العمارة الإسلامية في الأندلس.. إبداعُ الجمالِ والجلال
كانت بلاطات الخلفاء والأمراء في الأندلس مركز إشعاع ثقافي حضاري، فاجتذبت العلماء والكتّاب والشعراء والفنانين والصناع المهرة. وقد اهتم الخلفاء والأمراء بنشر المدارس والجامعات (وأشهرها جامعة قرطبة) والمكتبات العامة (وأشهرها مكتبة الخليفة الحكم)، كما اهتموا بفنون العمارة الإسلامية وطبقوها في بناء الأسواق والمشافي والحمامات العامة وملاجئ الفقراء…
من بقايا العمارة الإسلامية الخلابة في الأندلس
المعروف أن شعوباً كثيرة سكنت إسبانيا عامة وأسهمت كلها في تطوير الفنون فيها، لكن التأثير العربي الإسلامي، تحديدا العمارة الإسلامية في الأندلس (شبة جزيرة أيبيريا) وخاصة في أقسامها الجنوبية والجنوبية الغربية يظل أكثرها أهمية وديمومة؛ لكثرة المشيدات التي بقيت فيها شاهدة على النهضة الفكرية والفنية التي عرفتها الخلافة الأموية والإمارات العربية المختلفة في الأندلس من القرن الثاني حتى التاسع الهجري / الثامن حتى الخامس عشر الميلاديين، ولامتداد التأثيرات الفنية العربية إلى بقية مناطق إسبانيا التي ظلت في يد الإسبان أو استردوها حتى انتهاء حكم العرب والمسلمين منها.
العمارة والفنون العربية في الأندلس إبّان الحكم العربي الإسلامي
كانت حقبة الحكم العربي للأندلس حقبة تطور حضاري مهم، فقد وصلت الحضارة العربية إلى تلك البلاد بخصائصها العربية الإسلامية التي كانت قد بدأت تتبلور في بلاد الشام إبان الحكم الأموي.
وقد حمل العرب إلى الأندلس أسلوب معيشتهم وكيفوه تبعاً لشروط الحياة فيها كالمسكن المنفتح على الفِناء الداخلي المزين بالحدائق والسطوح المائية. وطوروا الزراعة وري الأراضي حتى عم الرخاء المدن والريف، وقد نظمت المدن التي أقاموا فيها وفق الأسلوب المشرقي بشوارع ضيقة ذات محاور متكسرة درءاً للشمس وحماية للسكان. وازدهرت صناعة النسيج والخزف والجلود في قرطبة وصناعة الأسلحة في طليطلة.
واستخرج الذهب والفضة والقصدير والنحاس والحديد والزئبق، واستخدمت تلك المواد في البناء والتزيين وفي الصناعات المعدنية؛ وكانت غرناطة مركزاً لصياغة الذهب والفضة، واستعمل الذهب في التنزيل والتزيين فطليت به أبواب المساجد والقصور وقطع الأثاث، وما تزال صناعة التنزيل بخيوط الذهب على القصدير والنحاس والرصاص قائمة حتى اليوم في طليطلة وغيرها من المدن الإسبانية.
وإذا كانت اللغة العربية وعلومها وفنون الكتابة (الخط العربي) من الأمور المهمة التي أدخلها العرب المسلمون إلى الأندلس فقد نقل هؤلاء معهم كذلك ذوقهم في تنسيق الحدائق ومعرفتهم بالنواعير وطرائق رفع المياه والتحكم فيها (مازالت آثار ذلك على النهر الكبير في قرطبة)، كما نقل العرب معرفتهم في صناعة السلاح من سيوف وخناجر ومِدى بمقابضها ونصولها الغنية بالزخارف الإسلامية.
وكانت بلاطات الخلفاء والأمراء في الأندلس مركز إشعاع ثقافي حضاري، فاجتذبت العلماء والكتّاب والشعراء والفنانين والصناع المهرة. وقد اهتم الخلفاء والأمراء بنشر المدارس والجامعات (وأشهرها جامعة قرطبة) والمكتبات العامة (وأشهرها مكتبة الخليفة الحكم) وبناء الأسواق والمشافي والحمامات العامة وملاجئ الفقراء.
عهود الحكم العربي وصنوف العمارة الإسلامية في الأندلس
إحدى المعالم الأثرية المتبقية من مباني مدينة الزهراء الأندلسية الملكية
صنفت عهود الحكم العربي في الأندلس في أربعة عصور: عصر الإمارة والخلافة الأموية وعصر دول الطوائف، وعصر المرابطين والموحدين وعصر نهاية الأندلس والعرب المتنصّرين.
قرطبة في أيام الحاجب المنصور
يقتضي الحديث عن الصروح العمرانية في الأندلس التطرق إلى هندسة المدن وتنظيمها. فقد كانت قرطبة في أيام الحاجب المنصور (الوزير محمد بن أبي عامر) واحدة من أعظم المدن في العالم، ويقال إنها كانت تحتوي على مئتي ألف قصر وستمائة مسجد وسبعمائة حمام، وكانت طرقها مرصوفة بالحجارة ومحفوفة بطوارين[2] على الجانبين، وكانت تضاء في الليل حتى يقال إن المسافر كان يستطيع أن يسير على ضوء المصابيح وبين صفين من المباني مسافة عشرة أميال. ولم يغفل الخلفاء والأمراء بناء الجسور على الأنهار ومد قنوات مياه الشرب إلى المنازل والقصور والحمامات إضافة إلى الحدائق والمتنزهات التي تزينها برك الماء المتدفق.
قصر الرصافة في قرطبة
ويقال إن عبد الرحمن الداخل أنشأ في قرطبة قصراً فخماً أطلق عليه اسم قصر الرصافة تيمناً بالقصر الذي قضى فيه صباه بالقرب من مدينة الرقة في سورية، وحذا حذوه من أتى بعده من الأمراء والخلفاء فبنوا قصوراً تغنى بها الشعراء الأندلسيون، مثل الروضة وقصر المعشوق وقصر السرور وقصر التاج. وقد كانت هذه القصور التي اندثر أكثرها آية في الجمال والبراعة العمرانية والترف والذوق الرفيع.
مدينة الزهراء
من أشهر المشيدات العمرانية في حقبة الإمارة العربية والخلافة الأموية ضاحية الزهراء التي تقع إلى الشرق من قرطبة، وقد شيدها الخليفة الأموي عبد الرحمن الناصر (عبد الرحمن الثالث) (300 ـ350هـ) تخليداً لاسم زوجته، واستغرق بناؤها سنوات طويلة (325 – 351هـ، 936 – 961م) وتشتمل الزهراء على ثلاث مدن متدرجة في البناء عثر عليها المعمار الإسباني فلاسكيز عام 1910م، وتنحدر تلك المدن نحو الوادي الكبير ولكل منها سورها، القصور في أعلاها والبساتين والجنان في الثانية، وفي الثالثة الديار والجامع.
جامع طليطلة الصغير
من الآثار التي تعود إلى هذه الحقبة أيضاً جامع طليطلة الصغير، ويعود بناؤه إلى نهاية القرن العاشر الميلادي/الرابع الهجري. وقد حول بعد الحكم العربي إلى كنيسة تعرف اليوم باسم كنيسة القديس كريستو ديلالوث.
جامع قرطبة.. المسجد الجامع
من روائع زخارف المسجد الجامع في قرطبة
لكن أهم المشيدات العمرانية التي تعود إلى هذه الحقبة المسجد الجامع في قرطبة ويسميه الإسبان “المسجد الجامع” يقوم المسجد الجامع في قرطبة فوق بقعة صخرية تقع جنوبي غربي المدينة على مقربة من القنطرة العربية القديمة على نهر الوادي الكبير، وتحيط به الدروب الضيقة من جوانبه الأربعة.
يشغل هذا المسجد مكانة في تاريخ الفن الإسلامي تقارب ما للمسجد الأموي الكبير في دمشق، وهو كما يصفه أحد المؤرخين “اللحظة الأولى للقاء الغرب بالإسلام، وهو واحد من أعظم الروائع في العالم”.
مئذنة الجامع الكبير في إشبيلية .. الخيرالدا
وإبان حكم المرابطين والموحدين بين ق5 – ق7هـ / ق11 – ق13م، ازداد الفن الأندلسي خصباً وأصالة، وقد أولى هؤلاء العمارة اهتمامهم فكانوا يحيطون مدنهم الكبرى بأسوار ضخمة تتخللها أبراج ضخمة، مثل برج الذهب الذي كان يطل على الوادي الكبير عند إشبيلية.
ولكن ما تبقى من الآثار المعمارية التي تعود إلى هذه الحقبة قليل، ولم يعرف عن المرابطين ميلهم إلى إشادة القصور الفخمة لاتصافهم بالتقشف، وكانوا يطلقون على مقر حكمهم اسم “بيت الأمة” وقد عثر على أجزاء من بيت الأمة في إشبيلية في موضع قريب من القصر “الكازار”.
ومن أهم الآثار الباقية إلى اليوم مئذنة الجامع الكبير في إشبيلية التي تعرف باسم “الخيرالدا”، وقد شرع ببنائها سنة 584هـ/1188م المهندس جابر في عهد الخليفة الموحدي أبي يعقوب يوسف بن عبد المؤمن وبنيت في عهد ابنه الخليفة المنصور أبي يوسف يعقوب بن يوسف، وكان يتابع بناءها بنفسه، والمئذنة مبنية من الآجر.
وكانت المئذنة جزءاً من مسجد إشبيلية العظيم الذي شرع ببنائه أبو يعقوب بن تاشفين في شهر رمضان سنة 567هـ أيار 1172م ونجز في نحو أربعة أعوام (سنة 571هـ) وأقيمت فيه أول صلاة جمعة في 24 ذي الحجة سنة 577هـ/30 نيسان 1182م.
وقد اندثر هذا المسجد اليوم ولم يبق منه سوى المئذنة التي تحولت إلى برج لجرس الكاتدرائية الكبيرة. وهي من المشيدات المعمارية المهمة في الفن العربي الإسلامي في الأندلس لأنها تبرز قدرة الفنانين الأندلسيين على الربط بين ضخامة العمارة ودقة التزيينات، ويظهر أن المسجد الجامع في إشبيلية قام مكان جامع أقدم يعد أول جامع في المدينة، وقد بُني المسجد الجامع عام 213هـ/829م بدليل لوحة تذكارية بقيت منه كتب عليها: “رحم الله عبد الرحمن بن الحكم الأمير العادل الذي أمر ببناء هذا الجامع بإشراف عمر بن عدبس قاضي إشبيلية”.
ومما يجدر ذكره أن مدينة إشبيلية كانت أيام الرومان صورة مصغرة عن روما. وقد اتخذها العرب أول عاصمة لهم بعد فتح الأندلس؛ ولما جعل عبد الرحمن الداخل قرطبة عاصمة له لم يهمل إشبيلية، بل شجع على بناء المنشآت العامة والقصور، والدور فيها حتى غلب عليها الطابع العربي الإسلامي.
قصر الحمراء في غرناطة
جانب من قصر الحمراء في غرناطة
ويعد قصر الحمراء في مدينة غرناطة من أهم الصروح المعمارية التي تبرز جمال الفن العربي الإسلامي وأناقة التزيينات فيه. فقد امتد تشييده حتى سنة 793هـ/1391م، ومخطط القصر ما يزال واضحاً في مجموعات ثلاث هي: المشور، حيث كان السلطان يتولى الأحكام ويلتقي الرعايا، والديوان المخصص للاستقبالات الرسمية وفيه قاعة العرش؛ والحريم المخصص لمخادع السلطان وفيه باحة الأسود. وفي القصر بناء منخفض يعرف اليوم باسم باتيو دل مكسار Patio del Mexuar فيه مجلس القاضي ومصلّى صغير.
يعود القسم الأكبر من القصر ببنائه إلى عصر السلطان أبي الحجاج بن يوسف إسماعيل بن نصر بن الأحمر (734-756هـ/1333-1354م) وينسب إليه بناء باحة الريحان وبرج “قمارش” الذي يحتوي على قاعة السفراء المزينة بقبة جميلة، وفيها كان أصحاب غرناطة يستقبلون المبعوثين من الأجانب.
بعد ذلك قام السلطان محمد الغني بالله (755 – 793هـ/1354 – 1391م) ببناء باحة الأسود التي تنفرد بأسلوبها الفني وبأعمدتها المرمرية التي تعلوها تيجان من الزهور المنحوتة، وبأقواسها الرشيقة المزينة بزخارف من الكتابات الكوفية والنقوش العربية الملوّنة، وببركتها المرمرية المحاطة باثني عشر أسداً منحوتاً تخرج المياه من أفواهها بحسب ساعات النهار والليل.
وقد تعطلت مخارج المياه في هذه البركة في العصر الحديث ولم يستطع المهندسون التوصل إلى الطريقة التي هندس فيها توزيع المياه. كذلك بنى السلطان محمد المذكور قاعة الشقيقتين (الأختين) التي تتوجها قبة من المقرنصات المتداخلة وتزينها زخارف تشبة أوراق الأشجار والزهور كما تزينها أشكال هندسية من الجص الملون.
تمتد “جنة العريف” حول قصر الحمراء، ويعود تنسيقها إلى القرن السابع للهجرة، الرابع عشر الميلادي، وهي حدائق عامرة بالأشجار المثمرة والورد من مختلف الأنواع.
الحمامات
أما الحمامات الباقية في إسبانية من الحقبة العربية الأندلسية فيعود أكثرها إلى القرنين الحادي عشر والثاني عشر الميلاديين، وهي وثيقة الصلة بالحمامات الشرقية والرومانية إذ تتألف من قاعة كبرى مخصصة لخلع الملابس وتضم إيوانات مرتفعة حول قبة قائمة على أعمدة، وكان لكل من القسم المعتدل الحرارة والقسم الساخن في الحمام قباب فيها فتحات صغيرة لدخول الضوء. وابتكر العرب مجاري لنشر أريج العطر والطيب في أرجاء الحمامات، ومدوا أقنية من الرصاص لجر المياه إليها وإلى المنازل والحدائق والبرك وإلى السبل العامة كما شيّدوا البيمارستانات[3].
العمارة العسكرية
أقام الأمويون الكثير من القلاع والمراكز الدفاعية لضمان سلامة بلادهم، وما يزال بعض هذه المنشآت قائماً، إلا أن الدراسات التي نشرت عنها قليلة. وأقدم هذه الصروح المعروفة قلعة مريدا Merida وقد أنشئت في عهد عبد الرحمن الثاني سنة 220هـ/835م. ويتقدم هذه القلعة جسر أقيم على نهر غواديانا.
وتشبه هذه القلعة القلاع البيزنطية بسورها المربع المبني من الحجر المنحوت وأبراجها المستطيلة المصمتة الجدران، وأبراجها المربعة في زوايا السور وبابها الوحيد المخفي عن الأنظار.
وشيدت أسوار أكثر المدن من الحجر المنحوت المرصوف بتناسب هندسي. أما أسوار القلاع ومراكز الخفر وبعض أبراج المراقبة داخل المدن فكانت تشيد من الطين على أساس من الحجر وتعلوها شراريف هرمية.
ومن أشهر الأبراج في الأندلس برج الذهب، الذي يعد آخر صرح حضاري بناه الموحدون في إشبيلية، وقد أقيم لحراسة المدينة ومراقبة حركة الملاحة في النهر. وهو مكوّن من اثني عشر ضلعاً ومن طابقين، شيد فوقهما طابق ثالث في القرن الثامن عشر بأسلوب شذَّ عن الطابقين القديمين.
الحدائق
من حدائق أحد قصور الأندلس
كان حكام الأندلس يميلون إلى تزيين ساحات قصورهم بحدائق بديعة، ورد ذكر الكثير منها في وثائقهم وتواريخهم وأشعارهم وفي مقدمتها حدائق الأبنية التي أقامها عبد الرحمن الداخل. وبهذا بدت القصور موئلاً لهذا الفن الإبداعي القائم على أسس علمية وهندسية.
وقد كان للحدائق العربية في الأندلس صفات اختصت بها، من ذلك مثلاً أنها كانت تشغل الفناء الداخلي للقصر أو دار السكن، وتحتوي على شرفات مكشوفة يصعد إليها ببضع درجات، كما تحتوي على قنوات مكسوة بالقيشاني تخترق المحور الأوسط للفناء، وكانت هذه القنوات تغذي المسطحات المائية في الحدائق كالبرك والبحيرات والنافورات. وقد تعامل المهندسون مع المسطحات المائية بفطنة وذكاء, فاختلف توزيعها وحجمها حسب ما اقتضاه المبنى وغدت كمرآة عاكسة لخضرة الحديقة وألوان البناء التي يغلب عليها اللون الأحمر.
الزخرفة
استعمل المزخرفون الحجر والرخام والفسيفساء والخزف والقيشاني والبلاط القرميدي والآجر المطلي بالميناء، واستخدم النوعان الأخيران في النواتئ التزيينية في المآذن.
واستخدمت القوس نصف الدائرية، أو على شكل حذوة الحصان والأقواس المدورة الفصوص في أكثر الأبنية، وخاصة في أجنحة جامع قرطبة، وقد طورت هذه الأقواس وتعددت أشكالها في عصر المرابطين والموحدين.
وتنوع شكل القوس المفصص فكان منه المشجّر والمقرنص، واستعملت فيها الأحجار الملونة بالتناوب، وخاصة الأحمر والأصفر، أو الأحمر والأبيض، واتبع الأسلوب نفسه في مدينة الزاهرة، ولكن بروز النحت فيها قليل، وفي زخارفها عناصر مستمدة من الفنون القديمة كحبات اللؤلؤ والحلزون وحلية القلب وأوراق الشجر.
وقد كان للكتابة العربية دور مهم في زخرفة المباني المدنية والدينية، وخاصة مسجد قرطبة. وقد استعمل فيها الحرف الكوفي البسيط أو المشجر كما انتقلت إلى الأندلس الكتابة الفاطمية من إفريقيا.
ولما اختار عبد الرحمن الداخل قرطبة عاصمة له ظهرت في زخارف المباني الأندلسية الزخارف النباتية المتداخلة التي عرفتها دمشق قبلها سعف النخل (مراوح النخيل) وورق الكرمة وأغصانها والإضافات الملحقة بها.
وكانت الزخرفة تغطي المساحة المطلوبة بكثافة كبيرة، وذلك من مميزات الفن العربي الإسلامي الذي عرف في أوربا باسم الأرابسك. وتضاف إلى العناصر الزخرفية النباتية في الأندلس الأشكال الإنسانية والحيوانية وخاصة تلك الذي نصبت على الأحواض الرخامية في القصور في القرنين الثالث والرابع الهجريين (العاشر والحادي عشر الميلاديين) ولكن القرن الخامس للهجرة شهد انقطاعاً جلياً في هذه العناصر لتعارضها مع فكر الموحدين واعتقادهم.
وقد راج استخدام الزخارف الجصية في المباني الأندلسية التي بلغت قمتها في قصر الحمراء.
تأثيرات الفن العربي الإسلامي الأندلسي
انتشر تأثير الفن العربي الأندلسي، بدءاً من القرن الخامس الهجري/الثاني عشر الميلادي من إسبانية إلى المغرب، وتتجلى معالمه مع بعض الخصائص في مدن مراكش وفاس وتلمسان وتونس وصفاقس. كذلك تُرى ملامح هذا الفن العربي الإسلامي في إسبانيا نفسها خارج مناطق نفوذ العرب.
وقد أوجد المسيحيون الذين عاشوا في ظل الحكم العربي أو الذين كانوا في دار الحرب معهم أسلوباً فنياً فريداً من نوعه أطلق عليه اسم “فن المستعربين” ، انتشر في مناطق إسبانيا بدءاً من القرن التاسع وهو يقوم على ما يسمى بالأسلوب المدجّن Mudejan لأنه يجمع بين تأثيرات الفن القوطي والفن المسيحي وتأثيرات الفن الإسلامي.
وقد تجلى هذا الأسلوب في العمارة والزخرفة وفي المنمنات الملونة التي كانت تزين صفحات المخطوطات. ويعود الفضل في انتشار هذا الأسلوب إلى الصناع العرب المهرة الذين استخدمهم الحكام الإسبان المسيحيون في تشييد قصورهم وكنائسهم وتزيين مخطوطاتهم بعد رحيل العرب عن الأندلس.