"خواطر من التأريخ ومن دفتر الذكريات: عن المدرسة والمعلم ومكانتهما منذ القدم الى الاحتلال"
لكل من يعيش في عالم اليوم له ماضٍ يسكن بداخله، وأياماً محفوظة بذاكرته، وأياما غربت شمسها، فرسمت أشعتها على تفاصيل صفحات أعماره، بداخل كل منهم باب يسكن خلفه الماضي، يريد فتحه ليسترجع مآثر من سبقوه عبر الزمن، فالتأريخ مرآة الماضي ومصباح الحاضر، وان العالم عصور متعاقبة، ولهذا فقد شهد التأريخ الانساني طفرات اساسية سببت نهوضا في شتى معاني الحياة، فكانت المدنية بحواضرها التأريخية معلما لبداية الانسان في رسم خريطة مستقبله، ها هي حضارة بلاد ما بين النهرين، الحضارة التي أدهشت جميع العلماء وأعطت العالم كل علم وفن وفلسفة، وربما ظل هذا الجانب يحير علماء تربويين كثيرين إلى وقتنا هذا، تلك القضية التي تحدد مدى تقدم ورقي الأمم أو التصنيف والمكانة التي أحرزتها في سباق الحضارات ألا وهي قضية نشأة المدارس والتعليم، لنرى ما وصلت إليه تلك الحضارة وكيف كانت المدارس ومعلميها و مراحل تطور الكتابة وما هي أشكال التعليم، وما يقال عن العهد السومري ينطبق تماماً على العهود الأخرى من آشورية وأكادية وبابلية واسلامية ونشوء الدولة في القرن الماضي الى يومنا هذا، إن جميع هذه العهود تشكل الخط التاريخي لبلدنا، وطننا الذي يقال عنه، انه جاء نتيجة ماقدم من المتعبدون كأضحية للرب وبها اختارها كلوحة، اسمها العراق، فالحياة فيها رائعة، وفيها ابتسامة، وفيها حزن يغتانه الفرح، وفيها ألم يمحوه الصدق، وفيه الحياة وهي تحمل النقيض، وثبت انها لا تسير بوتيرة واحدة، فبقدر ما تحزننا تهدينا الفرح، وبقدر ماتسكن الألم تسقينا السعادة فيها صدق وألم، دموع تناغيها ابتسامة، وهكذا تسير عجلة التاريخ.
اخترع القدماء في بلاد مابين النهرين أسلوب للتعبير فكانت الكتابة التصويرية ثم اللاصقة ثم المسمارية، اما المدارس فقد تأسست مع ظهور الكتابة المسماررية، ذلك الأختراع الذي يعد أبرز ما ساهمت به بلاد سومر في تقدم الحضارة، وعندها كانت أول مدرسة في العالم، وقد كشف عن اول وثائق مكتوبة في مدينة سومرية اسمها "أوروك"، التي كانت أهم شواخص"التاريخ" المدون، والشاهد على ذلك الألواح المكتشفة المنقوشة بالكتابة التصويرية في مدينة أوروك وعددها ألف لوح، حيث تزخر هذه الالواح بتفاصيل كثيرة عن الحياة في المدرسة وشروط الدراسة ومكانة المعلم وحرص الآباء على تعليم اولادهم، ودور المدرسة وشروط الدراسة وهي مكتوبة، مكان التدريس ومكان حفظ الوثائق، فالمدرسة كان يطلق عليها "بيت الألواح" المكان الذي يتنور به طالب العلم، ويمكن ان نستدل على اهمية المدرسة لدى العراقيين القدماء، ندرج حزورة سومرية وجدت في احدى الالواح الطينية وهي كالأتي:
بيت بأسس كالسماء
البيت الذي يشبه وزه واقفة على قاعدة متينة
يدخلها المرء بعيون مغلقة
ويخرج منها بعيون مفتوحة
فما هي؟ الجواب: المدرسة
كانت الدراسة تخضع لقوانين وتعليمات دقيقة ينبغي على التلميذ مراعاتها والألتزام بها، وهي تتعلق بسلوك التلميذ في المدرسة وحسن الهندام وآداب الدراسة، كانت المدرسة بنظامها الشديد هذا تتكون من هيئة تدريسية متكاملة متكونة من عدة أشخاص، كان مدير المدرسة يدعى ( أب المدرسة ) وكان يلقب بالأستاذ احتراما له وإذا ما ذكر فأنه يذكر بالاحترام اللائق، وقد جاء في أحدى المدائح النموذجية "الأستاذ"، هو الذي يبني الإنسانية، ويكون واجبه الرئيسي أدارة المدرسة ومتابعة نظامها، ووضع مناهجها التعليمية حسب مراحلها الدراسية، ومتابعة عمل المعلمين والأشراف على اختبار التلاميذ كي ينتقلوا الى مراحل دراسية أعلى، إما المعلمون فكانوا يتمتعون بمركز اجتماعي مرموق فهم اعلى من الكهنة والضباط والولاة ويدعى "المعلم"، ومهمته تدريس التلاميذ وتلقينهم الأصول الصحيحة للكتابة والقراءة وباقي العلوم الاخرى وفق المناهج الدراسية التي تعدها أدارة المدرسة والنظام التعليمي المتبع آنذاك، تارة بالشدة والقسوة وتارة اخرى بالمديح والاطراء، وكان للمعلم دور مهم في توجيه التلاميذ وتفسير معاني الكلمات والمصطلحات والعبارات وكيفية نطق أصواتها شفاهياً ثم تدويناها كتابياً، وكان هؤلاء متعددي الأسماء حسب تخصصاتهم والعلوم التي يدّرسوها، حيث يقال في السومرية، معلم الحساب، ومعلم الهندسة، ومعلم اللغة السومرية، ومعلم اللغة الأكدية، ومشرف الرسم يحفز فيهم موهبة استنطاق المحيط والتعبير عن رؤاهم، ومشرف اللغة يقوم ألسنتهم ويمكنهم من حسنِ استخدام اداة التفكير والتعبير، ويساعد المعلم في عمله المتعِب ما يعرف بالمعلم المساعد الذي يعرف في السومرية (الأخ الكبير) وهذا يكون في الغالب أحد تلاميذ المرحلة المتقدمة، توكل اليه كجزء من تدريبه مهمة متابعة التلاميذ الجدد وتعليمهم كيف يعدون الواحهم الطينية وتهيئة وتدقيق واجباتهم اليومية، وكذلك الاستماع منهم الى كيفية قراءتهم الكلمات والعلامات المسمارية بشكل صحيح، كما يضم ملاك المدرسة عدد من المراقبين والمرشدين تناط بهم مهمة متابعة ومراقبة التلاميذ، مثلاً (مراقب الباب) ومهمته منع التلاميذ من الهرب من المدرسة، و(مراقب الحضور) وهو المسؤول عن تدقيق حضور التلاميذ يومياً ومعرفة المتغيبين منهم لرفع أسمائهم الى مدير المدرسة، و(مراقب الهندام والنظافة) ويكون واجبه التفتيش اليومي لملابس التلاميذ وهندامهم ونظافتهم ومدى لياقتها للمدرسة، وهناك أيضاً (رجل السوط أو رجل العصى) الذي تناط به مهمة حفظ النظام ومعاقبة التلاميذ، إما التلاميذ فكانوا يسمون أنفسهم ( أبناء المدرسة ) ويتمتعون بمكانة محترمة في المجتمع ، فالمعلم يدعي تلاميذه ( أبنائي) ويسميهم أبناء بيت الرقم،
لم يكن الذهاب إلى المدرسة والتعلم متاح أمام كل فرد وذلك بسبب الإنتماء الطبقي الذي كان قائماً في المجتمع، ظل التعليم مقتصراً على أبناء طبقات محدودة من أفراد المجتمع مثل الحكام وقادة الجيش وكبار الكهنة والتجار وملاكي الأراضي وموظفي القصر، وكانوا من المتمكنين اقتصادياً والقادرين على تغطية النفقات المادية الباهظة لدراسة أبنائهم والتي كانت تستغرق سنوات طويلة، وكان التحصيل العلمي والثقافي بالدرجة الأولى في متناول أبناء العائلات الميسورة فقط، لكن مع ذلك فقد أشارت بعض النصوص الأدبية الى تمكن بعض العوائل البسيطة من الفلاحين والحرفيين رغم التمييز الطبقي والأذى في المعاملة لهم، من تعليم أبنائها، حيث ذكر أحد الآباء في أحدى تلك النصوص (من أجل أن يتعلم ولدي سأقود الثور للحراثة، من أجل أن يتعلم ولدي سأخرج لجمع الحطب من البرية)، عبارات رغم بساطتها لكنها تشير بوضوح الى آمال وطموحات الطبقات المُعدمة آنذاك واصرارهم في الحصول على العلم كونه الطريق الوحيد المتاح لديهم لنيل قدر من المساوة الاجتماعية بعد تعذر ازدهارهم الاقتصادي، لتظهر فيما بعد ونتيجة لذلك بواكير الطبقة الوسطى في المجتمع العراقي القديم، وكانت نسبة الفتيات اللواتي يحصلن على التعليم قليلاً نظراً لواجباتها البيتية والعائلية. وكان عدد العبيد الحاصلين على التعليم في المدارس قليلاً جداً، وهذا يلاحظ من الاستهجان التالي الذي تدواله البعض آنذاك:
"أحقاً هذا العبد تعلم اللغة السومرية"، وعلى الأغلب كان السيد يرسل عبيده إلى المدرسة ليتعلموا إحدى المهن وخاصة إدارة الأعمال الزراعية والمحاسبة،
استخدمت العصا للتوجيه والتنبيه عن اخطاء التلاميذ ومشاكساتهم "الوكاحة"، وكانت برضى أولياء واهالي التلاميذ.
كان دور المدرسة في بداية الأمر في تعليم الطلبة القراءة والكتابة والحساب لسد الاغراض الادارية والاقتصادية، والتدريب لسد اغراض المعابد والقصر من حيث التدوين، والتدريب لاكساب الفرد مهارات من فروع الحياة، والتوجيه الاخلاقي وسبل الفضيلة لتقديس الآله والملوك والقادة، لتتوسع بمرور الزمن في تعليم العلوم المختلفة، من علوم لاهوتية وعلوم تتعلق بالنبات والحيوان والمعابد والمعارف الجغرافية والنحو واللغة، بل أن هناك عدد من العلوم والمعارف التي كانت تدرس للطلاب وخاصة الطلبة المتقدمين كالرياضيات والموسيقى والفلك والأدب والقانون والطب وكان هؤلاء الطلبة المتقدمون يتلقون علومهم فيما يشبه بمعاهد عالية والتي سميت "بيت الحكمة"، وكان الطالب يخضع بين فترة وأخرى لامتحان الأداء والمعرفة، ووجدت الواح تضم بعض الأسئلة التي يجب على الطالب الاجابة عنها، وكانوا في المراحل المتقدمة يتخصصون بالتأليف الإبداعي، أي جمع واستنساخ إنتاج الأولين مع إضافة أمور جديدة إليها، وكان المنهج المتبع في المدارس يتعلق بالبحث والثاني بالإبداع، ومع حلول الألف الثاني ق.م، عمت المدارس جميع بلاد سومر، وصارت الكتابة تدرس بصورة منتظمة.
وتأكيداً عل ذلك توصل الباحث في فقه اللغات القديمة الالماني كونارد فولكر "على ان اساليب المعرفة في بلاد الرافدين تشابه في كثير من النقاط نظم الدراسة في الوقت الحاضر، حيث كانت فصول دراسية تقابل دراسة البكلوريوس والماجستير وهي كانت مخصصة للمتميزين، من الحرف الى مقطع الكلمة ومن المقطع الى الكلمة وفي النهاية وعبر تمارين شديدة الصعوبة الى بناء الجملة، هكذا كان يتعلم القراءة والكتابة تلاميذ المدرسة الابتدائية وبعد الابتدائية يتعلم التلميذ تعريف مصطلحات الاحجار والنباتات والنجوم والمواد الفذائية او الحيوانات وكتابتها على الألواح".
أما فيما يتعلق ببناية المدارس، فأنها كانت في العصور المبكرة جزءاً ملحقاً بالمعبد وكان التعليم فيها مخصصا للأشخاص الذين سيلتحقون بوظائف الكتبة في خدمة المعابد والقصور، فبالإضافة إلى المدارس الرسمية التابعة للدولة، ظهر عدد أخر من المدارس الخاصة والتي اتخذت من بنايات البيوت كمقرات لها، وأصبحت كل المدن العراقية القديمة تحوي على عدد من المدارس فقد وجدت في مدينة نفر الأثرية (تقع على بعد 35 كم شمال شرق مدينة الديوانية)، وقد كانت تعتبر مركزا دينيا وثقافيا لبلاد سومر خصوصاً في عصر فجر السلالات السومري (2900-2371 ق.م.)،على ثلاث بنايات مدارس وهي مجاورة لبعضها، وكانت كل مدرسة تحوي على عدد من الغرف وبداخلها صفوف من المصاطب تستخدم لجلوس التلاميذ وبجانبها أحواض صغيرة للمياه يستخدمها الطلبة في تحضير الرقم الطينية، عندما كان الطالب يخطأ بالكتابة يبلل أصبعه بالريق ويمسح الخطأ، و كانت الألواح المليئة بالأخطاء تلقى في سلة المهملات المصنوعة أيضاً من الطين، وبقي الكثير منها حتى يومنا هذا، والكثير من هذه الألواح التالفة أثارت حفيظة الباحثين طويلاً، إلى أن استنتجوا بأنها عينات ألواح إملاء مملوءة بالأخطاء،
اول من تبنى ورعى تدوين فعل الانسان المُنتِج في الزمان والمكان هو "المعلم كوديا"، وترك أعظم مكتبة عرفها التاريخ تضم ثلاثين الف لوح طيني وجدها المنقبون محفوظة ومصفوفة بنظام دقيق وانيق قبل الميلاد بـ 2000 سنة، في مدينة لكش.
أما معلم ذلك الزمن فلم يكن بأحسن حالاً من زملائه معلمي العصر الحديث رغم ثقافته العالية وغزارة علمه ومعرفته، وتميزه عن باقي شرائح مجتمعه، لكنه يبقى رغم ذلك محدود الدخل، ويحصل من مدرسته على مرتب ضئيل في الغالب، يحدد من قبل مدير المدرسة حسب كفاءته وخبرته.
انها كانت نقشاً لن يمحى من ذاكرة البشرية لـرؤية ومنهجية و قيم وثقافة و المفهوم الاخلاقي للتعليم عند بناة الحضارة البِكر للانسانية.
بعد الف عام من فقدان بابل السيادة السياسية والمعرفية والتي اصبحت منسية، وبعد ان انطفأ شعاع الحضارة في وادي النيل، بدأت بوادر نهضة تربوية وعلمية جديدة في الوطن العربي انطلقت مع ظهور الاسلام، وانتشرت بانتشاره، ومنذ القرن الثامن الميلادي وحتى القرن الثالث عشر حملت بغداد وحواضر عربية اسلامية اخرى منارة العلم والحضارة.
بدأ التعليم في الاسلام بنزول اولى الآيات بقوله تعالى" اقرأ باسم رلك الأعلى"، كانت دار الأرقم بن ابي الارقم التي تلقى فيها المسلمون الأوائل دروسهم مباشرة، ومع هجرة الرسول( صلى الله عليه وسلم) الى المدينة صار المسجد داراً للعبادة والعلم، لو استعملنا المفاهيم الحديثة، فان اول من ابتدأ بمحو الامية هو الرسول( صلى الله عليه وسلم)، فقد طلب من اسرى بدر تعليم عشرة مسلمين مقابل اطلاق سراحهم، كذلك ان الجزيرة العربية لم تكن منقطعة عما يحيطها من جوار، فمكة والمدينة على اتصال متواصل مع العراق وسوريا ومصر وما احتوتها تلك البلدان من اديرة وكنائس، وصوامع وبيع، وصلوات ومعابد، واسواق ومواسم ومحال ومجامع، واندية ودور ندوة، ومنازل، ومغاني ومرابع قبل الاسلام، كانت كل هذه مراكز للعلم ومدارس، هذه كانت قائمة قبل الفتح، وظلت على حالها بعد الفتح، فالحيرة كانت مركزا حضاريا للمناذرة، سكنها العرب وهم على اديان مختلفة يهودية ونصرانية وصابئة، وكانت مدارسها واديرتها ومعابدها تدرس باللغة السريانية، وتجدر الأشارة ان التلمود البابلي كتبه اليهود هناك، حلت الكوفة القريبة من الحيرة مكانها بعد الفتح الاسلامي، وصارت كنائسها واديرتها منبعا لرواد المعرفة. وجاءت البصرة بعد الفتح الاسلامي لتنتشر المدارس فيها وكانت منبعا للعلم والمعرفة.
الكتاتيب: ظهرت قبل الاسلام في المدن والقرى وكانت ملحقة بالمعابد او في بعض البيوت، واستمرت معه لتعلم القراءة والكتابة والحساب، هي شكل من أشكال التعليم الأولي، وبعد الفتح الاسلامي انتشرت في الأقطار الإسلامية والعربية بشكلٍ عام والعراق بشكلٍ خاص، فانتقلت دروس الصبيان من باحات المساجد وزواياها واروقتها، لما كان يتصف به الصبيان من عدم ادراك اهمية رعاية المساجد وقدسيتها، وبذلك تحولت الكتاتيب بحكم استيعابها للأطفال الى المدرسة التعليمية الأولى، فكانت هي مراكز تعليم النشء أساسيات اللغة العربية والقراءة والكتابة والنحو والحساب، فضلاً عن الدراسات الدينية مثل تحفيظ القرآن الكريم كاملاً، والاجتماعية مثل تعريف النشء بالقيم الأخلاقية والآداب الاجتماعية المتبعة، وكان المعلمون يحصلون على راتب شهرى إما من الطلبة أو من المسئولين فى ذلك المكان،
وقبل ان تأُسيس المدارس، كما أسلفنا، كان التعليم في المساجد والكتاتيب، كما كان اصحاب العلم يستقبلون الطلبة في بيوتهم او بساتينهم، وحتى في اماكن عملهم. وتشير الكثير من المصادر والاخبار والروايات الى ان الطالب كان يتبع العالِم المدرس اينما كان ليتلقى منه العلوم. ودرس وتخرج مئات الطلبة في بيوت وبساتين العلماء وأصبحوا لاحقاً اساتذة، من دون ان يدخلوا مدرسة نظامية.
وفي العهد الأموي ظهر التعليم الخاص بجانب التعليم في الكتاتيب والمساجد، وزامن هذا التطور ما ظهر في الدولة الأموية في قصور الخلفاء والأمراء والاغنياء من الطبقة الخاصة الذين اتخذوا معلمين خصوصيينِ عرفوا ِّ بالمؤدبين, وكان المؤدب اما أن يذهب إلى القصور فيجلس إليه الصبيان يتلقون منه ً قدرا ِ من الثقافة والمعرفةّ، وإما أن يقيم في القصر في جناح خاص به ليكون إشرافه تاما على الأبناء.
فالمعلم: هو الشخص الذي يتولى تعليم الصبيان من أولاد العامة في المساجد والكتاتيب، القرآن الكريم، ومـباديء القـراءة والكتابة في المراحل الدراسية الأولى.
أما المؤدب : فهو الذي ينتدب لتعليم أولاد الخاصة وتأديبهم ، لتأهيلهم علمياً وشخصِياً لإدارة أمور الدولة، وتولي زمامها.
اتسعت الحركة التربوية والعلمية في عهد العباسيين وفي الاندلس حيث شهدت الحياة الفكرية ازدهاراً في كثير من الميادين، يعود سببه الى ظهور العلماء والمفكرين في مختلف العلوم واتساع حركة الترجمة، اضافة الى التوسع في التعليم العام وبناء المدارس والمراكز الثقافية، استمرت المدارس في نشاطاتها التعليمية منذ نشأتها في اواخر القرن الثاني الهجري، وكانت من اشهر المدارس منذ نهاية القرن الثالث الهجري: دار العلم في بغداد ودار الحكمة وبييت الحكم والمدرسة النظامية ومدرسة ابي حنيفة ومدارس النجف والمدارس الشرابية في بغداد ومدرسة واسط والمدرسة المستنصرية والمدرسة المرجانية ومدارس الكاظمية.
نظام الملك قام بإنشاء عدد من المدارس في مدد متقاربة من اجل علماء مخصوصين بعينهم، فأينما وجد عالماً متميزاً يحتل منزلة مرموقة بين الناس بنى له مدرسة، ولهذا كانت المدرسة النظامية، وهي الاولى التي بناها نظام الملك،لها نظامها ومنهحها الخاص بالتدريس ولها مواردها المالية الثابتة وكانت الموارد كافية لمرتبات الشيوخ "المعلمون" ولما يدفع للطلبة، كما يشمل مؤنة طعامهم وملابسهم وفرشهم وغير ذلك من ضرورات معاشهم وبعد النظامية الاولى انتشرت تسع نظاميات في بغداد والموصل والبصرة ونيسابور وبلخ وهراة واصفهان ومرو وآمل وطبرستان، كذلك المدرسة المستنصرية التي أسسها الخليقة المستنصر بالله، وكانت الدراسة فيها عشرة اعوام، وتظم اقسام علوم القرآن والسنة النبوية المذاهب الفقهية والنحو والفرائض وتقسيم التركات ومنافع الحيوان والفلسفة والصيدلة والطب وعلم الصحة والرياضيات، كانت نموذجاً لازدهار التعليم والعلم ونموه، وغدا واضحاً ان المدرسة اصبحت مركز الثقل الاساس لحركة التعليم تلك، بعد ان كانت تتجاذبها مراكز متنوعة كحلقات المساجد وبيوت العلماء وخزائن الكتب وغيرها.
توقفت الدراسة في المستنصرية وغيرها خلال الأحتلال المغولي لبغداد سنة(1258م) ثم استؤنفت في السنة نفسها، ثم توقفت بسبب تدمير تيمورلنك لبغداد مرتين الاولى سنة(1392م) والاخرى في سنة(1400م)، وعندما قضى تيمورلنك على مدارس بغداد، وقتل الكثير من اساتذتها وعلمائه ، واخذ معه الى سمرقند الادباء والمعماريين والمهندسين، هاجر اخرون الى مصر والشام وغيرها من البلدان" ما اشبه اليوم بما حدث لبغداد من قبل حيث القتل والتهجير".
نتيجة فقدان السيادة والسلطة بسبب الاحتلالات وتواصلها، تدهور التعليم عموما، ان لم يندثر وصار ماتبقى تكراراً واجتراراً.
كانت للدولة العثمانية مؤسساتها التعليمية، على نحو ما كانت عليه المدارس في الدول الاسلامية التي سبقتها،حيث شكلت المدرسة النظامية والمدرسة المستنصرية النموذج التي اقيمت على غراره المؤسسات التعليمية العثمانية، بالرغم من جهود الدولة العثمانية لإصلاح الواقع التعليمي من خلال مجموعة القوانين والتشريعات، الا ان هذه القوانين لم تطبق في العراق. وظل التعليم الديني متمثلاً بالكتاتيب والمدارس الدينية، ومدارس الارساليات التبشيرية، وشهد نشوء مدارس تعتمد اساليب تتماشى مع العصر، واولى المدارس الحديثة هي التي فتحها الآباء الدومنيكان في الموصل، التي لم تقتصر على تعليم على تعليم ابناء الطائفة المسيحية فقط، بل دخلتها مجموعات كبيرة من المسلمين، وقد عمل الآباء الكرمليين عام1821 بافتتاج مدرسة الآباء الكرمليين في بغداد، ثم افتتحت المدرسة الكلدانية عام 1843، وفي عام 1875 فتح اليهود اول مدرسة في بغداد هي مدرسة الاليانس ولم يكن للدولة دور في انشاء هذه المدارس، حيث كان عدد المدارس التي افتتحتها الدولة محدودا جداً، وأول مدرسة افتتحت كانت عام 1861 في الموصل، تلاها افتتاح المدرسة النبوية عام 1863 في الحلة، الا أن التعليم الابتدائي عانى من الإهمال مما كان له صداه العميق لدى الجمهور الذي طالب بضرورة العناية بالتعليم الابتدائي الذي يمثل الأساس الذي ينطلق منه الطالب لتلقي العلوم والمعارف المختلة، وقد بقي هذا الصنف من التعليم يعاني من الإهمال حتى عام 1889 بمجيء مدحت باشا والياً على العراق، حيث افتتح اربع مدارس في بغداد: المدرسة الرشيدية العسكريةعام 1869، والمدرسة الرشيدية المدنية عام 1870، والمدرسة الاعدادية العسكرية، ومدرسة الفنون والصنائع ثم توالى افتتاح المدارس في مدن العراق فقط، اما القرى والنواحي والاقضية فقد كانت تعتمد على الكتاتيب، وعانت المدارس الدينية من الأهمال.
استحصل العالم الديني نعمان الاعظمي موافقة السلطان على فتح كلية العراق الاسلامية كلية الاعظمية عام 1911، كما اسس سليمان فيضي مدرسة تذكار الحرية في البصرة عام 1908، فيما عمدت مجموعة من مثقفي بغداد منهم جعفر ابو التمن ورؤف القطان ومهدي الخياط وعلي البزركان، الى تأسيس مدرسة الترقي الجعفري عام 1908.
توقفت الدراسة اثناء الحرب العالمية الاولى، وعند تأسيس الدولة العراقية ونتيجة للحراك الأجتماعي الذي انطلق مع ثورة العشرين(1920م) وتأسيس الدولة العراقية، اعطى زخماً ، كبيراً لتيار التغيير المطالب بالاصلاح والتجديد حتى المؤسسات الدينية التقيدية، انشأ جمعيات ونوادي ثقافية وادبية عديدة تدعو الى النهوض الحضاري والخروج من حالة الجهل. هذه المطالبات شجعها ورعاها الملك فيصل الاول، وكانت له اهتمامات ورؤيا للتعليم والمعرفة، واعتبر المعلم ركيزة اساسية لتنشأة الجيل وقال كلمته المشهورة والتي تناقلتها الاجيال وهي: "لو لم اكن ملكاً لكنت معلماً"، ولهذا اهتم بفتح المدارس والمعاهد والكليات ومنها افتتاح دار المعلمين والكلية الطبية، كما شجع ونادى بتعليم الفتيات وافساح المجال لاكمال دراستهم في خارج العراق وضمن بعثات الدولة، وبهذا استطاعت المرأة اقتحام عالم التعليم والمعرفة واثبتت جدارتها ونجاحها وكانت (انا ستيان) اول فتاة عراقية دخلت مدرسة الطب في بغداد وتخرجت منها عام 1939، والسيدة (بولينا حسون) كانت اول امرأة عراقية تترأس مجلة نسائية باسم (ليلى) ذات طابع تربوي عام 1933 واخريات ترأسن جمعيات واتحادات نسائية في بغداد منذ عام 1923 منهن السيدة اسماء الزهاوي و السيدة نعيمة السعيد، والسيدة ماري عبد المسيح وغيرهن الكثيرات، وكل هذا كان بفضل من اهتم وشجع أنشائها، اطلق على الملك فيصل الاول احد المثقفين العرب بانه من اكثر ملوك وحكام العرب اهتماماً وتطبيقاً للتعليم، ومن احدى المدارس التي انشاءها، تخرج ملكان هما غازي وفيصل الثاني وقادة وسياسين واطباء ومهندسين وادباء وعسكر، ناهيك عن المدارس الاخرى التي انجبت الكثير من قادة المجتمع، وتوالت السنين وازداد عدد المدارس في المدن والأقضية وحتى في بعض النواحي، كذلك المعاهد والكليات وبدأ فجر جديد للتعليم والمعرفة،
وبدأت المدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية في يوم الخميس تحية رفع العلم التي تنمي حب الوطن والانتماء له بكل فخر وكبرياء، وتصدح حناجر الطلبة هي تنشد وبكل حماس
"عش هكذا أيها العلمُ
فأننا بك بعد الله نعتصمُ"
ومنها نشيد
" مليكنا مليكنا نفديك بالأرواح
عش سالماً عش غانماً بوجهك الوضاح"
وفي العهد الجمهوري
موطني موطني الجلال والجمال والسناء والبهاء في رُباك في رُباك
والحياة والنجاة والهناء والرجاء في هواك في هواك
هل أراك: سالماً منَعَّماً غانماً مكرَّمـاً
اذاً مما لا شك فيه أن ألأساس لاستحقاق التبجيل هو المعلم لأن اسمه مشتق من العلم ومنتزع منه، فهو حجر الزاوية في العملية التربوية و التعليمية نظرا لما يقوم به من دور كبير وهام على مسرح الحياة بمختلف جوانبها ومجالاتها بل أن مهمته تعتبر من أكبر المهام خطورة وأثرا في المجتمع، فإعداد المعلم للطالب إعداداً علمياً ومسلكياً واخلاقياً ووطنياً من الركائز الأساسية التي يبني عليها استقرار وتقدم الوطن ورقيه، فهو ليس مجرد ناقل للمعرفة وحسب، بل يمتد دوره لتنمية القدرات وتعزيز الاتجاهات، وتربية العقول تربية صحيحة ورعاية أبناء بلده رعاية شاملة، فالمعلم يصيد ببحر علمه على الأرض القاحلة فتغدو خضراء يانعة، في كل الشعوب التي تسكن الارض، ينظر إلى المعلم على أنه صاحب رسالة مقدسة وشريفة على مر العصو, وإذا أمعنا النظر في معاني هذه الرسالة المقدسة والمهنة الشريفة خلصنا إلى أن مهنة التعليم التي اختارها المعلم وانتمى إليها إنما هي مهنة أساسية وركيزة هامة في تقدم الأمم، فينظر للمعلم نظرة تقدير فهو معلم الأجيال ومربيها، و نظراً لمكانته وقيمة دوره الريادي في تنشاة الجيل والصعود به في مسلسل سلم الحياة، نقتبس بعض مما قيل عنه من قبل العظماء والقادة والمفكرون والأدباء والفنانون:
- تقوم الاوطان على كاهل ثلاثة : فلاّح يغذيه ، جندي يحميه ومعلم يربيه. "جبران خليل جبران".
- أنا مدين لوالدي لأنه أمن لي الحياة ومدين لمعلمي لأنه أمّن لي الحياة الجديدة . "الاسكندر المقدوني".
- من لا يتفوق على معلمه يكن تلميذا تافها. "ليوناردو دافنشي".
- تقدير المعلم هو أغلى جائزة يطمح اليها. "وليام برنس".
- وكم من تلميذ فاق أستاذه. "قول عربي".
- المعلم المتواضع يخبرنا، والجيد يشرح لنا، والمتميز يبرهن لنا، أما المعلم العظيم فهو الذي يلهمنا. "ويليام آرثر وارد".
- ليس أسوأ من معلم لا يعرِف سوى ما يجب أن يعرفه تلاميذه. "غوته".
- ما أشرقت في الكون أي حضارة الا وكانت من ضياء معلم. "كامل درويش".
- المعلم هو الشخص الذي يجعلك لا تحتاج اليه تدريجياً. "توماس كاروترس".
- من معلمي تعلمت الكثير, ومن زملائي تعلمت أكثر, ومن تلاميذي تعلمت أكثر وأكثر. "شبنجلر".
- المعلم ناسك انقطع لخدمة العلم كما انقطع الناسك لخدمة الدين. "أحمد أمين".
- ان معلمينا هم الذين يعطوننا الطريقة لنحيا حياة صالحة. "فيلوكسين ألستيري".
- مؤدبي هو سبب حياتي الباقية. "الاسكندر المقدوني".
- مثل الذي يعلم الناس الخير ولا يعمل به كمثل أعمى بيده سراج يستضيء به غيره وهو لا يراه.
- المعرفة فن، ولكن التعليم فن قائم بذاته. "شيشرون".
- لو جاز للحر السجود تعبداً ... لوجدت عبداً للمعلم ساجداً. الشاعر محمد مهدي الجواهري.
فى زمن آبائنا وزمننا كان المعلم، صاحب رسالة مقدسة، هو مكون ومربي الأجيال، قامة فكرية عظيمة وله هيبة خاصة وهندام واضح، كانت هيبة المدرس محفوظة لا يجوز لاحد الاقتراب منها أو التقليل من شأنها بالرغم من استخدام العصا او المسطرة، ومنذ الصغر ونحن نتعلم فى المدارس مقولة: «من علمنى حرفا صرت له عبدا»، كما آمن واقتدى جيلنا بشعر امير الشعراء احمد شوقي:<< قم للمعلم وفّه التبجيلا.. كاد المعلم أن يكون رسولا.. وإذا أصيـبَ القومُ فى أخلاقِـهمْ ، فأقـمْ عليهـم مأتماً وعـويلا، إنّى لأعذركم وأحسـب عبئـكم، من بين أعباءِ الرجـالِ ثقيـلا>>، كما لا زلنا نتذكر مقولة الملك فيصل الأول ونحفظها لأهميتها التربوية: لو لم أكن ملكا لكنت معلما،علمونا في البيت ان المعلم يد تربي ويد تعلم، كنا نستحي أن يرانا المعلم نلعب في المحلة احتراماً وتقديراً وخوفاً ان لا نأتي اليوم التالي ونحن لم نحل الواجب أو لنفهم درساً، نحن لم يستذكر لنا أولياء أمورنا دروسنا، ولم يكتبوا لنا واجباتنا المدرسية، وكنا ننجح بلا دروس تقوية خصوصية ولم نشكوا من الواجبات المدرسية ولا كثافة المناههج
اطلقت الدولة في سبعينيات القرن الماضي برنامجاً شاملاً وصارماً لمحو الأمية، وظهرت مدارس لمحو الامية، وكلنا شاهد التمثيلية الممتعة والمشهورة تحت موس الحلاق "تلميذ مسائي"، من تأليف الراحل الفنان سليم البصري، وكانت عن بدايات حملة محو الأمية في العراق، والتي تناولها بإسلوب كوميدي وموجه للمشاهدين، وللتشجيع في الألتحاق بمراكز محو الأمية (المدارس)، أدى برنامج محو الامية الالزامي، وانخرط مئات الآلاف من كبار السن والشباب، الذين لم يلتحقوا بالمدارس في دورات مكثفة، وطبعت مناهج خاصة وشارك في التدريس عشرات الآلاف من المعلمين وشملت الحملة جميع مناطق العراق، وتمكنت الدولة من خلاله القضاء على الأمية بنسبة 90 في المائة، حسب القياسات العالمية، ونتيجة لهذا المجهود العظيم حصل العراق على جائزة اليونسكو في بداية الثمانينات، عادت الأمية بعض الشيء بسبب حرب الخليج والحصار الاقتصادي، لكن عدد الاميين اليوم وبفضل بركات الاحتلال، وتدمير غالبية مؤسسات الدولة التعليمية والتربوية من خلال القصف الجوي والعمليات العسكرية وأعمال النهب والتخريب، تجاوز ستة ملايين امي، الاحتلاليون وتابعوهم يريدونا ان نصدق ان عراق ما قبل الاحتلال كان قاعاً صفصفا خرابا يبابا، ليس في التربية والتعليم من شيء، وان عليهم اقصاء اكثر من ثلاثين الف معلم ليعيدوا التربية والتعليم الى جادتها الصحيحة.
كان النظام التربوي في العراق من افضل النظم التربوية بالمنطقة، خلال فترة السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، فيما اشارت الى ان "معدل الالتحاق بالمدارس الابتدائية كان شبه شامل في البلد مع وجود برنامج فعال لمحو الامية.
عندما نستذكر حياة نشوء المدارس والمعلمين القدامى وما قبل الاحتلال وطبيعة القيم التي كانت تحكم علاقاتهم، فاننا نشعر بالحاجة الملحة الى العودة الى تلك الذكريات والوقوف عند تلك المنعطفات الوجدانية لاستنباط ما فيها من قيم كريمة ومعانٍ سامية انطبعت بها حياتهم على حقائق نشعر من خلالها بالحاجة الى التفاعل مع روحها لما فيها من مضامين خيرة، فعبر التاريخ كان التعليم يمتزج بنظريتي الثواب والعقاب، لأن مسيرة التعليم من دون هذين الجناحين معاً لا يمكن ان تحلق عالياً، فمبدأ الثواب جميل، ولكن العقاب أيضاً واجب، كانت هيبته تسبق حضوره إلى الفصل، وترافقه خارج المدرسة، فكان الطالب يهاب أستاذه أينما رآه لأن أباه هكذا رباه، فمن يجرؤ على رفع بصره فضلاً عن أن ينطق ببنت شفة إلا ما كان في محله؟ وإن لم يمنعه الخوف فلا أقلَّ من الحياء، وعندما يتكلم المعلم تصغي له الآذان والقلوب واعية والأبصار شاخصة، وما حملهم على ذلك غير الحب للمعلم واحترامه،.أما اليوم، فقد انتُزع من المعلم كثير من هيبته، اصبح المعلم في عراق اليوم بأنه مجرد شخص يؤدي وظيفة، ويستلم أجرا عليها في آخر الشهر، وربما هذه هي الضريبة الأزلية القاسية التي فرضت قسراً وجوراً عليهم، من سار بطلب العلم ومن سعى لنشره بين الناس، منذ فجر التاريخ، ومن الله التوفيق,
سرور ميرزا محمود