الرومانسية
الرُومانسية اتجاه في الفنون الجميلة والأدب، يركِّز على العاطفة أكثر من العقل، وعلى الخيال والبديهة أكثر من المنطق. ويميل الرومانسيُّون إلى حرية التعبير عن المشاعر، والتصرُّف الحر التلقائي، أكثر من التحفظ والترتيب. وتختلف الرومانسية عن مذهب آخر يُسمَّى الكلاسيكية. انظر: الكلاسيكية. ونشأت عصور الرومانسية غالبا باعتبارها ثورةً ضد الكلاسيكية. وأظهر الفنانون والكُتَّاب على مرِّ العصور اتجاهات رومانسية. غير أن تعبير الحركة الرومانسية يشير عادًةً إلى الفترة التي بدأت من أواخر القرن الثامن عشر الميلادي إلى منتصف القرن التاسع عشر الميلادي.
سمات الرومانسية
يتطلع الرومانسيون إلى المُطْلَق. وكان الشاعر الرومانسي وليم بليك يعتقد أنه يستطيع أن (يرى عَالَمَا في ذرة من الرمال، وحديقة في زهرة برِّية). فالرومانسيون يرون الطبيعة روحًا حية تنسجم مع مشاعر الحب، والتراحم بين البشر.
تؤكد الرومانسية على حرية الفرد. ولا تؤيد الأعْرَاف الاجتماعية المُقَيِّدة، ولا الحكم السياسي غير العادل. وفي مجال الأدب، يكون البطل الرومانسي عادة رجلا ثائرًا، أو خارجًا على القانون، مثل شخصية مانْفرِد للشاعر البريطاني لورد بايرون.
ومثلما يكون البطل الرومانسي ثائرًًا على التقاليد الاجتماعية، يكون الفنان الرومانسي ثائرًًا على الأفكار الزائفة، ذات المظهر الجميل. وفى المسرح، على سبيل المثال، يرفض الكُتَّاب الرومانسيُّون الوحدة الكلاسيكية للزَّمان والمكان. وتُعد مسرحية فادْر للكاتب جان راسين كلاسيكية تمامًا في الشكل. بينما تعتبر مسرحية فاوست للكاتب الألماني جوهان فلفجانج فون جوته، مسرحية رومانسية.
الرومانسيَّة في الفنون والآداب
الرومانسية في الأدب. إبَّان الحركة الرومانسية، لم يكن أغلب الكُتَّاب راضين عن عالمهم، حيث كان يبدو عَالَما تجاريًا، جامدًا، وغير إنساني. وللهروب من الحياة الحديثة، حول الرومانسيون اهتمامهم إلى أماكن بعيدة وخيالية، فاتجهوا نحو القرون الوسطى، وإلى الفنون الشعبية والأساطير، وإلى الطبيعة وعامة الناس.
وتوجد كثير من الخصائص الرومانسية في الرواية القوطية. وهي نوع من قصص الرعب المليئة بالعنف، والأحداث الغامضة، التي تقع في قصور العصور الوسطى القوطيَّة الكئيبة. وتأثر بالرواية القوطية الكاتبان الأمريكيان ناثانيل هووثورن، وإدجار آلان بو. ويظهر من روايات الكاتب الأسكتلندي السير وولْتر سْكُوت، ذروة الاهتمام الرومانسي بالماضي. وتُعد حكايات الجن، التي جمعها الأخوان الألمانيان جاكوب، وفيلم جريم، تحت عنوان حكايات جريم الخرافية مثالاً جيدًا على الاهتمام الرومانسي بالأساطير والفنون الشعبية.
ويظهر في أعمال الشاعر الإنجليزي وليم وردزورث، الكثير من السِّمات الرومانسية البحتة. فكان وردزورث، يفضِّل الذهن الخالي المستغرق في التأمل، على البحث الدؤوب عن المعرفة العلمية. وكان يرى أن الإنسان يتعلَّم من اندماجه مع الطبيعة، أو من حديثه مع أهل الريف، أكثر ممّا يتعلَّم من قراءة الكتب. وكان يرى أيضًا أن الانسجام مع الطبيعة مصدر الفضيلة والحقيقة.
الرومانسية في التصوير التشكيلي. كان المصِّورون التشكيليون الرومانسيُّون يستخدمون غالبًا المؤثرات الضوئية الشديدة، والظلال العميقة لكي يُضْفوا بريقًا خياليًا على موضوعاتهم. وقد تَخَلوا عن الشكل والمضمون، من أجل موضوعات غريبة وخيالية مثل المشاهد الشرقية التي رسمها الفرنسي ايوجين ديلاكْروا. كما انتشرت أيضًا المشاهد المؤثرة للطبيعة. انظر: التصوير التشكيلي.
الرومانسية في الموسيقى. عدَّل الملحّنون الرومانسيُّون، أشكال الموسيقى الكلاسيكية، واستهدفوا الوحدة العضوية والتعبير الغنائي المُعبِّر عن العواطف والأفكار. وأضفى كثير من هؤلاء الملحنين السمة الوطنية على أعمالهم باستخدام الأغاني الشعبية بوصفها مقطعًا رئيسيًا. ومن بين الملحنين الرومانسيين فرانتز شوبرت النمساوي، وكل من فلِكْس مِنْدلْسُون، وروبرت شُومان، وكَارل ماريا فُون فييبر الألماني، وفريدريك شوبان البولندي.
الرومانسية والمجتمع. كان الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو يرى أن الناس صالحون بفطرتهم، لكن مؤسسات الحضارة هي التي أفسدتهم. وكان يرى المثالية في الإنسان الهَمَجي النبيل، وهو الشخص الذي لم تفسده رفاهية الحياة وتعقيداتها. وكان يرى أن الأطفال في المجتمع الفاضل سوف يشبون على الصدق، والفضيلة والحرية. وتأثر كثير من الرومانسيين بهذه الآراء، فعارضوا الاستبداد السياسي في الحكم وشاركوا في أنشطة ثورية وتحررية. وتأثرت الثورتان الأمريكية والفرنسية اللتان قامتا في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي، بهذه المُثُل العُليا الرومانسية. كما أثرت نظريات روسو في الجوانب النظرية والعملية للنظام التعليمي. وبالإضافة إلي ذلك ارتبطت الرومانسية أيضًا بالإصلاح الاقتصادي، والاجتماعي، خاصة في الولايات المتحدة.
الرومانس
Romance
الرُومانس قَصَصٌ خيالية طويلة أقل واقعية من الرواية. يحاول أغلب الروائيين تقديم الحياة بشكل واقعي، بينما يركز كُتَّاب الرومانس على تقديم قصص مسلية. بل إن كثيرًا منهم يستخدمون شخصيات وحبكة روائية خيالية.
يتناول بعض الرومانس موضوعات فلسفية أو اجتماعية. وربما استُخدمت القصة الرمزية، وهي قصة ذات معنيين لإخفاء الغرض الخفي من القصة. ومن بين أعمال الرومانس الرمزية الرائعة قصة موبي ديك، التي كتبها الروائي الأمريكي هرمان ملفيل، عام 1851م. فعلى المستوى الظاهري تعتبر قصة موبي ديك قصة مغامرات في صيد الحيتان. وعلى مستوى أعمق، تكشف القصة عن صراع الإنسان، والقوى الغامضة للكون.
تغيرت دلالة كلمة رومانس، عدة مرات، منذ ظهورها في اليونان من قرابة ألفي عام. ففي الأدب اليوناني القديم، كانت القصة الخيالية تتعرض لموضوعات الحب أو الحرب. وكانت قصص الحرب تسمى ملاحم، وقصصُ الحب تُسمَّى رومانسيات. ولا تزال كلمة رومانس تعني قصة حب. وفي نحو القرن الثالث عشر، كان أغلب الأوروبيين الغربيين بتحدثون إما باللاتينية أو بإحدى اللغات الرومانسية كالفرنسية، أو الإيطالية أو الأسبانية. وكل القصص الخيالية المكتوبة باللغات الرومانسية، تسمى رومانس. وفي أغلب اللغات الرومانسية المعاصرة، تشير كلمة رومانس، إلى كل القصص الخيالية النثرية الطويلة. أما كلمة رواية فتعني كل الروايات النثرية القصيرة. وتُعتبر اللغة الإنجليزية هي الوحيدة، التي تختلف فيها كلمتا الواقعية وغير الواقعية.
تعتبر قصة دافنيس وكْلُوِيِه، للكاتب اليوناني القديم لونجوس، التي كتبها في القرن الثاني أو الثالث الميلادي، أول قصة رومانسية. أما أروع القصص الرومانسية فقد كتبها كتاب القرون الوسطى (القرن الثاني عشر إلى القرن الخامس عشر الميلادي). وكانت أشهر القصص الرومانسية، التي كُتبت في القرون الوسطى، تروي مغامرات الملك آرثر وفرسانه رجال المائدة المستديرة. وتحكي قصصٌ رومانسية أخرى عن البطل الفاتح الإسكندر الأكبر والبطل الأسباني السيد والإمبراطور شارل مانيي ووزيره المخلص رولان.
ازدهر الرومانس مرة أخرى في أواخر القرن الثامن عشر وخلال القرن التاسع عشر الميلادي. ففي إنجلترا كانت قصة قلعة أوترانتو التي كتبها هوراس وولبول (1764م) هي بداية الاتجاه نحو الرومانسيات التي تركز على الغموض، والرعب والظواهر غير الطبيعية. وصارت هذه الأعمال الرومانسية تُعرف باسم الروايات القوطية.