أوزع قلبي على عالمٍ لا انتهاء له،
تتمدد فيه مواجع هذه الحياة بأكملها،
تحتسيه جراح الرفاق الطويلة،
يحملها كلما كشف الليل فيها بريق الألم،
آه يا قلب
ها أنا ذا أحمل الآن جرح الزمان العميق،
أرمم بالدمع ما كسرَ الدهرُ في قلب أبنائه،
ما تعدت عليه الحياةُ
و ما بعثرته النبوءات في جوف هذا الغريب الذي لم يزل يعبر العالم المتوجع مذ سقطت روح آدم من عمق جنته للتراب اللئيم،
آه يا قلب وحدك في الليل تندب حظ الحيارى،
وحظ رفاقك في الحب،
حظ المساكين في الأرصفة،
وحدك يا قلب تحزن جدا من البرد حين يداهم جسم الفتاة الجميلة بعد النزوح المخيف الذي تركت فيه أسرتها و أتت للمدينة أمنية عارية،
ووحدك تثقب قلب الصراعات، تُخْرِجُ بؤبؤ هذه الحروب من العمقِ حتى تُعَدِلَ هيئةَ هذي البلاد،
ووحدك تذهبُ للموتِ لا ترتجي منه غيرَ المودةِ بالجندِ بعد الخداعِ الطويلِ الذي مارستُه الخرافات فيهم،
و وحدك وحدك يا قلب
لا أحدٌ قد يُحِسُ بجرحِكَ حين حملتَ الجميعَ و صرتَ على غربةٍ من زمانك لا تنتهي،
بارك الله جرحك يا قلبُ
لا أملٌ في الشفاءِ و لا أملٌ في اللقاءِ بمن يحملونك إذ عشت تَحملهم واحدا واحدا و تُطبطبُ أوجاعهم ثم يبتسمون و يمضون من غير أغنيةٍ أو وداعٍ أخير
و ها أنت وحدك في برد هذا الشتاء الصقيع
تفكر سد ثقوب المجرة إصلاح ما كسرته النيازك
ما حطمته الصواريخ
وحدك تكتب عن حل أزمة هذي البلاد بلا خيفة من عساكرها،
من هراء العمائم و الزائفين باسم الإله،
فماذا عليك من الكون يا قلب إنك لن تبكي إلا وحيدا و لو غمرت عينك الأرض دمعا
و إنك لن تلتقي بجراحك إلا وحيدا و لو حملت كفك الأرض أجمعها
فاسترح بعد هذا العناء الطويل و نم مرة من صلاة العشاء
م