في بلدي
وعيون عوض الدّموع ذرفت دماء . والجروح نزفت دموعا بدل الدّماء . ما عاد للّيل سكون ولا للنّهار بهاء. و الخلاصة انتهت الحياة عند باب مسجد تمدّ يدها لهذا وذاك .
أو في طريق آهل أهله الضّعفاء .
لا يملكون لحظة يعطونها للحياء . نستيقظ وفي قلوبنا صرخة من السّماء. ونخرج من البيت فتلفح أوجهنا نسمة هي نار يوم لا نعرف له منتهى . أمّا الآخرون ، فالدّموع لم يعرفوها إلى حدّ الآن وقد يسألونك عن معناها. والجروح عندهم إن قريبة أو بعيدة فهي مصدر للفكاهة . فألمها لا يعني لهم شيئا. والمجروحون في أعينهم كمشة من الخرقاء . وآلامهم فرصة للأغنياء . ينهمون منها ويبيعون الدّواء . دواء يجعلنا نتعلق بالهواء . ما نلبث حتّى نسقط في الخواء. ثمّ تنطلي الحيلة على البسطاء و يتواصل الهراء. يأتي أحدهم فيجمعنا تحت سقف في غرفة صمّاء..ويعلن أن سيبدأ العطاء فهلمّوا وباشروا الانتقاء. ورصّوا الصّفوف فالعطاء للأوفياء . نصطفّ وننتقي قادة ووزراء ثمّ نقف منتظرين الأداء . فنسمع ونرى عود على بدء كما الصّدى.. حيلة هي مسألة العطاء لا مفاد منها و لا رجاء . سأقول لكم قول الأبرياء . أين وعدكم يا سادة في الخطب كالأنبياء. ثمّ رحلتم وغلّقتم باب العطاء. طرقنا الباب كأنّنا أصدقاء .لكنّنا عدنا منه كالغرباء. وما جمعنا من اصطفاءكم غير البكاء. اصطفيناكم قادة للرّخاء فحمّلتمونا حقائب الفناء وتناسيتم عهدكم للفقراء. لن تسامحكم الدّماء.. لن ينساكم الشّهداء.. وقبل هذا سنعيد الانتقاء ولن نكرّر خطوة الغباء.
رشدي الخميري