كيف مات الأعشى ؟
الأعشى من كبار شعراء الجاهلية، وكان يكثر من مديح الأمراء مقابل عطائهم وجوائزهم. ولما سمع برسول الله صلى الله عليه وسلم وانتصاراته وانتشار دعوته، أحب أن يأتيه ويمدحه بقصيدة. وبالفعل سافر من موطنه (بلدة منفوحة بنجد، وهي الآن حي معروف بمدينة الرياض) وتوجه إلى المدينة المنورة.
سمع أبو سفيان زعيم قريش بقدوم الأعشى لمديح رسول الله، فخشى أن يؤثر شعره في أهل مكة إذا بلغهم (وكان الشعر وقتها أهم وسيلة إعلامية للتأثير في الراي العام !)، فقال أبو سفيان لأهل مكة: اتقوا لسان الأعشى؛ فإنه ذاهب يمدح محمدًا.
وبالفعل جمعت قريش مائة من الإبل (وهي ثروة كبيرة) ولقوا بها الأعشى، وقدموها له على أن يرجع إلى بلدته ولا يلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وحتى يتأكد أبو سفيان من إقناعه أخبره بأن محمدا يحرم الخمر والزنا والربا والقمار، فأخذ الأعشى الإبل وأدبر راجعا (انظر كتاب "العصر الجاهلي"، د. شوقي ضيف، ص 337).
وما أن اقترب الأعشى من بلدته حتى هاج البعير الذي يركبه وطرحه أرضا فاندقت عنقه، ومات مكانه بلا دين ولا دنيا !
وقد وجدوا قصيدته التي نظمها ليلقيها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيها قوله:
شباب وشيب وافتقار وثروة ...
فلله هذا الدهر كيف ترددا
إذا أنت لم ترحل بزاد من التقى ...
ولاقيت بعد الموت من قد تزودا
ندمت على أن لا تكون كمثله ...
وأنك لم ترصد لما كان أرصدا
وهي قصيدة بديعة الصور وعظيمة المعاني، إلا أن من كتبها لم ينتفع بها مع أنه كان أحوج الناس إليها !