أتحدى أن نجد عراقيا يشعر بالراحة والسعادة في العراق باستثناء السياسيين وعوائلهم ومقربيهم والتابعين لهم،
عندما أزيح تمثال صدام من ساحة الفردوس ظن العراقيون أنهم سيعيشون أسعد أيام حياتهم
ولم يكونوا يتوقعون أن عرى البلد ستتفكك وأن الناس ستتفرق شيعا وأتباعا
بفضل حكمة قادتنا الموقرين الذين لم يتوقفوا منذ يومها عن إتحافنا بكل ما هو فاشل وارتجالي.
إذا افترضا أنه لا شيء في السياسة يحدث بالمصادفة، فإنه يفترض أن نوجه تحية كبيرة للمالكي وبعض مقربيه
لأنهم أبدلوا ملفات مثل محاسبة قتلة شباب التظاهرات، وقانون عادل للانتخابات، وحكومة مستقلة بملف آخر اسمه تنصيب قصي السهيل،
ففي كل يوم يصحو العراقيون على سؤال جديد هل سيتركنا المالكي في حالنا؟
ليلحقه سؤال آخر وهل سيقبل المالكي أن يعتزل ويعتذر عن سنوات الخراب؟
وليجد الجميع أنفسهم أمام لعبة جديدة اسمها لعبة المالكي وتحالف البناء والتي حتى هذه اللحظة لا يعرف أحد كيف تفك ألغازها.
من كان يصدق أن التغيير الذي قدم من أجله العراقيون على مدى ثلاثة عقود تضحيات جسام
يمكن أن ينتهي إلى أن يتحكم في مصير العراق مواطن لبناني اسمه محمد الكوثراني يتولى ملف الأزمة العراقية ؟ ،
ويصر على أن ليس بالإمكان أحسن من قصي السهيل، وهل دار في خلد العراقيين جميعا
وهم يشاهدون تمثال صدام يسقط في ساحة الفردوس أن أروقة البرلمان ستشهد خطبا رنانة
تلقيها عالية نصيف أو محاضرة في حب الانتهازية ينشدها محمد الحلبوسي؟. اليوم نتساءل جميعا
هل ما وصلنا له كان بفعل وتخطيط مسبق أم أنه نتاج سياسات عشوائية أفرزت كل هذا الواقع المرير؟.
بغض النظر عن الإجابة فالنتيجة واحدة وهي أننا بعد أكثر من ستة عشر عاما على التغيير فإننا لا نجد شخصين إلا ويتفقان على شيء واحد
هو هل ستعتذر أحزاب السلطة عن سنوات القتل ونهب المال العام وتخريب مؤسسات الدولة؟.
أكاد أن أجزم أن السيد نوري المالكي ومعه بعض مقربيه يضحكون كل صباح وهم يتابعون انشغال الناس بقضية تعيين قصي السهيل..
وكأننا ايها السادة وبعد استشهاد اكثر من 500 مواطن وجرح الالاف ، نعود الى نقطة الصفر
حيث ترفض الكتل السياسية ان نتعلم من تجربة الستة عشر عاما التي مارست فيها لعبة الانتهازية والمحاصصة
وفرض الامر الواقع ، وكأن القوى السياسية أمام خيارين لا ثالث لهما، الفوضى أو السكوت، وبوضوح أكثر،
يمكن القول إن القوى السياسية تعتقد ان تنصيبها قصي السهيل ستسجل هدفاً في مرمى المتظاهرين ،
بينما الاحداث تقول كلما تعنت ساسة الخضراء ، فان ساحات الاحتجاج تسجل اكثر من هدف مشرف وقاتل .