هل تستطيع عبور المتاهة
- ينبغي للإنسان أن يعرف شرف زمانه وقدر وقته، فلا يُضيع منه لحظة في غير قُربة إلى الله. ويقدم الأفضل فالأفضل من القول والعمل ولتكن نيته في الخير قائمة، من غير فتور بما يعجز عنه البدن من العمل فهذه الدنيا تجري بالإنسان في طرقها ويصبح فيها كالتائه لا يعرف من أين دخل ومن أين سيخرج فهي كالمتاهة كلما تعمقت فيها تهت أكثر وكلما رأيت طريقاً قلت هذا المخرج ولكن تكتشف أنك رجعت إلى البداية.- ثم ترى بصيص ضوء كلما سرت باتجاهه كلما أصبح المكان مضاءاً وأكثر انشراحاً لصدرك فهذا مثله كمثل القرآن كلما استمعت له زدت حباً له وإن وجدت في بداية الأمر صعوبة ولكن مع الإصرار لا يوجد هناك مستحيل قال تعالى: )وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ( (العنكبوت-69).- فالقرآن والصلاة حبلان عظيمان من حبال الله إن حافظت عليهما وجدت سعادة ولذة لا توصف وكلما استزدت منهما تمكنت منهما أكثر وظهر أثر ذلك في نفسيتك ثم على بدنك قال تعالى: ( إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا )(الإسراء:9-10).- وقال تعالى: (اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون) (العنكبوت-45)- وبعد ذلك ستجد أنك تلقائياً كلما استمعت إلى آية أصبحت تجري على لسانك رغم عدم حفظك لها وشيئاً فشيئاً يسهل لك الله طرق الخير فتجد أنك أصبحت ترى المخرج بوضوح كلما مشيت اقتربت من النهاية.- لذلك عليك الاستزادة قدر الإمكان لأنك لا تعلم متى ستصل إليها قد تكتشف في أثناء سيرك أنك قد بلغتها فماذا أعددت لنهايتك؟- فاعلم أيها الإنسان أن الموت يقطعك عن العمل فهل أجريت لك أعمال تستفيد بها بعد موتك كالصدقة الجارية؟ هل غرست غرساً يستفيد منه الإنسان والحيوان؟ هل أجريت نهراً أو حفرة بئراً؟ أو ساهمت بأي منهم؟- أو هل ربيت أبنائك تربية إسلامية صحيحة يذكرون الله بعد موتك؟ هل عملت عملاً صالحاً وأسررته في نفسك ولم تخبر به أحداً لعل الله يغفر لك به أو كتبت كتاباً استفاد منه غيرك وأخلصت النية فيه إلى الله؟- أبواب الخير كثيرة ومتاحة للجميع ومتيسرة لمن أراد العمل بها.- فأين هو مكانك في هذه المتاهة قف مع نفسك وقفة مصيرية ولا تقول غداً اسلك طريقاً في المتاهة أحسبه المخرج ظناً منك أنك أصبحت عالماً بها.- فلها طرق كلما سرت بها ابتعدت عن المخرج وصعب عليك العودة حاول الآن لن تخسر شيئاً قد تجد ذلك البصيص سريعاً وتعوض ما فاتك. فهناك مثل يقول: "أن تصل متأخراً خير من ألا تصل"- ولا تنسى قوله عز وجل: ( واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدرا )(الكهف - 45 )- وقال أيضاً: (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون )(النحل 97 )- أسرع فالوقت يمضي ولا تكاد تشعر به فاعمل الآن واصدق مع الله وتب لعلك تجد المخرج في الوقت المناسب وإلا عضضت أصابعك ندماً غداً قال تعالى: (وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)(الشعراء:87-88-89)