السلام عليكم:
هناك ظاهرة منتشرة في المجتمع ، ألا وهي ربط الكثير منا كل شيء بالدين، فعند هؤلاء أن كل متدين معناه ذا أخلاق فاضلة وضمير حي، وكل غير متدين ليس كذلك.
ولا أدري ما القاعدة التي يستندون عليها في تبرير رأيهم هذا!، التجارب الواقعية تثبت أن ليس كل متدين ذا ضمير وأخلاق، فكم من مُصلٍّ وصائمٍ لمجرد الرياء والتظاهر .. وكم من الناس تعجبنا أقوالهم وأحاديثهم حول الله وعبادته لكنهم بعيدون عنها كل البُعد .. هؤلاء هُم المنافقون الذين يذكرهم الله في القرآن.
بالمقابل هناك أشخاص ليسو متدينين -غير ملتزمين دينياً كشاربي الخمر أو خالعات الحجاب ، أو ملاحدة أو ... الخ- لكنهم يحملون من الأخلاق الفاضلة والضمير والإنسانية ما تُرفَع له القبعات ونقف له احتراماً، فلا تلازم بين الدين وبين الضمير والأخلاق، ولو كان كذلك لرأينا الدول المسلمة في أوج التطور .. والدول غير المسلمة في أشد مراحل التخلف.
شخصياً أعرف أناس متظاهرين بالتدين لكنهم أبعد عن الدين من بعد السماء عن الأرض ، وبالمقابل أعرف غير متدين بل غير مسلمين لديهم إنسانية فوق المتصور، لا يتصور البعض أني أشجع على ترك الدين وترك عبادة الخالق عز وجل .. فأنا من أشد المعارضين للإلحاد والوثنية ولك ما يعارض الإسلام كشرب الخمر وخلع الحجاب و... لكن معارضتي للفكرة لا تعني كرهي لصاحبها وسعيي لاتهامه بالباطل، نعم أناقشهم وأسعى لإقناعهم لكن بأدلة علمية عقلية وبأساليب منطقية خالية من أي تشدد أو تهجم.
أخيراً أود الإشارة إلى أن الوطنية ليست قاصرة على أحد ، فالتاريخ البغدادي أيام العشرينات والثلاثينات من القرن المنصرم يخبرنا أن كل التوجهات كان فيها وطنيون وغير وطنيين، حتى بائعات الهوى سجلن موقفاً حينما شاركن في ترميم سدة نهر دجلة على جانب الرصافة التي انكسرت وكاد الماء أن يغرق محلة الميدان والمناطق المجاورة، وهكذا بقية الانتماءات.