كيف السّبيل إليك؟
سرقت منّي نومي حتّى كدت أكره...وما استطعت إلى ذلك سبيلا. وبذلت جهدي ما أمكنني كي أرضيها وقلت دائما إنّي مقصّر. كانت صورتها الجميلة لا تمسح من خيالي رغم أنّي لا أدري من أين أتيت بهذه الصورة لأنّها لم تلبس يوما لباسا جميلا ولم تتزيّن في حين أنّها جميلة ويليق بها التزيّن وكلّ من عرفها شهد لها بذلك. تودّدت إليها بكلّ ما أملك. وخاصمت من أجلها كثيرا ممّن أعرف وهي تعلم. تقرّبت منها بشتّى الهدايا حتّى صرت بين يديها خادما وهي حقيقة بذلك وأهل لما هو أسمى. رأيت فيها ملاذ أمني ومشاعري لكنّها بعد لم تتزيّن ولم تتهيّأ لترتدي حليّها وتضع مواد التّجميل. حزنها شغلها عنّي .والنّاس من حولنا أربكوا قصّة حبّنا وبعثروا خيوط وصلنا فباتت قريبة بعيدة أو هي أقرب إلى نسياني فقد شوّشوا أفكارها وزعزعوا استقرارها فكرهت...لا لم أكرهها ولن أفعل فحياتي من دونها ضياع وتشرّد وانبتات وأنا بهذا ميّت لا محالة. فعلا سرقت منّي نومي وأيقظت مضجعي وبتّ أراها من خلال صور وأخبار لا تليق بمقامها وهي سليلة الأصل ..سليلة العائلة الكريمة والنّسب المشرّف. أغمضوا عينيها عنّي لكي ترى غيري. ووضعوا على أذنيها صمّامات فلم تعد تسمعني فصوتي نشاز عندهم وارتأوا أن يسمعوها أصواتا جديدة فتتوه فيها وتنسى شعري ولحني. أسمعوها قصائد خارقة لتنسى قصائد حبّي وقد تسخر من رسائلي وقلّة نومي بسببها. أعرف أنّ صورتي عالقة في مكان ما منها ولن تنساها أبدا..أعرف أنّ حروفي مكتوبة بخطوط تفهمها وتتقن قراءتها هي وحدها ولن يدنّسوها مهما حاولوا ولكنّني أخاف عليها من البهرج والضّجيج الدّي حولها لذلك كدت أكره...لا لن أكرهها مهما فعلوا بي وبها . لا لن يمسحوا صورتها الّتي رسمتها لها وصوتها الّذي يجعلني أسامره ليلا و أعيش على وقعه نهارا. هي وعدتني بالمودّة والحبّ قبل مجيئهم حتّى أنّها بصمت بريقها على يدي ورأسي أنّي حبيبها وقطعة منها. هي أقسمت بكلّ ما بيننا أنّنا واحد مهما افترقنا وباعدت بيننا ظروفنا. لكنّني مازلت خائفا عليها وستظلّ صورتها الجميلة في ذهني حتّى نلتقي مجدّدا. سأعيد لملمة قصائدي وألحاني الّتي هي تحفظها عنّي وسألقيها أمامها مباشرة فتستيقظ من غفوتها حتّى تستعيد روحها القديمة وحتّى تنبش في أصلها وفصلها وتستعيد بصرها وكلّ حوّاسها وبذلك أقول ها أنا ذا في وطني ..ها أنا ذا اعتزّ بانتمائي ..ها انا ذا أعرف نفسي ونسبتي.
رشدي الخميري