تفنى الأوقات، لكننا ما زلنا صامدين..
تخنقنا العبرات لكننا نتنفّس..
تتجاذب العمر أقطابٌ متنافِرة لكننا لم نتمزّق..
وكأننا نقول للحياة إفعلي ما شئتِ، ما خُلِقنا إلا لِنسعد.. جئناكِ باكيين، لكن حين كانت تحتظننا جنة الأرضِ نبتسم ونغفوا مُنعَمين..
نكبُر.. تستطيعين النَيلَ منّا وربما نقع ونتوسّد الثرى ثُم ننهض، ونمضي سائرين في الدروب التي نعلم أنها ستضيق يوماً علينا، ويومٌ ستتسع..
نأخذ من الضيقِ عِبرة، ومن الشِدة صبر
ومن العثراتِ قوة وبأس..
إن ضاقت سيفرجها الله، وإن أُغلِق باب فهناك أبواب..
أحيانًا أشعر أنني أحب الحياة، وأحيانًا أخرى أخاف منها. كخوفي من شيطان خبيث أخشى أن تمسّني الدنيا بسوء. كخوفي من المستقبل الضبابي أخشى أن يغمرني الضباب.
السوء الذي نتعامل معه يوميًا لا يخيف. يؤلم ولكنه لا يخيف. يُتعِب ولكنه لا يخيف؛ لأننا نراه واضحًا، نعرف تفاصيله وإحساسنا به. سوء صريح صادق يؤذي باتفاق معك وبرضى منك، أظن أن له ضمير، وأنه يستحي. كل ما في الأمر أنه مجبر على كونه سوءًا! ولا يمكنه أن يكون أي شيء آخر..
أما الذي يخيفني، ذلك السوء الذي لا أعرف شكله، المختبيء خلف عقارب الساعة ودوران الأرض ودورات الشمس، ذلك السوء القابع خلف الزمن، أو بعد مرورر الزمن. أظن أنه لئيم، بلا ضمير، وعديم الشفقة بنا، وإلا لكان عرفنا بنفسه، أو أرسل لنا رسالة يطمئننا فيها، أنه على الأقل يشبه السوء الذي نعرفه!