيا تبعد مسافة 80 كم غربي مدينة كربلاء ، يحدها من الغرب منطقة شريش ، ومحافظة الأنبار ، وشريش اسم المنطقة التي يمر فيها نهر قديم يسمى بنفس الاسم ومن الشرق الطار وهو حافة منخفض أبي دبس أمام منطقة الشعيب ، ويسمى أيضا طار السيد كما يحدها من الشمال بحر الملح وهور أبي دبس ومن الجنوب منطقة السلام .
عين التمر أو شثاثة أو شتاثة تسميات لمكان واحد يعج به أريج التاريخ والطبيعة والصحراء والماء والنخيل..كل شيء في هذا المكان من الممكن أن تجده وكأن الله أراد أن يعطي دروسا للبشرية من أن الصحراء من الممكن أن تكون واحة خضراء وعيونا تتدفق منها المياه .
سطح شثاثا : جزء من سطح منطقة الأودية في الهضبة الغربية المتحدة من غرب الفرات ، وتختلف أجزاؤه باختلاف المناطق ، فهناك المنخفضات التي أصبحت تربتها رسوبية رملية مالحة بفعل السيول الناتجة من مياه الأمطار المنسابة في الأودية ، ومياه منخفض هور أبي دبس وبحر الملح تطغي على مساحة واسعة من الأراضي المنخفضة التي تقع فيها شثاثا وبعض أراضيها ذات طبيعة شبه صحراوية .
والأراضي المستغلة زراعيا يغلب عليها السبخ ، ومع ذلك فان أراضيها تمتاز بصلاحيتها للزراعة ، وتملك الواحة معينا لا ينضب من المياه الجوفية التي خلقت فيها جنة في وسط تلك البوادي القاحلة.
في الطريق إلى عين التمر تبدو الصورة وكأنك تريد أن تقطع الصحراء لكنك تقطع آثارا ما زالت تعاند الطبيعة . . فطوال أكثر من 80كم هي المسافة الفاصلة ما بين آخر نقطة من مدينة كربلاء وأول نقطة من عين التمر لا شيء غير الصحراء والآثار وبحيرة ترزّ الماء إلى الصحراء لتصلحها وكأنها الرزّة التي توضع في الباب لتحكمه كما يقول مختار الصحاح.
هناك تدخل مباشرة إلى غابة من النخيل قاطعا قناطر صغيرة ترتفع فوق مياه صافية يجري ماؤها رقراقاً . هناك وسط غابات النخيل تواجدت العيون المشهورة . . عيون كبريتية لا يتوقف الماء فيها ، تسقي شلالات النخيل والبساتين عبر سواق وانهار صغيرة وجداول جعلت من الحب آصرة لها لتغدق على الأرض بعضا من حب الله لهذه الأرض . .فتكون سرا من أسرار الصحراء فتحولت إلى مركز تجاري للبدو بعد أن كانت مركزا تجاريا لتجارة القوافل في عهد ما من عهود التاريخ ..
التسمية والأثر
إن التسمية كما تقول مصادر التاريخ جاءت حين هجر الناس إحدى العيون بسبب الجفاف أو الحروب لينتقلوا إلى عيون أخرى يجتمعون عليها بطريقة التشتت فقد نزحوا شتاتا وعلى شكل فئات فأطلقت التسمية فكانت شتاتا لتتحول بمرور الزمن إلى شثاثا أو شتاثا كما يطلق عليها العامة من الناس...أما تسمية عين التمر فقد جاءت لكثرة أنواع التمر فيها واشتهارها بغابات النخيل وقد استوطنها الناس قبل الميلاد لاسيما في القرنين الثاني والثالث بعد الميلاد حين اشتهرت وازدادت أهميتها التجارية والزراعية وعيونها المائية الجميلة الصافية بعد الفتح الإسلامي والتي عدت من أهم المناطق لمرور القوافل ومكاناً للتجارة ومركزاً عسكرياً أيضا ويؤكد إن التسمية جاءت لأنها تعد عينا من ( عينات ) التمر المتفردة والفريدة في المنطقة. يقول ايضا: تعد عين التمر من اكبر الواحات في الهضبة الغربية وإنها رفدت الحضارة العراقية والإسلامية والإنسانية بالكثير من رجال العلم والفكر والقادة ومنهم القائد العربي موسى بن نصير فاتح الأندلس وسيد اشبيلية. إن هذه المنطقة شهدت الكثير من الغزوات والمعارك ما بين الأقوام العربية الباحثة عن السلطة وما بينها وبين أعدائها الباحثين عن منطقة توصلهم بمشارق الأرض ومغاربها.
الآثار الأولى وقصور المدينة نشاهد اطلالها في الطريق المؤدية إلى عين التمر وعلى بعد مسافة 11كم غربي مدينة كربلاء تقوم بحيرة واسعة تلتقي أطرافها بالأفق البعيد في عناق دائم وتشرئب إليها ذوائب أشجار الكالبتوس تلك هي بحيرة الرزازة التي كانت في زمن ما مركزاً سياحياً وخاصة في فصل الصيف حيث تتحول البحيرة إلى موسم حقيقي للفرح فآلاف المواطنين والمصطافين يتمتعون بسحر الطبيعة ومناخ البحيرة ورمالها الذهبية.
وهي من المدن القديمة ويعتقد بأن تاريخها يعود الى 3000 سنة قبل الميلاد وان الاسم القديم لها شفافا (شثاثا) ويعني باللغة الارامية ( الرائقة الصافية ) . وان المدينة قد ذكرها المؤرخون وقد كانت جزء من مملكة الحيرة. . يشاهد اليوم بعض الاطلال لقصر شمعون بن جابر اللخمي ( الذي نصر النعمان الرابع سنة 593م) ولكن بعض الاهالي قد بنوا بداخله بيوتا لهم
السياحة في عين التمر
ان السياحة في مدينة عين التمر لا تقتصر على التمتع في مشاهدة العيون الصافية والاستحمام بها للعلاج من بعض الامراض الجلدية , بل ان هناك سياحة دينية يرفد اليها الناس من كل حدب وصوب وتعتبر اماكن مقدسة يتبرك بها الناس ومنها :مقام الامام الحسن (ع) : يعتقد بأن الامام الحسن قد وصل الى هذا المكان وصلى فيه .
مقام دوسة الامام علي (ع) : يعتقد بأن الامام علي (ع) قد وقف في هذا المكان .
حوض الامام علي (ع) : يعتقد بأن الامام علي قد اغتسل في هذا المكان .
مقام الامام زين العابدين (ع) او مرور السبايا : مكان قبل الدخول الى المدينة ويعتقد بأن مرور سبايا من ال بيت النبي (ص) قد مكثوا في هذا المكان وكان ذلك بعد مجزرة كربلاء واثناء رجوعهم الى المدينة من الشام .
قبر احمد بن هاشم بن ابراهيم المجاب بن الامام موسى الكاظم (ع) : يكون خارج المدينة في الجهة الغربية منها .
قطارة الامام علي (ع) : وهي على مسافة 2 كم من الطريق العام بين كربلاء وعين التمر ويعتقد بأن الامام علي (ع) اراد الصلاة والوضوء ولم يكن هناك ماء فدعى الامام ربه فأنحدر الماء من الجبل واليوم يذهب الناس للتبرك من هذا الماء .
قبل أن تصل إلى عين التمر لا بد لك من أن تمر بشواهد التاريخ ..فعلى يمين الطريق وميسرته ترى مواقع أثرية أطلق عليها (كهوف الطار) التي يمتد عمرها إلى أكثر من خمسة آلاف عام مضت وهي تقبع فوق تلال صخرية تشاهد على يمين الطريق العام وتشكل هيئات اسطوانية بفتحات متعددة .لتأخذك عجلات السيارة بعدها إلى حصن الاخيضر الذي يعد من الأبنية الأثرية الشاخصة ويعد من المعالم الاثرية الرفيعة من حيث التصميم والهندسة ذات الطابع العربي الإسلامي ويقع في الصحراء الغربية على بعد 51كم إلى الجنوب الغربي من مدينة كربلاء لتصل بعدها إلى عين التمر بعد أن تجتاز أقدم كنيسة في الشرق الأوسط التي يمتد عمرها إلى أكثر من 1550 عاما.
عين التمر سر الصحراء التي عاندت قسوة الطبيعة وحولتها إلى سحر سياحي ومحاكاة عذبة لجمال المكان لتكون مركزا تجاريا للبدو وللراحلين إلى الغرب ..مدينة الصحراء لها تربة رسوبية ومياه جوفية مترسبة من أمطار نزلت في الأودية لتكون عيونا مشهورة لها طعم خاص فاشتهرت أسماؤها عند الساكنين وقاطعي الطريق..فيما تتمركز أسماء أخرى تعطي ملامح المدينة من خلال قصورها الأربعة في مركز القضاء فهناك قصر العين وقصر الجردان وقصر ثامر وقصر البهوي والقصر عبارة عن مجموعة بيوت مشيدة بالطين على أسس صخرية ومسقفة بالجذوع وسكان القصر هم عادة يتألفون من عشيرة واحدة. ويشاهد في أطراف مركز القضاء آثار بعض القصور المندثرة التي يرجع تاريخها إلى عدة قرون خلت وأهمها قصر شمعون وتقع آثاره شمال شرقي القضاء وقد شيده شمعون بن جابر اللخمي احد رجال الدين المسيحيين وقصر حمود الجاسم وقصر أبو جبل وقصر شتاته.
عيون الماء
تنتشر في شثاثا ( عين التمر ) العيون ذات المياه المعدنية التي يخرج من أعماقها، ويجري عبر قنوات ومجاري فرعية تصل إلى مسافات بعيدة في الأراضي الزراعية ، ومياهها بصورة عامة قليلة الملوحة ولكنها تحتوي على الكلوريد والكبريتات ، مما جعلها غير صالحة للشرب، وتتغذى عيون شثاثا من المياه الجوفية المتجمعة في الصخور الكلسية والجيرية في أنحاء الهضبة الغربية الواسعة
والأمطار هي المصدر الرئيس لهذه المياه ومنطقة تجمع المياه من الناحية الغربية تمتد إلى ما وراء الحدود العراقية حيث تستمر بالارتفاع حتى قلب هضبة نجد ، وتنحدر الأراضي تدريجيا إلى وادي الفرات ، ويقدر معدل الانحدار بنحو من متر واحد في كل 200م ، والانحدار التدريجي وطبيعة الصخور المسامية ساعدت على تجمع المياه
يوجد اكثر من 20 عينا واهمها 3 عيون هي :-
1-عين السيب : وتعني التفاح أو مجرى الماء ولهذه العين ثلاثة انهر تسقي البساتين واشجار الرمان ، وتقع في الطرف الشرقي من المدينة ، وهناك اسطورة عند البسطاء من الناس الطيبين تقول ان عين السيب يجب ان تأخذ منهم ولدا كل سنة (يموت غرقا) .. والواقع ان هناك من لايتمكن من السباحة ثم يغرق ولا ينتبه اليه احد.
2-العين الحمرة : التي لها نهران صغيران على شكل حفرتين يجري منهما الماء عبر فتحتين وسميت بهذا الاسم نسبة إلى الأرض المسماة بالحمرة التي تقع فيها العين والعائدة للسادة ( البوضوي ) .
3-العين الكبيرة : ويطلق عليها العين الزرقة لعمق الماء ويظهر بلون ازرق وكان يسميها البدو ( اليد ) أو ( العربيد ) لسرعة جريان الماء المتدفق في مجاريها.
كما يوجد في شثاثا : اكثر من عشرين عينا كعين الضباط وعين عبيد المهنة وعين بيت السمينة والعونية وعلوان الجاسم .
الزائر إلى عين التمر لا بد أن يعرف أن فيها عيونا وإلا أصبحت معرفته في هذه المنطقة سطحية. . إن هذه العيون ليست كما العيون المعروفة في الشمال مثلا أو لكونها عيونا يخرج منها الماء من بين الحجر فحسب بل هي أماكن مسورة بجدران مرتفعة فتغدو وكأنها أماكن للسباحة أو حوض كبير يتلألأ فيها الماء الصافي.. حتى لكأنك تتابع حركة ما يقذف في داخلها حتى يستقر في قعرها.. إنها عيون صافية تمتاز بجمالها وعمقها وألوانها الزاهية وتسمياتها المختلفة التي تدل كل تسمية على اثر ما.. وتتغير درجات حرارتها حسب ميل الشمس عليها ويمكن للزائر أن يلاحظ حركة البخار وهو يتصاعد إلى الأعلى المنبعث مع ساعات الصباح الأولى. ويضيف إن لهذه العيون فوائد صحية أيضا لذلك فان الكثير من المواطنين من داخل العراق وخارجه يأتون إلى هذا المكان لطلب العافية من مياه هذه العيون إنها تتصل بالمزارع والبساتين عن طريق انهار تتفرع منها.
صور اخرى من عين التمر
نهر الحسينية (السليماني)
أما النهر السليماني ( الحسينية ) فقد أنشأه السلطان سليمان القانوني العثماني سنة 941 هـ / 1534 م . ذكر المستر لونكريك في كتابه ( أربعة قرون من تاريخ العراق ) ان السلطان سليمان كانت غايته الثانية أن يزور العتبات المقدسة في الفرات الاوسط ، ويفعل هناك أكثر مما فعله الزائر الصفوي في العهد الأخير ، فوجد مدينة كربلاء المقدسة حائرة في حائرها بين المحل والطغيان . إذ كان الفرات الفائض في الربيع يغمر الوهاد التي حول البلدة بأجمعها من دون أن تسلم منه العتبات نفسها . وعند هبوط النهر كانت عشرات الألوف من الزوار يعتمدون على الاستسقاء من آبار شحيحة قذرة . فرفع مستوى ( روف السليمانية ) . وهي سدة ماتزال تقوم بعملها حتى اليوم لوقاية البلدة من الفيضان ، ثم وسع الترعة المعروفة بالحسينية وزاد في عمقها لكى تأتي بالماء المستمر ، ولتجعل الأراضي الخالية المغبرة حولها بساتين وحقولاً يانعة للقمح . وصارت هذه الترعة تنساب في أرض كان الجميع يظنونها أعلى من النهر الأصلي . فاستبشر الجميع بالمعجزة واقتسم الحسين الشهيد والسلطان القانوني جميع الثناء والإعجاب . وبعد أن زار سليمان قبر الإمام علي في النجف رجع إلى بغداد . ويعقب عباس العزاوي على ذلك بقوله : نهر الحسينية هذا النهر من أعظم أعمال السلطان سليمان القانوني كان يسمى باسمه ( النهر السليماني ) والآن يسمى بالحسينية أجراه إلى كربلا فأحياها ولم يوفق السلاطين السابقون أيام غازان وغيره ومنهم الشاه اسماعيل والشاه طهمـاسب الخ . وبتبرع زوجة محمد شاه القاجاري ملك ايران أنفذ نهر الرشدية وذلك عام 1259 هـ فسمي الفرع عند ذاك بأسم الرشدية . اما الفرع الثاني لهذا النهر فسمي بالهنيدية ويسير باتجاه جنوب مدينة كربلاء . ومما يذكر بهذا الصدد أن الرحالة الميرزا أبو طالب خان بن محمد الأصفهاني الذي قدم إلى بغداد في غرة شوال 1217 هـ ( 17 كانون الثاني 1803 م) وبعد أيام غادرها لزيارة سامراء ثم عاد إلى بغداد ، وأخيراً بارحها في 4 ذي القعدة 1217هـ أول آذار 1803 م لزيارة الاضرحة التي في كربلاء والنجف قال ما تعريبه : وبعد أن قمت بواجب الزيارة في كربلاء بارحتها قاصدا النجف بطريق الحلة فقدمت اليها في اليوم نفسه ولاقيت في طريقي جدولين أولهما يقال له النهر الحسيني ( الحسينية ) على بعد أميال قليلة في كربلاء وكان حفره بأمر السلطان مراد ( كذا وصححه السلطان سليمان ) والثاني من النهرين يقال له نهر الهنيدية أو الآصفي لأن النواب آصف الدولة حفره بنفقاته وهو أعرض من النهر الحسيني والغاية من حفره إيصال الماء إلى مرقد الإمام علي . وقد بلغت نفقات هذا الجدول حتى الآن عشرة لكوك من الروبيات مع أنه لم يصل بعد إلى النجف لأن باشا بغداد والرجل الذي ولاه الباشا الإشراف على العمل جعلا النهر يمر بالكوفة وغيرها من المدن عوضاً عن جعله يجري مستقيما وقد بقيت أربعة أميال لإيصاله إلى المحل والأعمال متداولة عليها .. الخ .
وكما اسلفنا اطلق على هذا النهر حسب منطوق الوثائق القديمة لبعض الحدائق بالنهر ( الشريف السليماني ) . وفي سنة 1217 هـ عندما أراد أن يقيس أبو طالب في رحلته ( مسير طالبي ) عرض شط الهندية . قال : هو على غرار نهر الحسينية ـ الاسم الذي يعرف به اليوم مع ما طرأ على عدوتيه من تغير وتبديل ، هو اليوم عين النهر الموجود يروي ضياع كربلاء وبساتين ضواحيها باسم نهر الحسينية . كان منفذه الرئيسي ينتهي الى هور السليمانية الواقع في القسم الشرقي من البلاد ، على مسافة بضع أميال ، والفرع الذي اختص لارواء السكنة والمجاورين كان يطوق المدينة من ثلاثة جهات . حيث الشمال والغرب ثم ينعطف نحو الجنوب ويتجه شرقا نحو حتى يصل الى منفذه الرئيسي في هور السليمانية .
وقد قام حسن باشا والي بغداد لسنة 1329 هـ على الخلل الذي طرأ على مجرى هذا النهر فحفر له صدرا آخر . ويوجد اليوم في شمال قضاء المسيب جانب البو حمدان في ضيعة هور حسين ترعة يطلق عليها بصدر الحسينية العتيق . وكان لها قنطرة قائمة متينة على محاذات خان الوقف الذي هدم حديثا لغرض فتح شارع المقابل للجسر الثابت الذي انشأ لربط جانبي القضاء . وعلى ما أتخطر هدمت القنطرة السالفة الذكر لاستعمال أنقاضها في بناء الناظم الذي أقيم على صدر الحسينية ، القائم ليومنا هذا أي سنة 1324 .
وعلى أثر التغيير الذي طرأ على مجرى عمود الفرات باحداث الهندية بأمر آصف الدولة الهندي أشكل علينا معرفة الفوهة الاصلية لنهر الحسينية . وكذلك موقعه الذي اختير له من الفرات عند حفره بأمر سليمان القانوني سنة 941 هـ ومن المحتمل أن تكون فوهته بمقربة من مأخذ وفوهة نهر نينوى القديم على التقريب .
مستل من كتابي تراث كربلاء للسيد سلمان هادي آل طعمة وكتاب بغية النبلاء في تاريخ كربلاء للسيد عبد الحسين الكليدار الطعمة ( بتصرف
نهر العلقمي
وكان يسقي كربلاء قديماً نهر العلقمي ، وهو اليوم من الآثار المندرسة أيضاً . فقد ذكر المسعودي في التنبيه والاشراف وكاتب البريد ابن خر داذبه في المسالك : إذا جاز عمود الفرات هيت والأنبار ( يقابل الثاني الأول في الضفة الغربية ) فتجاوزهما فينقسم قسمين : منها قسم يأخذ نحو المغـرب قليلاً المسـمى ( بالعلقمي ) إلى أن يصير إلى الكوفـة .
وآثار العلقمي الباقي منه اليوم ـ على ما وقفت عليه ـ إذا انتهى إلى شمال ضريح عون اتجه إلى الجنوب ، حتى يروي ـ الغاضرية لبني أسد ـ والغاضرية على ضفته الشرقية ، وبمحاذاة الغاضرية شريعة الإمام جعفر ابن محمد عليه السلام على الشاطىء الغربي من العلقمي . وقنطرة الغاضرية تصل بينه وبين الشريعة ثم ينحرف إلى الشمال الغربي ، فيقسم الشرقي من مدينة كربلاء بسفح ضريح العباس عليه السلام إذا استشهد مايلي مسناته . فإذا جاوزه انعطف إلى الجنوب الشرقي من كربلاء ماراً بقرية نينوى وهناك يتصل النهر ( نينوى والعلقمي ) فيرويان مايليهما من ضياع وقرية شفيه فيتمايلان بين جنوب تارة وشرق أخرى ، حتى إذا بلغ خان الحماد ـ منتصف الطريق بين كربلاء والغرى ـ اتجها إلى الشرق تماماً وقطعا شط الهندية بجنوب برس وحرقة ـ وأثرهما هناك مرئي ومشهور ـ حتى يشقان شرقي الكوفة .
وذهب فريق آخر من المؤرخين إلى الاعتقاد بأن القسم المحاذي من هذا النهر لطف كربلاء قد كلف بحفره رجل من بني علقمة بطن من تميم ثم من دارم جدهم علقمة بن زرارة بن عدس فسمي النهر بالعلقمي ، وذلك في أواخر القرن الثاني الهجري ، وبذلك قال الشريف محمد بن علي الطباطبائي الشهير بالطقطقي في تاريخه الفخري عند ذكره ترجمة حال أبي طالب مؤيد الدين ابن العلقمي الوزير العباسي على عهد المستعصم وهولاكو الايلخاني انه سمي بابن العلقمي نسبة إلى جده علقمة الذي قام بحفر نهر العلقمي . والفريق الثاني من المؤرخين سموا النهر بإسم العلقم فذكر النويري في كتابه ـ بلوغ الأرب في فنون الادب ـ ان نهر الفرات بعد اجتيازه الانبار ينقسم إلى قسمين : قسم يأخذ نحو الجنوب قليلاً وهو المسمى بالعلقم ، وذلك لكثرة العلقم ( الحنظل ) حول حافتي النهر والعلقم بالفتح والسكون يطلق على كل شجر مر ( الحنظل ) وما عداه من غير فارق ، والعلقمة المرارة ، يخال لي لشدة ما كان العرب يكابدون من مرارة ماء آبار الجزيرة حتى تخوم الجزيرة ومياه عيون الطف ثم ينهلون عذب نمير هذا النهر فلبعد شقة البين بالضد أطلقوا عليه اسم ( العلقمي ) .
وجاء في تاريخ آل سلجوق لعماد الدين الأصفهاني المؤرخ الإسلامي الذي عاش في القرن الثامن الهجري ان جدول العلقمي كان يمر بالمشهديـن أي كربلاء والنجف .
وقد بقي نهر العلقمي حتى عام 697 هـ ثم علته الرمال والأوحال مماعرقل جريان الماء فيه ، وتروي بعض المصادر القديمة ان السلطان محمود الغزنوي قد أرسل وزيره علي الجويني إلى كربلاء فأمر بتطهير نهر العلقمي وإزالة الرمال والطمى منه ، وعاد الماء في واديه متدفقاً . وفي عام 915 هـ عادت الرمال تعلو هذا النهر وتوقفه عن الجريان .
ويذكر ان مجراه في العصور القديمة كان يتصل ببطائح البصرة ، وان سابور ذي الأكتاف اتخذ حافتيه قاعدة للذب عن غزو العرب لتخوم المملكة . وشمل بعناية أخلافه من ملوك الساسانية لموقعه الدفاعي .
وبلغ من ادهار العمران الذي حف بجانبيه شأواً حتى أن ذكروا : أفلتت سفينة وانحدرت مع جري الماء يومين فامتلأت بأنواع صنوف أثمار حافتيه .
ذكر هارفي بوتر في التاريخ القديم ان بخت نصر الملك البابلي حفر نهراً من أعالي الفرات حتى أوصله الى البحر لتقارب الوصف ، من الممكن أن يكون هذا النهر هو ( العلقمي ) ولنفس الغاية لبعد أمد جريه اختار فوهته من أعالي الفرات لارتفاع مستوى الماء هناك ـ للتدفق وسرعة الجري ـ ولبعد عمود الفرات عن ارواء آخر حدود الريف في العصور القديمة من التاريخ في الدور البابلي أو الكلداني . اذا مجراه يشق عاصمتهم بابل . كان بطبيعة الحال حفر مثل هذا النهر من الضروري ومما لا مناص منه انطاق مدى العمران .
اطلقت على جملة الضياع التي اتخذت على النهرين ، العلقمي ونهر نينوى في الدور الاسلامي من مبتدأ فوهة أو صدر ( العلقمي ) ما يلي هيت بـ ( الفلوجة العليا ) فاذا انحدر مجراه لحدود كربلاء ( الفلوجة الوسطى ) ولحدود اتصاله بالكوفة بـ ( الفلوجة السفلى ) وهذه الفلاليج الثلاثة ، كل واحد منها في الدور الكسروي متمماً لأستان بهقباذات الثلاثة . ففيما بين نهري دجلة والفرات ، أستان بهقباذ الأعلى ، ثم الأوسط ، ثم الأسفل . كان قسط هذا النهر من التفقد والعناية قد بلغ نصاب الكفاية ، يتمايل بنشوة نظارة العمران وساكني حافتيه في هناء ورغد عيش ، حتى أن انتكست الخلافة العباسية ، وحل بكيانها الضعف والوهن ، لشغب الأتراك وتلاعبهم بنصب وخلع وقتل ثلاثة من الخلفاء ، وهم المستعين والمعتز والمهتدي .
المنطقة فيما بين بغداد والكوفة ، والجزيرة بين الرافدين . وبقيت محافظة على عمرانها الى القرن السادس على غرار وصف أبي زيد البلخي بأنه سواد مشبك وشهود ابن جبير له كما أورده في رحلته الى المشرق . حتى دمرتها عواصف حملة التتر سنة ستة وخمسين وستمائة .
ولما كان العلقمي يروي كربلاء وساكنيه وجه الاشراف من العلويين والمنقطعين في جوار الحسين (ع) ولم تبق وسيلة للاهتمام بشأنه غير تبرع أهل الفضل بالبذل ، ولا بد من أن بني بويه في القرن الرابع لتشيعهم وعنايتهم بشؤون المشاهد المشرفة ، كانوا السبب الوحيد لبقاء حياة هذا النهر حتى منتصف القرن الخامس اذ أن الامام ابن الجوزي يحدثنا في ( المنتظم ) في حوادث سنة 451 فيقول : خرج البساسيري الى زيارة المشهد بالكوفة على أن ينحدر من هناك الى واسط واستصحب معه غل في زورق العمال في حفر النهر المعروف بالعلقمي ويجريه الى المشهد بالحائر وفاء بنذر كان عليه .
ويقول مؤلف تاريخ آل سلجوق في حوادث سنة 479 هـ وصل عماد الدولة سرهنك ساوتكين الى واسط ومنها الى النيل في شهر رمضان ، وزار المشهدين الشريفين وأطلق بهما للاشراف مالا جزيلا ، وأسقط خفارة الحاج وحفر العلقمي وكان خرابا من دهر ، وقدم بغداد
ويحدثنا السيد الطقطقي في الآداب السلطانية ص301 ، عند ذكر مؤيد الدين ابن العلقمي وزير الخليفة المستعصم بالله وقيل لجده العلقمي لأنه حفر النهر المسمى بالعلقمي وهو النهر الذي برز الامر الشريف السلطاني لحفره وسمي بالغازاني . فعليه قاوم العلقمي كوارث الاعفاء والدروس حتى آخر القرن السابع ، ثم اصبح أثرا بعد عين . وفي حبر كان يحدثنا العلامة الحسن بن يوسف في الص58 عند ذكر عبد الغفار يقول : ( هو من أهل الجازية قرية من قرى النهرين ) . وقفت بنفسي على دارس رسوم هذه القرية قبيل الحرب العامة لسنة 1914 م وموقعه يقع في الشمال الشرقي من مدينة كربلاء على آخر حدود ضيعة الوند ، يشاهد بظهر طلولها خزف وبعض زجاج مبعثر ، وفيما يليه آثار حصن على التقريب ينوف أبعاد اعلامه المائة متر في مثله منسوب لبني أسد وبلغني ان آجر هذا الحصن ذراع بغدادي مربع وبين طلول الجازية والحصن أثر مجرى نهر دارس . لم أبحث هل هو نفس العلقمي أو أحد شعبه .
يعتقد الدكتور أحمد سوسه في مؤلفه ( وادي الفرات ج2 ص87 ) : ان العلقمي قد أخذ مجرى نهر مارسس القديم الذي كان قد اضمحل فأعيد احياؤه زمن العرب .
جاء في قمر بني هاشم للسيد عبد الرزاق المقرم ( ص121 ) ما نصه ( . . . لم يعرف السبب في التسمية به ـ أي العلقمي ـ وما قيل في وجهها ان الحافر للنهر رجل اسمه علقمة بطن من تميم ثم من دارم جدهم علقمة بن زرارة ابن عدس لا يعتمد عليه لعدم الشاهد الواضح . ومثله في ذكر السبب : كثرة العلقم حول حافتي النهر وهو كالقول بأن عضد الدولة أمر بحفر النهر ووكله الى رجل اسمه علقمة فانها دعاوى لا تعضدها قرينة ، على انك عرفت ان التسمية كانت قبل عضد الدولة ) .
مستل من كتابي تراث كربلاء للسيد سلمان هادي آل طعمة وبغية النبلاء في تاريخ كربلاء للسيد عبد الحسين الكليدار
نهر الغازاني
ومن الأنهار المندرسة الاخرى النهر الغازاني نسبة إلى غازان خان من آل جنكيز أحد ملوك التتر الذين حكموا العراق بعد سقوط الخلافة العباسية ، فأمر غازان بتجديد نهر العلقمي وتقريب مأخذه من الفرات ، وقد بتر المغول القسم الأعلى من مجرى النهر وأوصلوا القسم الآخر بالنهر الذي حفره غازان من فرات الحلة ولم يستسيغوا بقاء اسم العلقمي على هذا النهر ، لاسيما وقد طرأ عليه الكثير من التغيير والتبديل كما نص على ذلك ابن الفوطي في حوادث سنة ثمان وتسعين وستمائة بقوله : ثم أمر بحفر نهر بأعلى الحلة فحفر وسمي النهر الغازاني تولى ذلك شمس الدين صواب الخادم السكورجي وغرس الدولة ابن .... ثم سار إلى بغداد وسمي بالغازاني تخليداً لذكرى حافره غازان المذكور .
ويقول مؤلف ( تاريخ المغول ) في الوصاف : اهتز اللواء الملكي المؤيد بالنصر يوم الخميس وانتهز اجتياح طف الفرات على الطريق الذي هو من مستحدثات ايام الدولة الغانية . وضياعه الموات فيما مضى كان يطلق عليه بالعلقمي . ولاستحداثه وجريان الفرات فيه لنضارة خضرته طغى نطاق الفكر في التقدير جرى الوادي فطم على القرى . وحاز اللواء الملكي زيارة حائر الحسين المقدس . ثم اتجه على طريق الفرات الى الانبار وهيت .
تركت منظومة الري وأهملت المجاري لعدم وجود من يبتذل الجهود ويهمه استمرار بقائها لارواء المدن العطشى . وعلى الاخص لمثل نهر العلقمي لطول مجراه . لذلك أمر غازان بتجديد النهر العلقمي وتقريب مأخذه من الفرات . فبتروا أعالي مجرى النهر وأوصلوا القسم الآخر بالنهر الذي حفره غازان من فرات الحلة ولم يستسيغوا بقاء اسم العلقمي على هذا النهر لا سيما وقد طرأ عليه الكثير من التغيير والتبديل فأطلقوا عليه اسم ( الغازاني ) تخليدا لذكرى حافره غازان .
وكان العمود المنحصر بالفرد للفرات على أثر اضمحلال الفروع التي كانت تأخذ منه وتصب في دجلة ، كنهر عيسى وفوهته من الصقلا . وبه تقريبا مع نهر السراط الذي يتفرع منه . فبعد أن كانا يرويان دار السلام أو ـ مدينة المنصور ـ والاراضى المحيطة بهما يصبان في دجلة داخل بغداد . ثم نهر صرر . ينصب ازاء المدائن . ونهر الملك ويصب فيهما بين النعمانية والمدائن . ثم نهر سورى الذي انحصر به المجرى . وأصبح المندفع الاعظم لمائه . وكان موقع جسره نفس قضاء المسيب الحالي . وفي الشرقي منه على بعد ميلين كان موقع قصر ابن هبيرة ـ على ما رواه ابن واضح في البلدان ـ على فرع يأخذ مائه من الفرات سمي بنهر النيل أو الصراط . وآثار هذا القصر باقية الى يومنا هذا في الجزيرة . في نفس القضاء بمقربة من ضريح ابن القاسم ، يطلق عليه بتل هبيرة . ويتفرع من نهر سورى أو شط الحلة ، نهر النيل الذي حفره الحجاج بن يوسف الثقفي أبان عهد الدولة الاموية . وفوهته اليوم ـ تقريبا تحاذي موقع الحجمه من شط الحلة .
وكان نهري سورى والنيل يحدثان عند افتراق مجراهما واتصالهما شبه جزيرة بيضوية الشكل . ثم يصبان في بطائح أو أهوار الكوفة .
ولم يزل عمود الفرات على جريانه صوب شط الحلة حتى بعد الالف ومائتين وثمانية الهجرية . اذ حفر نهر الهندية ، بتبرع آصف الدولة ، ملك أ ود ـ الهندي بقصد أرواء ساحة الغري الاقدس . وقد صادف الماء مستوى أخفض من مجراه الطبيعي . فعندها غير مجراه الى هذا المستوى المنخفض . حتى كاد أن يقضي أبديا على الفرات الحلة لولا تدارك وعناية السلطان عبد الحميد الثاني العثماني . اذ كلف شركة جاكسن الانگليزية بتدارك ذلك . فشيدت الشركة المذكورة السدة القائمة اليوم . وكان قد عجز قبل ذلك ولاة بغداد ـ وكبدهم الكثير من الخسائر ـ من تشييد السدود لنفس الغاية .
فعلى أثر تشييد السدة الموجودة اليوم ارتوت أراضي الحلة وكربلاء واستمر بها جرى الماء طوال أيام السنة .
مستل من كتابي تراث كربلاء للسيد سلمان هادي آل طعمة وبغية النبلاء في تاريخ كربلاء للسيد عبد الحسين الكليدار الطعمة ( بتصرف )
نهرا النهرين
وهو فرعان يشتقان من عمود الفرات كانا يجريان في كربلاء قديماً ، ويتصلان ببعضهما في قرية نينوى في جوار الحاير الحسيني ويتجهان الى الشمال الشرقي الى الكوفة معا على سبيل توحيد وتفرّد ، وللفارق يعرفان بنهري كربلاء ، وقد ورد ذكرها في كتب المؤرخين الذين تطرقوا إلى مأساة الحسين ومنهم أبو الفرج الأصفهاني في كتابه ( مقاتل الطالبين ) وابن كثير في كتابه ( البداية والنهاية ) وابن شهر آشوب في كتابه ( المناقب ) والطبري في تاريخه المعروف .
مستل من كتابي تراث كربلاء للسيد سلمان هادي آل طعمة وبغية النبلاء في تاريخ كربلاء للسيد عبد الحسين الكليدار الطعم
نهر نينوى
ومن الأنهار الاخرى التي كانت تروي هذه التربة الطاهرة نهر نينوى الذي كان يتفرع من عمود الفرات مايقارب الحصاصة وعقر بابل ، بين شمال سدة الهندية وجنوب قضاء المسيب من نهر سوري ثم يشق ضيعة ام العروق ، ويجري جنوب كرود أبو حنطة ( أبو صمانة ) وتقاطع مجراه باقياً إلى يومنا هذا ، ويعرف بعرقوب نينوى . ويقال ان البابليين هم الذين حفروا هذا النهر مع تشكيل قرية نينوى باسم عاصمة الآشوريين التي كانت تعرف ( كربا ـ ايلو ) ابان حكمهم وأدوار حضارتهم ولعدم ورود ذكر هذا النهر حتى عرضنا ، يخال لي توغل دثوره في مستهل أيام الشغب .
مستل من كتابي تراث كربلاء للسيد سلمان هادي آل طعمة وبغية النبلاء في تاريخ كربلاء للسيد عبد الحسين الكليدار الطعمة ( بتصرف )
المزارات المقدسة
لقد استندنا في بحثنا عن هذه المشاهد المقدسة على بعض الكتب مثل : ـ
1ـ كربلاء في الذاكرة ـ سلمان هادي آل طعمة
2ـ تراث كربلاء ـ سلمان هادي آل طعمة
3ـ عمارة كربلاء ـ د. رؤوف الانصاري
4ـ بغية النبلاء في تاريخ كربلاء ـ السيد عبد الحسين الكليدار
4ـ مراقد المعارف ـ الشيخ محمد حرز الدين
واستقينا معلومات اخرى من الانترنت من مواقع موثوقة وقمنا بزيارات ميدانية وبدمج هذه المصادر مع بعضها استطعنا كتابة تقرير عن اغلب مشاهد المدينة وقد تعمدنا عدم ذكر المصادر لتبسيط قراءة الموضوع على القاريء وبامكان المتابع الكريم مراسلتنا على بريدنا الاليكتروني ونحن مستعدون لذكر مصدر اي معلومة وردت في هذه الصفحة .
وفي ما يلي المزارات المقدسة الموجودة في كربلاء ، وهي ليس كلها اذ سنضيف مزارات اخرى في المقبل من الايام .
1- ضريح الشهداء
2- حبيب بن مظاهر الاسدي
3- مرقد الحر الرياحي
4- مرقد ابراهيم المجاب
5- التل الزينبي
6- المخيم الحسيني
7- مرقد ابن الحمزه
8- مرقد ابن فهد الحلي
9- مرقد احمد ابوهاشم
10- مرقد عون بن عبدالله
11- مرقد امام نوح
12- مقام الامام المهدي ( عج )
13- مقاما كفي العباس ( ع )
14- مقام علي الاكبر ( ع )
15- مقام الامام الصادق ( ع )
16- بيت الامام الكاظم ( ع )
17- مقام السبايا
18- مقام اسد فضة
19- وقوف الحسين ( ع ) مع ابن سعد ( لع )
20- مرقد الاخرس ابن الكاظم ( ع )
21- مرقد سيد جوده
22- القنطرة البيضاء
23- مقام عبد الله الرضيع
24- دوسة الامام علي ( ع )
الاثار
لا يخفى على الزائر لمدينة كربلاء العدد الكبير من المراقد والمقامات المقدسة المنتشرة على جميع رقعتها الجغرافية ، وحيث ان سبب وجود هذه المشاهد وبكثرة في كربلاء متأتي من قدسيتها التي لم تكن قد ابتدأت في عام 61هـ عام الطف الحزين اذ ان اتخاذها مكانا لكنائس ومعابد البابليين دليل على ان قدسيتها كانت اقدم من واقعة الطف ومن الراجح ان الله حباها بهذه القدسية لان ابا عبد الله الحسين (ع) سيراق دمه ودم اهله وصحبه هنا وقد تكون هذه الحادثة قد اعلم الله بها الانبياء والصالحين السابقين للنبي الخاتم(ع) وهناك العديد من الروايات تؤكد ذلك مما ادى الى اتخاذها مكانا مقدسا حتى قبل الاسلام . . . .
وبعد الثورة الخالدة في واقعة الطف وكل ما حملته من معاني وآثار على الدين الاسلامي اصبحت الواقعة رمزا يستدل به في كل الامور وصارت كل حادثة فيها تفيض معان ومدلولات مما حدى بالمحبين ان يخلدوا كل شيء فيها فخلدوا مكان استشهاد الامام ومحل سقوط كفوف العباس (ع) ووقوف العقيلة الى اخره من المواقف التي تدل كل منها على مدلولات تعتبر منها الاجيال .
ومن الطبيعي ان تصبح كربلاء عاصمة القلوب فتهاوت اليها افئدة المحبين ولم يفوت زيارتها امام ولا ولي ولا عالم وبعضهم آثر الدفن فيها كل هذا وما سبق جعل في كربلاء مزارات عديدة يؤمها الزائرون ويواضبون على زيارتها .
وبالطبع ان الاساس التاريخي لبعض المراقد كان غامضا وبعضها بني على اساس رؤيا وغيره من الاسباب وذلك بسبب الاحداث التي مرت على كربلاء من هدم وتجريف مما ازال العديد من معالمها وليس المقصود هنا التقليل من شأن بعض المقامات لكن الامانة العلمية تقتضي القول ان بعض المزارات ليس لها مستند تاريخي متين لكنها مع ذلك تبقى شاهدا ورمزا للحادثة المقامة من اجلها ويكفيها ما تحمله من معاني لتضل شامخة في القلوب .
حصن الاخيضر
خان العطشان
قلعة الهندي
اقدم كنيسة في الشرق
خان النخيلة
منارة موجدة
كهوف الطار
خان العطيشي
قصر شمعون
حصن الأخيضر
من الآثار المهمة التي تبعد عن مركز المدينة حوالي 29 ميلاً ، أو ما يقارب السبعة فراسخ بين كربلاء وشفاثة . ويتكون حصن منيع ذي ثلاثة قصور متقاربة يحيط بهن سور عظيم لم يبق منه غير الانقاض . ومن المؤسف حقاً أنه لم يعرف تاريخه على وجه التدقيق ، وذلك لعدم وجود كتابة أو إشارات على جوانب القصر أو الحصن .ولقد اختلفت آراء الباحثين حول زمن بناء الأخيضر ، فالمؤرخون مجمعون على أنه من مباني العرب في العصر الاسلامي ، غير أنهم اختلفوا في تاريخ البناء وفي العصر الذي بني فيه . ولكن الرأي الارجح هوأنه من الآثار العربية الاسلامية ومن عمارات المنتصف الثاني من القرن الثاني الهجري اعتماداً على نوعية الريازة العامة في البناء ودراسة اللقى التي عثر عليها خلال التحريات الاثرية في الموقع ، حيث أن كلها تعود للفترة الزمنية المذكورة .
قال ياقوت الحموي في مادة « دومة الجندل » : ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم صالح اكيدر على دومة الجندل وأمنه وقرر عليه وعلى أهله الجزية ، وكان نصرانياً فأسلم أخوه حربث فأقره النبي صلى الله عليه وآله وسلم على مافي يده ، ونفض اكيدر الصلح بعد النبي صلى الله عليه وآله فأجلاه عمر من دومة الجندل في من أجلى من مخالفي دين الاسلام إلى الحيرة فنزل في موضع منها قرب عين التمر وبنى فيها منازل وسماها ( دومة ) وقيل ( دوماء ) باسم حصنه بوادي القرى فهو قائم يعرف ، إلا أنه خراب .... الخ .
وأسند العلامة المرحوم شكري الآلوسي رأيه هذا إلى قول ياقوت فعقب على ذلك قائلاً : ان كلمة ( الاخيضر ) محرفة من اسم ( الاكيدر ) وهو اسم أمير من أمراء كنده أسلم في صدرالاسلام ، فالقصر يجب أن يكون شيد من قبل الامير المبحوث عنه قبل الاسلام ، غير أن ( موزيل ) لاحظ أن كلمة ( الاخيضر ) من القاب شخص معروف في التاريخ وهو ( أسماعيل بن يوسف الاخيضر ) حاكم اليمامة على الكوفة من قبل القرامطة ( في أوائل القرن الرابع الهجري ، العاشر الميلادي ) فقال : أن الاخيضر يجب أن يكون ( دار الهجرة ) التي أسست من قبل الحاكم المشاراليه .
ويعقب ماسينيون على رأي موزيل الذي ذكر أنه بني عام 277 وذلك ليجعله عين دار الهجرة التي بناها ثوار القرامطة في هذا العام بقوله : ولاشك في أنه من المحتمل جداً أن يكون القرامطة قد أعادوا تشييده للالتجاء اليه ولكن لم تكن لديهم الوسائل بل لم يكن من شأنهم أن يبتنوا مثل هذا الحصن العظيم ليتحصنوا فيه .
وقد لاحظ المستشرق ماسينيون عند زيارته الأخيضر ان ريازته تشابه الريازة الساسانية ، فاعتقد لذلك أنه يجب أن يكون قد شيد من قبل معمار أيراني قبل العهد الإسلامي في العراق لأجل أحد ملوك الحيرة من اللخميين ، وقال ربما كان ( قصر السدير ) الذي تغنى به الشعراء هو الأخيضر نفسه ، وقد أيد ( ديولافوا ) رأي ماسينيون من حيث الأساس واعتبر الأخيضر من المباني المشيدة قبل الإسلام في أواخر القرن السادس للميلاد .
وقررت المس بيل سكرتيرة دار الإعتماد البريطاني في بغداد لدى زيارتها الأخيضر سنة 1909 م أنه من المباني الإسلامية لأنها اكتشفت المسجد ولاحظت المحراب ، ورجحت أن يكون دومة الحيرة التي شيدت في عهد الامويين . أما ( موزيل واسكار روتيروكره سويل ) فقد أيدوا رأي المس بيل من حيث الاساس فاعتبروا الاخيضر من المباني الاسلامية ، غير أنهم اختلفوا في أمر تثبيت تاريخ البناء بين أواخر القرن الاول وأوائل القرن الرابع للهجرة . ولكن ( كره سويل ) لم يوافق على رأي المس بيل في اعتبار الاخيضر في عهد الامويين ، بل قرر أنه من عهد العباسيين ورجح أن يكون قد شيد في عهد عيسى بن موسى ابن أخ السفاح والمنصور وابن عم المهدي ولي عهد المنصور وكان والياً على الكوفة وأما ( هو سفيلد ) فقال يجب أن يكون من مباني أوائل القرن الثالث للهجرة لانه وجد شبهاً ريازة الاخيضر وريازة سامرا .
ونشر البحاثة توفيق الفكيكي بحثاً مسهباً في مجلة ( المقتطف ) المصرية باسم ( قصر الاخيضر في التاريخ ) عندما كان الحاكم المنفرد في كربلاء سنة 1935 م ـ 1936 م وقد أعيد نشره في العدد الخاص من ملحق جريدة ( الاخبار ) البغدادية ويستخلص رأيه بالقول : ان قصر الاخيضر هو ( دومة الجندل ) وان مشيده هو ( اكيدر ) وان عصر تشييده هو العصر الاول من تاريخ الاسلام وفي عهد الخليفة الاول من الخلفاء الراشدين وليس هناك أية شبهة أو تضليل . وهناك بحث موسع آخر عن حصن الاخيضر وموقعه وأهميته التاريخية نقتبس منه ما يخص وصف القصر : يتألف قصر الاخيضر من حصن كبير داخله قصر فخم وبجانبه بناية محصنة منفصلة عن البناية الاصلية . الحصن مربع الشكل يبلغ طول كل ضلع من أضلاعه 17 متراً . أما القصر فمستطيل الشكل يبلغ عرضه 80 متراً وطوله 110 متراً ، ويوجد في مدخل هذا القصر دهليز فخم يعلوه طاق مرتفع . اما الجامع فيقع في الجهة الغربية من الدهليز وجدرانه الخارجية مجهزة بسلسلة أبراج من جهاتها الأربعة ، والابراج الكائنة في الزوايا تستوقف الانظار أكثر من غيرها بطبيعة الحال . غير أن البرجين الواقعين في وسط الجهتين الشرقية والغربية يحتويان على آثار معمارية أهم من جميعها .
يتضح لنا مما تقدم ان قصر الأخيضر من أهم الآثار التاريخية في العراق وقد اختلفت الآراء في سبب وجوده في هذه المنطقة العزلاء، ومما ذكر عنه أنه كان ملتقى لرؤوس اخوان الصفا فيه ، فكانوا يقصدونه من أجل اجتماعاتهم ويضعون رسائلهم . والأخيضر يحتفظ بكثير من مزاياه ومن هندسته ومن معالمه.
خان العطشان
ذكر الرحالة الفرنسي تافرنيه ضمن رحلته للعراق في القرن السابع عشر الميلادي وصفاً مسهباً لهذا الخان ، نقل إلى العربية ، وهذا نصه : قد يكون هذا القصر الذي اكتشفه تافرنيه ( خان العطشان ) وهو بناء قديم ترى أطلاله ورسومه في البادية غربي الفرات على نحو من ثلاثين كيلو متراً من جنوب غربي كربلاء وهو على حد وصف رحالتنا مبني بالآجر ، ومازالت كثير من جدرانه وأقواسه وبعض عقاداته ترى إلى يومنا هذا وإن كانت قد تشعثت وتصدعت والذي نميل اليه ان لهذا البناء صلة بالموقدة ( الموجدة ) وهو منار يبعد عنه مسيرة ساعتين إلى الشمال الغربي ان هذه المباني التي ترى بقاياها منثورة في طف البادية كانت فيما مضى مسالح ومعاقل وحصوناً ومناور للدولة الفارسية تقيها شر هجمات دولة الروم . وقد وصفت الآنسة المس بيل خان العطشان وصفاً أثرياً دقيقاً في كتابها الموسوم :
(G . L Bell : palace and mosque at ukhider (oxford , 1914 p p 14_ 43)
وعنيت بتخطيط البناء وتصوير بقاياه في اللوحات 46 ـ 52 من الكتاب المذكور . أما أصل البناء وتاريخه فلم تتطرق اليه المؤلفة .
وفي رواية أخرى ان موقع هذا القصر بين موقدة وبين الكوفة (قصر العطشان) المسمى بهذا الإسم في العصر الحاضر وهذا القصر هو واسطة بين القصر الاول وبين الكوفة لاخبار من في الكوفة بالانارة حسب العادة القديمة وسمي بالعطشان لانطماس منابع مائه .
ويغلب على الظن ان هذا الخان ( قصر العطشان ) يعتبر من منشآت الدولة الصفوية ، وخير دليل على ذلك وجود ( تل مرعز ) على مقربة منه . وهذا التل هو المكان الذي كانت تقف فيه قوافل الزوار والمشاة لرؤية قبة الروضة الحسينية المقدسة ، وكان يطلق عليه قديماً ( قبه نما) .
يقع هذا الخان في المنطقة الواقعة بين كربلاء والنجف وعلى بعد 16 كلم بأتجاه الغرب من خان النخيلة ، وإلى الجنوب الغربي من مدينة كربلاء بنحو 30 كلم . وهو بناء قديم يعود تاريخه إلى الفترة التي بني بها قصر الأخيضر
الشهير في مطلع العصر العباسي. ويستدل من طراز بناء هذا الخان وعناصره الزخرفية على أنه لم يكن سوى دار أستراحة لوالي منطقة الأخيضر في رحلته إلى مدينة الكوفة. أما تسمية المبنى بالخان فأغلب الظن أنها أطلقت عليه في فترة متأخرة لنزول المسافرين والقوافل التجارية فيه .
وتذكر بعض المصادر التاريخية أن خان العطشان من منشآت الدولة الصفوية والدليل على ذلك وجود (تل مزعر) بالقرب منه. وهذا التل هو المكان الذي كانت تقف فوقه قوافل التجار والزوار والمسافرين لرؤية قبة الروضة الحسينية خلال فترة العهد الصفوي. ولا تزال أطلال هذا الخان باقية إلى يومنا هذا .
قلعة الهندي
أثر تاريخي يقع في الجنوب الشرقي من كربلاء على بعد 4 كيلو مترات شيده نوازش علي خان الكبير بن علي رضا خان النواب اللوهوري من القزلباش ، وذلك في عام 1296 هـ . وكان هذا الرجل من الشخصيات المرموقة في الهند ومن الأثرياء ، ويعرف بالنواب . وبعد أن أتم بناء القلعة المذكورة سافر إلى سامراء ، وقضى فيها ردحاً طويلاً من الزمن في خدمة المرزا حسن الشيرازي العالم المبرز في عصره ، عاد بعدها الى كربلاء بعد وفاة السيد المجدد الشيرازي ، ومكث فيها فترة من الزمن إلى أن وافاه الأجل ، ودفن في مقبرة خاصة له في صحن الحسين . ولا تزال تعرف القلعة المذكورة باسمه . وعلى أثر سفر أسرة النواب المذكور إلى الهند أوكل أمر الأملاك العائدة لها إلى رئيس وكلائها وهو محسن خان القندهاري الذي كان يمت بصلة إلى النواب المذكور والعقب منه في كربلاء يعرف بآل النواب .
أقدم كنيسة في الشرق
على مسافة 70 كم من كربلاء وعلى مبعدة 5 كم من قصر الأخيضر التاريخي المعروف والى الغرب من بحيرة الرزازة..كان هناك موقع لا أحد يعرفه إلا بالاسم ولا أحد يعرف ما به من آثار..موقع يطلق عليه اسم ( القصَير ) فيه ما يشبه المدينة المتكاملة التي كانت تزخر بالحياة منذ قرون بعيدة وتحكي ما بقي من الآثار من إنها مدينة عامرة عاش فيها أهلها قبل الإسلام.
يقع القصَير ( ويسميه البعض : الاقيصر ) في وسط الصحراء ويحتوي على اثر كبير قد يعود بالمنفعة السياحية إضافة إلى دراسة آثار كربلاء على اعتبارها مدينة عميقة الجذور..الأثر هو كنيسة مسيحية لم يسمع بها حتى أهالي كربلاء..بل إن بعضهم اندهش حين سمع بهذا الأثر متصورين إن مدينة كربلاء يبدأ تاريخها مع واقعة الطف فحسب.
والاقيصر تصغير لكلمة القصر وهي لفظة محلية لان فيها ما يشبه القصر وهو الكنيسة التي تضم رسومات متعددة عبارة عن صلبان معقوفة دلالة الديانة المسيحية..توجد على جدران الكنيسة كتابات آرامية تعود إلى القرن الخامس الميلادي حسب ما ذكرته الدراسات التي قام بها عدد من الباحثين والاثاريين..وكذلك فإن في هذه الكنيسة مجموعة من القبور قسم منها يعود إلى رهبان الكنيسة ورجال دينها الذي كانوا يقدمون تعاليمهم وخدماتهم وهي ملاصقة للكنيسة..والقسم الآخر لعامة الناس من المسيحيين الذي يدفنون هنا وهي تبعد عن الكنيسة بمسافة تزيد عن 20 مترا..
الكنيسة يحيطها سور بني من الطين فيها أربعة أبراج ويوجد في السور خمسة عشر بابا للدخول وهي مقوسة من الأعلى..فيما يبلغ طول بناء الكنيسة ستة عشر مترا و عرضها أربعة أمتار..بنيت من الطابوق المفخور أو الفرشي..وهذه القيمة البنائية تثبت إنها اقدم كنيسة شرقية في التاريخ لأنها وحسب الدراسات بنيت في منتصف ستينيات القرن الخامس الميلادي ، وهذا يعني إن هذه الكنيسة الموجودة في كربلاء قد بنيت قبل الإسلام بأكثر من 120 عاما حسب ما يذكره الدارسون والكتب..ولكن التنقيبات التي أجريت عام 1976 وعام 1977 هي التي اكتشفت هذا الموقع والكنيسة عندما قاد السيد مظفر الشيخ قادر البعثة العراقية في هذه المنطقة..وأشار إلى إن موقع الكنيسة كان مثبتا لدى الاخوة المسيحيين من الكلدان الذي كانوا يأتون إلى الكنيسة لزيارتها كل عام لاحياء قداسهم واقامة الصلاة في مذبح الكنيسة ، إن هذا المكان لا بد أن يكون مكانا سياحيا ودينيا للاخوة المسيحين لأنهم يعتبرون هذه الكنيسة هي اقدم كنيسة في الشرق الأوسط بل في الشرق عموما.. وعليه فان إعادة اعمارها لابد أن يجلب المنفعة للجميع..المسيحيون للصلاة وغيرهم كسياحة أثرية لان هذه الأرض هي منجم للسياحة ونحن بعيدون كل البعد عن استغلال ما لدينا من آثار من اجل السياحة في حين إن العالم لا يملك مثلما نملكه نحن ولديه السياحة عامل من عوامل الاستقرار الاقتصادي .
حين تنظر إلى القبور فان آثار النبش والحفر بقصد السرقة تراها واضحة حتى لكأن ما جرى بعد سقوط النظام من عمليات نهب وسرقة لم يترك حتى هذه الأماكن البعيدة ولان فيها قبور تاريخية فان السراق والنهاب تصوروا إن في هذه القبور ذهبا وحليا وأحجارا كريمة وغنائم أخرى..وقد نبش اكثر من 25 قبرا بحثا عن الغنائم..وترى أيضا آثار التخريب من قبل عسكر النظام البائد الذي اتخذ من موقع الكنيسة كمكان للتدريب والتصويب وترى بقايا القذائف المنفلقة وغير المنفلقة ما زالت موجودة ، إن النظام السابق وبدلا من تحويل هذا المكان إلى معلم سياحي حوله إلى موقع عسكري مما أدى إلى تخريب الكثير من معالم المكان إن كان لموقع الاقيصر أو لموقع الكنيسة أو للقبور التي كما أثبتت الدراسات والتنقيبات إنها حفرت كلحد للموتى وفيها بناء حجري يضم الرفات فيما يغطى اللحد بحجر كبير.. أما جدرانه فهي مكسوة بالجص وبعدها ينهال على القبر التراب ليطلى بطبقة من الجص لتكون هي الظاهرة من الخارج ، إن اتجاه القبور يكون دائما باتجاه بيت المقدس ويبلغ عمق كل قبر اكثر من متر و25 سنتمتر وطوله مترا و20 سنتمترا فيما يبلغ عرضه 60 سنتمترا.
إن العوامل البيئية قد عرضت الكنيسة إلى الكثير من التخريب من خلال ما تعرضت له من كوارث.. ونرى ذلك واضحا من خلال أبواب الكنيسة التي أغلقت من الخارج بالحجر والجص..لذا فإن الكنيسة إذا ما بقيت مهملة فان العوامل الآنية قد تعرضها إلى الكثير من المشاكل لان الترميم الصحيح هو السبيل الوحيد لكي تبقى الكنيسة صامدة على أن تعاد قبة المذبح التي سقطت ويعاد ترميم الغرف المهدمة المحيطة بالكنيسة المخصصة للكهنة إضافة إلى القيام بحملة لتشجير المكان وجعله اكثر جمالا مثلما نريد تعبيد الشارع الموصل إلى الموقع من الشارع الذي يربط كربلاء بعين التمر..وإلا فان ما تبقى من الكنيسة والموقع سيندثر حتما وسنخسر واحدة من المعالم الأثرية المهمة في العراق مثلما نخسر موقعا سياحيا رائعا سيأتي إليه آلاف السياح من المسيحيين وغيرهم لزيارة هذا ورغم اننا لم نشاهد هذا المعلم التاريخي المهم لوقوعه في منطقة نائية وخطرة الا ان العديد اكد لنا ان عائلتين تتخذان الكنيسة سكنا لهم !!! منذ اكثر من 25 سنة!
خان النخيلة
خان الربع هو بناء مربع الشكل طول كل ضلع من اضلاعه 86م يقع على الطريق بين محافظتي كربلاء المقدسة والنجف الأشرف وهو ضمن سلسلة من الخانات التي بنيت في العهد العثماني والتي عددها (48) خانا يقع اثنان منها في محافظة كربلاءالمقدسة هما خان الربع وخان العطيشي التي بناها سليمان باشا الكبير في العهد العثماني والتي كانت تستخدم كمحطات استراحة للمسافرين ما بين البصرة وبلاد الشام.
سمي خان النخيلة او خان الربع لوقوعه في ربع المسافة ما بين هاتين المحافظتين وهذه التسمية محلية اخذت منها التسمية الرسمية لهذا البناء.
الخان مربع الشكل يحتوي على مدخل رئيسي في الجهة الشرقية منه ويعلو المدخل قبة كبيرة تحتوي على عناصر زخرفية إسلامية مهمة وهي المقرنصات، البناء ذو طابع إسلامي بحت لاحتوائه على الأواوين والأقواس المدببة والمقرنصات والتي هي عناصر معمارية زخرفية اسلامية انتشرت في الأبنية الاسلامية.
ويتشابه خان النخيلة من الناحية التخطيطية والعمرانية ، مع خانات القوافل الأخرى التي تقع على الطرق الخارجية التي تربط بين المدن العراقية ، حيث يتوسط الصحن (الفناء المكشوف) تحيط به مجموعة من الغرف التي تتقدمها الأواوين التي تعلوها عقود (أقواس) مدببة الشكل. ويتميز هذا الخان بأسواره العالية ومدخله الذي يتالف من طابقين تتوسطه بوابة كبيرة ، واستخدمت الأقبية المدببة الشكل في تسقيف الغرف والأواوين ، واستعمل في بنائه الطابوق (الآجر) والجص .
على جانبي المدخل ممر يعلوه قبو وعلى جانبيه أواوين ذات أقواس مدببة كانت تستخدم كأماكن لاستراحة المسافرين ومبيتهم.
ويطل المدخل على الساحة الوسطية التي تحيط بها الأواوين من جميع الجهات ويحتوي المدخل على سلمين يقعان على جانبي المدخل يؤديان الى سطح الخان.
وتحتوي الساحة الوسطية على بئر واحدة فقط كان يتزود منها النزلاء في الخان بالماء وكانت الساحة مبلطة بمادة الأجر (الطابوق الفرشي).
وكان الطابوق الفرشي والحصى هي المادة الأساسية في بناء الخان مثل باقي الخانات التي بنيت في الفترة الزمنية نفسها.
وقد استعمل الخان كمنطقة سياحية يرتاده السواح من داخل وخارج العراق، لما يحتويه هذا الخان من سحر وعمق حضاري.
وقد حصلت عملية اعادة بناءه وترميمه في عهد النظام البائد لكنها توقفت بعد سقوط النظام ولايزال الخان كغيره من المواقع الاثرية يعاني الاهمال حتى اننا عندما زرناه في اواخر جمادى الاخرة 1429 هـ تجولنا فيه دون ان نرى موظفا او حارسا نساله عن ما تنوي مفتشية الاثار فعله بهذا الموقع الاثري المهم .
وقد تم وضع دراسة جديدة للاستمرار باعادة بناء وترميم وصيانة الخان وادراجه ضمن خطة مشاريع الهيئة العامة للاثار والتراث.
ولم تكن أعمال الصيانة في هذا الخان الوحيدة بل كانت هناك اعمال سابقة في السبعينيات من القرن المنصرم ولكنها كانت اعمال صيانة خفيفة.
ولكن هذا الخان تعرض الى الضرر الى الضرر حيث هدم جزء كبير منه في عهد النظام السابق لانه استخدم كمخزن للعتاد من قبل الجيش في حرب الخليج( 1412 هـ ) والانتفاضة الشعبانية، وتعرض هذا العتاد الى الانفجار مما ادى الى سقوط اجزاء كثيرة من هذا الخان وقامت لجان آثارية متخصصة من دائرة اثار كربلاء بمشروع اعادة ما تهدم من الخان وترميم وصيانة الاجزاء المتضررة لموسمي (1423- 1424 هـ ) 2002-2003 ولكن ظروف الحرب على العراق واحتلاله حالت دون تنفيذ هذا المشروع .
وفي عام 1425هـ ( 2004م) تعرض الخان الى التخريب من قبل القوات البولندية ضمن قوات الاحتلال، اذ قامت بتفجير ما تبقى من انقاض لاسلحة ثقيلة قديمة منذ عهد النظام الديكتاتوري البائد والتي كانت موجودة في بئر الخان مما ادى ذلك الى هدم وتشققات لاجزاء كثيرة من الخان، رغم علمهم الأكيد بأن هذا موقع اثري مهم يمثل حضارة وتاريخ بلد والغريب ان المسؤولين عن الاثار في كربلاء لم يكلفوا انفسهم حتى ازالة مخلفات هذا التفجير اذ تعثرت اقدامنا بالعديد من مخلفات العتاد اثناء تجوالنا في الخان في اواخر جمادى الاخرة 1429هـ وشاهدنا الكثير الكثير من هذه المخلفات التي لانظن انها غير خطرة سيما ان الخان كما اسلفنا غير مسيج وبلا حراس وبامكان اي شخص الدخول اليه والعبث به كما يشاء فان لم يكن الامر من شأن مفتشية الاثار فلابد ان تكون من مسؤولية القائمين على حماية ارواح المواطنين لكن لا هؤلاء ولا هؤلاء نظفوا موقع التفجير .
وقد قامت دائرة اثار كربلاء المقدسة بإثارة موضوع هذا التفجير وقدمت مطالعات ومذكرات بهذا الخصوص الى مقر القوات المتعددة الجنسيات ، وقد وعدت القوات بتعويض الضرر ، ولكن هذا الامر لم يتم
منارة موقدة (موجدة)
تقع آثار موجدة على طريق عين التمر الى يسار خط السير بمسافة 40كم عن مركز محافظة كربلاء المقدسة وتبعد عن كهوف الطار حوالي 14كم جنوبا في منطقة صحراوية قاحلة ليس فيها سوى هذا الاثر ، البناء الذي هو عبارة عن برج عال مبني من الآجر القديم المربع الشكل الاحمر اللون والجص .
وسميت منارة موجدة (موقدة) وهي كلمة محلية جاءت بسبب إيقاد النيران في أعاليها حيث كان يوضع على قمة البرج زيت ثم تشعل النار فيه ليلا لإرشاد الضالين في الصحراء المترامية الأطراف، حيث عند رؤيتهم للنار المستعرة والتي ترى من مسافات بعيدة ليلاً ليتجه إليها المسافرون والقوافل، وهي تقع على هضبة عالية في منتصف الطريق بين خان العطشان الذي يبعد عنها 10كم جنوبا وبين حصن الاخيضر الذي يبعد عنها15كم شمالاً، وهي تكاد تكون مرتبطة تاريخيا مع هذين الصرحين فالواصل إليها أيقن بالوصول إلى احدهما، ويعود تاريخ بناءها إلى فترة بناء خان العطشان لإرشاد الحجاج، ولتشابه مادة بناءها من الطابوق الفرشي والنورة لما موجود في الخان .
المنارة او البرج على شكل اسطواني ، المساحة من القاعدة ( 5 × 5 م ) والقاعدة مزينة بحنيات زخرفية تنتهي بعقود نصف دائرية من الآجر بواقع ثلاثة حنايا في كل ضلع بعد القاعدة المربعة، يبدأ الشكل الاسطواني حيث يمتد إلى أعلى المنارة ولكنه مختلف في الزخارف الآجرية التي تزين كل قسم فالقسم الأول وعلى ارتفاع 2م يكون مصمتا وخاليا من الزخارف ثم يبدأ الإفريز الزخرفي الثاني، وهو على شكل كسرات متعاقبة وبارتفاع 2م ثم شريط زخرفي ثالث مكون من تداخل الطابوق فيما بينه . ثم قمة المنارة وهي على شكل حنيات إلى الداخل وفيها مزاغل لرمي السهام تنتهي بعقود اسطوانية مشابهة لما موجود في قاعدة المنارة، وارتفاعه الحالي يبلغ تقريبا ( 12 م ) ، اما القسم المتهدم من الاعلى فيقدر ارتفاعه بين ( 5 ـ 6 م ) ، يوجد للمنارة سلم حلزوني داخلي يبدأ الارتقاء إليه من القاعدة المربعة وصولا إلى أعلى المنارة التي ترى منه مناظر خلابة لإمتداد الصحراء حولك من كل جانب ، ولا يزال قويا رغم تقادم السنين .
يعتقد من خلال الدراسات الأثرية ان هذا البرج ( موجدة ) هو برج للمراقبة العسكرية فقط حيث لم يتم العثور على آثار تدل على وجود مستوطنه في هذه المنطقة الصحراوية سوى بعض الكسور من أواني فخارية ملونة ، كما ان مكان البرج يثير بعض الشكوك لوقوعه في منطقة صحراوية كما اسلفنا بالاضافة لقربها من منطقة الطار ، وتتوسط منطقة جنوب كربلاء والاخيضر .
كهوف الطار
تقع كهوف الطار على يمين الطريق المؤدي الى عين التمر ، حيث تبعد عن مركز محافظة كربلاء بمسافة تقدر بـ (45 كلم) جنوب غرب كربلاء. و(15) كم إلى الشمال الشرقي من قصر الاخيضر. كما أنها تقع غرب العاصمة القديمة بابل مسافة (80) كم. وهذا التكوين المركب من مجموعة الكهوف محاط بعدة وديان وواحات، ويحتل موقعاً مهماً في الجزيرة العراقية الجنوبية العربية؛ حيث تقع بين بابل من الشرق والجزيرة من الغرب. لذلك من المحتمل جداً ان تكون في العهود القديمة محطة مرور للأقوام القديمة الذين ينتقلون في الغرب أو الجنوب إلى جهة الشرق. كذلك من الشرق إلى المناطق الغربية والجنوبية .
اولهما : كهوف فوق مستوى الوادي بقليل ، حيث يتضح ان لكل كهف فتحة صغيرة لا يتجاوز ارتفاعها المتر ونصف وعرضها نصف متر ، وهي غرف صغيرة مساعتها تقريبا (2 x 3) متر مربع ، فيها فتحات تصل الى غرف ثانوية ، وآثار الدخان بادية للعيان على السقف .
ثانيهما : الكهوف التي تقع فوق مستوى الكهوف الأولية ، وهذه الكهوف تختلف في هندستها وشكلها حيث انها منتظمة الحفر وبشكل اسطواني ، وتوجد ايضا كهوف اخرى تقع على امتداد الوادي .
الكهوف تقع في منطقة تسمى الطار ، وهذه التسمية تعود إلى مواطني المنطقة ولكن إذا ما عرفنا إن كل مرتفع عن الأرض يسمى طارا..وهذه التسمية لها دلالات قرآنية و إنها ذكرت في القران الكريم ( طور سينين ) أي الجبل وجاء أيضا في مختار الصحاح أن الطور هو { عداه "طورا " أي جاوز حده و(كذا ) و الطور الجبل} ، ولان هذه المنطقة معروفة سابقا باعتبارها مناطق نهرية أو بحرية وتشكل الفيضانات جزءا من وجودها فان لها جذرا تاريخيا مشتقا من القران..ففي اللغة القديمة تعني كلمة الطور الجبل وأيضا تعني في تلك اللغة القديمة الإنقاذ..وهذا يدلل على أن هذه المنطقة كانت زاخرة بالحياة والدليل هو وجود غرف صغيرة تبدو وكان شبابيكها ظاهرة للعيان عندما تمر بسيارتك وأنت على الطريق العام ..موضحا أن هذه المرتفعات الصخرية تمتد من مدينة النجف لتصل إلى غرب كربلاء وأعلى ارتفاع لها يبلغ 65 مترا عن سطح البحر وهو ارتفاع كاف لتسمى طارا وتكون منقذا للناس في ذلك الزمان من الكوارث .
حددت بعثة يابانية جاءت إلى هذه المنطقة تاريخية المنطقة وقد توصل البروفيسور هيدو فوجي رئيس البعثة الآثارية اليابانية في العراق ورئيس بعثة التنقيبات في كهوف الطار.. قد حدد ثلاثة أطوار مرت بها هذه الكهوف..الأول قبل ثلاثة عشر قرنا قبل التاريخ والثاني عصر البارثيين والثالث العصر الإسلامي..ويقسم الآثاريون والباحثون هذه المنطقة إلى مجمعات اختصرت بحروف أجنبية..منها (A وBوCو ( D ففي مجمع A كانت ابرز الاكتشافات وجود قطع صغيرة لم تكتشف سابقا مثل نسيجها الملون الذي كان بسبب وجود هذه الكهوف في منطقة رطبة لوقوعها بين بحيرة الرزازة ونهر الفرات إلا إن هذه الكهوف كما يقول الباحثون كانت جافة لذلك ساعدها هذا التكوين على أن يبقى هذا النسيج الناعم الملمس في القطع الصخرية دون أن تصاب بالتلف أو الذوبان وتقول البعثة في تقريرها وهي تصف هذه الكهوف.إنها تقع إلى غرب العاصمة القديمة بابل بمسافة 80كم وان هناك ما يقارب 400 كهف في هذه المنطقة محاطة بعدة وديان وواحات وتقع بين بابل الشرق والجزيرة في الغرب.ومن المحتمل وحسب قول البروفسور الياباني أن تكون في العهود القديمة محطة مرور للأقوام القديمة الذين ينتقلون من الجنوب أو الغرب إلى جهة الشرق أو العكس..ويعتقد فوجي إن التحليلات والفحوصات التي أجريت على صخور الكهوف دلت على إنها نحتت صناعيا من قبل الإنسان في طبقة صخور مشبعة بكاربونات الكالسيوم في حدود سنة 1300 ق.م واعتقد أيضا إن سبب حفرها أو نحتها يعود إلى أغراض دفاعية واستخدمت بعد ذلك كقبور لدفن موتى من كانوا في ذلك المكان .
كهوف الطار كثيرة تجاوزت الثلاثمائة كهف وعلى ارتفاعين
ولعل ابرز اكتشافات البعثة اليابانية في تلول مجمع (A) في الطار هي قطع صغيرة من النسيج الملون لم يتيسر اكتشاف نسيج مشابه له في وادي الرافدين بسبب الرطوبة التي تؤدي إلى تفكك هذا النسيج، ولكون كهوف الطار جافة فقد ساعدت على بقاء هذه القطع النسيجية دون ان يصيبها التلف والتمزق. ومن المفيد الاشارة إلى ان تقنية صناعة النسيج هذه تدل على ان مبدعها فنان ماهر ومتحضر. وهذه القطع تشبه إلى حد كبير النسيج المكتشف في (تدمر) وتمتاز بنعومة الملمس وكأنها حرير حقيقي. لقد بذل البروفيسور فوجي جهوداً علمية عظيمة مع فريق من الآثاريين المنقبين في موقع الطار لمعرفة النواحي الثقافية في العهد المطمور وتفاصيل البيئة فيه. وقد استخدم في التنقيب آلات متطورة في الحفرو القطع في طار (أم الجمال) وهاتان الواقعة ضمن مجموعة كهوف (A) .
ومن خلال الفحوصات للانسجة المكتشفة بواسطة جهاز كاربون (14) تبين ان الاستعمال الثاني لهذه الكهوف كقبور يعود إلى فترة ما بين القرن الثالث قبل الميلاد إلى القرن الثالث بعد الميلاد. ومما جاء في تقرير بعثة التنقيب اليابانية: يبدو ان الانسجة التي اكتشتف في هذا الموسم تعود إلى الفترة الهلنستية كما هو الحال في دورليوريس وتدمر وحلبية (زنوبيا)، وانها تعرض عدة أساليب لحياكة الانسجة (منها الحياكة البسيطة المزدانة بالرسوم والصور والنسيج القطني المضلع والمضلع ذات الأعمدة) وبعضها ذات تزيينات ملونة، منها ذات امواج وذات اوراد، والاشكال الهندسية مع تدرج بالألوان ويقول التقرير: كما نعتقد ان هنالك مناطق قد سكنت على نطاق واسع في العراق في منطقة الجزيرة الجنوبية الغربية (عين التمر، وقصير مثلاً) والأقاليم المحيطة بمنطقة كهوف الطار (كالحضر والحيرة) التي ربما كانت المصدر للأنسجة المكتشفة في قبور كهوف الطار.
ويبقى (الطار) واحداً من مواقع الآثار العراقية القديمة التي تدل على ابداع انساننا العراقي المحتفي ابداً بقيم الخير والجمال.
خان العطيشي
يعتبر هذا الخان أحد أهم خانات القوافل في العراق. ويقع في منطقة العطيشي التابعة لناحية الحسينية ، إلى الشمال الشرقي في مدينة كربلاء على الطريق القديم الذي يربط بين بغداد وكربلاء.
وفي فترة متأخرة أتخذ هذا الخان مخفراً لشرطة العطيشي . وفي الوقت الحاضر تهدمت وتداعت معظم جدرانه ومرافقه ، خصوصاً الأواوين القائمة في الابهاء.
إن نظام تخطيط عمارة خان العطيشي يشبه بناء الخانات التي أقيمت خارج المدن في تلك الفترة من الزمن. وهو مستطيل الشكل ، طوله 65متراً وعرضه 51 متراً. ويبلغ ارتفاع جدرانه الخارجية حوالي 5 أمتار ، وسمكها متر واحد ، وزود الجزء العلوي منها بمزاغل تستخدم للدفاع وحماية الخان من اللصوص ، وأركان الخان الخارجية مدعمة باربعة أبراج كبيرة يبلغ نصف قطر كل منها 4.5 متر.
ولهذا الخان مدخل يتوسط الواجهة الجنوبية الغربية. وهو بارز عن مستوى الجدار ، ويبلغ ارتفاعه حوالي ثلاثة أمتار وعرضه يبلغ مترين ، ويعلوه قوس كبير مدبب الشكل.
تتوسط الخان ساحة داخلية مكشوفة طولها 50 متراً وعرضها 35 متراً. تيحط بها الغرف التي تتقدمها أواوين ذات قياسات مختلفة تعلوها عقود (أقواس) مدببة الشكل ، أما الطريقة المتبعة في عملية تسقيف الغرف والأواوين فهي أستخدام الأقبية المدببة ، وشارع أستخدام هذا الطراز من التسقيف في بناء العمائر الدينية والمدنية التي أقيمت في العراق خلال فترة الحكم العثماني للعراق.
وفيما يتعلق بتقنية الأبراج ، فقد أستخدمت القباب بشكل نصف كروي تقوم على رقبة اسطوانية. وأتبع في طريقة البناء رصف بشكل نصف كروي تقوم على رقبة أسطوانية. واتبع في طريقة البناء رصف القباب التي شيدت في وسط وجنوب العراق خلال العصور الإسلامية. وزينت الواجهة الخارجية للمدخل للرئيسي للخان بالزخارف الآجرية المتشابكة التي تشبه نسيج الحصير ، وأستعملت مواد البناء المحلية في بناء خان العطيشي كالطابوق (الآجر) والجص .
قصر شمعون
في الشارع المؤدي الى عين التمر ـ الأخيضر ، وبين التلال الطينية والجبسية والكلسية وبعض الوديان التي احتضنتها الاراضي الصحراوية علي طرفي الشارع ، تقع آثار الكرطة على يمين خط السير وبعد ذلك تشاهد آثار تل آبجة على يمين خط السير ايضا ، حيت تطل مقاطعة المالح على جهة يسار خط السير وهي قرية صغيرة تتكون من عدد من الدور السكنية التي بنيت من الحجر الكلسي وبعضها بني بالطابوق كما يشاهد فيها جامعا صغيرا ، وان اكثر سكانها من قبيلة بني اسد ، ويشاركهم في السكن عدد من من البيوت من عشائر مختلفة مثل البو شبل والبو رميلة وغيرهم ، وبعد اجتياز هذه القرية تشاهد بساتين من النخيل والرمان .
عند التوجه يمين خط سيرنا ، توجد بساتين من النخيل والرمان ، وبعد قليل تشاهد قصرا اثريا كبيرا مهدم البناء ، اما اركانه فباقية وبارتفاع (15 متر) تقريبا وهو مبني بالكتل الحجرية ويسمى قصر شمعون .
ومن المعتقد ان قصر شمعون شيده شمعون بن جابل اللخمي احد رجال الدين المسيحيين .
ان هذا القصر كبير جدا بالاضافة الى سياجه القائم قسم منه لحد الآن فان هناك القسم الوسط منه مدفون تحت الاتربة .
وهذه بعض اللقطات المنوعة عن محافظة كربلاء
الصور المرفقة