يا وجهها في الشاطئ الثَّاني
أسْرَجتُ للإبحارِ أحزاني
أشْرَعتُ يا أمواج أوردتي
وأتيتُ وحدي فوق أشجاني
ولِمَ أتيتَ؟ أتيتُ مُلتَمِساً
فَرحي وأشعَاري وإنساني
من أينَ؟ لا أرجوكِ لا تسَلي
تدرين … وجهُ الرِّيحِ عنْوَاني
لو كانَ لي من أينَ قَبْلَ هنا
قدَّرت أنَّ التِّيه أنْسَاني
من أينَ ثانيةٌ وثالثةٌ
أُضْنِيتُ، بحثُ الرَّدِّ أضناني
من قبريَ الجوَّالِ في جسدي
من لا متى، من موتِ أزماني
من أخبَرَتْني عنكَ؟ لا أحدٌ
من دَلَّنِي ..؟ عيناكِ … شيطاني
قلقي حنينُ العمرِ عَفْرَتَنِي
في البحثِ عن تربِيتِكِ الحاني
عن نبضِ أعراقي وعن لغتي
عن منبتي من عقمِ أَكْفَاني
أَعَلَيَّ أفنى ها هنا عطشاً
جوعاً؟ وفي كفِّيكِ بُستَاني
حانَ اقترابي منكِ … أينَ أنا؟
الشَّوقُ أقصاني وأدناني
من أينَ لي يا ريحُ معجزةٌ
يا موجُ أينَ رأيتَ رُبَّاني؟
يا صبحها مِنْ أينَ مدَّ يداً
يا عطرها مِنْ أين ناداني؟
الشاطئُ اللَّهفانِ يدفعُني
وأخافُ هذا المعبرَ القاني
من أين يا جذلى أمدُّ فَمِي
ويدي إلى بستانِكِ الهاني؟
من أين؟ إنَّ البُعدَ قرَّبَنِي
من أين؟ إنَّ القُربَ أقصاني
اليوم كانَ البدءُ يا سفري
وغداً سألقاها وتلقاني
فلتَنْتَظِرني حيثُ أنتَ غداً
يا وجهَهَا في الشاطئِ الثَّانِي
عبدالله البردوني