مَن هُم ممثلو الشعب؟ – علي العكيدي
يتم الحديث عن السلطة التشريعية أو مايُعرف بمجلس النواب العراقي ،عند الكلام عن الواقع السياسي المتأزم في العراق ،وبين تفاصيل الحديث وشجونه تتعامل الناس مع واقع الحال العراقي وتعطي أراءِها مشفوعة بالتجارب المرة وواقع الدولة الذي يتراجع يوماً بعد آخر في ظرف إيجابي من ناحية المردودات المالية لو تم استثمارها بشكل جيد لكان الواقع الذي نعيشه الأن أفضل مما هو عليه عشرات المرات .
مجلس النواب كما هو معمول به في كل الدول التي تتعامل مع الديمقراطية كنهج سياسي ،هو سلطة تشريعية سواء في النظام البرلماني أم الرئاسي ،ويطلق على أعضائه صفة ممثلي الشعب ،كونهم اناساً وصلوا لعضوية البرلمان عن طريق الانتخابات ،وفي العراق منذ عام 2003م الى اليوم تصدرت المشهد السياسي خمس دورات برلمانية،أولى هذه الدورات كانت تسمى بالجمعية الوطنية وكانت تأسيسية مكونة من مئة عضو ،هيأت الأجواء للانتخابات الأولى،وهكذا توالت الدورات ولم يتضح على أرض الواقع اي انجاز له قيمة ،بل على العكس تراجع البلد عما كان عليه سابقا،وهكذا كان المشهد المُنتج من قبل السلطات الثلاث وعلى رأسها مجلس النواب ،فالناس تعتب على مجلس النواب كونه هو الذي يُمثل الشعب ،لذا فهو من يتحمل مسؤولية الفشل أو يشار له بالبنان في حالة النجاح ،وبما ان الفشل كان حليف المجلس طيلت السنوات الماضية ،وبما ان الدور الريادي له كسلطة تشريعية كان خاملا وراكدا،ولم يرتقي للمسؤولية الملقاة على عاتقه ،فضلا عن الحالات الخارجة عن القانون والتي كان يتعامل بها البعض من أعضاءه مع المواقف المهة للسلطة التشريعية التي تتطلب الحزم والشدة حفاضا على المصلحة العامة ،كل ذلك وغيره أدى الى تراجع الدولة بعد إن غاب الدور الرقابي للبرلمان ،أو بالأصح تجاهل النواب دورهم الرقابي بمتابعة السلطة التنفيذية ،حيث أصبحت الرشا العامل المشترك لسلوكيات الكثير من أعضاء البرلمان الذين فضلوا مصلحتهم الخاصة على مصلحة الوطن والمواطن،وبذلك فقدوا الصفة التي يتمتعون بها كممثلي للشعب ،فالشعب يبحث عمن يهتم بشؤونه ومصلحه وطنه،وعكس ذلك سوف يجردهم من صفتهم المهنية تلك ،ونتيجة لكل المأسي التي تعرض لها الشعب في ضل مجالس لم تراعي ظروفه ،ظهر الشعب على ساحة الأحداث متحديا ليس السلطة التنفيذية وحدها بل كل السلطات رافضا وبشكل مطلق ،مايمر به البلد من تخــــــلف وتراجع وتبعية ،وقد مر على انتفاضة الشعب بكل فئاته وخاصة الشباب أكثر من شهرين وهم ينادون بتغير النظام السياسي الذي لم يخدم طموحات الناس .
وطوال المدة والشباب المنتفض في أغلب محافظات العراق صامد في ساحات الاعتصامات رافعا شعارات وطنية يطالب بها بعودة الوطن الى أهله بعد أن سلبته أرادة الاحزاب وأجنداتها غير القانونية ،وفي مقارنة بين المجلس المنتخب للدورة الماضية بنسبة 19 بالمئة كما أكدت حينها بعض الجهات الأجنبية صاحبة الشان ،وبين المتظاهرين من الشباب الذين أيدتهم وساندتهم بالقول والفعل كل قطاعات الشعب تقريبا.
أصبح الذي يمثل الشعب ويتكلم باسمه ويسعى لتغيير واقعه المتخلف والمتراجع هم شباب الثورة التشرينية،الذين تلقوا الرصاص بصدور عامرة بحب الوطن وعليه فان من يُمثل الشعب هم ليس أولئك الذين تعج بهم وبأرائهم المتناقضة قاعة المجلس النيابي – لانهم في الحقيقة الملموسة لم يقدموا للناس مايتمنون ويرغبون- بل هم الشباب الثائر الذي جعل من ساحات الإعتصام قاعات دائمة له لم يغادروها حتى تغُير الوضع السياسي المتردي ،فهم بحق أصبحوا هم مَن يمثل الشعب بكل مايريده ويرغب بتحقيقه..من أجل وطـــــن مستقل وأمن يحتضن أبناءه ويســـــعدهم بدوره الكبير في الحيـــــــــاة كما كان كذلك عبــــــرتاريخه المشّرف.