رؤيتي للترشح – إبراهيم بحر العلوم
بناء على سلسلة اتصالات كثيرة من الأصدقاء والمتابعين والإعلاميين والمعنيين الأعزاء كانت جميعها تحمل سؤالاً محدداً حول الموقف من ترشيحي لموقع رئاسة الحكومة الإنتقالية في ظل الظروف الراهنة التي يعيشها عراقنا الحبيب، كنت قد آثرت الابتعاد عن إجابة السؤال المشار إليه، لعدم تعكير الأجواء امام الكتل السياسية لإيجاد مرشح اخر مقنع للشعب؛ بيد أن الإلحاح المتزايد من المخلصين للتعرف على موقفي الشخصي حيال هذا الأمر من جهة، والتأخير في طرح أي مرشح من جهة ثانية لم يدعا لي سبيلاً غير أن أطرح قناعتي المنبثقة من قراءة أزعم أنها عميقة تتصل بالمباشر في قبولي أو رفضي لعملية الترشح وأود إيجازها بالنحو التالي:
أولاً: حالما طرح عليّ الترشح لرئاسة الوزراء بتاريخ 1-12-2019 فكرت مليّاً بما يتعين عليّ فعله لأكون أميناً وصادقاً مع نفسي وقادراً على الإستجابة لمطالب ومشاعر العراقيين الأعزاء والمرحلة التي يمر بها وطننا الغالي، بعيداً عن الأهواء النفسية او المصلحية التي قد يفرضها الموقع المتقدم في الدولة، وبذلك قدمت رؤيتي مشروطة ومكتوبة في تأريخ 5 -12- 2019 بما يخص الكتل السياسية واخرى كنت سألتزم بها مع المتظاهرين.
ثانيا: أعلم جيداً أن المهمة الملقاة على رئاسة الحكومة المؤقتة تتمثل في إيجاد مناخات سليمة وملائمة لإجراء انتخابات مبكرة ونزيهة تتيح للعراقيين مشاركة أوسع في اختيار ممثليهم في السلطة التشريعية بما يستوجب الضغط لتشريع قانون انتخابي عادل ومنصف بإشراف مفوضية انتخابات مستقلة وحصينة من التأثيرات السياسية الى جانب اشراف ومراقبة دولية وضمن الالتزام بتوقيتات زمنية محددة.
ثالثاً: تخويل المرشح تشكيل حكومة مستقلة تمام الاستقلال عن تأثيرات القوى السياسية مع اعتماد معايير الكفاءة والنزاهة التي يجب اعتمادها في المواقع التنفيذية كافة بعيدا ً عن المحاصصة والمصالح الفئوية الضيقة وتضم فيها كفاءات شبابية لغرض تأهيلهم لقيادة المرحلة القادمة، والمحافظة في نفس الوقت على نسب التوازن المكوناتي على ان تكون شروط اختيار وزرائها خارج اطار المحاصصة كما أشرنا أعلاه.
رابعاً: ضرورة الإيفاء بالتعهدات أمام الشعب العراقي على صعيد تنفيذ البرنامج الحكومي الذي يواجه ثلاثة تحديات رئيسة تتمثل بالصراع الدولي – الاقليمي، وصراع هيمنة الفساد مع معركة الاصلاح، وصراع هيمنة الدولة العميقة مع حكومة مستقلة تنحاز للاعتدال وعموم الشعب، وكذلك كشف نتائج اللجان التحقيقية ذات الصلة بالاعتداء على المتظاهرين وعناصر الأجهزة الأمنية ومن ثم تقديم الجناة الى ساحة القضاء ليأخذ كل ذي حق حقه وفق القانون.
خامساً: حصر السلاح بيد الدولة وكشف ملفات الفساد بصورة شفافة وعادلة الى جانب تحكيم السيادة العراقية وحماية القرار العراقي.
سادسا: تجاوز إخفاقات المرحلة الماضية والنظر الى تطلعات المواطنين بتحقيق الامن والاستقرار والعدالة الاجتماعية وتلبية مطالب المتظاهرين السلميين، وان تنال الحكومة المؤقتة عدم ممانعة الكتل السياسية وثقة الشعب للوصول الى حكومة وطنية جامعة تحظى بالشرعية.
إن عدم التوافق بين القوى السياسية التي فاتحتني بالترشيح على الرؤية آنفة الذكر لاجتياز المنعطف الحاد الذي يمر به العراق جعلني انأى بنفسي عن رئاسة الحكومة المؤقتة، فضلاً عن أيماني الراسخ في أن الوضع الذي وصل إليه العراق بحاجة ماسة الى الترفع عن المصالح الفئوية والشخصية كما أن العراقيين بصبرهم الطويل لاسيما الشرائح التي تعاني وضعاً إقتصادياً ضاغطاً يستحقون الكثير من تجاوز المصلحة الذاتية بقدر ما يستحقون الإيثار والتضحية بما توجبه على المسؤول استحقاقاتهم المشروعة واللازمة التحقق الواجب.
حفظ الله العراق وشعبه وتغمد أرواح شهداء الانتفاضة بالرحمة والرضوان والدعاء للجرحى بالشفاء العاجل، والله تعالى من وراء القصد.
د. 23 كانون الأول 2019