النتائج 1 إلى 9 من 9
الموضوع:

الاناقة تحت الشمس الجزء 5 والاخير (( 5اجزاء متسلسلة احداث ))

الزوار من محركات البحث: 95 المشاهدات : 750 الردود: 8
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    عضو محظور
    أم بيلسان
    تاريخ التسجيل: December-2019
    الدولة: كربلاء
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 745 المواضيع: 134
    صوتيات: 1 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 780
    آخر نشاط: 14/February/2020
    مقالات المدونة: 2

    Rose الاناقة تحت الشمس الجزء 5 والاخير (( 5اجزاء متسلسلة احداث ))




    الفصل الخامس وألاخير





    لا يمكنها الاستغناء عن مساعدة دييغو , انها حلقة مفرغة .
    خرجت من المغطس ولفّت جسدها بمئزر الحمام . ثم راحت تجفف جسمها وارتدت قميص النوم الاحمر يعشقة الرجال


    ربما توصلت الى اقناع زوجها بان رجلاً يحترم نفسه لا يمكن ان يحقق لنفسه اية متعة ضد ارادتها .
    تمددت فوق الغطاء الحريري المعرّق الذي يلف السرير .
    ماذا تفعل كي تجعل دييغو بعيداً عنها .
    راحت تقارن بين وضعها بوضع شهرزاد التي نجحت في النجاة من الموت المحتم طوال الف ليلة وليلة ..
    لانها راحت تروي لشهريار القصص المشوقة التي لا نهاية لها ....
    ولكن هل ستتمكن بهذه السهولة من ان تحوّل دييغو عن الهدف الذي صمم على تحقيقه ؟

    6-الهمسة الحاسمة
    عندما استيقظت لورا كان الظلام قد ملأ الغرفة. وللحظات لم تتذكر اين هي، ولا لماذا هي هنا. لكنها عندما سمعت صوت الباب استعادت ذاكرتها بسرعة.
    بدأ قلبها ينبض بسرعة جنونية، عندما رأت دييغو، في بذلة المساء البيضاء، يتقدم بخطوات واسعة نحو السرير. نظر اليها بدقة وتهلّل وجهه عندما شاهد قميص نومها نصف المفتوح.
    حاولت لورا اقفال القميص، لكنه ابعد يدها، وجلس قربها و وضع راسه على صدرها. ويصورة غريزية، وضعت يدها على شعره الاسود مستمتعة بهذه المداعبة.
    همس دييغو بصوت مبحوح "انت رائعة الجمال يا حبيبتي".
    وعندما شعرت بجسمه يقترب منها، استعادت وعيها ماذا تفعل بين ذراعي هذا الرجل الذي تسخر منه، والذي استفاد من نعاسها ليفاجئها؟
    الحت بصوت مخنوق:
    " ارجوك ابتعد عني"

    وبحركة مفاجئة توصلت الى ابعاده عنها.

    " لن تسامحنا جوانيتا، اذا لم نتذوق الطعام الذي احضرته خصيصا لنا"

    لم تجرؤ لورا على ان تنظر الى زوجها. فسكتت. اخيرا قال دييغو في لهجة ساخرة

    " اه، سوف تفهم، انني متأكد انها تفهم.

    لكن ربما كنت على حق وسوف ننتظر... ربما هذا افضل..."

    القى نظرة سريعة على ساعة يده الذهبية، ثم قال.

    " اذا اسرعت بارتداء ملابسك، فلن تتأخري عن العشاء. سأختار ما تريدينه"

    ابتعد باتجاه الخزانة وعاد حاملاً فستاناً طويلاً من القطن الابيض المقطع بالرسوم الهندسية. وقال لها وهو يضعه على طرف السرير:

    " لديك تشكيلة جميلة من الملابس الرائعه يا حبيبتي، لكني ساشتري لك الكثير ايضاً، مما يصدر عن دور الازياء الباريسية. وسوف اشتري لك الحلي و..."

    قاطعته لورا بسرعة:

    " الثياب والحلي لا تهمني ان الشئ الوحيد الذي ارغب فيه هو حرّية والدي"

    " انت تعرفين جيداً انني سأفعل كل جهدي لأحصل عليها. هل تشكّين في كلامي؟"

    "ساصدّقك بسهولة اذا وعدت بألاّ تلمسني والاّ تمارس حقوقك كزوج قبل خروج والدي من السجن".

    فقال في تقلّص:

    " لكن هذا يمكن ان يدوم اسابيع، وربما شهوراً! هل تظنين انني من حجر؟ هل تظنين يإمكاني النوم قرب زوجتي كاللوح؟ لا هذا غير وارد... وليس صحيحاً سواء باللنسبة الي او بالنسبة اليك".

    ارتجفت عينا لورا. احست بانها كانت تتجاوب مع مداعبته لها. كيف وصلت الى حدّ ان تكشف عواطفها؟

    قالت بوضوح:

    " لن تكوت صمة مشكلة اذا لم نتقاسم السرير نفسه".

    انتفضت عندما رات دييغو، الغاضب، يمسك بمعصمها ويضغط عليه بقوة ويقول:

    " لا تتعلّقي بالأوهام، يا لورا، قبل نهاية الليل، برضاك او بالقوة، ستصبحين زوجتي. والآن اسرعي. انتظرك في قاعة الاستقبال الصغيرة".
    نظرت اليه بغضب وهو يعبر عتبة الغرفة ويغلق الباب وراءه. من يكون هذا الرجل ليشتهي امرأة ترفضه؟ هل تسلّيه مقاومتها له وتثيره، بدل ان تبرد اعصابه؟
    اذا كان ذلك صحيحاً، فستخيب لورا آماله! وعدت نفسها بأن تتصرف بين ذراعيه مثل عجينة رخوة، من دون انفعال. لن تقاومه ولن تشجعه ايضاً. ربما تأمل بأن تمنعه كبرياؤه في مثل هذه الظروف من ان يرغمها على اطاعته.
    بعد هذا القرار شعرت لورا بارتياح. ارتدت الفستان الذي اختاره لها دييغو و وضعت الزينة والعطور وتوجهت الى غرفة الاستقبال.

    كان دييغو مديراً ظهره يحدق في عتمة الليل. رأى انعكاس لورا من خلال زجاج النافذة، فاستدر مسحوراً امام زوجته الرائعة في فستانها الابيض. ولما رأت نظراته، ندمت لأنها لم ترتد فستاناً عادياً اقترب منها بسرعة، ورفع يدها وراح يقبلها وهمس:

    " صحيح ان الجواهر لن تزيد من جمالك، يا حبيبتي"

    لكنّها افلتت منه بلطف وجلست في كنبة مريحة. وسألته متجاهلة نظرته المهانة.

    " هل يمكنني ان اشرب شيئاً؟"

    سكب لها دييغو عصير البلح المثلج وسكب لنفسه كوب ماء بالليمون ثم قال بلهجة احتفالية يتخللها القليل من السخرية:

    " أرفع كأسي لصحتنا ".

    ولمّا لاحظ ان لورا لم تسمع ما قاله افرغ كاسه وجلس في مقعد آخر، وقال بجفاف

    " لم يسبق ان فرضت على امرأة شيئاً اريده ".

    كانت لورا تدرك انه تعرّف الى عدد كبير من النساء في حياته. هذا طبيعي لرجل مثله، يتحلى بمركز رفيع في المجتمع، اضافة الى جاذبيته ورجولته.

    شربت العصير وسألته بصوت متردّد:

    " الشخص، اقصد الاشخاص الذين ستتصل بهم بخصوص والدي، هل بإمكانهمان يعجلوا في تحديد موعد المحاكمة؟"

    " لم افعل شيئا حتى الآن ".

    " لكنك وعدت ..."

    " لقد وعدت بأن احدثهم عن والدك. ويوم عرسي ليس بالظرف المناسب وانت تعرفين ذلك جيداً. سأفعل خلال اسبوع او اسبوعين ..."

    " اسبوع او اسبوعين، وخلال هذا الوقت، يبقى والدي في السجن. اتجد ذلك طبيعياً؟"

    " يجب الا نبالغ في الامر. ان والدك في ايدي امينة. وهو الآن يتناول عشاءً فاخراً لا ينقصه اي شئ. ولا حتى الرفقه النسائية اذا كان هذا ما يرغبه".

    احمرّت لورا خجلاً وقالت:

    " كيف تجرؤ ان تقول ... هذا ... عن ابي ..."

    " ان والدك رجل مثل بقية الرجال، اليس كذلك؟"

    بعدما طرقت الباب دخلت جوانيتا، مضطربه ومعتذرة عن تأخرها

    فقال دييغو بلطف:

    " هذا غير مهم، يا جوانيتا، لم تنته السينيورا من كأسها بعد ".

    " شكراً، سينيور العشاء حاضر ".

    وبعدما خرجت الخادمة واغلقت الباب وراءها، نهض دييغو وقال:

    " لو سمحت ان تنهي عصيرك يا حبيبتي، كي نذهب الى العشاء. لقد امضت جوانيتا ساعات تعد الطعام. ولا داعي لأن ندعها تنتظرنا اكثر".
    فقالت لورا وهي تفرغ كأسها.
    " ليس في نيتي ازعاج جوانيتا، ابداً"
    قالت لورا لنفسها : "ان دييغو يحترم موظفيه ويحرص على راحتهم، بينما رغباتها هي تبدو آخر اهتماماته. يالسخرية القدر! "
    قال وهو يتأبط ذراعها:
    " لورا. اسمعي جيداً. لا اريد ان تعرف جوانيتا اننا لم نتزوج عن حب. فهي تنتظر هذا اليوم منذ زمن .."
    اجابت لورا بقسوة وهي تفلت من قبضته:
    " تباً لجوانيتا وللجميع في كل حال، ليست جوانيتا من يضطر مقاسمتك سريرك ومائدتك ".
    تقدمت امامه في خطى اكيدة، لكنها توقفت في منتصف الممر، ضائعة امام العدد الهائل من الابواب لا تعرف اي منها تختار. ومن دون كلمة لحق بها دييغو ثم ادخلها الى قاعة الطعام المتصلة بالدار الكبير بباب ذي مصراعين. غرفة الطعام بسيطة، لا تشبه في شئ غرفة الطعام الواسعة بقصره في مكسيكو.
    فكرت لورا وهي تتأمل الطاولة الممدودة في دقة وفن:
    " يالها من ورطة ". ان اي فتاة في العالم تحلم بمثل هذا الديكور ليلة عرسها. برفقة زوج جذاب مثله! لماذا اختار هذا الرجل المتعجرف، الجذاب الذي يستطيع ان يملك كل النساء، اختارها هي بالذات؟
    ظهرت جوانيتا حاملة الوجبة الاولى المؤلفة من اللوبياء المتبلة بالحشائش العطرية والجبن والصالصه الحامضة. انه حساء شعبي اعجبها طعمه، لكنها لم تكن قادرة على احتساء الا القليل منه لأنه حار. الوجبة الثانية كانت مؤلفة لحم الاوز المطبوخ. اكلت بعضاً منها. ولم يكف دييغو من النظر اليها بشكل مبهم. كان يلعب مع طريدته لعبة الهر والفأر ...
    ولمّا مدت يدها لتتذوق العنب الهندي سألها دييغو فجأة:
    " منذ متى عقدت خطبتك على هذا الاميركي؟ "
    فقالت متعجبة:

    " برانت؟ "

    اجاب بخشونة:

    " هل كان الكثير قبله؟ "

    " كلا. هو فقط. انه الرجل الاول الذي تعرفت اليه منذ خروجي من الدير. كنت اسمع دائما اخبار صديقاتي. يتحدثن بفرح عن اصدقائهن الرجال. الذين تعرفن اليهم خلال العطلة الصيفية. اما انا فكنت امضي عطلتي على متن سفينة والدي وهذا كان يكفيني حقاً ".
    " الى ان دخل برانت في حياتك؟ "
    " نعم. انه يملك كل ما ترغب اي امرأة ان تجده في الرجل ".
    وعندما رأت وجه دييغو يتجهم اضافت:
    انه شاب حسن المظهر، ساحر، تحبه الفتيات. وقد حسدتني العديدات عليه "
    انهت كلماتها بصوت مخنوق. وتذكرت بدقة غريبة، السبب الذي دفعها الى قبول الزواج من الاميكري برانت.
    ذات مرة عادا باكراً من عطلة نهاية الاسبوع، امضياها لورا وبرانت في منزل والديه. وبرغم استقبالهما الحميم لها، والحاح برانت بالذات، كانت لورا مترددة في ان تعده بالزواج. صحيح ان المحامي الشاب يتمتع بمزايا عديدة، لكنها كانت تشعر بأنه جدي اكثر من اللازم. نادراً ما كان يعانقها او يداعبها، لم يكن قادرا على ان ينس لحظة، ان لورا تلقت تربيتها على ايدي الراهبات.
    ومع ذلك، وفي ذلك اليوم بالذات، اتخذت قراراً نهائياً بأن تتزوجه، بعدما رأت والدها يعانق فتاة سمراء على سطح السفينة. التي كانت تتوجه نحوها برفقة برانت.
    ومن دون تردد، التفت لورا برفيقها واقترحت عليه ان يعودا من حيث اتيا، او بالاحرى الى مطعم قريب لشرب القهوة.
    لم تكن تريد ان ترى والدها في هذه الحالة. وفهمت حينئذ انه لم يعد لها مكان في حياة والدها.
    صحيح ان برانت فوجئ بقرارها، لكنه لم يظهر استغرابه. فهو بتمتع باعصاب هادئة الى درجة الغيظ.
    قال دييغو بصراحة قاسية:
    " لاشك ان احدى الفتيات التي كانت تغار منك، ستكون مسرورة جدا لأن تستعيد حبيبك القديم ".
    اخفضت لورا عينيها. حزن قلبها امام فكرة ان برانت يغازل امرأة اخرى. نهضت وقالت متثائبه في الوقت الذي دخلت فيه جوانيتا حاملة صينية القهوة.
    " اني مرهقة واريد ...ان اذهب الى غرفتي ".
    نهض دييغو في الحالو وضع ذراعه حول كتف لورا وقال للخادمة:
    " ان السينيورا متعبة بعد هذا النهار الطويل. لن نتناول القهوة ".
    ابتسمت جوانيتا وقالت:
    " نعم سينيور. ليلة سعيدة ".
    ولمّا وصلت الى غرفتها، حاولت لورا اغلاق الباب على دييغو، لكنها لم تنجح.
    توجهت الى منضدة الزينة وخلعت حلقها الماسية و وضعتها في علبة الجواهر. ثم قالت بجفاف:
    " في منزل شاسع كهذا، لاشك ان غرف النوم عديدة ".
    فقال بهدوء:
    " نعم. لكنّني قرّرت ان أتقاسم هذه الغرفة مع زوجتي ".
    صرخت لورا:
    " انا لست زوجتك".
    قال وهو يرفع يدها اليسرى ويتأمل محبسها الذي وضعه في اصبعها في الصباح:
    " لكن، يا حبيبتي، هذا هو الدليل ..."
    فقالت وهي تسحب يدها:
    " كل هذا مسرحية محزنة وانت تعرف ذلك جيداً. كيف استطيع التعبير عن محبتي لرجل لا اعرفه؟ فكيف اذا كنت لا احبه! "
    لمع وجه دييغو وقال بصوت مداعب:
    " غالبا ما يأتي الحب بعد الزواج يا حبيبتي.. ان الزوج الحنون والمهتم يعرف كيف يجلب الحب الى قلب زوجته..."
    فقالت وهي تدير ظهرها:
    " صحيح انني ترعرعت في دير. لكنني نشأت في بلد حرّ حيث النساء عرفن منذ زمن طويل كيف يتخلين عن سيطرة الجنس القوي ".
    " اذاً فأنت تفضلين ذلك الاميركي الفاتر الذي نشلتك من بين يديه. حبيبتي. سوف نرى...سأتركك عشر دقائق فقط لأغيّر ملابسي ".
    ظلّت لورا محدقة للحظة طويلة في الباب حيث خرج دييغو. لا شك انه ذهب الى غرفة اخرى ليغير ثيابه. سوف تقفل الباب. ومن المؤكد انه لن يحاول خلع الباب خوفاً من ازعاج جوانيتا..
    ولكن لا مفتاح بالباب، لا في الخارج ولا في الداخل! كاجت ان تجهش بالبكاء. وفجأة، اتخذت قرارها النهائي. فخلعت فستانها وارتدت قميص نوم حريرية، وكانت متأكدة من شئ واحد: قد يمتلكها دييغو هذه الليلة لكنها لكنها ستفعل المستحيل كي لا تدعه يشعر بأي اكتفاء لكبريائه وعزّة نفسه.

    لم تكن لورا تدرك الوقت الذي مر، فأغلقت باب الحمام وراءها وراحت تغسل اسنانها وتزيل الزينة عن وجهها. ثم سرحت شعرها.

    عيناها الخضراوان تعكسان نوعاً من الالهام والوله. حلمت مثل اي فتاة شابه بليلة عرسها، لكن بصورة غير واضحة. كانت دائماً تتصور زوجاً جذاباً، حالماً و رومنطيقياً، يعرف ما تطلبه المرأة في مثل هذه المناسبة.

    فجأة انفتح الباب واطلّ دييغو مرتدياً مئزراً من الحرير. آه كم هو بعيد من رجل احلامها الناعم! قالت بصوت متقطع لتربح بعض الوقت:

    " لست...لست جاهزة ".

    ومن دون ان يتحرك ظل يتأملها من رأسها الى اصابع قدميها. فالتفتت لورا بعصبية نحو المغسلة لترتب بعض الاغراض. فأمرها باختصار:

    " اتركي هذا كله وتعالي "

    وبحركة من اصابعها المرتجفة اوقعت لورا معجون الاسنان. ثم وكأن صوت دييغو سحرها، اقتربت ببطء وكانها مخدرة، فضهما الى صدره بشدة. ثم حملها بين ذراعيه كالريشة وتوجه بها الى الغرفة وهو يهمس بكلمات ناعمة وساحرة.

    وضعها على السرير بلطف، وجلس قربها. كانت لورا جامدة كالثلج وهو غارق في مداعبتها... لكنها لم تستطع الاستمرار في الصمود

    قرارها ان تظل باردة كالحجر بين ذراعي زوجها لم ينفذ، لأنها كانت تشعر بأحاسيس مثيرة من جراء ملامساته البارعة.

    همس دييغو بحرارة وبالاسبانية:

    " حبيبتي، اني احبك "

    وغريزيا كانت لورا تداعب كتفيه قبل ان تغرز اصابعها في شعره الاسود. كانت تهمهم باللغة الانكليزيه بكلمات متقطعة ثم قالت من دون وعي

    " آه برانت،حبيبي! "

    عم صمت لبضع ثوان. ثم سحب دييغو شعرها بعنف وهمس بصوت اجش:

    " ماذا قلت؟ "

    انتفضت لورا في ارتعاشة غير ارادية واستعادت برودة اعصابها. انها تحمل الحل لجميع مشاكلها. كيف لم تفكر في ذلك من قبل ؟
    فقالت في برائة متصنعة:
    " هل قلت شيئاً ما؟ "

    فقال وهو يرمقها بنظرة غاضبة:

    " لقد همست باسم برانت "

    فقالت وهي تقطب حاجبيها:

    " آه، ليس ذلك غريبا في مثل هذه الحالة...برانت وانا كنا..."

    وتوقفت تاركة دييغو ينهي الجملة. كانت تشعر بأن جسمه يرتجف غضباً. فسألها بهدوء يشوبه تهديد واضح:

    " هل كان عشيقك؟ "

    تطلعت اليه بنظره خاليه من اي تعبير وقالت ضاحكة:

    " وماذا كنت تتصوّر؟ في الولايات المتحدة الاميركية يتمتع المخطوبين بحرية اقوى من هذه البلاد! هل كنت تتصور ان برانت وانا يمكننا التوصل الى الاتفاق على الزواج من دون ان نعرف مسبقاً اننا منسجمان على جميع الاصعدة؟ "

    رفع دييغو مرفقيه وسمّرها على السرير ونظر اليها بغضب وقال وهو يشد بشعرها"

    " لا اريد ان امارس حقوقي مع امرأة سبق وعرفت رجلاً آخر. لماذا تزوجت مني؟ لماذا؟

    فقالت وهي ترفع كتفيها:

    " لأنك لم تترك لي اي خيار ان والدي ..."

    قفز دييغو من السرير وهو يطلق سيلاً من الشتائم باللغة الاسبانية. و وضع مئزره والتفت الى لورا ورمقها بنظرات حقيرة.

    " والدك... دائما والدك ... هل تتصورين انني بعد كل هذا العار، سارفع اصبعا واحدا لأساعده على الخروج من هذه الورطة التي وضع نفسه فيها؟ يمكنه ان يمضي حياته كلها في السجن! "

    بعد هذه الملاحظة، خرج من الغرفة، تاركاً لورا في حالة انهيار. نجحت في انقاذ نفسها ولكن ماذا كان الثمن؟

    – مشاعر متناقضة .....

    "لورا ".
    غصباً عنها فتحت لورا عينيها الناعستين وتسائلت في خوف أين هي .
    ثم تعرفت الى الوجه القاسي , ذي الملامح النبيلة المتعجرفة
    الذي كان يترائى لها في نومها الملئ بالكوابيس .
    وبحركة من يده , أشار دييغو الى الصينية الموضوعه على الطاولة ثم قال :
    " جئتكِ بطعام الفطور . كان يجب ان افعل هذا والا استغربت جوانيتا الامر و ........".
    تقوقعت لورا وسالته :
    " ماذا ..... ماذا قلت لها ؟".
    اجاب وهو يتجه نحو النوافذ , ويفتح الستائر تاركاً النور يدخل بقوة الى الغرفة :
    " هل اعتقدتِ بانني ساقول لها الحقيقة ؟
    أي اني امضيت الليل بعيداً عن زوجتي التي وهبت نفسها لرجلٍ آخر ؟".
    تكلم من دون غضب وبصوتٍ حزين , شعرت لورا بالدمع يصعد الى عينيها متأثرة بكبريائه .
    كانت تريد ان تتراجع عما قالته بالامس وان تقسم له ان برانت احترمها دائماً , وانه هو , دييغو بالذات هو الذي عرف كيف يحرك المشاعر التي كانت تجهلها حتى الان هذه الليلة , ليلة الحب المتقطع وضعتها على شفير الانهيار وكانت سبباً في ارقها .
    ومن دون كلمة , جلست في سريرها والقت نظرة خاطفة الى الصينية المليئة بالمآكل الشهية .
    في سلة كان الخبز الصغير الطازج والساخن والزبدة الشهية بشكل اصفاد موضوعة في صحن من الكريستال الثمين , وقرب ابريق القهوة المصنوع من الفضة وضعت وردة حمراء في مزهرية صغيرة .
    فهمست لورا بصوتٍ خافت :
    " شكراً لهذا الفطور .. الوردة .... رائعة ".
    قال دييغو وهو يقترب من السرير :
    "ليس انا من اعدّ الصينية . عليكِ ان تشكري جوانيتا ".
    " آه"
    لماذ خاب املها الى هذه الدرجة . لا تعرف ؟
    وفي حركة خالية من اي حنان , اخرج دييغو من جيبه علبة صغيرة ورماها على السرير واضاف بسخرية :
    " من عاداتنا ان نقدّم هدية الى العروس , شاكرين لها محبتها ورقتها خلال ليلة العرس , من الافضل ان تاخذيها ".
    اخذت لورا العلبة بيديها المرتجفتين وفتحتها بعناية , وجدت لورا داخل العلبة المبطنة بقماش الساتان الابيض زوجان من الحلق , مصنوعان من الزمرد المحاط بحبات الماس , التي تشبه خاتم خطبتها .
    " ارجو ان تضعيها هذه الليلة خلال العشاء ".
    تلعثمت وهي تنظر الى وجه دييغو الحزين :
    " انها رائعة جدا . لكن يجب ان تحتفظ بها لزوجتك ".
    " انتِ زوجتي , وكما سبق وقلت لكِ , لن اتزوج الا مرة واحدة في حياتي ".
    سالته بعد زفرة عميقة :
    " حتى بعد كل ما حدث الليلة الماضيه ؟".
    ثم اضافت بعدما اطلقت ضحكة خالية من الشعور باي فرح :
    " لكنك لستَ ناسكاً ".
    " لم اعتد العيش كناسك , وبانتظار ان انسى خيبة املي بعد خداعك لي ,
    فلن تنقصني النساء عندما ارى انني بحاجه الى واحدة ".
    قالت وكانها تلقت صفعة :
    " والنساء الاخيرات , السن جديرات بالاحتقار ؟".
    فاجابها بصوتٍ هادئ وهو يتجه نحو الباب :
    " لا تخلطي الاشياء , لم يسبق ان فكرت ان تكون زوجتي واحدة منهن .
    احتسي القهوة ثم تعالي لنسبح في البركة قبل الغداء وسنذهب لزيارة والدكِ في فترة بعد الظهر ".
    شعرت لورا بجفاف في حلقها , فسكبت عدة فناجين قهوة شربتها بنهم .
    لم يكن وضعها افضل من يوم امس , سيبدا لعبة الهر والفار .
    ومتى سئم من النساء سيفرض عليها ان تقوم بواجباتها الزوجية ,
    وسيعرف حينذاك انها كذبت عليه فيما يتعلق ببرانت .....
    لكن في الوقت الحاضر يبدو انه عاد عن قراره في اهمال والدها وتركه الى القدر ,
    وهذا في حد ذاته انتصار .
    عندما خرجت لورا من غرفتها , كانت الساعه العاشرة
    وفي الممر التقت جوانيتا التي احمر وجهها ,
    لاشك في ان الخادمة اعتبرت ذلك ناتجاً عن قضائها ليلة رائعةً بين ذراعي زوجها .
    فقالت الخادمة وهي تتامل لورا من شعرها المرفوع الى الوراء الى قدميها النحيفتين مروراً بفستانها المزهر :
    " صباح الخير سينيورا راميريز ".
    " صباح الخير يا جوانيتا ".
    بدت الخادمة مسرورة من ان الفتاة الامريكية تجيد اللغة الاسبانية , فقالت جواباً على احد اسالتها .
    " ان السينيور في البركة , يمكنني ان اجلب لكِ بعض الشراب , اذا كنتِ تريدين ذلك ".
    " شكراً , افضّل بعض القهوة اذا كان هذا ممكناً ".
    " سأعد القهوة في الحال ".
    قطعت لورا بهواً في وسطه سبيل ماء واسع ,
    حوله النباتات المتسلقه على اعمدةٍ حديدية ,
    فجأة شاهدت بركة السباحة المستطيلة ذات اللون الازرق الفيروزي تلمع تحت سماءٍ شديدة الزرقة .
    وتأملت بامعان شديد شبح دييغو على حافة البركة وبالرغم منها بدأ قلبها ينبض بسرعة وهي تتأمل جسمه الجميل الملئ بالرجولة وكتفيه العريضتين وقدميه المعضلتين .
    كان واقفاً يستعد لقفزة . ومن دون أن يراها رفع ذراعيه الى الشمس ,
    ثم قفز تحت الماء ولم يظهر الا بعد ان وصل الى الطرف الآخر من البركة .
    وخلال عملية الغطس , جلست لورا على سرير بحر مبطن وراحت تدهن قدميها بزيت واقً للشمس .
    وفجأة شعرت بدييغو يقترب منها ويتوقف قربها وهو يلاحظ ما تفعله ومن دون ان ترفع عينيها طلت تدلك قدميها لتدخل الزيت الى بشرتها .
    اخيرا قال بصوتٍ جاف :
    "اتصور ان شمسنا المكسيكية الحارة ستتردد في التسرب الى بشرتكِ بعد هذا التدليك ".
    كانت تفكر فيما اذا كانت هذه الكلمات تعني شيئاً آخر ,
    واذا بدييغو يتناول الانبوب من يديها ويشير الى كتفيها :
    "هل تسمحين لي بأن ادلك كتفيكِ ..."
    " بوسعي ان افعل ذلك بنفسي ".
    لم يأبه دييغو لرفضها بل وضع في يده قليلاً من الزيت وراح يدلك كتفيها بلطفٍ وشعرت بانه يملك اصابع ذهبية , فهذا التدليك الخفيف ساعدها على الاسترخاء بعد انفعالات الساعات الماضية وليلتها البيضاء , فاسترخت واغمضت عينيها الى ان شعرت بيد دييغو تقترب من صدرها , وانفاسه تلامس اذنها , فشعرت بقشعريرة تعبر جسمها , فانتفضت واقفة .
    " آه . عفواً يا سينيورا , احضرت القهوة كما طلبتِ ...."
    ولدى سماعها صوت جوانيتا التفتت لورا بسرعه واحمرت خجلاً .
    لا شك في ان الخادمة شاهدت دييغو يلامسها ولربما اعتقدت انه يهمس في اذنيها بكلمات الحب المعسولة .
    وعلى وجهها تعبير يقول بان ما تراه او تسمععه شئ طبيعي جداً .
    قالت لورا عندما اختفت جوانيتا عن الانظار :
    " كيف تجرؤ على هذا , لا شك انها فكرت...."
    هز كتفيه وجلس على طرف سرير البحر وسكب لها القهوة وقال :
    " في كل حال انتبهت بسرعة الى عينيك المتاججتين , لا شك في انها وزوجها سعيدان ومبتهجان لليلة عرسها ...."
    ثم قدّم لها القهوة في فنجان مصنوع من الخزف الصيني , فقالت بصوت ساخر :
    "اني اعجب لاهتمامك براي الموظفين والخدم ".
    " لا يمكنكِ ان تفهمي ... عندما كنت صغيراً , كنت آتي الى هنا خلال العطلة المدرسية ,
    وكان كارلوس وجوانيتا بمثابة والدىّ .
    وهما الآن سعيدان جداً لرؤيتي متزوجاً .. ويحلمان برؤية ابنائي يقفزون على احضانهما ,
    ولذلك , فلا اريد ان اخيب المالهما ".
    اتكأت لورا بعنفٍ على ارائك السرير فاندلقت القهوة على الصحن ,
    فاذا بدييغو ياخذ الفنجان من يدها و ينظفه ثم يعيده اليها قائلاً :
    " كوني حذرة يا حبيبتي ".
    قالت في تحدٍ :
    " من الذي يمنعني من ان اقول لهما ان زواجنا ليس سوى مسرحية ..!!".
    " أولاً , لن يصدقالكِ , ثم , رغبة مني بأن اكذّب اقوالك , فلن أتأخر عن المطالبة بحقوقي الزوجية والحصول عليها ".
    " صحيح ..؟؟ وما رأي والدتك بالامر , لو كانت لا تزال حية ".
    لكنها كانت قد وعدت نفسها بالا تدعه يعرف بان تلميحات كونسويلو فيما يتعلق بتشابهها مع والدته قد جرحت شعورها , فسالها بصوت مبحوح :
    "من حدثكِ عن أمي ؟".
    " لقد شاهدت صورتها في مكسيكو ... ان شبهها بي قوي جداً ".
    فقال وهو يتاملها من راسها حتى قدميها :
    " ليس هذا رأيي , الشبه هو مجرد شبه سطحي , في الواقع , ليس بينكما اي شئ متشابه ".
    صمت لحظة ثم نهض قائلاً :
    " سوف اسبح قليلاً قبل موعد الغداء , هل تاتين معي ؟".
    هزّت لورا راسها بالنفي , فقفز دييغو في البركة وطرطشها بالماء الذي انعش بشرتها الملتهبة ,
    لمااذ لم تتبعه الى البركة برغم حرارة الطقس ؟
    احتلها شعور بالخدر والخمول , لكنها لم تكن توقف عن التفكير بصورة مستمرة .
    في كل حال , ربما كان من الافضل الا تلحق به في الماء ,
    ربما حدث احتكاك بينهما وهي تعرف انها عاجزة عن مقاومة رغبتها بالاستسلام له كلما اقترب منها ولمس جسمها .
    متى اصبح والدها خارج السجن , سوف تفسخ هذا الزواج الذي فرضه عليها دييغو ,
    وتغاذر البلاد ومن السهل ان تحصل في بلادها على فسخ للزواج بطريقة اسهل مما يجري في مكسيكو .
    اوقف دييغو سيارته المرسيدس قرب مركز الشرطة , ثم حدّج لورا بنظرة تهكمية وقال :
    "تشبهين كثيراً امرأة عانساً مهانة يا حبيبتي , اكثر من عروس متالقة بعدما امضت الليل بين ذراعي زوجها , يجب معالجة هذا الامر ".
    فالتفتت لورا نحوه وانفجرت غاضبة وقالت :
    " هل تعتقد ان والدي سيصدق كل هذا الرياء والكذب ؟
    والدي ووالدتي احبا بعضهما البعض منذ اللحظة التي التقيا فيها .
    ويعرف والدي تماماً كيف يظهر الحب والغرام في عيون العروسين وخاصةً بعد ..... بعد ..... اوه ... "
    اكمل دييغو ببرود :
    "بعد ليلة عرسهما . اسمحي لي بان اقول لكِ يا عزيزتي ان والدتك لم تكن بكل تاكيد قد نامت مع رجل اخر قبل ان تتزوج والدكِ ".
    استغرابها المصدوم مات على شفتيها , لان دييغو جذبها نحوه وخلع نظارتيها ,
    ثم رفع ذقنها بنعومة وحدّق في عينيها الخضراوين الناقمتين , ثم من غير مبالاة بنظرات الشرطة التي تستعد للدخول الى المركز , احنى راسه على وجه لورا التي راح قللبها ينبض بسرعة جنونية , ارادت ان ترفع يدها لتبعده عنها , لكنها لاحظت انه انتزع من شعرها الدبابيس وانسدل شعرها الاشقر على كتفيها .
    تقلصت حتى لا تنساق مع هذه الاحاسيس المتيقظة من جراء هذا الاقتحام المنتظر .
    عناق دييغو واصابعه التي تلامس شعرها وعنقها , كلها تساهم في فقدانها لوعيها ,
    وادركت ان برانت لم يكن قادرا على ان يشفي غليلها ويطفئ الظمأ الذي تشعر به
    همست في اذنه بصوت مذهول :
    " .. دييغو .... "
    ولمّا دفعها عنه فجاة , شعرت بصدمة كبيرة ,
    وخلال لحظة , راح يتاملها مثل فنان معجب بلوحته ,
    ثم قال لها بصوتٍ مبحوح :
    " والآن لا شك في انكِ تبدين متعةً للنظر , سوف يتأكد والدك من اننا عاشقان متيمان ,
    ولما رآها تبحث في حقيبتها عن مشط وحمرة الشفاة قال :
    " لا . لا تفغلي شيئاً , وإلا اضطررت الى ان اعيد الكرّة ".
    تناولت لورا نظارتيها لكن دييغو اعترضهاقائلاً :
    " اتركي النظارات هنا, ان نظراتك ... كاشفة ".
    وبرغم غضبها لم تكن لورا مستاءةً من وجود دييغو معها ,,
    الشرطي البدين الذي راته خلال زيارتها الاولى نهض لاستقبالهما في ابتسامةٍ مجاملة ,
    لكن الشرطيين الآخرين راحا يحدقان بها بطريقةٍ وقحة,
    مما جعلها تلتصق بدييغو الذي وضع ذراعيه حول خصرها ,
    ولم يتركها إلا عندما وصلا إلى زنزانة والدها , ولما فتح السجّان الباب أسرعت لورا الى داخل الغرفة , تبحث عن والدها الذي كان ممدداً على السرير وراسه في اتجاه الحائط وقد حلّ مكان السرير الصغير سرير واسع عليه الشراشف الملونة .
    " أبي ... هذا أنا ".
    استدار دان وفتح عينيه كانه يستيقظ من نوم عميق ....
    " لورا ؟ هذه انتِ حقاً ؟".
    انتصب بصعوبة وجلس على حافة السرير ,
    ثم نهض وعانق ابنته وشدها الى صدره ثم قال بصوت ثقيل :
    " كنت احلم , عفواً يا ابنتي , لم انتظر ان اراك بهذه السرعة بعد الزواج , والا لرتبت غرفتي ,
    إقبل مني احرّ التهاني يا دييغو .."
    ثم ابتعد عن ابنته قليلاً ليتأملها عن قرب .
    واستغربت لورا ان ترى بشرته داكنة . فقال دان بابتسامة طبيعية :
    " ارى ان الزواج يليق بكِ يا صغيرتي , لم يسبق لي ان رايتكِ مشعةً كاليوم واني سعيد جدا لذلك ".
    قالت بصوت خافت :
    " كنت اود لو حضرت حفلة العرس , يا ابي , لم يكن هناك احد من عائلتي .."
    ضغط دان على يدها وقال بانفعال بعد صمت طويل :
    " كان هناك زوجكِ , انه يساوي كل اهلك و اصدقائك ".
    كتمت لورا احاسيسها والتفتت عفويا الى دييغو وفوجئت أن رأت في عينية الحنان والمحبة ,
    فقالت بصوت منخفض :
    " نعم .... كان هناك دييغو ".
    قال دان :
    " لنجلس ونتحدث قليلا , لا اريد ان احتجزكما كثيرا ,
    لا شك انكما ترغبان ان تكونا وحيدين . كما اننا لسنا في فندق من الدرجة الاولى .
    لكن منذ زيارة لورا الاخيرة , اصبحت غرفته مريحة جدا , وضعت المقاعد الجلدية حول الطاولة وخزانة مليئة بالملابس , وعلى الطاولة اباريق القهوة والشاي وبراد يحوي على المشروبات المنعشة .
    " دييغو اريد ان اشكرك لكل ما فعلته لتجعل هذا المكان مريحاً , كما احب ان اشرب شيئاً على شرفكما .
    ماذا تريدين ان تشربي يا لورا ؟"
    كانت على وشك الرفض , لكن نظرات دييغو جعلتها تغيّر رأيها ,
    فقالت :
    "اريد قليلاً من الشاي ".
    وقام دييغو يسكب الشاي للجميع . واذا بدان يرفع كأسه ويقول وهو ينظر الى ابنته بانفعال كبير :
    "ليكن زواجكما سعيداً كما كان زواجي ".
    احمرت لورا خجلاً وجرعت الشاي وكادت تختنق ثم قالت :
    " اعرف جيداً يا ابي ان زواجك كان فريدا من نوعه ".
    لم يكن بامكانها التصور انه سياتي يوم ويشرب والدها على شرفها في زنزانة مكسيكية , كان عرسها من رجل حقير ؟
    هي التي كانت تحلم ان يرافقها والدها الى العرس ويسلمها الى برانت ,
    امر غريب للغاية ....
    فجاة , عادت الى وعيها وتبين لها ان والدها و زوجها يتحدثان كانهما صديقان قديمان .
    آه لو انها قادرة على ان تفتح قلبها لدان , او ان تبقى معه لوحدها بضعة دقائق , خلال الفرص المدرسية التي كانت تمضيها برفقة والدها على متن سفينته بربارة , كان دان دائما يصغي اليها بانتباه لكل مشاكل واحزان الطفولة والمراهقة .
    اما اليوم والوضع معها متازم , فان والدها هو اخر من يمكنها ان تشكو اليه او تفتح له قلبها .
    نهض دييغو كانه احس بمدى توترها , ووضع فنجانه على الطاولة وقال في محبة :
    " يجب ان نذهب الآن يا حبيبتي ".
    ثم اضاف وهو يلتفت نحو عمه :
    " تأمل خادمتي ان يكون العشاء الليلة انجح مما كان عليه عشاء الأمس ...."
    ابتسم دان ترانت بينما ابتعد دييغو نحو الباب تاركاً الابنه والاب يودعان بعضهما البعض على حدة ..
    همس دان في صوت مبحوح :
    " لقد عثرتِ على زوج محبٍ يا حبيبتي .. اعتني به جيداً , هذا ما فعلته امكِ ولم تندم ابداً على هذا ".
    ارادت لورا ان تصرخ له انها نادمة على زواجها من هذا الرجل الذي لا تحب ولا يمكنها ان تحبه ابداً ".
    " انت تحب دييغو كثيراً .. اليس كذلك يا ابي ؟".
    اجابها دان وهو يتفحصها بنظراته :
    " نعم , سيكون صالحاً لكِ يا صغيرتي . لقد عرفت ذلك منذ المرة الاولى , عندما رايته ينظر اليكِ في الميرادور
    , كما انني فخور جدا بابنتي , واعتقد ان دييغو محظوظ ايضا و مسرور لانه تعرف اليكِ , لقد قلت له ذلك . وكا من رأيي ".
    سالته لورا من دون ان تخفي مرارتها :
    " والآن ؟".
    قال دان وقد فاجأته لهجتها الحزينة :
    " كأن شيئاً ما يزعجكِ يا ابنتي , الستِ سعيدة ؟
    احيانا يشعر المرء بالانصدام بعد ليلة العرس الاولى , لكن الامور تتبدل بسرعة , سوف ترين ذلك ".
    ادركت لورا انها تشكو بطريقة غير مباشرة , فقامت بجهد وابتسمت وقالت :
    " بلى انا سعيدة , لا يمكنني ان اتصور العيش من دون دييغو ".
    فرح لجوابها . غصّت لور وخرجت لتوها من الزنزانة . طوّقها دييغو بذراعيه ورافقها في الممشى ولم تتمكن من اخفاء دموعها .
    ولما وصلا الى السارة سألها دييغو :
    " هل هناك ما يزعجكِ ؟".
    " طبعاً . لماذا الاستغراب ؟ اني متزوجة من رجل ترعبني مجرد رؤيته ووالدي مسجون في هذا المكان المرعب ".
    قامت بحركة غاضبة باتجاه السجن الواقع على الجهة الثانية من الطريق .
    وبالصدفة وقع نطرها على وجه دييغو , فانتبهت الى تغيّر ملامحه بهذه السرعة الرهيبة . فقدت عيناه لمعانهما وحرارتهما العادية .
    وتقلص وجهه ومن دون كلمة اقلع بسيارته .
    وخلال الطريق عمّ الصمت , مرة او مرتين القت لورا بنظرة خاطفة باتجاهه
    اوقف السيارة امام المنزل واخذ لورا بذراعها وجذبها بقوة نحو الشقة من دون ان يلاحظ نظرة جوانيتا المتفاجأة وكانت لورا تنتظر في ان تراه ينتقم منها بطريقة .. طبيعية .
    لكنها ظلّت جامدةً مستعدة لكل شئ ما عدا رؤية ملامح وجهه الجامده ..
    فهمست بعدما دفعها بقوة الى داخل الغرفة :
    " دييغو "
    ثم رددت بصوت مرتجف وهي ترفع عينيها نحوه :
    " دييغو .. دييغو ". " اجلسي "
    تقدّمت خطوة منه وفي نظراتها توسل .....
    " اجلسي . اني آمركِ ان تجلسي , اسمعيني جيداً ".
    جلست لورا في مقعد وهي تحدق فيه ..
    توجه دييغو الى النافذة وادار لها ظهره وبعد صمت طويل قال بدون ان يلتفت اليها :
    " لقد أخطأت ,,, أخطأت عندما تزوجتكِ بعدما انتزعتكِ من خطيبكِ ,, وأخطأت في الاستفادة من وضع والدكِ لأرغمكِ على الزواج الكريه بنظركِ .
    كنت اعتقد بأني قادر على التوصل الى ان اجعلكِ تحبينني .. لكن ... "
    التفت نحوها وهو يهز كتفيه . فهمست لورا في صوت متقطع
    " الحب .... لا يمكن فرضه ".
    أضاف وهو ينظر الى النافذة :
    " أعرف هذا الآن .. ولذلك , لن أفرض عليكِ شيئاً .. من الافضل ان نظلّ متزوجين لمدة من الوقت .
    هذا يسهّل علىّ القيام بالمساعي الضرورية لاخراج والدكِ من السجن ومتى اصبح حراً أعيد لكِ حريتكِ ".
    " اتريد ان تقول .........."
    " سوف نطلب فسخ الزواج "
    " لكن ... دييغو ...."
    هذا ما كنتِ تريدينه منذ البداية .. اليس كذلك ؟
    ان تخرجي والكِ من السجن والالتحاق بالرجل الذي تحبين ؟"".
    حزن قلب لورا وتلعثمت وهي تقول بصوت خافن :
    " نعم "
    بينما ادار دييغو ظهره وخرج من الغرفة ...
    همس جار لورا بلهجة متملقة :
    " ان زوجك محظوظ جداً لانه عرف كيف يقطف أجمل زهرةٍ ليزين طاولته يا سينيورا ".
    ألقت لورا نظرة سريعة الى الطرف الآخر للطاولة المستطيلة ..
    كان دييغو يصغي بانتباه الى حديث جابرته الجذابه .
    كان يبدو مسحوراً بجمال هذه المرأة السمراء ..
    التي كانت ترتدي فستاناً أبيض ضيّقاً يظهر تفاصيل جسمها الجميل .
    أجابت بابتسامة مشدودة :
    " لا اعتقد بأنّ زوجي كان يجد صعوبة في تزيين طاولته بالزهور يا سينيور ".
    أضاف جارها الذي كان يتبع اتجاه نظراتها :
    " لا تقلقي عليه فيما يتعلق بفرانسيسكا , انه حب قديم , حب الطفولة ,
    لقد تزوجت من رجل فرنسي , وسمعت انها كانت سعيدة جداً معه .
    لكن للأسف , توفي انطوان منذ بضعة شهور ,
    كانا يعيشان في فرنسا , لكن فرانسيسكا فضّلت أن تعود الى وطنها ,
    فبامكان عائلتها و اصدقائها ان يساعدوها في التغلب على احزانها .
    شاهدت لورا يد دييغو في يد الارملة الجميلة ,
    حيث ابقاها مدة طويلة ,
    حاولت جاهدة ان تتحرك وتتذوق ثمر الفريز الذي ينمو في جنوب المكسيك ,
    لكن قابليتها ضاعت ....
    وضعت شوكتها في الصحن واشارت سراً الى الخادمة ,
    وبعد لحظة , قدًمت القهوة الى المدعويين ,
    نظرت لورا بسرعه نحو زوجها , انه ما يزال يتحدث الى جارته .
    هذا هو العشاء الثالث الكبير الذي يقام في فيلا جاسينتا منذ عودتهما الى اكابولكو ,
    وتعوّدت لورا بسرعة أن ترأس الطاولة التي يشترك فيها عدد
    من الشخصيات الكبيرة المعروفة جداً في لمكسيك ,
    فقد قال لها دييغو إنّ هذا النوع من الاحتفالات يساعد في الجهود
    المبذولة لإخراج والدها من السجن وفي الإسراع باجراء المحاكمة .
    قال لها ذات يوم عندما كانا يتناولان طعام الفطور قبل ان يتوجه لى مكتبه .
    " في بلادي من الصعب استعجال الأمور , علينا ان نستقبل الشخصيات مرّات عديدة قبل ان تطلب منها الاهتمام بقضيتنا ".
    فقالت له بلهجة غاضبة :
    " أنت لا تفعل شيئاً , ووالدي .....".
    أجابها دييغو غاضباً وهو يرفس الكرسي :
    " بالنسبة الى الظروف الراهنة , فإ والدك ليس في وضعٍ سئ , بل بالعكس ..."
    قالت لورا بإلحاح :
    " ينقصه الهواء ولون بشرته أصبح رمادياً ".
    قال في سخرية :
    " آسف لأني لم أستطع إقناع المسؤولين بأن يأخذوه كل يوم الى شاطئ البحر لتلّوح الشمس بشرته ".
    وخرج من الغرفة قبل ان يتسنى لها الاعتذار ,
    فهي تعرف جيداً أن والدها سيكون في وضع يرثى له لولا مساعدة دييغو ,
    لكنها لم تستطع ان تمنع نفسها من إثارة زوجها , ربما لانها تشعر بالاهانة عندما تراه يتأقلم مع وضعهما المعقد في رباطة جأشٍ وهدوء .
    ومنذ الليلة التي وعدها فيها بأن يعيد إليها حريتها ,
    كان يعتبرها كأنها تمثال من الرخام يزين المكان .
    وخلال شهر العسل الذي لا ينتهي لم يعد دييغو ينظر اليها كأنها امرأة جذابة ومثيرة ,
    بينما هي تفقد صوابها وتضطرب تأثراً ,
    فإن دييغو يحافظ على هدوئه الغريب , ولاشك في أنّ ذلك غريب لأنه يتمتع بطبع ناري ,
    ان ذكرى ليلة عرسهما حين كانا على وشك إتمام الزواج ما زالت تلازم لياليها الأرقِة .
    قالت لورا لجار دييغو بعدما انتبهت انه يكلمها :
    " آه عفواً انني ... انني تائهة ... كأنني كنت في القمر ".
    فهمس قائلاً
    " اعتقد بان دييغو يحاول ان يشير إليكِ منذ لحظة , لاشك في انه يرغب في ان ينهض عن الطاولة ..".
    " نعم , بكل تأكيد ".
    احمّرت بينما كانت نظراتها تلتقي بنظرات رب المنزل المتزنة ,
    ولثانية ظلّت جامدة وكأنها مشلولة ,
    وبجهد نهضت ولحقت بالضيوف الى الصالون .
    اتكأت لورا الى حائط الموقدة و راحت تتأمل في ابتسام المدعويين المتجمعين في حلقات في مختلف زوايا القاعة الكبيرة .
    بين المدعويين كان وزير العدل واثنان من معاونيه .
    في هذه الليلة بالذات سيحقق دييغو اولى الخطوات من اجل الاسراع في اجراء محاكمة والدها .
    هل سيبدا بالحديث معهم الآن ..
    في غرفة الطعام الفارغة , ام انه سيصطحبهم الى مكتبه المريح الواقع في الطرف الآخر من البهو ؟
    فجأة تقدّم منها بعض المدعويين يرغبون في أن يشكروها على هذا العشاء الذي أعدته .
    قالت لور وهي تبتسم لإحدى المدعوات :
    " يجب ان تشكري الطاهيه على ذلك , كان يكفي فقط ان أوافق على قائمة الطعام التي وضعتها ".
    وفجأة تقلّصت معدتها ..
    إذ رأت وزير العدل يصغي بانتباه الى احد معاونيه
    بينما معاونه الآخر يتحدث مع مجموعة من المدعويين .
    أين ذهب ديغو ؟
    اعتذرت لورا من المدعويين المحيطين بها وابتعدت خلسةً ,
    كان الخدم يقدمون المشروبات المنعشة , ألقت نظرة الى غرفة الطعام ,
    فلم تجد إلا الخدم يوضّبون المائدة .
    ترددت لحظة, هل هو في مكتبه ؟
    ربما ناداه أحد ليرد علىالهاتف ؟
    في اكابولكو كما هو في مكسيكو , لم يكف الهاتف عن الرنين .
    اجتازت البهو وتوقفت أمام باب الكتب وراء باب ضخم .
    فلم تسمع اي صوت . وبعد ثانية من التردد فتحت الباب .
    كان دييغو يحني رأسه على امرأةٍ وجهها ملئ بالدموع وهي تنتحب بين ذراعيه ...
    إنها فرانسيسكا .
    وأول انسان استعاد وعيه كان دييغو , الذي نظر بقسوة الى لورا ثم قال لفرنسيسكا في لطف :
    " اذهبي الآن يا عزيزتي .. سنتابع الحديث بعد قليل ".
    أحنت فرانسيسكا عينيها ومّرت أمام لورا واختفت من دون أن تقول كلمة .
    فتح دييغو علبة موضوعة على المكتب وأخرج سيجاراً صغيراً ثم أشعله بهدوء قبل أن يلتفت الى زوجته وسألها في سخرية :
    " اذاً يا عزيزتي , انتِ تطاردينني في عريني ؟ لماذا هذا التطفل ؟".
    الغضب الذي شعرت به لورا ورؤيتها فرانسيسكا بين ذراعي دييغو حلّ مكانه الانفعال ,
    فقالت بلهجة جارحة :
    " إني اهزأ من كل النساء اللواتي تعاشرهن .
    كما اني لا اهتم بالمدعويين الذين تتغاضى عنهم ,
    غير أنني أشعر بالصدمة إذ أراك تخلّ بوعدك بأن تتحدث الى الذين سيساعدوننا في اخراج أبي من السجن ".
    لم يرد دييغو في الحال .. تسمر وجهه ثم نفض رماد يسجاره قبل ان يجلس الى المقعد الجلدي الاسود وراء مكتبه وهو يقول بلهجةٍ هادئة :
    " لم اعدكِ بشئ من هذا النوع , لم أكن أنوي أن أبدأ محادثاتي الليلة ".
    " لكنك أكدّت لي ....".
    " لقد سبق وقلت لك ورددت ذلك على مسامعك مئات المرات , أنه في بلادنا , هذا النوع من المبادرات لا يمكن الاقدام عليه إلا بكثير من الدبلوماسية,
    وليس مسلكاً سليماً أن أفتح هذا الموضوع مع رجال مدعويين الى مائدتي الآن ".
    فقدت لورا سيطرتها وخبطت على المكتب وصرخت في صوت هستيري ..
    " لا ابالي قطعاً بهذه الانظمة واللياقات اذا كنت لا تريد ان تكلمهم الآن فسوف أكلمهم انا ".
    أسرعت بالخروج , لكنها ما كادت أن تصل الى الباب حتى أمسكها دييغو في معصمها بعنف وأدارها نحوه وقال ووجهه أبيض من الغضب :
    "أمنعكِ من احراج المدعويين , هل تسمعين .
    اصعدي الى غرفتكِ في الحال , سأعتذر لهم عنكِ , سنتحدث في الأمر في وقتٍ لاحق ".
    فقالت :
    " قبل أو بعد محادثتك الصغيرة مع فرانسيسكا !
    يبدو لي أنّ سهرتك حافلة بأمور كثيرة ".
    رفع يده عنها وتراجع خطوة الى الوراء وقال بهدوء :
    " لا ارى لماذا أكنّ لكِ الاخلاص !!".
    فقالت في تحدٍ :
    " وأنا لا أرى لماذا لا أتولى الدفاع عن قضية والدي شخصياً ".
    فصرخ وهو يحملها كالريشة ويتوجه بها نحو السلم المكسو بالسجاد الاحمر الذي يصل الى الطابق الاول :
    " هنا , انتِ في منزلي أيتها المرأة الشرسة , ستفعلين ما أقوله لكِ ."
    صفعته لورا بقوة وصرخت :
    " اذاً تقول إني امرأة شرسة ! لكنك لم تر أو تسمع شيئاً مني بعد , انتظر لترى ".
    فقال وهو يضع يده حول ظهرها ويصعد بها السلم :
    " الآن تجاوزت جميع الحدود ".
    توقفت لورا عن التخبط ليس لأنها مكبلّة , بل لأن انفعالاً غير منتظر اجتاحها كلياً , فقد شعرت بصدر دييغو المضغوط على صدرها . تكفي رائحة عطره حتى تغيب عن وعيها .
    حملها من دون أي جهد ظاهر حتى السرير ووضعها بلطف وقال بصوت يلهث وهو يحدّق فيها بشراسة :
    " المطلوب منكِ أن تبقي هنا حتى ينصرف المدعوون . هل فهمتِ ؟ سأعود فيما بعد ".
    نظرت اليه وهي مخدرة بالانفعال ولم تكن قادرة على ان تنطق بكلمة . خرج دييغو وأقفل عليها الباب بالمفتاح .
    فهمست بصوتٍ متقطع :
    " آه .. يا الهي ! هذا مستحيل , إني أحبه ! لا , هذا مستحيل ".
    يالغرابة الأمر ... قبل دقيقة كانت تكرهه .. والآن ... انها تريده بجنون ..
    لم يعد الامر بمثابة رغبة سبق وشعرت بها في اكابولكو ,,لا , انها تريد ان تصبح زوجته بما في هذه الكلمة من معنى , ان تكون المرأة التي كان يحلم بها منذ الأزل ,
    أن تكون في الوقت نفسه العشيقة والزوجة وربة بيته وام اولاده ....
    لماااذا استغرقت كل هذا الوقت كي تكتشف حقيقة عواطفها ؟ كان لديها العديد من الاسباب لتحبه ..
    شكله الخارجي يعجبها . وهذا تعرفه منذ وقت بعيد ..
    ثم اعجبت بالاهتمام والعناية والاحترام لموظفيه وحتى لخدمه ,
    كذلك الاحترام والمحبه اللذين يكنهما الجميع له ,
    فضلاً عن الاهتمام بمساعدة والدها .

    لماذا أضاعت كل هذا الوقت الثمين لتقاوم هذا الانجذاب الخدّاع؟
    ربما لم يفت الامر !! صحيح انها راته منذ قليل يعانق فرانسيسكا ,
    لكن هذه الاخيرة عادت من فرنسا منذ فترة وجيزة .. والامور بينه وبينها لم تتطور بعد ...
    وعندما يكتشف دييغو أنها تحبه , يمكنها ان تستعيده ....
    وفي الباحة الواقعة تحت النوافذ سمعت فجأة ضجيج أصوات و ضحكات وابواب تصفق ومحركات سيارات تقلع ..
    تحمست لورا ونهضت من سريرها وخلعت بسرعة فستانها الاخضر الذي ارتدته للعشاء ,
    وفتحت باب خزانتها , وبعد ان امضت وقتاً لا بأس به تتأمل العدد الهائل من قمصان النوم المعلقة ,
    وقع اختيارها على قميص نوم شفاف من قماش ناعم , عربون البراءة , كما سيكتشف دييغو ذلك .
    بدأ قلبها ينبض بسرعة , نظرت الى المرآة واعجبت بنفسها وبوجهها الاحمر وعينيها اللامعتين المتلهفتين ,
    فكّت كعكة شعرها فانسدل على كتفيها ثم راحت تسرحه ,
    ثنت غطاء السرير وأطفأت الانوار تاركة ضوء قنديلين من كل جهة من السرير .
    آه كم كانت تكره هذه الغرفة , وأثاثها الاسباني الضخم وجوّها المخنوق . والآن كل شئ مختلف وهي تستعد أن تتقاسمها مع دييغو .....
    لكن لماذا تأخر دييغو في الحضور ؟ لقد وعدها بأن يوافيها متى ذهب المدعويين ..
    ساورها القلق فاقتربت من احدى النوافذ وازاحت الستائر قليلاً .
    . ربما قرر دييغو ان يحدّث وزير العدل في قضية والدها .
    لم يكن هناك اية سيارة امام المنزل , سوى سيارة المرسيدس التي تلمع تحت ضوء المصابيح الكهربائية التي تنير الساحة كضوء النهار .
    ثم لمحت شبح دييغو واعتقدت لورا ان قلبها سيتوقف عن الطرق ,,
    كان يتأبط ذراع امراة ترتدي معطفاً أبيض .
    وما ان وصلا امام السيارة , حتى أخذها بين ذراعيه .
    رفعت المرأة وجهها نحوه , انها فرانسيسكا .
    ولما انحنى رأس دييغو على وجه فرانسيسكا , أطلقت لورا نحيباً عنيفاً وأقفلت الستائر .
    لا شك ان باب غرفتها قد نفتح في وقت معين من الليل . وعندما أفاقت لورا كانت تريزا الخادمة قد وضعت صينية الفطور على طاولتها .
    وباصبعها لمست ابريق القهوة الذي ما زال فاترا فقفزت من السرير وتوجهت الى الستائر تزيحها لتدع النور يدخل اليها .
    ونظرت الى ساعة الحائط المعلقة فوق المدفئة .. انها الساعه التاسعه والربع ..
    كيف كان بامكانها ان تنام طويلاً وبهذا العمق بعدما أمضت جزء كبيراً من الليل تبكي وتنتحب ؟
    ولمّا نظرت الى نفسها في المرآة عرفت مدى حزنها وتعاستها ,
    عيناها متورمتان وملامحها الناعمة متشوشة ,,
    فدخلت الى الحمام ووضعت وجهها في الماء البارد مدة طويلة ,
    ولما عادت الى غرفتها استعادت بعض وعيها , القهوة الفاترة تساعدها على ان تستيقظ تماماً .
    لكنها لم تكف عن التفكير فيما حصل , لم يعد دييغو قبل الفجر لأنها لم تسمع صوت محرك سيارته .
    ما دامت لم تخلد الى النوم الا في الفجر , ولحسن حظها فان دييغو لا يمكنه ان يعرف انها انتظرته في تلهف العروس ليلة زفافها .
    يكفي ما تشعر به من ذل واهانة بعدما عرفت انه بقي مع
    فرانسيسكا بدل ان يعود الى غرفته كما وعدها
    .. سكبت لنفسها فنجاناً آخر من القهوة وذهبت تجلس في أحد المقاعد قرب الموقد .
    لاشك أنه عاد خلال الفجر ,
    والا لما كان في وسع تريزا ان تدخل الى غرفتها حاملة صينية الفطور ,
    الا اذا ترك المفتاح في القفل ..
    وهل الخدم اغبياء هنا ..
    يكفي ان تنظر تريزا الى السرير لتعرف انها نامت وحدها في هذا السرير الضخم .
    وفي يأس نظرت لورا الى السرير الذي تأمل من كل قلبها أن تتقاسمه مع زوجها .
    للأسف لقد فات الاوان , سئم دييغو هذا الزواج الابيض ,,وحبه القديم لفرانسيسكا سرعان ما عاد ا لى الحياة من جديد كما ان هذه المراة المكسيكية الجميلة اصبحت حرة ..
    بدأ الدمع يترقرق في عينيها عندما سمعت طريقاً على الباب .
    فانتفضت فجأة ونهضت ,, انفتح الباب ,

    وظهر دييغو في بذلته الرمادية وقميصه البيضاء وربطة عنقه ذات اللونين الاحمر والرمادي ..
    نسيت لورا كلياً قميص نومها الشفاف الذي كانت ترتديه ,
    وراح دييغو بكل وقاحة يتأمل جسمها النحيف الظاهر تحت القميص ..
    احمرّت لورا خجلاً وراح قلبها ينبض بسرعة جنونية ,
    لاشك أنه يقارن نحافتها بجسم المرأة التي أمضى الليل معها .
    سالها فجأة :
    " هل انتِ تعيسة جدا يا حبيبتي ؟".
    مسحت الدموع بطرف يدها و اجابت بلجة لاذعة :
    " تعيسة , أنا ؟؟ لماذا اكون تعيسة ؟
    تزوجت من رجل ثري وقادر , ووالدي متهم خطأ بتجارة المخدرات , فلماذا أ:ون تعيسة ؟".
    " لورا لقد وعدتكِ ..."
    قاطعته في شراسة وهي تتوجه الى الخزانة لتضع مئزرها :
    " حافظ على وعودك لفرانسيسكا ! ".
    " فرانسيسكا !!".
    ظهرت الدهشة على وجه دييغو الى درجة ان لورا كادت ان تستسلم لو لم تره بعينيها خارجاً ليلة البارحة مع هذه المراة المكسيكية الرائعة .
    رددت وهي تبكل أزرار مئزرها :
    " نعم , فرانسيسكا !".
    تقدّم دييغو خطوة منها وقال :
    " سأشرح لكِ ...."
    قالت له بصوتٍ جارح وهي تجلس أمام منضدة الزينة لتسرح شعرها :
    " لا أطلب منك أي شرح ,
    إني أرغب في شئ واحد وهو معرفة متى يمكن لأبي ولي أن نغادر هذا البلد اللعين ! ".
    قال لها في جفاء :
    " جئت لأقول لكِ اني على موعد مع جوزيه بيريز , وزير العدل في لساعه الحادية عشرة ".
    " آه "
    توقفت لحظة عن تسريح شعرها ثم أضافت :
    " حسناً , تخبرني عن نتائج اللقاء في اكابولكو لاني انوي السفر الى هناك في الطائرة المسافرة ظهراً ".
    ران صمت فيه تهديد ,
    تمالكت لورا نفسها فلم تقذفه بالاتهامات التي ظلت ترددها طيلة تلك الليلة البيضاء التي امضتها وهي تنتحب باكية على وسادتها ,, أخيراً سألها :
    "هل أنتِ ذاهبة الى اكابولكو ؟".
    أجابت بمرارة وهي تلتفت اليه :
    " ليس عندي خيار آخر , إني من دون عمل وبالتالي ليس معي نقود .
    . اني مضطرة لان اتكل عليك الى ان اصبح قادرة على الاتصال ببرانت ".
    خيّل اليه انه سينفجر غضباً مثلما حدث مساء امس ,
    لكنها تجاوزت حدود الخوف كانت مستعدة لان ترضى بان يخنقها غضبه ,
    لم يعد هناك طعم للحياة ما دام لا يحبها .

    قال وهو يستعيد برودة اعصابه :
    " حسناً , ساتصل بك,,
    وفي الوقت الحاضر ساحجز لكِ مكاناً في الطائرة , انكِ لم تحجزي بعد على ما اظن !!".
    " لا ".
    تناول دييغو سماعةالهاتف واجرى الاتصال اللازم , قال لها قبل ان يتصل بفيلا حاسينتا :
    " لقد حجزت لكِ مكاناً ".
    ثم اعطى اوامره لجوانيتا , ووضع السماعة وقال :
    " ستعد جوانيتا كل شئ لتوصيلك , وسينتظرك غييارمو في المطار ".
    " لا .... سآخذ تاكسي ,, المطار ليس بعيداً عن الفيلا ".
    " افضل ان يذهب غييارمو لاستقبالك . فليس لديه اعمال كثيرة في غيابي ".
    لم تلّح لورا عليه , كيف يمكن لدييغو ان يكون مطّلعاً على اهتمامات غييارمو .
    لقد شاهدت لورا هذا الشاب الجميل قبل زواجها بقليل , وكان على متن باخرة دييغو ,
    ولمحته يغازل احدى السائحات ,
    لو شاهده دييغو ذلك اليوم لما سمح له بان يقترب من زوجته .

    كان دييغو قد وصل الى الباب عندما سالته لورا في صوت متوسل :
    " ستتصل بي , اليس كذلك ؟".

    " طبعاً ".

    همست وهي تراه يخرج حالماً من غرفتها :

    " شكراً ".

    قالت لورا لنفسها في غضب ,
    لاشك انه سيسرع في تحريك الامور ليتخلص منها ومن والدها ,
    ثم يتزوج من فرانسيسكا هذه الارملة الشابه الجذابه التي جاءت الى لمكسيك لتلتقي حبها القديم
    -حقيقة كالحلم
    حسب الاتفاق، جاء غييارمو لينتظر لورا في المطار. وخلال الطريق الى الفيللا، كانت تدرك اعجاب هذا الشاب المكسيكي بها. وخلال الاسبوعين اللذين قضتهما في الفيللا، خلال شهر العسل، كانت تلاحظ ذلك، لكن وجود دييغو الى قربها. منعه من اظهار اعجابه بوضوح. لكن نظراته بدت اليوم وقحة الى درجة ظاهرة.
    " استغرب كيف ان السينيور دييغو يدع زوجته الرائعة وحدها خلال هذه السفرة الطويلة..."
    كانت مكسيكو تبدو لهذا الشاب في آخر الدينا وهو الذي لم يغادر مدينة الحمامات الشهيرة. ابتسمت لورا بتحفّظ وقالت بلهجة مازحة:
    " لا اظن ان بامكان احد ان يخطفني. كان السينيور دييغو على موعد مهم، صباح اليوم، فأوصلني سائقه الى المطار، وبعد ساعة سفر في الطائرة وسط مئات المسافرين، جئت انت لأستقبالي. واني أسألك ماذا يمكن ان يحدث لي؟ "
    وخلال الطريق، لم تكف لحظة عن التفكير بوالدها. المهم ان تتم المحاكمة بسرعة. فهي لم تشك لحظة في برائته وهي التي سمعته مراراً يهاجم بعنف الذين يتاجرون بالمخدرات. فكيف يمكنه ان يورط نفسه في مساعدة هذين الرجلين اللذين استأجرا منه اليخت.
    آه، لو يتم القبض عليهما، لكان بالامكان انتزاع الحقيقه منهما.
    وبدا حتمياً ان والدها سيدفع الثمن مكانهما اذا استحال توقيفهما.
    وصلت السيارة امام ساحة الفيللا المحاطة بالخضار بمختلف انواعها.
    وما ان سمعت محرك السيارة حتى خرجت جوانيتا الي عتبة المنزل لاستقبال معلمتها بحرارة وارتباك.
    سالتها وهي تأخذ من يد لورا حقيبة الزينة بينما كان السائق يخرج حقيبتها الوحيدة من صندوق السيارة:
    " هل سياتي السينيور دييغو متاخراً "
    فاجابتها بأختصار:
    " نعم. سيلتحق بي قريباً. لديه مواعيد عمل مهمة ".
    فتحت جوانيتا الحقيبة التي وضعها كارلوس على طاولة صغيرة واطلقت زفرة عميقة وقالت:
    " آه، الواجب بالنسبة الى السينيور دييغو قبل اي شئ آخر. عندما كان صغيراً كان يعرف معنى المسؤليات. كان يكبر اخاه بسنتين فقط ويهتم به اهتماماً مسؤولا. لكن جيم كان مختلفا. يحب المرح والضحك. ولا يرى في الحياة غير حسناتها ".
    توقفت لحظة عن الكلام ثم تابعت:
    " كان عمر السينيور دييغو اربعة عشر عاماً عندما فقد والديه. وبعد ذلك كانت تأتي السينيورا جاسينتا لتمضي مع حفيدها العطلة. في اي ساعة تحبين تناول العشاء يا سنيورا؟ "
    " آه، في الثامنة والنصف، يا جوانيتا. لكني سأتناول فنجان شاي في الصالون الصغير بعد القيلولة. وبعدها سأخرج لفترة قصيرة ".
    قالت جوانيتا مقطبة حاجبيها:
    " هل تحتاجين الى غييارمو ليوصلك الي مكان معين؟ "
    " كلا. سأقود السيارة بنفسي ".
    لم ترحب جوانيتا بقرار معلمتها الخروج وحيدة. لكن لورا تجاهلت الأمر. فهي لا تريد ان تدع احداً يعرف بوجود والدها في السجن المحلي.
    سألت لورا " هل هناك اي رسائل لي؟ "
    " كلا، سينيورا ".
    لم يرد برانت على رسالتها وهي لا تستغرب ذلك. في الحقيقة لم تكن مصرة على ان تتلقى منه رسالة. فهي لم تشعر تجاه خطيبها القديم سوى بالمحبة. وهذا الاحساس لم يكن واضحاً الاّ الآن. ان دييغو وحده يملأ عالمها. وحده قادر على ان يشعرها بمداعباته وملامساته الحنونة.
    وتساءلت وهي ممدّدة على السرير: لماذا ما تزال تتذكر مشاهد الحب مع دييغو بعد ان بعد ان تهدم كل شئ بينهما؟ وبرغم تصميمها على الا تفكر فيه، لم تستطع ان تمتنع عن التفكير بتلك الليلة التي كادت ان تستسلم فيها نهائياً.
    " عفواً سينيورا، الهاتف! "
    التفتت لورا وقالت نصف نائمة:
    " ماذا هناك؟ "
    " الهاتف، سينيورا! انها الشرطة! "
    نهضت لورا من سريرها مرتجفة ورددت:
    " الشرطة؟ سأرد من هنا "
    وبرغم صدمتها، ظلت منتظرة الى ان اقفلت جوانيتا سماعة الهاتف في البهو قبل ان تعطي اسمها:
    قال صوت رجل :
    " العفو، سينيورا. اريد التحدث مع السينيور راميريز ".
    " ليس هنا. انه في مكسيكو، ولكنني..."
    " لو تفظلت ان تقولي لي اين استطيع الاتصال به يا سينيورا ".
    فقالت متوترة:
    "اذا كانت القضية تتعلق بوالدي، دانييل برانت. فيمكنك ان تقول لي ما الأمر ".
    ضغطت على اسنانها عندما اصرّ المتكلم على معرفة رقم هاتف دييغو. وعلى مضض اعطته رقم المنزل ورقم المكتب. ثم اضافت: " كنت على وشك الذهاب لزيارة والدي. لا شك ان بامكانه ان يشرح ما يجري من الامور ..."
    " لا انصحك بالمجيء، سينيورا..."
    " كيف؟ لن تمنعني من القيام بزيارته! "
    " لا داعي ان تنزعجي، سينيورا راميريز. ان السينيور ترانت ... لم يعد هنا ".
    حدقت لورا بالسماعة في توتر وقالت:
    " انني ... لا افهم، لايمكن ان يكون قد نقل بهذه السرعة؟ "
    " بلى، لقد ذهب ".
    احتلها فرح كبير هي التي كانت تشكو من بطء القانون والعدالة المكسيكية! لقد تحدث دييغو مع وزير العدل منذ قليل. وها هو والدها يتقل الى مكان آخر، ربما الى مكسيكو، من اجل محاكمته.
    فقالت قبل ان تضع السماعة جانباً:
    " شكراً سينيور، شكراً جزيلاً ".
    لم يطل فرحها الاّ لحطة ... ان محاكمة والدها وتبرئته، ستؤديان الى مغادرتها المكسيك او بالأحرى الى الطلاق، من الافضل الاّ تفكر في الامر ...ان دييغو يريد فرنسيسكا.
    ومن النافذة القت نظرة سريعة الى الساحة. البحر يرفع امواجاً عالية، ترتطم على الصخر وتظهر رغوة بيضاء. تذكرت لورا ان دييغو حذرها من السباحة على هذا الشاطئ الخطر. لكن لماذا لا تذهب لأكتشاف الشاطئ الجنوبي؟ انها الفرصة الوحيدة، فستغادر اليفللا عما قريب. لاشك ان عليها الانتظار يوماً او يومين قبل ان تعرف الى اين نقل والدها.
    اخرجت من احد الجوارير زي السباحة. لا داعي للقبعة، فستحتمي تحت اشجار جوز الهند العالية.
    دقت الجرس لجوانيتا التي خضرت في الحال.
    " لن اتناول الشاي في المنزل، فقد قررت الذهاب الى شاطئ البحر. وسآخذ معي عصير الليمون ".
    سالتها الخادمة وهي معجبة بقامتها النحيفة الظاهرة تحت سترة البحر القصيرة:
    " الن تأخذي السيارة؟ "
    قالت لورا وهي تبحث عن كتاب صغير بدأت قرائته في الطائرة:
    " لقد غيرت رأيي في الآمر "
    " هل هناك شئ خطر؟ "
    فوجئت لورا والتفتت نحوها.
    " المكالمة الهاتفية ... الشرطة ..."
    " آه لا. لا شيء. كانوا يريدون ان يتكلموا مع السينيور دييغو. وشرحت لهم اين يستطيعون الاتصال به ".
    " هكذا اذاً ".
    اطمأنت جوانيتا وذهبت الى المطبخ تعد العصير المطلوب، بينما كانت لورا تضع داخل حقيبة البحر، منشفة وكتاباً وانبوب زيت. ثم حملت الحقيبة على كتفها وتوجهت الى الشاطئ.
    سبحت لورا طويلاً في مياه البحر الفاترة، ومن وقت الى آخر كانت تعوم على ضهرها في فرح، مغمضة العينين.
    وبعد نصف ساعة من السباحة، عادت الى الشاطئ الرملي حيث ابريق العصير المثلج في انتضارها. تمددت على بساط البحر وراحت تشرب العصير ببطء وهي تتأمل المنظر الرائع الذي لن تراه بعد الآن وكانت تحاولان تحفر في ذاكرتها الرمل الناعم الابيض والبحر الازرق والاخضر، واشجار جوز الهند العديدة المحملة بالثمار الناضجة تحت الاوراق الخضراء الغامقة.
    ثم تمددت واغمصت عينيها تحت اشعة الشمس البراقة. فجأة مر ظل بينها وبين الشمس، فخفق قلبها بسرعة وفتحت عينيها. ولثانية اعتقدت ابنها ترى دييغو في قميصه البيضاء القطنية وبنطلونه الجينز الضيق. فجأة شعرت بصدمة عندما رأت غييارمو.
    سألته وهي تنتصب في حركة سريعة محاولة تناول سترتها:
    " ماذا تفعل هنا؟ "
    " ارسلتني جوانيتا لأرى ما اذا كنت بحاجة الى شئ ما ".
    " لا تبدأ في سرد القصص! لديّ كل ما اريد وتعرف جوانيتا ذلك تماماً "
    انحنى غييارمو ليجلس قربها، ثم نظر اليها بوقاحة قائلاً:
    " لاشك انها لاحظت مثلي بعض الاشياء، لقد تزوج السينيور دييغو من امرأة جميلة جداً يمكن ان يفتخر بها اي رجل. ومع ذلك فهو يبتعد عنها زارعاً الحزن في عينيها. اني اعرف ذلك يا سينيورا. لقد سبق وقرأت هذا التعبير على وجه النساء اللواتي يأتين الى اكابولكو من دون ازواجهن ".
    قفزت لورا واقفة وقالت في غضب:
    " لا استغرب ذلك. لكنك تعتبرني مثل السائحات اللواتي تلتقيهن على الشاطئ اذا قلت لزوجي ..."
    همس غييارمو بصوت شهواني مقنع:
    " لا حاجة لك لآن تقولي له شيئاً؟ انني اعرف ان اجعل النساء سعيدات، يا سنيورا، ويمكنك ان تثقي بي تماماً ".
    صرخت لورا:
    " اذا كنت مصرا على الاستمرار في موقفك فسأنادي كارلوس ".
    لكنها قبل ان تنفذ ما هددت به، امسكها غييارمو بذراعها وجذبها بشدة نحوه ضاغطاً بيده على فمها حتى يمنعها من الصراخ. راحت تقاومه بصمت. كانت تقاوم بكل قواها وتمكنت للحظة من ان تفلت من قبضته، وفتحت فمها لتصرخ، لكنه ارتمى عليها مانعاً مقاومتها وشعرت بالغثيان آملة ان يأتي كارلوس او جوانيتا لينقذاها.
    كادت ان تفقد وعيها تحت قوّة جسده عندما وجدت نفسها فجأة تسقط على ركبتيها وقد ابتعد عنها غييارمو والدم ينزف من انفه وسرعان ما سمعت شتائم بالاسبانية مما جعلها ترفع رأسها. انه دييغو، يرتدي بذلة الصباح، وكان شاحب اللون من الغضب.
    ارتمت بين ذراعيه وراحت تبكي وتنتحب:
    " آه دييغو! اني خائفة جداً ".
    التفت دييغو ليلقي نظرة الى خادمه ثم صرخ:
    " اختف من هنا في الحال، ساراك في السفينة بعد قليل ".
    ثم التفت الى لورا وحدجها بنظرة غاضبة بينما كانت ترتجف بين ذراعيه. فقال وهو يبعدها عنه في حنان:
    " ان منظرك غير لائق وردة فعل هذا الولد عند رؤية امرأة جميلة نصف عارية على شاطئ مهجور، ليست مستغربة ".
    اجابتة لورا وقد استشاطت غصباً:
    " بلادك بلاد البرابرة "
    كان دييغو يحدق فيها بنظرات غريبة وتسائلت في قلق ماذا يدور في خلده في الوقت الحاضر. وعندما رأته يخلع سترته وربطة عنقه ويفك ازرار قميصه، تثاءبت وسالته:
    " ماذا تفعل. "
    " هذا طبيعي، اليس كذلك؟ هذا سيعلمك كيف تثيرين الرجال.لست سوى امرأة مثيرة ".
    القى بثيابه جانياً، ركضت لورا نحو السلم الحجري، لكن دييغو لحق بها وحملها بين ذراعيه. تلاشت وحدقت فيه متوسلة. صحيح انها ارادت دييغو وتريده دائماُ، لكنها لا تريد علاقة ناتجة عن غضب ورغبة بحتة. وقبل كل هذا كيف تنسى المرأة المكسيكية السمراء، فرنسيسكا ...؟
    همست:
    " دييغو، لا، ارجوك!"
    تصرف كأنه لم يسمع شيئاً. وضعها في لطف على اريكة الشاطئ وراح يتأمل جسمها الجميل المرتعش وهي كانت تقول:
    " دييغو، لا ..."
    لكن عينيه كانت تقولان اشياء جعلتها تتخلى على اية مقاومة وتستسلم. قال وهو يعانقها:
    " لم اعد استطع احتمال تهربك ".
    ليس هناك كلمات تستطيع ان تصف الاحاسيس التي شعرت بها من جراء مداعباته البارعة. كانت تداعبه بشعره الاسود وتلثم عنقه. بعد هذه اللحظات الرائعة التي عاشتها، رفعت عينيها الخضراوين البراقتين وشاهدته ينظر اليها، بسحر ويهمس وكأنه لا يصدق:
    " يا الهي. لقد اكدت لي ان ... اوه .. برانت وانت ..."
    " آه دييغو، هذا لآنه ... لم اكن اعي تماماً ... انني ..."
    وبينما كانت تحاول ان تشرح له بصعوبة، انها كانت تقاوم منذ البداية هذا الحب الذي كانت ترفض الاعتراف به، كانت تسمع عويل الرياح في اوراق شجرة جوز الهند التي كانت تحميها من اشعة الشمس ولبرهة قصيرة شاهدت دييغو يرفع رأسه فجأة في استغراب ويمد يده في حركة دفاع ... ثم تلقت صدمة عنيفة افقدتها وعيها.
    - عتمة الذاكرة

    فتحت لورا عينيها وكان اول ما لمحته زهور البنفسج الرائعة مضى وقت طويل قبل أن تلمح من بعيد شبح أبيض كإنه ضباب كثيف
    أرادت أن تصرخ لكن الصوت لم يخرج من حلقها الجاف إن مثل هذا الجهد البسيط كاف لأن يحفر دماغها في الم عميق وبشبه غيبوبة راحت تنتحب
    همس صوت في لغة لم تعرف ماهي برغم أنها فهمت المعنى من دون صعوبة
    - شكرا ياالهي ! هل تريدين شئ ما يا ابنتي؟
    قالت لورا في صوت ثقيل انها تشعر بالعطش فاختفت الممرضة لتعود حاملة قدحا مليئا بعصير البرتقال ألمثلج وقالت :
    - سيفرح زوجك كثيرا لأنك استعدت وعيك
    إجابت لورا مقطبة الحاجبين :
    - زوجي هل أنا متزوجة؟
    - طبعا ياصغيرتي إنه قلق عليك
    وكأن الممرضة تذكرت أن لورا لاتعرف اللغة الأسبانية , فقالت لها بالأنكليزية :
    - سأزف إليه الخبر السار واطلب منه إن يحضرلرؤيتك
    - إنتظري, ارجوك , من ستحضرين ؟ انني لا اتذكر احدا
    - انت زوجة السينيور راميريز وهو شخصية بارزة في المكسيك
    المكسيك ماذا تفعل هنا في المكسيك ؟ هل هي متزوجة من رجل مكسيكي ؟
    أضافت الممرضة:
    - تعرضت لحادث على الشاطئ القريب من فيلا جاسينتا
    حادث في فيلا جاسينتا هزت لورا رأسها في حيرة وارتباك
    ومن جديد عاد الألم العنيف يعصر صدغيها انني إنني لا أتذكر شيئا
    - لا تقلقي, سينيورا هذا شيء طبيعي بعد صدمة كهذه لاتتحركي سأقول لزوجك أنك استعدت وعيك0
    وضعت لورا يدها على أكمام الممرضة وهمست:
    - أرجوك 0اخبريني أولا عن الحادث0
    أن تلتقي زوجا لا تعرفه فكرة ترعبها0 من هو ؟ من يشبه ؟ ماعمره ؟ وهي 0من هي ؟
    - كنت ممددة على الشاطئ0سنيورا 0 تحت شجرة جوز هند المحملة بالثمار الناضجة0 إن ثمره واحدة بإمكانها تحطم رأسك00
    - و00هذا ما حدث لي ؟
    - من حسن حظك أن زوجك كان معك في هذه اللحظة وقد تمكن أن يخفف من حدة الصدمة0 والآن سنيورا سأذهب لآتي به0 لم نستطع أن نقنعه الا اليوم بأن يخلد إلى الراحة0 لكننا وعدناه بأن نوقضه متى استعدت وعيك 0
    وعندما اختفت الممرضة راحت تحاول التركيز تلاحقها عشرات الأسئلة التي لا تعرف لها جوابا0 منذ متى وهي متزوجة من مكسيكي ؟ لا شك أن يحبها كثيرا لأنه رفض أن يبتعد عنها 00 كأن عليها أن تطلب من الممرضة مرآة قبل أن تدعها تذهب لتأتي به0 لا تعرف كيف ملامحها؟ هل لون عينيها أزرق ام اسود ؟ رفعت يدها لتلمس خصلة من شعرها لمعرفة لون شعرها 0 لكن شعرها كان مختفيا وراء ضمادات تلف كل رأسها 0 وعندما لمست جبينها 0 شعرت بألم عنيف 0
    فجأة , انتفضت 0 فقد دخل إلى غرفتها0 وبقي جامدا قرب السرير 0 كان ممشوق ألقامه أسود, الشعر ,أسمر البشرة0 في الثلاثين من العمر 0 يرتدي قميصا بأكمام قصيرة وبنطلون جينز وجهه متعبا0 كان ينظر إليها في قلق ويهمس في صوت مبحوح وهو يضع يده على يدها :
    - لورا 0
    هكذا إذا إنها تدعى لورا 0 اعجبها الاسم 0 وما اسم زوجها؟ قالت لها الممرضة منذ قليل عن اسمه 0 آه صحيح00
    فهمست:
    - دييغو0
    سألها وفي عينيه ومضة امل :
    - هل عرفتيني يا حبيبتي0
    هزت رأسها قليلا وقالت :
    - الممرضة هي التي أعطتني أسمك0
    ولاحظت الضمادات التي تحيط بمعصم زوجها فسألته :
    - هل جرحت؟
    - هذا لا شيء0
    - هل حصل هذا في الحادث الذي تعرضت أنا إليه0 لقد قيل لي أنك خففت من حدة الصدمة وإلا لكنت الآن من عداد الأموات000
    - هذا الحادث هو بسببي أنا 0وغلطتي لا تغتفر كان علي أن أعرف00
    توقف عن الكلام وجلس على السرير0ان دماغ لورا يرفض ان يعمل بصورة طبيعية0 لم تحاول أن تعرف ماذا يعني في كلامه فقالت بصوت خافت:
    - من متى وأنا غائبة عن الوعي؟
    - من 3 إيام 0
    أخفض رأسه فإذا بلورا تشد على قبضته وهي تقول بلطف:
    - إذا لا شك أنك مرهق جدا 0 قالتلي الممرضة أنك لم تبرح غرفتي طيلة هذا الوقت0
    - سيحضر الطبيب قريب جدا0 وسأراك بعد أن ينتهي من معالجتك 0
    توقعت أن ينحني ليقبلها 0 لكنها ابتعد في خطى سريعة تاركا إياها في خضم الحيرة والقلق0
    لماذا يبدو هذا الزوج الذي أشرف على الاعتناء بها 3 أيام متوالية مستعجلا في التخلي عنها ؟
    كانت لورا تنثر فتأت الخبز وهي تتناول فطور الصباح على الشرفة المليئة بالزهور وهي تنظر في حنان الى العصافير الصغيرة المتعددة الألوان0 التي حومت حول المائدة لتلتقط كسرات الخبز في فرح0
    قال لها دييغو في توبيخ ناعم:
    - إنك تدللين العصافير ياحبيبتي0
    - انها عصافير جميلة0
    عادت للجلوس قرب زوجها وتناولت إبريق القهوة وقالت:
    - إنها كالأولاد الصغار لا نستطيع أن نرفض لهم اي شئ 0 هل تريد؟
    - ماذا0 أريد ماذا ؟ أولاد؟
    - لا يا حبيبي هل تريد بعض القهوة؟
    -آه00 نعم 00بكل سرور000
    ثم عادت تقول وهي تسكب له فنجان قهوة:
    - إنجاب الأولاد فكرة حسنة 0 أليس كذلك؟ ما رأيك؟
    قطب جبينه وقال :
    - لقد اتفقنا على أن نتجاهل هذا الموضوع في الوقت الحاضر إلى أن تتحسن صحتك0
    تناول دييغو سيكارا وأشعله فأجابت لورا قائلة :
    - نعم كنت متفقة معك على هذه الفكرة , لكن 000
    نهضت واسندت ظهرها الى حجارة الشرفة وحدقت في المنظر الرائع امامها 0 ثم اضافت تقول :
    - دييغو؟
    - - نعم ؟
    - - لنفرض انني لن استعيد ذاكرتي ابدا ؟
    - - الأطباء يعرفون تماما ان حالتك ستتحسن0 لكنها بحاجة الى بعض الوقت0
    - انفجرت صارخة :
    - - الوقت لقد مر شهران وانا على هذا الحال ! لم استعد من الذكريات الا صورة اليخت الراسي على الشاطئ 0 وصورة الراهبات في ذلك الدير 0
    قال دييغو في حذر وهو ينفض رماد سيكاره في المنفضة :
    - لقد ترعرت وتعلمت في الدير 0
    - - لماذا لا تساعدني لأستعيد ذكرياتي وبالتالي ذاكرتي كلها 0
    نهض دييغو متجها نحوها ثم وضع أصابعه على ذراعها وقال :
    - نصحني الأطباء بألا استعجل الامور 0 وانت تعرفين ذلك جيدا 0 من الأفضل ان تستعيدي ذاكرتك بصورة طبيعية 0
    - - وهل نصحك الأطباء ايضا بأن تنام في غرفة منفصلة عن غرفتي ؟
    كانت تنظر اليه في تحد 0 فشاهدت تقلص وجهه حين قال بعد ان سحب يده من ذراعها :
    - لا 0هذا القرار اتخذته بنفسي 0يجب ان اذهب الان كيلا تفوتني الطائرة لدي مواعيد كثيرة بعد ظهر اليوم في مكسيكو0
    تبعته حتى الغرفة التي ينام فيها وقالت :
    - الا يمكنني ان ارافقك , ولو لمرة واحدة 0
    التفت دييغو اليها وهو يضع اوراقه داخل حقيبة سفره وكان يبدو منزعجا :
    - من الأفضل ان تبقي هنا بعض الوقت ريثما تتحسن صحتك 0
    ليست المرة الأولى منذ الحادث يرفض فيها طلبها 0 وفجأة قالت بغضب :
    - هنا 00أليس كذلك وهكذا لا يتسنى لي أن أرى عشيقتك0
    أغلق حقيبته واقترب منها وقال في جفاف:
    - إنني أذهب إلى مكسيكو لأداء بعض الأعمال وليست لدي أية عشيقة فانتزعي هذه الفكرة من رأسك 0
    هذا العذر هل سبق وسمعته قبل الحادث؟ كيف لها أن تعرف أنها ترغب في أن تسد اذنيها كي لا تسمع اي شيء بعد الآن00 هل باستطاعة ثمرة جوز الهند أن تزعزع دماغها الى هذه الدرجة؟ هل كان دييغو دائما يتصرف معها كصديق أكثر منه زوجا؟ لا 0هذا مستحيل فهي تشعر أنهما كانا متفقين ومندمجين روحيا وجسديا0
    همست لورا في الوقت الذي كان دييغو يقترب منها كالعادة ويقبلها في جبينها :
    - دييغو00
    - ماذا ؟
    - الا تعتقد أن صحتي تتحسن بسرعة لو00 لو كانت علاقتنا طبيعية مثل قبل الحادث إني متأكدة من ذلك 0
    غمز بعينيه وهو يتأمل وجهها الأحمر وسألها فجأة:
    - كيف تعرفين ذلك ؟
    - كيف ؟ لكني أشعر بذلك 0 أنت زوجي وماذا يمنعني من اكون طبيعية معك؟0
    صمت برهة ثم أطلق زفرة عميقة وقال بصوت حنون وهو يداعب شعرها:
    - ما من أحد يستطيع منعك0 وأنا أيضا يالورا 0 كنت أرغب في ذلك0 لم يكن سهلا مقاومة رغبتي باللحاق بك الى غرفتك 0
    صرخت:
    - لا أفهم ليس هناك أية خطر0 إني بصحة جيدة 0إذا لماذا؟
    - سنبحث الأمر بعد عودتي0
    إنها تعرف دييغو الآن بما فيه الكفاية وتعرف أنه متى اتخذ قرارا ما فلن يعود عنه بسهولة0
    عندما أصبحت لوحدها راحت تفكر بمصيرها 0وحده زوجها يمكنه ان ينسيها الشكوك التي تراودها باستمرار منذ وقوع الحادث 0
    لقد أخبرها دييغو أنها فقدت والديها 0 لكن لا بد أن لها قصة 0 أو مهنة أو أصدقاء أو معارف او اقرباء00 لا أحد يعرف عنها شيئا0 لا شك أنها انفصلت عن الجميع بعدما تزوجت 0 آه لو يساعدها زوجها على إعادتها الى الطريق الصحيح بدل أن تكتفي بأنتظار مشيئة القدر!
    شعرت بالتعب فتمددت على السرير الضخم الذي يشعرها بالضياع طيلة الليل0 وراح عقلها يشتغل بقوة هل لدى دييغو عشيقة في مكسيكو ؟ وتذكرت أنها قرأت مرة أن المكسيكيين ليسوا مخلصين لزوجاتهم 0 ودييغو هو رجل جذاب ومثير وقليلات من النساء قادرات على مقاومته 0
    الدير 0 إنه الماضي إنها الأن متزوجة! وهي تحب زوجها0 وهل هناك ما هو أفضل من ذلك الحب إن ثمة طرقا تساعدها على إقناعه بضرورة مشاركتها حبها 0 نعم ستحاول أن تجذبه إليها بطريقة أو بأخرى0
    في الأيام الثلاثه التي تلت ذهاب دييغو عملت لورا بكل نشاط وحيوية ومساء عودته كانت الفيلا على استعداد لاستقباله 0
    وضعت لورا على الطاولة شمعدانا يضئ المكان وكانت لورا تبدو في شعرها الأشقر المنسدل على كتفيها وفستانها ألأبيض الضيق 0 في أناقة وجمال تامين0
    وبعدما ألقت نظرة خاطفة على الطاولة نظرت في عينين براقتين الى الخادمة وقالت:
    -عندما يصل السنيور نأخذ المقبلات في الصالون الصغير 0 وسيكون أمامك متسعا من الوقت لأن تنهي العشاء 0
    قالت لها المرأة في فرح:
    - لا تقلقي ياسنيورا 0 ان السنيور يقول لي دائما أنه سيصطحبني يوما ما إلى مكسيكو لأعلم الطاهي الفرنسي إعداد ألمأكل المكسيكية0
    وفي تلك اللحظة دق جرس الهاتف فتناولته جوانيتا من المطبخ قالت لورا لنفسها : كل شيء جاهز لهذه الليلة التي ستكون مليئة بالسحر والإثارة الأضواء الناعسة 00 الطعام المفضل00 تريد أن تفعل أي شيء كي تنقذ زوجها من براثن عشيقته 0
    قالت جوانيتا وهي على عتبة غرفة الطعام:
    - المكالمة لك 00انه السنيور دييغو 0
    - هل يريد أن أستقبله في المطار؟
    - إنه يتكلم من مكسيكو يا سنيورا 0
    جف حلق لورا ورفعت السماعة وقالت :
    - دييغو , ماذا جرى ؟هل أنت متأخر؟
    - إني آسف يا حبيبتي لن أستطيع الحضور هذا المساء0
    - آه00لكن كل شيء جاهز 00كنت أنتظرك00
    - إني آسف هناك أعمال مهمة علي الاهتمام بها شخصيا سأصل بعد ظهر الأحد من دون شك0
    فقالت في ذهول:
    - الأحد00 إلى اللقاء يوم الأحد0
    - لدي مواعيد مساء اليوم وطيلة يوم غد 0 إن المكسيكيين مشهورون بأنهم يفضلون العمل على اللهو و المرح 0وسوف اجاريهم هذه المرة00 برغم 00شوقي إليك00
    قالت لورا وهي تعض على شفتيها:
    - حسنا00 إذا00 إلى يوم الأحد0
    - أعدك بذلك وسأتصل بك في حال حدوث اي تغيير 0
    لكن لورا لم تعد تسمع شيئا00 كانت تفكر بالمكالمة الهاتفية 0 هل كان دييغو غير قادر على المجيء أم إنه لم يكن يريد ذلك؟ ماذا وراء كل هذه المواعيد ؟ هل هناك امرأة أخرى في حياته؟
    مكالمته الهاتفية في اليوم التالي التي أخبر لورا فيها إنه سيؤخر عودته 48 ساعة أخرى0 بدأت تؤكد شكوكها 0 فقال دييغو :
    - لدي مواعيد من مهمة جدا يوم الاثنين ويوم الثلاثاء00 بالتالي لا يسعني الوصول قبل مساء الثلاثاء 0 لكنني أنوي قضاء الأسبوع كله معك في الفيللا0
    فقالت له في صوت جاف قبل أن تقفل الخط في وجهه:
    - لا تقلق عليه أرجو أن تمضي عطلة جميلة مع عشيقتك 0

    آه لو تستطيع أن تتحمل هذا الوضع أين يمكنها أن تذهب ؟ بمن تستطيع الاتصال ؟ أن فقدانها الذاكرة يمنعها من مغادرة هذا السجن الذهبي فيلا جاسينتا 0
    كانت أحلامها مهددة برؤية امرأة سمراء يمضي دييغو معها أيامه في مكسيكو 0 لماذا تزوجها إذا ؟ هي الشقراء 00 النحيفة 00 المختلف جمالها عن الجمال المكسيكي0 ؟ حاولت أن تجد تفسيرا0 لكن ذكرياتها تهرب منها0 ربما كان زواجهما على وشك الانهيار قبل الحادث ؟ وهذا يفسر تهرب دييغو منها 0
    يوم الاثنين أي قبل عودة دييغو بيوم واحد 0 عادت إلىلورا ذاكرتها في طريقة صاعقة وغير منتظرة 0
    - سينيورا ! هناك زائر 0
    كانت من منغمسة في رسم العصافير الملونة المتجمعة حول فتات الخبز 0 فلم تأبه في البدء لهذا النداء 0 لقد نصحها دييغو بأن تلجأ إلى الرسم حتى لا تضجر خلال فترة غيابه عن الفيلا 0 وكان ذلك اكتشاف جميل 0 عندما ترسم تنسى كل شيء0
    رددت جوانيتا قائلة :
    - سينيورا , لديك زائر 00
    فقاطعها صوت رجل قائلا:
    - لا تقلقي0 سأكلم الآنسة ترانت بنفسي 0آه عفول 00السنيورا راميرزا00
    قطبت جبينها وهي ترى الزائر يقترب منها0 يبدو إنه أمريكي0 بماذا ناداه بادئ الأمر؟ الآنسة ترانت 00لكن 00 ربما سيكون قادرا على أن يوضح لها شيئا عن ماضيها0
    قالت لورا وهي ترمق زائرها بنظرة متسائله:
    - حسنا يا جوانيتا 0 سأستقبل السيد00 السيد00آوه0
    - لورا ! هذا انا 00برانت لاتقولي انك نسيت من اكون 0
    خيبة الأمل ضغطت على قلب المرأة0 هذا الرجل الجميل المظهر ذو الشعر الكستنائي 0 مجهولا تماما بالنسبة إليها0
    قالت لجوانيتا وهي تمسح أصابعها المليئة بالدهان:
    - اجلبي لنا القهوة 0
    ثم قالت لزائرها :
    - آسفة 0انني لا اعرفك00
    - اتسخرين مني ؟ انا برانت ! كنا مخطوبين 0 الا تذكرين 0 لكنني بدأت افهم لماذا تخليت عني 0من اجل هذا المكسيكي راميرز0
    تلعثمت من دون ان تتوقف لحظة عن النظر اليه بامعان :
    - انا 0 انا التي هجرتك ؟
    ثم لاحظت ان جوانيتا مازالت مكانها 0 فرمقتها بنظرة جافة وقالت لها :
    - جوانيتا , طلبت منك اعداد القهوة 0
    أجابت المرأة المكسيكيه قبل ان تبتعد :
    - نعم 0نعم 0ياسنيورا 0
    قالت لورا بلباقة وهي تجلس في مقعد من القش :
    - اجلس 0 ان جوانيتا ترعاني منذ الحادث 0
    - الحادث ؟ اي حادث0؟
    - انها قصة تافهه 0 كنت ممددة على الشاطئ تحت شجرة جوز هند 0فوقعت حبة من الشجرة وأصابتني في جبيني 0 ومنذ ذلك الوقت وانا فاقدة الذاكرة كليا0
    جلس الرجل على المقعد شاحب اللون وسالها وهو يحدق في عينيها :
    - هل صحيح انك لاتتذكرين اي شئ ؟
    - لاشئ او تقريبا 0 احيانا قليلة ارى صورا تنبعث من الماضي 00ويؤكد الأطباء انني سأستعيد ذاكرتي مع مرور الزمن ,’ لكن00
    ترددت 0هل بأمكانها ان تسأل هذا الرجل الذي كان يعرفها جيدا شيئا عن ماضيها ؟
    فقال برانت :
    - غريب 0انك لا تتذكرينني0
    لم تجب فقد جاءت جوانيتا لتضع الصينية على الطاولة وتبتعد0
    - يا لورا 0 كنا على وشك الزواج00وهذا امر لايمكن لانسان ان ينساه0
    سألته لورا وهي تسكب القهوة :
    - هل تزوجت من دييغو قبل ان افسخ خطبتي منك ؟
    - كلا0 لقد ارسلت لي خاتم الخطبة وقلت لي انك واقعة في غرام هذا الرجل 0
    - اني اشعر بأنني احببت دييغو منذ اللحظة التي رأيته فيها 0انه 00
    انهى برانت كلامها :
    - غني؟
    تقلصت لورا 0 ماذا يعني بذلك ؟ هل يعني انها فتاة انتهازية ؟
    - نعم انه غني جدا 0
    - وذو نفوذ , اعرف ذلك 0ومع ذلك ترك والدك يموت في احد السجون المكسيكية ! أي نوع من الرجال هو ؟ اني ارى ان00
    لكن لورا لم تعد تسمع صوته 0فقد استعادت ذاكرتها 0 فجأة كان رأسها يدق كالطبل وكذلك اذناها 0
    والدها 00دان ترانت 00تخيلت وجهه الرمادي , في زنزانة معتمة 0 وأمامه طاولة وضعت عليها الأباريق والزجاجات 0 وسمعت صوت والدها رافعا كأسه ويقول :
    - ليكن زواجك سعيدا مثل زواجي 00
    انتصبت ورفست بعنف مقعدها الذي سقط وراحت تصرخ مثل حيوان جريح:
    - أبي ! أبي ! أبي !00
    ثم غابت عن الوعي 0
    11- وتألق القلب

    لاح نور خفيف من وراء الستائر عندما فتحت لورا عينيها 0
    وانحنت جوانيتا الجالسة في كرسي قرب السرير , نحو الوجه الذي بدأ يستعيد لونه 0 فابتسمت لورا قليلا0 وانفجرت الخادمة بالبكاء وقالت وهي تتمسك بذراعها الممددة على الغطاء:
    -آه سنيورا 0 ما كان ينبغي ان اسمح لهذا الرجل بالدخول 0 آه, لو أدركت ان بأمكانه أن يؤذيك000! سامحيني يا سنيورا0
    تمتمت لورا بصوت مرتجف :
    - لست مخطئة يا جوانيتا 0في كل حال , لم يقصد برانت ايذائي 0ما000ما قاله لي اعاد الي الذاكرة بصورة صاعقة 0 وانفجر رأسي 0 هذا كل ما حدث 0
    ضغطت جوانيتا بيديها على صدغيها ونظرت الى لورا بخوف وقالت :
    - سيغضب السنيور 0 دييغو مني كثيرا , سيقول لي انني 00
    قاطعتها لورا قائلة:
    - لا تخافي ياجوانيتا 0 سأقول ان برانت دخل بالقوة 000أوه 00هل تمكنت من الأتصال بزوجي ؟
    - نعم سينيورا 0 تقريبا 00لم اتمكن من التحدث اليه شخصيا 0 تركت له رسالة مع مدير الفندق الذي كان عليه ان يتصل به عند السنيور فرانسيسكا بوردي 0حيث كان معها في زيارة عمل 0
    زيارة عمل 000صورة ممزقة نصف منسية برقت فجأة في مخيلة لورا 0 وتذكرت وجه دييغو الأسمر المنحني فوق وجه فرانسيسكا الملئ بالدموع 0لم يكن من الصعب تخيل نوعية الأعمال التي يقوم بها دييغو مع هذه الأرملة الشابة السمراء000
    قالت لورا كاذبة :
    - انني بحاجة الى النوم الآن 0
    - اخاف ان اتركك , يا سنيورا 0 ان السنيور دييغو 00
    - انا في حالة جيدة 0 يا جوانيتا 0 لاتقلقي علي 0 انني بحاجة الى قليل من الراحة 0
    - الاتريدين شيئا ما 0 يا سنيورا ؟
    - لا , شكرا 0 لا اريد ان يزعجني احد0
    لكنها لم تتوقف عن التفكير 0 كانت تستعيد الذكريات , الواحدة بعد الأخرى 0 كل حوادث حياتها الماضية تعود شيئا فشيئا الى مكانها 0 وعندما تذكرت موت والدها في السجن المكسيكي 0 بدأت الدموع تنهمر من عينيها 0 هل اعتقاله هو السبب الرئيسي لموته ؟ لم تنس لورا العشاء الذي تناولته برفقته في مطعم الميرادور 0 في ذلك المساء لاحظت ملامح وجهه المشدود 0 كان قد فقد حيويته العادية 0"انني اتساءل ما أذا كان قلبي يتحمل هذا النوع من الأنفعال " هذا ما قاله لها وهما يشاهدان الفطاسين يقفزون من اعالي الصخور 0 لقد اعتبرت هذا التعليق بمثابة مزحة 0 هل كان دان حينذاك مصابا بمرض القلب 0



    فجاء السجن ليعقد له الأمور 0 وتذكرت لورا وجهه الرمادي الشاحب خلال زياراتها العديدة له في السجن 0 كانت تعتبر ذلك ناتجا عن الجو المشحون داخل الزنزانة وابتعاده عن الشمس , والهواء , والحرية 0 وبرغم كل الاهتمام الذي كان يوليه دييغو لعمه , لم ينجح في إعطاءه الحرية التي كان يرغب فيها قبل أي شيء آخر0
    وأخذت الأفكار تعود باتجاه دييغو 00 إلى يوم الحادث الى الشاطئ 0 كيف نسيت تلك اللحظات السعيدة مع دييغو ؟ راحت تتذكر دييغو منحنيا فوقها يداعبها بحنان فائق 0
    كل شيء يعود الآن الى ذاكرتها في دقة تامة0 جاعلا إياها مرهقة ومتلاشية 0 في تلك المرحلة كانت تعرف أن زواجهما كان مهددا 0 فقد قبل دييغو فكرة فسخ الزواج ثم 00فرانسيسكا , المرأة , السمراء , الجذابة , ظهرت في المشهد بصورة مباغتة0 لماذا تعلق دييغو بهذه المرأة الأمريكية المتحررة وهو الذي يتمتع بعقلية مكسيكية متعصبة؟
    لكن حصل ما حصل على الشاطئ وعرف دييغو أنها كذبت عليه ليلة عرسهما تاركة إياه يعتقد أنها وبرانت كانا عاشقين00
    فجأة شعرت بانتفاضة في كل أنحاء جسمها 0 في ذلك النهار عندما كانت على الشاطئ 0 قبل الحادث كان دييغو يعرف تماما إن والدها مات وإذا كان قد عاد باكرا من مكسيكو فذلك لأنه تلقى مكالمة هاتفية من رئيس شرطة أكابولكو 0 لماذا أحبها في هذا النهار بالذات؟ كان والدها قد مات 0 ولا شيء يمنع فسخ الزواج فكان حرا بأن يتزوج فرانسيسكا عندما يتم فسخ الزواج0 هل لأنه فاجأ غييارمو معها أحس برغبة عنيفة في أن يجعلها زوجته في الحال 0 مهما كان الأمر كانت تصرفه وقحا وهو يعرف إن والدها مات 0
    نهضت من السرير وأسرعت إلى خزانتها 0 وبسرعة أخرجت حقيبتها الجلدية الحمراء وراحت تضع حاجياتها وهي تفكر بعصبية واضطراب 0 أين تستطيع الذهاب في اكابلوكو من دون أن يكتشف دييغو مكانها ويعيدها الى الفيلا ؟ إن الندم جعله يعتني بها عناية كبيرة منذ الحادث 0 وهي تفهم الآن لماذا كان ينتظر بصبر أن تستعيد ذاكرتها بصورة طبيعية0 ربما كانا يأمل بألا تشفى تماما0 في كل حال ألا يتمتع دييغو بحياة ذهبية؟ لديه زوجة وديعة وطيعة مدفونة في فيلا جاسينتا 0 وعشيقة ملتهبة في مكسيكو ؟
    أقفلت حقيبتها و نظرت إلى حقيبة يدها0 لديها من المال ما يكفي لأن تمضي بضعة أيام في فندق من الدرجة الثانية قبل أن تستقل الطائرة الى لوس أنجلوس 0 إنها لا تريد مغادرة اكابلوكو قبل أن تعرف إين دفنو والدها 0 كانت أمنيته أن يدفن قرب زوجته0 وستحاول أن تنقل جثمانه إلى مدافن لوس أنجلوس حيث ترقد والدتها0
    هل ما زال برانت هنا في اكابلوكو ؟ ربما , لكنه ينزل ولا شك في أحد الفنادق الفخمة التي تحيط الخليج 0 ولا مجال للورا لأن تذهب للبحث عنه هناك0 حيث يمكن لدييغو أن يكتشفها بسهولة0 00لا00 من الأفضل أن تنزل في فندق متواضع يقع على أحد التلال البعيدة عن الشاطئ 0 وهناك يمكنها أن تمضي وقتها من دون أن يلاحظ أحد وجودها 0 لم تجد أية صعوبة في صف السيارة في المطار والمرور بين مجموعة كبيرة من السياح الآتين من مكسيكو 0 لكن الأمور تعقدت فجأة عندما لمحت شبح دييغو الذي كان يرتدي بذلة رمادية شاهدته يرفع يده ليوقف سيارة أجرة0 ثم يدخل إليها وينظر في تقلص أمامه 0 إنه يستحق ما يحصل له الآن 0 ماذا اخبر فرانسيسكا ؟ عندما قرأ رسالتها لا شك إنه كان يبين ذراعي هذه المرأة السمراء 0
    - سنيورا 0
    توقفت سيارة تاكسي أمامها
    - أين تذهبين ؟
    - إني أبحث عن فندق صغير في حيي أكابلوكو القديم0
    قادة السائق التلال العالية وتوقف أمام بناء مؤلف من 4 طوابق 0 وقال:
    - إنه فندق روزاريو 0 سأسأل اذا كان ثمة غرفة فارغة 0 هل تريدين غرفة بسرير واحد ؟
    - نعم ولبضعة ايام فقط0
    دخل السائق الى الفندق وفهمت لورا انها ستدفع مبلغا ضخما للحصول على هذه الغرفة وأن السائق سيقبض عمولة 0
    هزت كتفيها في استياء وقالت ان هذه الأمور ليست مهمة في الوقت الحاضر 0 المهم هو ان تبتعد عن دييغو الذي لن يخطر في باله انها تقيم في مثل هذا المكان 0 كما انه اذا رأي سيارته في المطار سيفكر في الحال انها استقلت الطائرة الى كاليفورنيا ولن يفكر في البحث عنها في مدينة الحمامات 0
    ظهر السائق أخيرا :
    - هناك غرفة واحدة 0 يا سنيورا وسعرها مرتفع 0
    احمرت لورا غضبا عندما عرفت القيمة المتوجب عليها ان تدفعها 0 ان شقتها الصغيرة في بانوراما تكلف السعر نفسه0 لكن ليس امامها خيار آخر 0 اومأت اليه موافقة 0 وهبطت من سيارة التاكسي بينما اخرج السائق حقيبتها من الصندوق 0 رائحة العفن تتصاعد من البهو 0 ولدى دخولها انحنى صاحب الفندق السمين وابتسم لدى توقيعها على السجل 00 فقد وقعت باسم والدتها قبل الزواج : بربارة فوريس 0
    صعدت الى الغرفة في الطابق الثاني 0 انها صغيرة جدا 0 وفيها مروحة بطيئه 0 ومغسلة قديمة ومقعدان من القش وخزانة على بابها ستائر باهته تستعمل في الوقت نفسه كمنضدة للزينة 0 وفي احدى الزوايا سرير عريض من الحديد المقشر 0
    قالت لورا في قرف :
    - - انها غالية الثمن نسبة الى ماتحتويه من اشياء غير مريحة 0
    فقال صاحب الفندق وهو ينظر اليها في ارتباك ويتأمل ملابسها الأنيقة :
    - انه الموسم يا سنيورا 0ثم انك لم تحجزي من قبل 000
    - نعم اعرف 0 لن ابقى هنا مدة طويلة 0
    - سأرسل لك حقيبتك بأسرع ما يمكن 0
    قبل ان يجلب لها الخادم الحقيبة 0 لاحظت لورا ان السرير يطلق صريرا قويا وان المروحة تجلب هواء رطبا رائحته كريهة 0
    عندما اصبحت لورا وحدها 0 تمددت على السرير وهي تتصبب عرقا وثيابها تلتصق بجسدها 0 كانت تحدق بشفرات المروحة 0 ربما كان من الافضل لو انها ذهبت لتبحث عن برانت لتستدين منه المال لتستأجر غرفة تليق بها 0 لكن ربما اضطر لأن يطرح عليها اسئلة محرجة 0 وربما اقنعها بمنطقه مؤكدا لها ان دييغو لم يعد له حقوق عليها ما دام ارغمها على ان تتزوجه ابتزازا 0
    اغمضت عينيها كيلا ترى هذه الغرفة الحقيرة 0نعم 0 قانونيا 0 ربما لم يعد لدييغو أي حق عليها00لكنها تشعر بأنه يمتلكها جسدا وروحا 000لايمكنها ابدا ان تمنح رجلا آخر هذا الحب الممزوج بالشغف 0
    أيقظها دوي الرعد من نوم عميق 0 ارتعشت ثم نهضت خائفة لوجودها في هذه الغرفة الحقيرة المظلمة 0 من جديد 0 سمعت طرقات على الباب فتقدمت وهمست بصوت يرتجف وهي تشعل النور :
    - من 00من هنا ؟
    - - دييغو 0
    - ألقت نظرة خاطفة الى الغرفة آملة ان تجد وسيلة للهرب 0حينذاك شاهدت حشرات صغيرة تسرع بالأنسحاب من السقف وجدران الغرفة وتختبئ في ثقوب الخشب والجص 0
    ارتعبت لهذا المنظر وصرخت بأعلى صوتها 0 وفي الحال سمعت ضربة قوية وصوت الخشب المتحطم 0
    دخل دييغو من الباب وسألها :
    - لورا حبيبتي , ماذا جرى ؟
    - فأشارت لورا باصبعها الى الحشرات ذات القرون الطويلة المنتشرة هنا وهناك 0
    - جذبها نحوه واخفى وجهها بصدره وقال بصوت هادئ وهو يداعب شعرها :
    - - هذا لاشئ 0 ياحبيبتي 0 هذه الحشرات الصغيرة غير مؤذية 0
    هدهدها لحظة ليهدئ من خوفها , ثم ابعدها عنه بلطف وسألها :
    - هل انت مطمئنة الآن ؟
    - اشارت له برأسها ايجابا0
    - سألها وهو يشير الى حقيبتها الحمراء :
    - أهذا كل ما لديك من امتعه ؟
    - نعم 0 لم اكن احتاج الى اكثر من هذا 0
    حمل الحقيبة وقال :
    - تعالي 0
    كان صاحب الفندق ينتظرهما في المدخل فقال :
    - اني آسف ياسنيور راميرز 0 لم اكن اعرف ان السنيورا هي زوجتك000
    - كيف تجرأت على تأجير مثل هذا الكوخ القذر! أحب ان اعرف كم طلبت أجرة لمثل هذا المأجور ؟
    أطلعت لورا دييغو على المبلغ الذي دفعته 0 فحدج دييغو صاحب الفندق بغضب وقال :
    - عليك أعادة ثلاثة ارباع المبلغ الذي قبضته 0 في الحال والباقي يكفي لتصليح الباب الذي خلعته الآن 0 انك تفقد سمعتك بطريقة ذليلة 0
    راح الرجل يعتذرشارحا وضعه 0 ولما أعاد المبلغ 0 اخذ دييغو لورا بذراعها وخرجا معا الى الشارع حيث تنتظرهما سيارة المرسيدس 0
    صعدا الى السيارة وأقلع بها دييغو سالكا اتجاه وسط اكابلوكو 0 ران صمت ثقيل 0 أخيرا سألته لورا بصوت خفيض من دون ان تجرؤ عليلى النظر اليه:
    - كيف توصلت الى اكتشاف مكان وجودي ؟
    - لم يكن ذلك سحرا 0 صحيح انك تركت السيارة في المطار لتوهميني أنك غادرت البلاد 0 ولكنني لم انخدع بذلك 0 اني اعرفك جيدا 0 وأعرف انك لن تغادري أكابلوكو قبل ان تعرفي أين دفن والدك 0 لقد بحثت عنك في كل فنادق المدينة ابتداء من الفنادق الفخمة 0 ولما وصلت الى هنا , قرأت اسم والدتك على سجلات فندق روزاريو 0
    - اسم والدتي ؟ كيف عرفت ان هذا الأسم هو اسم زالدتي ؟ لم اذكره امامك أبدأ 0
    - قرأته على مقبرتها عندما كانوا يدفنون والدك الى جانبها 0
    أطلقت زفرة ممزقة 0
    - لورا حبيبتي , هل تذكرين00كل شئ ؟
    همست بعدما أزاحت وجهها عنه حتى لايرى الدموع في عينيها :
    - نعم0
    ثم أضافت بصوت متقلب :
    - اني سعيدة لأن والدي دفن قرب والدتي 0شكرا 00على ذلك0
    سألها بحيوية :
    - لماذا تشكرينني على هذا فقط ؟ الم افعل كل ما بوسعي لأعالجك وأهتم بك بعد الحادث الذي افقدك الذاكرة ؟
    أطلقت ضحكة صفراء وقالت :
    - حتى اليوم لم اكن اصدق المثل الذي يقول " ان الجهل هو سلام الحياة " لم تقل لي شيئا يا دييغو 0 ولم تعلمني بموت والدي 0 ولا اذكر ما تبقى من احداث عندما يجهل المرء سوء حظه 0 فلا يتألم من ذلك أليس هذا صحيحا؟
    قاطعها بلهجة ساخطة :
    - كفى يالورا ! سنستأنف هذا الحديث في المنزل 0
    المنزل ؟ اين منزلها ؟ انها لاتذكر شيئا عن فيلا جاسينتا ولا عن مسكنها الفخم في مكسيكو قبل وفاة والدها كان منزلها الحقيقي هو يخته 0 فماذا حل باليخت ؟
    وما ان وصلت السيارة الى مدخل فيلا جاسينتا حتى تذكرت لورا فجأة جوانيتا وكارلوس ماذا يقولان عن اختفائها ؟ هل هما على علم بالحادث الذي حصل بينها وبين غييارمو مباشرة قبل الحادث ؟ ربما نعم , لأنها منذ ذلك الحين لم تعد تسمع عنه شيئا 0
    استقبلتهما جوانيتا الشاحبة اللون قلقا 0 وفي صوت خافت حيتهما ثم سألت دييغو ماذا يريد ان يتعشى ؟
    - أحضري لنا شيئا 0سنتناول العشاء في الصالون الصغير 0
    شعرت لورا انها على وشك الانهيار عندما تركها دييغو في الغرفة الكبيرة التي لم تكن تتصور انها ستراها مرة اخرى 0 ولكنها بعدما اخذت حماما فاترا شعرت بالأسترخاء والأرتياح0

    كانت جالسة أما منضدة الزينة تسرح شعرها الأشقر عندما دخل دييغو الى الغرفة 0 كان يبدو شديد السمرة بقميصة الحريري الأبيض وبنطلونه الأزرق الفاتح 0 وشعره الأسود السميك الرطب مملسا الى الوراء 0 ولدى رؤية زوجته في قميصها الحريري الأخضر , لمع بريق في عينيه الداكنتين0
    - عندما تصبحين مستعدة 0 سنتوجه الى الصالون الصغير لنتحدث في امور كثيرة0
    قالت وهي تلقي نظرة أخيرة الى المرآة قبل ان تنهض :

    - هل أنت متأكد من ذلك 0 كان يبدو لي أن الأمور واضحة بيننا0 لقد مات والدي 0 ولم يعد هناك مبرر لاستمرار زواجنا 0 لقد وعدتني بأن تعيد لي حريتي 0
    قال دييغو :
    - إن زواجنا هو الآن أمرا واقع, يا حبيبتي 0 لم يعد بإمكاننا الرجوع الى الوراء0
    لم تتمكن من إخفاء توترها فابتعدت وأزاحت الستائر عن النافذة0 ونظرت إلى الليل والقمر الذي كان بدرا0
    - لا شك أن هنأك مجالا لفسخ الزواج0
    انتفضت لدى شعورها بيدي دييغو تربتان على كتفيها 0 فلم تسمع صوت خطواته0 وسألها:
    - لماذا ؟لماذا 00تحبين ان تعذبينني؟ ألا يمكننا أن نعيش سعيدين؟ ألم نختبر معا الفرح في تقاسم الحب؟ تذكري يا حبيبتي على الشاطئ 0 كنت تريديني كما كنت أريدك 0 اعترفي بذلك0 يا لورا 0 كوني مخلصة وصادقة مع نفسك0
    نظرت إليه ثم اغمضت عينيها 0 هل بإمكانها أن تنسى ما حدث معها في ذلك اليوم0 على الشاطئ تحت شجرة جوز الهند؟
    همس دييغو في أذنيها وهو يعانقها :
    - لم تستطيعي يوم ذاك ان تخفي حقيقة أحاسيسك0
    ومرة أخرى راحت تشعر بالذوبان لدى ملامساتة البارعة 0 وراحت هي بدورها تلامس عنقه ثم حملها بين ذراعيه ووضعها على السرير 0 حاولت أن تقاوم لكن بدون جدوى لكنها قامت بجهد كبير للتخلص من قبضة دييغو وعناقه0 ووقفت وهي تنظر إليه في احتقار وقالت :
    - كيف تجرؤ على ملامستي ؟ ادخر ملامستك البارعة لفرانسيسكا لأنها بلا شك تقدرها00
    - لا افهم 0مادخل فرانسيسكا في الموضوع ؟
    ضحكت لورا بسخرية وقالت:
    - ربما نسيت يا دييغو , لكنني مازلت أذكر كل شيء, أذكر الليلة التي أمضيتها معها بعدما شاهدتكما متعانقين 0 كما أنك كنت وقحا للغاية اذ أنك ما ان خرجت من سرير عشيقتك حتى لحقت بي مصرا على القيام بواجباتك الزوجية برغم أن كنت تعرف تماما أن والدي ميت على بعد مسافة قصيرة من هنا انت رجل كريه وفظ0
    صرخ دييغو , شاحب اللون :
    - لا , هذا غير صحيح , أعترف بأنني ربما كنت عنيفا ذلك اليوم على الشاطئ 000لكن 00 إني أقسم لك بأنني لم أكن أعرف أن والدك مات 0
    - هذا مستحيل لقد اتصلت بي رئيس شرطة أكابلوكو في اليوم الذي كنت على موعد مع وزير العدل 0 قال لي أن والدي00 ذهب00 اعتقدت أن00ان00 اعتقدت إنهم نقلوه الى مكسيكو 0 ليصار إلى محاكمته بسرعة لقد00 أعطيت الشرطي رقم هاتفك في المنزل وفي المكتب حتى يتمكن من الاتصال بك0
    اقترب دييغو منها وضع يديه الاهبتين على كتفيها:
    - لم أتلق أية مكالمة 0 ربما لأني كنت حينذاك في الطائرة 0 لقد أخبرني وزير العدل أنهم ألقوا القبض على الرجلين الذين استأجرا اليخت من والدك وهذان الرجلان اثبتا براءته وجئت بسرعة لأخبرك بالأمر0
    - تريد أن تقول أن السلطات كانت أطلقت سراح والدي؟
    - نعم 0 لم اعرف أنه مات إلا بعد الحادث الذي تعرضت له0 00لورا هل بإمكانك الأعتقاد لحظة واحدة إنه بوسعي أن أجعلك امرأتي بالفعل لو كنت على علم بوفاة والدك؟
    - كنت اعتقد أنك كنت تريد أن تربح على الجهتين0 فرانسيسكا في مكسيكو , وانا هنا 00
    قال مستغربا وهو يحك رقبته :
    - يا الهي0 لو عشت 100000 سنة فلن اتوصل إلى معرفة كيف يعمل دماغ المرأة؟ لكنني في ذلك اليوم كنت أحبك كثيرا ولا يمكن لأحد أن يمنعني من التعبير عن حبي0 الم تشعري بذلك؟ هل في إمكاني التعبير عن حبي لو كان ثمة امرأة أخرى في حياتي ؟ أنا لا أتظاهر بالحب إني أحبك حقا0 وانا مجنون بحبك منذ اليوم الأول الذي التقيتك فيه0 كيف تستطيعين التفكير أن هناك امرأة أخرى؟
    - ليس هذا صعبا0 الم ارك تعانق فرانسيسكا ؟
    - هل تغارين منها يا حبيبتي ؟
    - نعم اكتشفت تلك الليلة بالذات انني أحبك 0 انتظرتك بحرارة وبلهفة لكن بدلا من أن تعود إلي رأيتك تذهب معها00
    - آه يا حبيبتي !
    وبسرعة أقترب منها وأخذها بين ذراعيه وجذبها الى السرير 0
    - تعالي 0 دعيني أشرح لك ما حدث0
    وضع دييغو ذراعه حول خصرها وقال :
    - عندما كنت صغيرا كانت فرانسيسكا تصغرني بسنتين فقط وكنا مخطوبين 0 وأهلنا يحبون هذه العلاقة 0 لكن القدر كانا مختلفا0 تعرفت فرانسيسكا الى انطوان وأحبته وتزوجته بينما كنت أحلم بالمرأة التي ستصبح يوما ما زوجتي ورفيقة حياتي 0
    أطلق زفرة عميقة ثم تابع يقول:
    - مات انطوان وعادت فرانسيسكا الى مكسيكو حيث بدأت أعمال زوجها تنهار فطلبت مني أن أساعدها 0 وهذا العناق الذي حصل بيننا هو عناق الأخوة0 صحيح أنني رافقتها تلك الليلة إلى منزلها0 لكني لم أبقي مدة طويلة0 أمضيت الليل كله اقاوم رغبتي في اللحاق بك000
    - آه 00
    - لو جئت كما وعدتك به ياحبيبتي لكنت أصبحت ليلتها زوجتي 0 لكني كنت أخشى مجابهة كرهك 0 كيف لي أن أعرف أن عواطف نحوي تغيرت؟
    - في كل حال لم تكن تريد امرأة أحبت أحدا قبلك0 زوجة لك0 ليلة عرسنا تركتني بعدما اعتقدت أني كنت عشيقة برانت 0
    هز دييغو رأسه وقال :
    - في الحقيقة لست متشبثا تماما بهذا الموقف0 يمكنني أن أقر بعض التصرفات ولكنك عندما لفظت في تلك اللحظة الحاسمة اسم برانت , تأكدت تماما أنك ما أحببتني ولهذا السبب وعدتك بأن اعيد لك حريتك عندما يخرج والدك من السجن 00وثم00
    - ثم ماذا 000؟
    - بعد الحادث الذي وقع لك 0 قلت ورددت مرارا أنك تحبينني وانك تريدينني 0 لكنني لم أكن قادرا على ان البي رغباتك0 كما حصل بيننا على الشاطئ00 لقد اجبرتك على أن تستسلمي لي 00
    وبطرف اصابعها , لمست لورا شفتي دييغو وقالت :
    - إذا كانت ذاكرتي سليمة0 فإنني أذكر أنني تجاوبت معك 0 في ذلك اليوم على الشاطئ0 صحيح أنك كنت تحبني منذ البداية؟
    - لم اكف عن التفكير فيك منذ اليوم الأول0 أنت أغلى شيء عندي في العالم 0 أنت امرأة أحلامي إلى الأبد0 لا يمكنني أن أعيش من دونك0
    - حتى وان لم أكن في مستوى والدتك؟
    - والدتي ؟ ما دخل والدتي بالأمر؟
    - تعتقد كونسويلو أنك أسير حبك لوالدتك0 وهي تعتقد بأنك تزوجتني فقط لإنني أشبهها 0
    - هذا خطأ إنها تتحدث على هواها لتجعلك تغارين 0 كانت تأمل دائما بأنني سأتزوجها بعد وفاة أخي0, زواجي منك أغضبها0
    - آه , دييغو 0لقد ارتحت الآن 0لم أكن أعرف00
    وضعت لورا رأسها على كتف زوجها وأضافت في خجل:
    - هل تغفر لي لأنني شككت فيك؟
    - وأنا أيضا يا حبيبتي أعترف بأنني أتحمل بعض المسئولية0
    - ما علينا إلا أن نبدء من جديد0
    - وأن نعوض الوقت الضائع وألا ننتظر دقيقه واحدة


    نهاية
    طبعا انني عالمة ماذا حدث بعد هذا تم ازالتة احداث باقية سبب رومانسية 18+

    نتمنى تنال اعجابكم انني اسفة فصل الاخير اصبح كبير قمت اظافة احداث لة لزيادة تشويق

    الى لقاء في رواية جديدة الاسبوع القادم
    ماريا انطونيو

  2. #2
    من المشرفين القدامى
    تاريخ التسجيل: November-2019
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 40,178 المواضيع: 14,307
    صوتيات: 462 سوالف عراقية: 8
    التقييم: 33939
    آخر نشاط: 30/August/2021
    مقالات المدونة: 4

  3. #3
    من المشرفين القدامى
    نـوتيلآ
    تاريخ التسجيل: August-2014
    الدولة: العرآق _مـيسـآن
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 70,145 المواضيع: 2,180
    صوتيات: 3 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 39730
    مزاجي: حسـب آلظـروف
    أكلتي المفضلة: آلسـمـگ
    موبايلي: كلكسي Ã12
    آخر نشاط: منذ يوم مضى
    مقالات المدونة: 2
    كلش طويله هههه

    يسلموو

  4. #4
    المشرفين القدامى
    إعلامي مشاكس
    تاريخ التسجيل: February-2015
    الدولة: Iraq, Baghdad
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 29,554 المواضيع: 8,839
    صوتيات: 9 سوالف عراقية: 6
    التقييم: 22065
    مزاجي: volatile
    المهنة: Media in the Ministry of Interior
    أكلتي المفضلة: Pamia
    موبايلي: على كد الحال
    آخر نشاط: 5/October/2024
    مقالات المدونة: 62
    قصة جميله وانا نصحتها اما ان تجعل الجزء الخامس فصلين لكي تسهل عملية القراءة او تجعل منه فصل سادس

  5. #5
    عضو محظور
    أم بيلسان
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حہيہدر الہبغہداديہ مشاهدة المشاركة
    قصة جميله وانا نصحتها اما ان تجعل الجزء الخامس فصلين لكي تسهل عملية القراءة او تجعل منه فصل سادس
    ليس كان لدينا وقت كافي اقوم هذا ياعزيزي هل تعلم كنت نقوم تنزيل القصة وانا جالسة صالة انتظار المطار هناك الاصدقاء يهتم قراءة قصص الغربية لا يهتم كانت طويلة يكملها حتى يعرف الاحداث
    وبعض لا يقول ممله وطويلة لكن يقراءها سبب الرب خلق الانسان صفة حب القراءة كسب معرفة ها ها ها

  6. #6
    عضو محظور
    أم بيلسان
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة انثى مخمليةة مشاهدة المشاركة
    كلش طويله هههه

    يسلموو
    ليس كان لدينا وقت كافي اقوم هذا ياعزيزتي هل تعلم كنت نقوم تنزيل القصة وانا جالسة صالة انتظار المطار هناك الاصدقاء يهتم قراءة قصص الغربية لا يهتم كانت طويلة يكملها حتى يعرف الاحداث
    وبعض لا يقول ممله وطويلة لكن يقراءها سبب الرب خلق الانسان صفة الفضول كسب معرفة ها ها ها

  7. #7
    عضو محظور
    أم بيلسان
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ‌‏ᓆ‏j‏g‏ᓄ‏⍺ مشاهدة المشاركة

    شكرا لك عزيزتي الجميلة

  8. #8

  9. #9
    عضو محظور
    أم بيلسان
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Seppala مشاهدة المشاركة
    شكراً على نقل القصة صديقتنا
    لي عودة لقراءتها
    شكرا لك عزيزي نتمنى لك استمتاع بها وايضا نتمنى لك يوم جميل ورائع

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال