المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المتوكل علي
ومعنى أن حياتي لله: أي أنني نذرت حياتي لله في سبيله في طاعته,و لا يتحقق للإنسان أن تكون حياته لله إلا إذا عرف الله أولاً، وعبَّد نفسه لله ثانياً، حينها سيرى أن هناك ما يشده إلى أن تكون حياته كلها لله,وأنه فخر له: أن ينذر حياته كلها لله, بمعنى آخر سيرى نفسه ينطلق في هذه الحياة برغبة وارتياح أن ينذر حياته لله فتكون حركته في الحياة, وتقلباته في الحياة وتصرفاته ومواقفه وأفعاله وحركاته وسكناته ومسيرته في الحياة كلها من أجل الله وعلى هدي الله وإلى ما يحقق رضاء الله سبحانه وتعالى.
ومعنى أمرت أن يكون مماتي لله : أي أن يكون موت الإنسان لله وفي سبيله , ويتحقق ذلك عندما يُجنِّد الانسان نفسه لله سبحانه وتعالى, عندما يطلب الشهادة في سبيل الله، عندما يستعد للشهادة في سبيل الله، عندما يكون موطنا لنفسه أن يموت في سبيل الله.. ويسعى جاهدا لأن يستشهد في سبيله , ولا أتصور معنى آخر يمكن أن يحقق للإنسان أن يكون موته لله إلا على هذا النحو..لأن هذا امعنى جعله الله في القرآن الكريم من الصفات الملازمة للمؤمنين , حيث يصف عباده المؤمنين بأنهم هم من يعرضون أنفسهم للبيع من الله عندما قال: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَيُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ﴾ [التوبة:111]. {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ}(البقرة: من الآية207) وهذه الآية: {إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} أليس هذا يعني: أن المؤمنين هم دائماً يحملون هذا الشعور، هو: أنهم ينذرون حياتهم لله وأن يموتوا في سبيله.
فالله تعالى لرحمته بعباده الله فتح أمام الإنسان هذا الباب العظيم وهو: إمكانية أن يستثمر حياته وموته على أعلى وأرقى درجة,فعندما يكون لدى الإنسان هذا الشعور: نذر حياته لله ونذر موته لله فهو فعلا من استثمر حياته وموته، استفاد من حياته، ومن موته، جعل حياته وموته كلها عملاً في سبيل تحقيق رضوان الله سبحانه..كذلك في قوله تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ﴾[البقرة:207] لاحظوا كيف هذه الآية تؤكد أن المسألة هي أيضاً من الرحمة والرأفة التي مَنَّ الله بها على عباده ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ﴾ أي باع نفسه من الله ليقتل في سبيله، ليعاني في سبيله، ليتعب في سبيله، ليبذل مهجته في سبيله قال بعدها: ﴿وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ﴾ أي هو رؤوف بهم إلى درجة أنه فتح أمامهم أن يستثمروا موتهم) فممن الرأفة والرحمة من الله بعباده أن فتح لعباده المؤمنين المجال ليبيعوا أنفسهم في سبيله, وينذروا حياتهم له, ويستثمرون موتهم في سبيله, لينالوا رضوانه, ويحظوا بالنعيم الدائم, والسعادة الأبدية في الجنة, إضافة إلى ما يتجلى من رحمة الله في الدنيا بعباده المؤمنين الذين باعوا أنفسهم منه.
ومادام أن الرسول قد أُمر بأن تكون حياته وومماته لله فنحن كذلك مأمورون بأن ننذر حياتنا لله, وننذر مماتنا لله, وحينئذ بعد هذه الآية كل من يحاول معك أن يقعدك عن أي عمل صالح أو يخوفك أويثبطك عن مقارعة الظالمين والمستبدين والمستكبرين ونصرة دين الله واعلاء كلمته ونصرة المستضعفين فافهم بأنه يعمل على أن يحول بينك وبين أن تؤدي هذا الأمر الإلهي الذي هو شرف عظيم لك، ونعمة عظيمة عليك ألا وهو أن تنذر حياتك أولاً وتنذر موتك ثانياً لله سبحانه وتعالى, وما أكثر ما يحصل هذا سيما في مواجهة أئمة الكفر امريكا واسرائيل وعملائهم من الحكام الطغاة المستبدين.
والمسألة خطيرة جدا في هذا الزمن وخاصة علينا نحن الشباب وكلنا مقدمين عليها : فأما أن تكون حياتك ومماتك لله وفي سبيل الله وأما أن تكون في سبيل الشيطان والطاغوت الأكبر المتمقل في عصرنا بأمريكا ودول الاستكبار وعملائهم المنافقين .
فالمسألة المألة خطيرة جدّاً, نحتاج فيها إلى أن نتفهّم أهمّية وخطورة المرحلة التي نحن فيها, فنعرف المنهج والصراط الذي نسير عليه في بيعنا لأنفسنا من الله, وبذلنا لأرواحنا في سبيله, حتّى لا نكون جنودا ننطلق ونتحرّك في خدمة أمريكا واسرائيل, وخاصّة أنّ لديهم القدرة الكبيرة على تثقيف النّاس بالشكل الذي يخدمهم, ويجعل النّاس يندفعون وينطلقون كجنود لهم, وفي سبيلهم سواء شعروا أم لم يشعروا, والواقع الآن يشهد بهذا, فنحن نرى عشرات بل مئات الآلف ممّن ينطلقون, ويضحون, ويبيعون أنفسهم من أمريكا واسرائيل, في اليمن, وفي سوريا, وفي العراق تحت راية ومظلّة تلك الحركات الّتي أنشأتها أمريكا واسرائيل, كالقاعدة, وداعش, وغيرهم من العملاء, سواء بشكل أنظمة, أو حركات وكيانات, وجماعات.
فنحن وفي مقتبل هذه المرحلة والكثير منا في مقتبل العمر ولا زالوا شبابا أوطلابا،إذا لم تتفهم هذه المعاني من الآن ونسير وفق النهج الذي اراده الله فإن اليهود عندهم قدرة أن يثقفوا الناس وأن يعملوا الأشياء الكثيرة حتى يجعلوا الناس ينذرون حياتهم لهم، حتى رأينا الجندي يتحرك بغضب وشراسة, ويضرب بيت أخ مسلم له.. ويقتل.. ويدمر.. يونهب، وهو في نفس الوقت، - سواء فهم أو لم يفهم - إنما يخدم أمريكا.
أكتفي بهذا والله من وراء القصد.