الرضي الاسترباذي
(ت. 686هـ/1287م) هو واحد من أفذاذ المحقِّقين في علم العربيّة وصاحب الشّرحَيْنِ المشهورَيْنِ شرح كافية ابن الحاجب في النحو، وشرح شافية ابن الحاجب في الصرف.
محمّد بن الحسن رضي الدين الأستراباذي نسبة إلى أستراباذ من أعمال طبرستان في شمالي فارس ولُقِّبَ ب"نجم الأئمة".
وقد ضنت المصادر بترجمة وافية للرضي، فلم تذكر شيئاً عن حياته ومشيخته الذين تتلمذ لهم، ولا التلاميذ الذين انتفعوا به، بل إِنّ السيوطي (ت911هـ) ذكر أنّه لم يقف على اسمه، وعبد القادر البغدادي (ت1093هـ) على شدّة تحرّيه واستقصائه قال: ولم اطَّلع على ترجمة له وافية بالمراد.
قامت شهرة الرضي على شرحَيْهِ للكافية والشافية، والكافية مقدمة وجيزة غلب عليها طابع الصياغة المنطقية واقتصر فيها صاحبها ابن الحاجب على أبواب النحو، وقد شُرِحَتْ شروحاً كثيرة بالعربية والفارسية والتركية أهمها وأشملها شرح الرضي عليها، ولم يُؤلَّف عليها مثلُه جمعاً وتحقيقاً وحُسْنَ تعليل. وللرضي فيه أبحاث كثيرة واختيارات جمّة ومذاهب تفرّد فيها.
وهذا حفز الناس في اعتماده وتداوله، وأثنى عليه نفر من العلماء، قال الشريف الجرجاني: «إن شرح الكافية للعالم الكامل نجم الأئمة كتاب جليلُ الخطر، محمود الأثر، يحتوي من أصول هذا الفن ـ أي علم العربيّة ـ على أُمهاتها، ومن فروعه على نكاتها...».
والشافية مقدمة وجيزة في مسائل الصرف، وفيها كلام على بعض مسائل الخط. وقد شرحها الرضي أيضاً شرحاً مسهباً ناقداً، وأفاض في شرح المسائل الصرفية مستعيناً بالشواهد والتنظير.
وقد تناول عبد القادر البغدادي شواهد شرحَيْ الرضي على الكافية والشافية، فأفرد لشواهد شرح الكافية كتاباً عظيم النفع أسماه «خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب» ويعد هذا الكتاب أعلى موسوعة في علوم العربية وآدابها، وبلغت فيه شواهد الرضي 957 شاهداً من شواهد العربية، ثمّ أفرد لشواهد الشافية كتاباً أسماه: شرح شواهد الشافية للرضي وبلغت عدة الشواهد 190 بيتاً، وأضاف إليه شواهد شرح الجاربردي (ت746هـ) على الشافية أيضاً.