المساجد والقصور العثمانية في الجزائر.. ماذا بقي منها؟
المصدر ,., ترك رس
اهتم بعض الباحثين الجزائريين بتاريخ الجزائر العثماني، فكتب المؤلف "رشيد دوكاني" دراسة تاريخية باللغة الفرنسية بعنوان "مساجد مدينة الجزائر في العهد العثماني"، تناول فيه معاناة الجزائريين من فقدان الذاكرة وطمس الهوية الثقافية الإسلامية المستمر إلى الآن بسبب الاستعمار الفرنسي ما بين 1830 و1962.
كما أشار دوكاني في دراسته إلى وجود 166 معلمًا دينيًا في الجزائر عشية احتلال الفرنسيين لها، منها 13 جامع، و109 مساجد، و32 ضريح، و12 زاوية، وقد هدمت غالبيتها على يد المستعمر.
وكتبت الطالبة "فتيحة فرحي" أطروحة لنيل شهادة الماجستير من قسم العلوم الإنسانية في جامعة "زيان عاشور" لعام 2016-2017 (103 صفحات)، تحدثت فيها عن المساجد والعمران في الجزائر خلال العهد العثماني.
وكان أول من أنشأ المساجد من العثمانيين في الجزائر "أورخان" في "بروسة"، وله مكان صلاة فسيح متعدد الأروقة. وفيما يلي أشهر المساجد والجوامع العثمانية في الجزائر:
1- جامع كتشاوة
بني في عام 1612، وهو تحفة معمارية تركية نادرة، سُمّي بذلك نسبة إلى السوق الذي يقام في ساحة مجاورة له.
وبعد دخول الاستعمار الفرنسي تمّ تحويله إلى كنيسة في 12 كانون الأول/ ديسمبر 1832 بأمر القسيس "كولان"، فحول المنبر إلى قداس وضع فيه تمثال السيدة "مريم"، وسميت فيما بعد كنيسة "سان فيليب".
وبعد زيارة وفد تركي إلى الجزائر في عام 2013، أبرم اتفاق بين الدولتين تولّت بموجبه وكالة التعاون والتنسيق التابعة للحكومة التركية "تيكا" ترميم الجامع في عام 2014 وإعادة تأهيله.
2- جامع البراني (الخارجي)
بُني في عام 1653، وهو مسجد صغير أنيق يقع أمام باب القصبة الجديدة. مُنِحَ بعد الاستعمار الفرنسي إلى الديانة الكاثوليكية، وسُمّي بكنيسة "سانتكرو".
3- جامع الداي
سمّي بالداي نسبة لمؤسسه "حسن بن خوجة بن عقيل" آخر دايات الجزائر، وللتفريق بينه وبين جامع القصبة الخارجي، وعُرِفَ بمسمى القصبة الداخلي.
حوّله المستعمر الفرنسي إلى مرقد للجنود وبيت يعبثون فيه، مما أفقد الجامع روعته وجماله.
4- مسجد علي بتشين
سمي نسبة لمؤسسه. يقع بنقطة تقاطع شارع باب الواد والقصبة.
وفي عهد المستعمر الفرنسي استعمل كصيدلية، ثم حول إلى كنيسة في عام 1843.
5- مسجد الجنائز
يقع على شارع أورليون. أعاد الحاكم التركي بناءه سنة 1545 وسُمّي على اسمه، ثم سمّي بالجنائز لأنّها كانت تمر من أمامه.
تحول إلى ملحق للمشفى المدني في عهد الاستعمار الفرنسي.
6- مسجد سيدي عبد الرحمن
يحتوي ضريح "عبد الرحمن بن مخلوف الثعالبي" الذي كان فخر أئمة علماء الجزائر في عهد الباشا "مصطفى كوسة" الذي حكم بين عامي 1610 و1623.
أنشأ الداي "الحاج أحمد" ضريح الولي الصالح سنة 1696، وجلب إليه مجموعات فريدة من الزليج التركي والتونسي. وتُعد مئذنته من أجمال الآثار التاريخية، ويزيد ارتفاعها على 14 متر، وترتكز على أعمدة أسطوانية مزينة بزليج.
7- مسجد الجيش
من أكبر مساجد الجزائر، هدم الطابق الأول منه سنة 1830، وتعرض للتشويه بعد هذا العام. يقع بين مصنع البارود ومسجد الداي، وتُعد مئذنته من أجمل المآذن في الجزائر.
8- مسجد خظر باشا
بناه "خظر باشا" في عام 1596، وقد حكم الجزائر لثلاث سنوات، ويقع في حومة الخراطين.
تحوّل بعد الاستعمار الفرنسي إلى ملحق للمستشفى الذي أقيم في مبنى ثكنة الخراطين لست سنوات. وهدم المسجد جزئيًا في عام 1836، وبني مكانه بيت في شارع "سيبيون"، ومبنى آخر لكنيس يهودي.
9- مسجد عبد الرحيم
بناه "مصطفى بن محمد الأندلسي" عام 1678.
عُرِفَ بمسجد الحمامات لوجوده بين حمامين في نهج باب جديد، ويقع عند تقاطع شارع "داموفروفيل" وشارع "يوسف مقران". جُدِّدَ بناؤه في عام 1839.
10- جامع السفير
شُيّد في عام 1534 على يد مسيحي أعتقه قائد البحرية العثمانية "خير الدين بربروس" بعد إسلامه، بتمويل من "قياد السفير بن عبد الله"، واستغرق بناؤه 9 أشهر. ويُعد تحفة معمارية.
صنّفته منظمة اليونسكو ضمن قائمة التراث العالمي، بالإضافة إلى جامع كتشاوة والجامع البرّاني.
11- مسجد سيدي محمد الشريف
يقع في قلب القصبة، وفيه ضريح الولي "سيدي محمد الشريف" المتوفى سنة 1543.
حوّله الفرنسيون إلى مدرسة وملحقات مختلفة.
12- جامع سوق الغزل
يقع في قصر "أحمد باي" بقسطنطينة. شُيّد في عام 1741 على يد كاتب الداي "عباس بن علي جلول". كان يحتوي العديد من زخارف الأرابيسك والميزات الفنية. وحوّله المستعمر الفرنسي إلى كاتدرائية.
ويذكر أنّه كان في قسطنطينة 95 مسجدًا، دُمّر العديد منها.
13- الجامع الكبير
بناه "الحاج عثمان" في مدينة العسكر عام 1747، وهو الباي الثالث والعشرين الذي حكم "بايلك الغرب" لتسع سنوات.
14- جامع العين البيضاء
بناه "الباي محمد البير"، وسمّي بهذا الاسم لوجود عين أسفل سور المدينة يميل لونها إلى الأبيض.
15- جامع الباي
أسّسه الحاكم "صالح باي" بمدينة عنابة، ويتقدم الجامع حصنًا كبيرًا.
16- جامع الباشا
أسّسه حاكم الجزائر "حسن باشا" (1544-1570) بمدينة وهران.
أشهر القصور العثمانية في الجزائر
1- قصر الحاج أحمد باي
بُني بأمر من الباي "أحمد بن محمد الشريف بن أحمد العلي" آخر البايات العثمانيين الذين حكموا "بايلك الشرق".
بُني في الفترة بين 1825 و1835، ويقع في مدينة قسطنطينة في حي القصبة العتيق.
2- قصر مصطفى باشا
يقع قرب جامع كتشاوة. شُيّد بأمر من "مصطفى باشا" في عام 1779.
حوّله المستعمر الفرنسي إلى مكتبة، وكان يضم أكثر من ألفي مخطوطة نهبها المستعمر الفرنسي.
وبمرسوم وزاري في 7 تشرين الثاني/ نوفمبر 2007، أُقرّ متحفًا للزخرفة والمنمنمات وفنون الخط.
3- قصر رياس البحر
بدأ ببنائه في عام 1576 بأمر من "رمضان باشا" بحجر المرمر الثمين وبزخرفة عثمانية، وانتهت الأشغال فيه عام 1798 في عهد القائد "مامي أرناؤوط".
يتكون من ثلاث بنايات متشابهة، ويقع أسفل هضبة على واجهة البحر، ويحكي للأجيال المتعاقبة من أبناء الجزائر تاريخ التصدي والنضال من أجل الحرية في وجه المستعمر من خلال المدافع التي لا تزال صامدة.
صُنّف القصر في عام 1990 كمعلم تاريخي.
4- قصر خداوج العمياء
يُعد تحفة تاريخية وأسطورة عثمانية حية، ويقع قبالة البحر أسفل القصبة. بُني على يد البحار التركي الشهير "خير الدين بربروس".
ثم اشتراه منه الخزناجي "حسن باشا" وأهداه لابنته "خداوج" الكفيفة. ويروي السكان المحليون أن خداوج كانت باهرة الجمال ومعجبة بنفسها كثيرًا، فقد كانت تقضي الساعات الطوال أمام المرآة تتأمل جمالها، وفقدت بصرها لفرط استعمالها للكحل.
5- قصور حسين الداي
كانت سبعة قصور، نجت منها أربعة. تقع في قلب الجزائر العاصمة، وهي قصر "بلكين، و"البيت الريفي"، و"قصر ناربون"، و"جنان الدمرجي".
كان "حسين الداي" آخر حاكم عثماني في الجزائر. وقد شيّده في عام 1821.