الخلفاء الراشدون الخلفاء الراشدون لقب أُطلق على الصحابة الذين تولّوا الحكم بعد وفاة النبي صلّى الله عليه وسلّم، وهؤلاء الصحابة هم: أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم، وقد أُطلق عليهم الراشدون لما تميّزت به الفترة التي حكموا فيها بالحكم الرشيد، ونشر العدل بين الرعية، والرحمة، واتّساع لرقعة الدولة الإسلامية، ولقلّة المظالم بين أفراد الأمة الإسلامية، ولاختفاء مظالم الدولة، ولسيادة الألفة والوئام في المجتمع المسلم، ولم تأتِ ولاية هؤلاء الخلفاء عن طريق احتكار السلطة بل باختيار أهل الحلّ والعقد؛ فكان اختيار الخليفة أبا بكر الصديق عن طريق اجتماع المسلمين؛ المهاجرين والأنصار، وكان اختيار الخليفة عمر بن الخطاب بتزكية من أبي بكر الصديق، ورضا وإجماع المسلمين على ذلك، وكان اختيار الخليفة عثمان بن عفان عن طريق تشاور وتوافق بين الصحابة رضوان الله عليهم، وكان اختيار الخليفة علي بن أبي طالب -كرّم الله وجهه- عن طريق توافق وتشاور بين الصحابة أيضاً، وفي هذا المقال سيتم تناول موضوع أحد هؤلاء الخلفاء؛ وهو الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه، وأبرز المعلومات عنه، وكيفية استشهاده.[١] نسب عثمان بن عفان هو الصحابي الجليل عثمان بن عفان بن أبي العاص، بن أميّة بن عبد شمس بن عبد مناف، قرشيّ، يجتمع مع النبي -صلّى الله عليه وسلّم- في عبد مناف، وُلد بالطائف بعد حادثة الفيل بست سنوات؛ أي سنة 576 للميلاد، أمّه أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف، وجدته أمّ أمّه البيضاء بنت عبد المطلب، عمّة النبي صلّى الله عليه وسلّم، يُكنّى بأبي عبد الله، وهو ابنه من زوجته رقية بنت النبي صلّى الله عليه وسلّم، توفي ابنه عبد الله وهو بعمر الست سنوات، ويُكنى أيضاً بأبي عمرو.[٢]
زوجات وأولاد عثمان بن عفان تزوّج عثمان بن عفان تسعاً من النساء؛ أولاهن زوجته رقية بنت النبي صلّى الله عليه وسلّم، وأنجبت له عبد الله، وبه كان يُكنّى، وعند بلوغه الست سنوات من العمر نقر عينه الديك، فوَرِم وجهه، ومرض ومات، ثمّ توفيت زوجته رقية، فتزوّج أختها أمّ كلثوم، وهي أصغر من أختها رقية، ولم تلد منه ولداً، وتوفّيت في السنة التاسعة من الهجرة، أمّا زوجاته الأخريات؛ فهنّ: أم عمرو بنت جندب، وله منها من الأولاد: عمرو، وخالد، وأبان، وعمر، ومريم، وزوجته فاطمة بنت الوليد بن عبد شمس، وله منها من الولد: الوليد، وسعيد، وأمّ سعيد، وزوجته أمّ البنين بنت عيينة بن حصن بن حذيفة، وله منها: عبد الملك، وزوجته رملة بنت شيبة بن ربيعة، وله منها: عائشة، وأم أبان، وأم عمرو، وزوجته نائلة بنت الفُرافِصة بن الأحوص، وله منها: مريم، وزوجته أم ولد؛ وهي التي كانت عند عبد الله بن يزيد بن أبي سفيان، وله منها: أم البنين، ولمّا قتل عثمان بن عفان كان عنده من الزوجات: رملة، ونائلة، وأم البنين، وفاختة، كما أنّه طلّق زوجته أم البنين وهو محصور.[٢] خلافة عثمان بن عفان روى الإمام البخاري في صحيحه أنّ الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قام بتولية جماعة من الصحابة لينتخبوا خليفة للمسلمين، وهؤلاء الجماعة هم: عبد الرحمن بن عوف، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، والزبير، وطلحة، وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهم، وهم أهل الشورى، فرجعوا إلى عبد الرحمن بن عوف ليختار من تميل إليه الناس، فاختار عثمان بن عفان، فبايعه المهاجرون والأنصار، ولم يتخلّف أحد عن مبايعته، فكانت مبايعته خليفةً للمسلمين في بداية شهر محرّم، من السنة الرابعة والعشرين من الهجرة النبوية.[٣] استشهاد عثمان بن عفان جاء في السِيَر عن مقتل الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه، أنّه كان في يوم الخميس، السابع من شهر ذي الحجّة، من السنة الخامسة والثلاثين من الهجرة النبوية، أصبح عثمان بن عفان صائماً، وحاول الصحابة أن يوصلوا له الماء ولكن دون فائدة، وعندما حلّ وقت المغرب لم يكن في بيته ما يفطر عليه، ولا حتى شربة ماء، فأكمل صومه، وفي وقت السحر تمكّنت زوجته السيدة نائلة بنت الفرافصة أن تحصل على بعضٍ من الماء من بيتٍ مجاورٍ لهم، ولمّا أعطت الماء لزوجها نظر من النافذة، وإذ بالفجر قد دخل وقته، فأكمل صيامه.[٤] وفي يوم الجمعة الثامن عشر من شهر ذي الحجّة، صلّى عثمان صلاة نافلة، ختم فيها سورة طه، ثمّ جلس يقرأ في المصحف، في وقت كان أهل الفتنة يخطّطون ويفكّرون بشكلٍ حاسمٍ بقتله، فدخل رجل منهم يُسمّى كنانة بن بشر التجيبي، بشعلةٍ من النار فأحرق باب بيته، ودخل معه بعض من الرجال من أهل الفتنة، كان معهم رجل يُسمّونه بالموت الأسود، فخنق عثمان بن عفان خنقاً شديداً، حتى ظُنّ أنّه مات، فخرج، فدخل محمد بن أبي بكر، وهو الصحابي الوحيد الذي شارك في هذه الفتنة، في هذا الوقت منها، وكان يظنّه قد مات، فوجده حيّاً، فقال له: (على أي دين أنت يا نعثل؟ أي يسبّه بهذا اللفظ الذي يُقال للشيخ الأحمق، أو الظبي كثير الشعر، فقال له عثمان: على دين الإسلام، ولست بنعثل، ولكنّي أمير المؤمنين)، فقال محمد بن أبي بكر: (غيّرت كتاب الله)، فقال عثمان رضي الله عنه: (كتاب الله بيني وبينكم)، فتقدّم محمد بن أبي بكر إلى عثمان، ومسكه بلحيته، وهزّه، وقال: إنّا لا نقبل أن نكون يوم القيامة ممّن يقول: (رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَ)،[٥] فقال عثمان رضي الله عنه: (يا ابن أخي إنّك أمسكت لحية كان أبوك يكرمها)، فتركها محمد بن أبي بكر، واستحيا منه، وأخذ بالبكاء، وانصرف عنه، وإذ بأهل الفتنة يدخلون على عثمان رضي الله عنه، فأمسك محمد بن أبي بكر سيفه، وبدأ يدافع عن عثمان، ولكنّهم غلبوه، ولم يستطع منعهم.[٤] ثمّ دخل كنانة بن بشر على عثمان، وحمل السيف، وضرب به عثمان ، فردّه عثمان بيده، فقطعت، بعد ذلك ضربه كنانة بن بشر بعمود على رأسه، فوقع عثمان على جنبه، فهمّ كنانة بن بشر بالسيف ليضرب به عثمان في صدره، فانطلقت زوجته السيدة نائلة بنت الفرافصة تدافع عنه، ووضعت يدها لتحميه من السيف، فقُطعت بعض أصابعها بجزء من كفّها، فوقعت، ثمّ طعن كنانةُ عثمان -رضي الله عنه- في صدره، ثمّ حمل سودان بن حمران السيف، وطعن به عثمان -رضي الله عنه- في بطنه، فمال عثمان إلى الأرض، فقفز سودان على بطنه، واتّكأ على السيف بجسده؛ ليتأكّد من اختراق السيف لجسد عثمان رضي الله عنه، فمات عثمان بعد هذه الضربة، ثمّ قفز بعد ذلك عليه عمرو بن الحمق، وطعنه في صدره تسع طعنات، وقال: (هذه الثلاثة الأولى لله، وهذه الست لشيء في نفسي).