عَنْ مَالِكِ بْنِ ضَمْرَةَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) قَالَ :
قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ) لِشِيعَتِهِ :
كُونُوا فِي النَّاسِ كَالنَّحْلِ فِي الطَّيْرِ ، لَيْسَ شَيْءٌ مِنَ الطَّيْرِ إِلَّا وَهُوَ يَسْتَضْعِفُهَا وَلَوْ يَعْلَمُ مَا فِي أَجْوَافِهَا لَمْ يَفْعَلْ بِهَا كَمَا يَفْعَلُ .
خَالِطُوا النَّاسَ بِأَبْدَانِكُمْ وَزَايِلُوهُمْ بِقُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ ، فَإِنَّ لِكُلِّ امْرِئٍ مَا اكْتَسَبَ وَهُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ مَنْ أَحَبَّ .
أَمَا إِنَّكُمْ لَنْ تَرَوْا مَا تُحِبُّونَ وَمَا تَأْمُلُونَ يَا مَعْشَرَ الشِّيعَةِ ، حَتَّى يَتْفُلَ بَعْضُكُمْ فِي وُجُوهِ بَعْضٍ وَحَتَّى يُسَمِّيَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً كَذَّابِينَ وَحَتَّى لَا يَبْقَى مِنْكُمْ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ إِلَّا كَالْكُحْلِ فِي الْعَيْنِ وَالْمِلْحِ فِي الطَّعَامِ وَهُوَ أَقَلُّ الزَّادِ . وَسَأَضْرِبُ لَكُمْ فِي ذَلِكَ مَثَلًا ، وَهُوَ كَمَثَلِ رَجُلٍ كَانَ لَهُ طَعَامٌ قَدْ ذَرَاهُ وَغَرْبَلَهُ وَنَقَّاهُ وَجَعَلَهُ فِي بَيْتٍ وَأَغْلَقَ عَلَيْهِ الْبَابَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ فَتَحَ الْبَابَ عَنْهُ ، فَإِذَا السُّوسُ قَدْ وَقَعَ فِيهِ ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ وَنَقَّاهُ وَذَرَاهُ ثُمَّ جَعَلَهُ فِي الْبَيْتِ وَأَغْلَقَ عَلَيْهِ الْبَابَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ فَتَحَ الْبَابَ عَنْهُ ، فَإِذَا السُّوسُ قَدْ وَقَعَ فِيهِ وَأَخْرَجَهُ وَنَقَّاهُ وَذَرَاهُ ، ثُمَّ جَعَلَهُ فِي الْبَيْتِ وَأَغْلَقَ عَلَيْهِ الْبَابَ ثُمَّ أَخْرَجَهُ بَعْدَ حِينٍ فَوَجَدَهُ قَدْ وَقَعَ فِيهِ السُّوسُ فَفَعَلَ بِهِ كَمَا فَعَلَ مِرَاراً حَتَّى بَقِيَتْ مِنْهُ رِزْمَةٌ كَرِزْمَةِ الْأَنْدَرِ ، الَّذِي لَا يَضُرُّهُ السُّوسُ شَيْئاً ، وَكَذَلِكَ أَنْتُمْ تُمَحِّصُكُمُ الْفِتَنُ حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْكُمْ إِلَّا عِصَابَةٌ لَا تَضُرُّهَا الْفِتَنُ شَيْئاً .
*
المصدر : (البحار : ج2، ص79.)