ما ليْ أَحِنُّ لِمَنْ لَمْ أَلْقَهُمْ أَبَدَا
وَيَمْلِكُونَ عَلَيَّ الرُّوحَ والجَسَدَا
إني لأعرِفُهُم مِنْ قَبْلِ رؤيتهم
والماءُ يَعرِفُهُ الظَامِي وَمَا وَرَدَا
وَسُنَّةُ اللهِ في الأحبَابِ أَنَّ لَهُم
وَجْهَاً يَزِيدُ وُضُوحَاً كُلَّمَا اْبْتَعَدَا
كَأَنَّهُمْ وَعَدُونِي فِي الهَوَى صِلَةً
وَالحُرُّ حَتِّى إذا ما لم يَعِدْ وَعَدَا
وَقَدْ رَضِيتُ بِهِمْ لَوْ يَسْفِكُونَ دَمِي
لكن أَعُوذُ بِهِمْ أَنْ يَسْفِكُوهُ سُدَى
يَفْنَى الفَتَى في حَبِيبٍ لَو دَنَا وَنَأَى
فَكَيْفَ إنْ كَانَ يَنْأَى قَبْلَ أن يَفِدَا
بل بُعْدُهُ قُرْبُهُ لا فَرْقَ بَيْنَهُمَا
أزْدَادُ شَوْقاً إليهِ غَابَ أَوْ شَهِدَا
أَمَاتَ نفسي وَأَحْيَاها لِيَقْتُلَها
مِنْ بَعدِ إِحيَائِها لَهْوَاً بِها وَدَدَا
وَأَنْفَدَ الصَّبْرَ مِنِّي ثُمَّ جَدَّدَهُ
يَا لَيْتَهُ لَمْ يُجَدِّدْ مِنْهُ مَا نَفِدَا
تعلق المَرْءِ بالآمَالِ تَكْذِبُهُ
بَيْعٌ يَزِيدُ رَوَاجَاً كُلَّمَا كَسَدَا
جَدِيلَةٌ هِيَ مِن يَأْسٍ وَمِنْ أَمَلٍ
خَصْمانِ مَا اْعْتَنَقَا إلا لِيَجْتَلِدَا
يَا لائِمي هَلْ أَطَاعَ الصَّبُّ لائِمَهُ
قَبْلِي فَأَقْبَلَ مِنْكَ اللَّوْمَ واللَّدَدَا
قُلْ للقُدَامَى عُيُونُ الظَّبْيِ تَأْسِرُهُمْ
مَا زالَ يَفْعَلُ فِينا الظَّبْيُ ما عَهِدَا
لَمْ يَصْرَعِ الظَّبْيُ مِنْ حُسْنٍ بِهِ أَسَدَاً
بَلْ جَاءَهُ حُسْنُهُ مِنْ صَرْعِهِ الأَسَدَا
وَرُبَّمَا أَسَدٍ تَبْدُو وَدَاعَتُهُ
إذا رَأَى في الغَزَالِ العِزَّ والصَّيَدَا
لَولا الهَوَى لَمْ نَكُنْ نُهدِي ابْتِسَامَتَنَا
لِكُلِّ من أَوْرَثُونا الهَمَّ والكَمَدَا
وَلا صَبَرْنَا عَلَى الدُّنْيَا وَأَسْهُمُها
قَبْلَ الثِّيابِ تَشُقُّ القَلْبَ والكَبِدَا
ضَاقَتْ بِمَا وَسِعَتْ دُنْياكَ وَاْمْتَنَعَتْ
عَنْ عَبْدِهَا وَسَعَتْ نَحوَ الذي زَهِدَا
يا نَفْسُ كُونِي مِنَ الدُّنْيَا عَلَى حَذَرٍ
فَقَدْ يَهُونُ عَلَى الكَذَّابِ أَنْ يَعِدَا
وَلْتُقْدِمِي عِنْدَمَا تَدْعُوكِ أَنْ تَجِلِي
فَالخَوْفُ أَعْظَمُ مِنْ أَسْبَابِهِ نَكَدَا
لْتَفْرَحِي عِنْدَمَا تَدْعُوكِ أَنْ تَجِدِي
فِإنَّهَا لا تُسَاوِي المَرْءَ أَنْ يَجِدَا
وَلْتَعْلَمِي أَنَّهُ لا بَأْسَ لَوْ عَثَرَتْ
خُطَى الأكارمِ حَتَّى يَعرِفُوا السَّدَدَا
ولا تَكُونِي عَنِ الظُلام راضِيَةً
وَإنْ هُمُو مَلَكُوا الأَيْفَاعَ وَالوَهَدا
وَلْتَحْمِلِي قُمْقُمَاً في كُلِّ مَمْلَكَةٍ
تُبَشِّرِينَ بِهِ إِنْ مَارِدٌ مَرَدَا
وَلْتَذْكُرِي نَسَبَاً في الله يَجْمَعُنَا
بِسَادَةٍ مَلأُوا الدُّنْيَا عَلَيْكِ نَدَى
فِدَاً لَهُمْ كُلُّ سُلْطَانٍ وَسَلْطَنَةٍ
وَنَحْنُ لَوْ قَبِلُونَا أَنْ نَكُونَ فِدَا
عَلَى النَّبِيِّ وَآلِ البَيْتِ والشُّهَدَا
مَوْلايَ صَلِّ وَسَلِّمْ دَائِمَاً أَبَدَا
تميم البرغوثي |