شعر: عروبة الباشا
وطيفٌ في وريدِ القلبِ ذَابَا
وفي الشّريانِ ينسكبُ انسِكابا
يناجِي الرّوحَ؛ والأصواتُ همسٌ
ليرويَ شهدُها ظمئِي شَرابا
يبوحُ؛ وحرفُه المنثالُ سحرٌ
كنهرِ النورِ وسطَ الروحِ غابا
وبالنجوى يُبعثرُني، ويرمِي
بسهمٍ واثقٍ؛ قلبِي أصابا
مِن الشفقِ استعارَ لهيبَ شوقٍ
وللغسقِ اشتكَى مُرًّا وصَابا
معَ الأسحارِ يسبحُ في فضائِي
يبُثُّ الشوقَ ألحانًا عِذابا
يُدندنُ بالهوى، ويذوبُ وجدًا
ويمسحُ عن شَرايينِي العَذابا
له في القلبِ روضٌ من هيامٍ
أوَى في ظلِّه؛ والأنسُ طابَا
يقيمُ؛ ولا يبارِحُ رُكنَ روحِي
ولا يخشَى ملامًا أو عِتابَا
"أحبُّكَ" أحرفٌ جَمعتْ كِلَينا
غرامًا واشتياقًا وارتقابَا
"أحبُّكَ" يا لِسحرِ الحرفِ لمّا
تماهَى في دمِي شَهدا وذَابا
حروفُ "أحبُّ" أغزِلُها وشاحًا
لتدفئَني؛ وأجعلُها ثيابَا
أحبُّكَ فوقَ ما بلغتْ نجومٌ
وأعتنِقُ الحقيقةَ والسَّرابَا
أحبُّكَ بعدَ خطِّ الأفْقِ؛ حتّى
نسيتُ الأهلَ، جافيتُ الصِّحابَا
ببحركَ هِمتُ لا شطٌّ أمامِي
ويمخُرُ زورقُ الشوقِ العُبابَا
ويا للعشقِ جاوزَ كلَّ حدٍّ!
زكَا ونَما؛ فهلْ بلغَ النِّصابَا؟
فعذرًا لا زكاةَ لديَّ؛ إنّي
يزيدُ فأستزيدُ به الثَّوابَا
وأعلمُ أنّه من فضلِ ربِّي
وأُغرِقُ فيه لا أخشَى عِقابَا
هواكَ الصدقُ؛ يُغنِي ذكرياتِي
ويلمعُ في دُجَى قلبِي شِهابَا
يُجَدِّدُ خفقةَ التّهيامِ - مَهما
هرِمتُ - به؛ ويمنحُه الشَّبابَا
هواكَ الدفءُ؛ يشرقُ في ضلوعِي
يهيجُ فأستزيدُ له طِلابَا
أأسطيعُ البعادَ؛ وأنتَ نبضِي؟
متى عن نبضِهِ الخفّاقُ تابَا!؟
أأُصغِي للعواذلِ! ويحَ قلبِي!
متى عُذَّالُنا نطَقُوا صَوابَا؟
سلِ الأجفانَ: هل لِسِواكَ رفَّتْ؟
وفي الدَّمعِ الطَّهورِ تَرى الجَوابَا
إذا الوجناتُ غَرَّقَها هُطولٌ
وأجفانُ الحنينِ غدَت سَحابَا
سلِ الأنفاسَ؛ يَجرحُها التَّنائِي
ويَكويِها عَذابًا واغتِرابَا
ستلقَى في الفؤادِ رصيدَ حبٍّ
يفوقُ الكونَ؛ يُعجِزُه حِسابَا