مبروك للدعوة على ثقة واشنطن بالمالكي
يبدو ان الواقع السياسي الجديد في العراق يتسم بتناقضات ومفارقات وثنائيات غاية في الهزالة والسخرية واصبحت المعايير بالمقلوب والمفاهيم عكسية واحتجبت الرؤية وغابت القيم وسادت الافكار المهزوزة في ظل واقع مأساوي على كافة المستويات وتعطيل شبه كامل للبرلمان والحكومة والحياة السياسية.
كان الاخوة الدعاة يؤكدون وباستمرار بانهم حزب يعادي التبعية للاجنبي ويرفض اي تنسيق او تعاون مع الاجنبي ويحاولون اتهام جميع السياسيين الذين يفتحون قنوات الاتصال والتواصل مع الغرب هم من العملاء والخونة ولن يسمحوا باي شكل من الاشكال لكل تفاهم او تفاوض مع الغرب حتى لو ادى ذلك لاسقاط النظام الديكتاتوري الاجرامي البائد.
واكثر قادة الدعوة تحمساً وتحسساً ضد واشنطن هو السيد علي الاديب صاحب الوعي التآمري ونظرية المؤامرة التي يؤمن بها بمقاطعة الولايات المتحدة الامريكية باعتبارها الشيطان الاكبر بحسب نظر الاديب الذي صرح بشكل واضح بان كسب ثقة واشنطن وطهران وتأييدهما للمالكي يعتبر مفخرة للدعوة ونقطة مهمة تضاف الى سجل الدعوة التضحوي والنضالي.
ليس مهماً او عيباً ان يعرب البيت الابيض عن ثقته العالية للسيد المالكي وليس عاراً ان ترغب واشنطن بتجديد ولاية ثانية للمالكي ولكن العيب الاكبر والعار هو ان يفتخر الاديب بهذا التأييد وهذه الثقة وهو الذي كان يسىء الظن كثيراً بالولايات المتحدة الامريكية ويعتبرها الشيطان الاكبر ويعتقد بانها تخطط لضرب الحالة الاسلامية واختراقها.
والمفارقة ان الاديب يعتبر بان اتفاق طهران وواشنطن على تجديد ولاية ثانية للسيد المالكي هي تحول ايجابي لمصلحة المالكي وحزبه ويرى ذلك خطوة بالاتجاه الصحيح ونسى وتغافل بان ثقة واشنطن بالمالكي لم تأت من فراغ او رغبة امريكية بان يحكم العراق عن طريق الاسلاميين (الدعاة) بل جاءت نتيجة مواقف دعوتية كانت تصب لمصلحة الامريكان في العراق ولعل اهمها هو تشويه الحالة الاسلامية بسبب اداءات الدعاة الخاطئة.
الغرام بين الدعوة وواشنطن هو غرام الافاعي ولن يستمر طويلاً مهما اوحي المالكي وحزبه ومهما تعهد لواشنطن فطبيعة المصالح وتقاطعها بينهما قد تنهي هذا الزواج المؤقت بين المالكي وواشنطن.
اذا كان الاديب يعتقد بان ثقة واشنطن بالمالكي منقبة لحزب الدعوة فان ذلك يمثل منتهى الانحطاط والتردي وغياب ابسط مفاهيم الوطنية والمعايير الصحيحة ويعني انتكاسة كبرى للاسلاميين الدعاة فان ارضاء الولايات المتحدة الامريكية لا يعني بالضرورة سلامة الموقف الدعوتي وصلابة التوجه المبدئي بل هو عار وخزي سيلحق بالدعاة ويزلزل سمعتهم القديمة وينهي مفاهيم التضحية والمواجهة والوطنية.
علي السلمان