بسم الله الرحمن الرحيم
السمَرُ هنا ذات لون مختلف.. وطعمٌ لايضاهيه الشهد بحلاوتهِ
وعطرٌ لن يبلغ شذاه المسك ولا العنبر.. فكل يوم أنا وجدتي نجلس لنتسامر ونطوف حول سيرة أم أبيها...
فالسمر هنا..لاتكاد أن تفارقه سحة دمع وتنهيدة حزن يكون مرادها الإشتياق.. ففي كل ليلة أتفحّص وجه جدتي القمحي وكأنه لون الأرض.. وأرمق عينيها اللتين اكتسحهما غبش السنين.. لأنتظر أن تستهل الرواية بمثلٍ ، وبعدها تسترسل بالحديث وكأنه وقوداً لماكنةِ حواسّي الخمسة.. فإتساع الحدقتين ، واختلاج القلب ، والتأوه ، ولَسعة أعقاب السجائر فوق أصابعي ، ورشفات الشاي بنهمٍ ، جميعها حاضرة ريثما يتغلغل حديثها في أعماق نفسي.
وأحيانا من يستهل الحديث هو أنا.. فكلما أواصل الحديث فأنني لاأرى ضوء وجهها إطلاقاً.. الا بعد أن أنهيه وقد حجبته خلف (الشيلة) وهي تنتحب..
أي قلبٍ رقيق تحمله جوانحكِ ياجدتي.. وقد بدأ للتو أول السمر.