هل سمعت من قبل عن أثر الطعام الغني بالدهون على الصحة العقلية؟
تشير الأبحاث الجديدة المنشورة في مجلة Translational Psychiatry إلى وجود علاقة قوية بين النظم الغذائية عالية الدهون والاكتئاب، يحاول هذا البحث تحديد الطريقة الدقيقة التي يمكن أن يؤدي بها النظام الغذائي الغني بالدهون إلى تعطيل الأداء المعرفي الطبيعي.
لاكتشاف العلاقة بين النظم الغذائية عالية الدهون والصحة العقلية، قام باحثون من جامعة كاليفورنيا بسان فرانسيسكو وجامعة غلاسكو وكلية King's College"" بعمل تجارب على الفئران، حيث قاموا بتقسيمهم إلى مجموعتين، وقاموا بتغذية المجموعة الأولى بطعام منخفض الدهون، أما المجموعة الثانية فقد اعتمدت على نظام غذائي غني بالدهون لمدة تتراوح بين ثلاثة إلى ثمانية أسابيع، وخلال هذا الوقت، قاموا بتتبع السلوك الشبيه بالاكتئاب عند الفئران، تم قياسه بواسطة اختبارات تعليق الذيل واختبارات السباحة (إجراءان شائعان لتقييم تغيرات الحالة المزاجية في الفئران كاستجابةً لنوع من أنواع العلاج التجريبي)، وقارنوا النتائج بين الفئران التي تلقت نظام غذائي عالي الدهون (60 في المئة من السعرات الحرارية المستمدة من الدهون) ومجموعة الفئران التي تم تغذيتهم بالنظام الغذائي العادي.
وجاءت النتائج كما هو متوقع، وجدوا زيادة في السلوك الشبيه بالاكتئاب في الفئران التي تغذت على الوجبات الغذائية عالية الدهون، بينما أظهرت الفئران التي تلقت نظام غذائي قليل الدهون قدرًا أكبر من الحركة في اختبارات تعليق الذيل والسباحة. الجمود يدل على نوع واحد من التغيير السلوكي الذي يرتبط عادة بالاكتئاب، والأهم من ذلك، لا يبدو أن الجمود يعتمد على زيادة الوزن وحدها، على الرغم من أن الفئران التي تم تغذيتها بالوجبات الغذائية عالية الدهون اكتسبت وزناً أكبر من الفئران الأخرى، إلا أن الوزن، بشكل عام، لم يكن السبب الرئيسي في حالة التجمد أثناء اختبارات تعليق الذيل والسباحة، وبعبارة أخرى، كان الأمر مرتبطًا بتغيير في كيمياء الدماغ، وليس اللياقة البدنية، الأمر الذي جعل الفئران تبدي سلوكًا يشبه الاكتئاب.
لفهم ماهية هذا التغيير، قام الباحثون بفحص المسارات الجزيئية المختلفة التي يمكن أن تربط النظم الغذائية عالية الدهون مع توقف القدرات الإدراكية باستخدام سلسلة من تقنيات الفحص، وجد الباحثون أن الفئران التي اعتمدت على نظام غذائي غني بالدهون أظهرت تراكمًا للأحماض الدهنية في منطقة ما تحت المهاد (حلقة الوصل بين الجهاز العصبي الذاتي والجهاز الإفرازي من خلال الغدة النخامية)، وهذا بدوره عطل تدفق البروتين الطبيعي.
يقول الباحثون: "لقد وجدنا أن استهلاك نظام غذائي عالي الدهون يؤدي إلى تدفق وتراكم الأحماض الدهنية الغذائية في منطقة ما تحت المهاد، هذه الأحماض الدهنية يمكن أن تعدل مباشرة مسار البروتين كيناز(PKA) المسؤول عن تطور الاكتئاب".
يعتبرهذا الاكتشاف مهم لعدة أسباب، فهو يحدد العملية الجزيئية التي من خلالها يمكن للنظام الغذائي عالي الدهون أن يغير المزاج والسلوك.
فوفقًا للأبحاث، فإن الأطعمة الدهنية لا تؤثر سلبًا على إنتاج السيروتونين (أو إنتاج أي ناقلات عصبية أخرى) بشكل مباشر، ولكنها تعطل الأداء الطبيعي للمهاد الذي يعزز بدوره الأعراض المرتبطة بالاكتئاب.
علاوة على ذلك، ساعد هذا البحث في التوصل إلى طرق جديدة لعلاج الاكتئاب، وخاصة في الأشخاص الذين يعانون من الثقل وضعف الحركة.
يقول الباجثون: "إن تطوير جزيئات تستعيد الأداء الطبيعي في منطقة ما تحت المهاد، قد يمثل جيلًا جديدًا من مضادات الاكتئاب مع زيادة الخصوصية للأفراد الذين يعانون من زيادة الوزن والسمنة