من اجمل ماسمعت في حياتي ؛ حديث احد المتظاهرين في ساحة التحرير مع مراسلة احدى القنوات ،
التي اجرت اللقاء معه ، وهو سائق تكتك ؛ سألته: ماهي مطالبك من الحكومة ؟ قال لها بالنسبة لي لا اريد شيئا؛
لكن اطالب الحكومة بتعيين اصحاب الشهادات العليا؛ انهم درسوا وتعبوا ويجب تعيينهم. وقالت المراسلة له: انت تملك شهادة دراسية؟
قال لها: صحيح أنا لا املك شهادة ولا بيت ولا راتب؛ ولكنني املك حب العراق؛ وثم بكى وبكت المذيعة، هذا هو جيل العراق الجديد،
التكتك أيقونة تظاهراتهم !
لطالما كنا ننظر ونتابع تظاهرات الدول الاخرى وثورات الربيع العربي ، ونقارن بين شبابهم وتظاهراتهم ،
وبين تظاهرات شبابنا ، ونقول لانفسنا: هل هذه الشعوب افضل منا ؟ نراهم قلبوا انظمة ! واطاحوا بعروش !
لماذا نحن في العراق خانعين ، ساكتين عن اداء الحكومات المتعاقبة السيء ، الذي عانينا منه الويلات
. فكلما خرجت تظاهرة، تخمدها الحكومات ، ونرجع الى نقطة الصفر! اصلاحات حكومية وهمية !
بعد كل تظاهرات واداء حكومي سيء وهكذا..
حتى جاء يوم ٢٥ اكتوبر تشرين الاول الحالي؛ وشاهدنا شباب جديد، بروح وثابة، يدرك ماذا يريد،يقول رأيه وكلمته بجرأة وقوة،
فعلا يحق لنا ان نفتخر بهم ، انهم شباب رووا هذا البلد بدمائهم وهم مستعدون للتضحية اكثر واكثر ، شباب تخلوا عن مطالبهم الشخصية ،
واصبحت قضية الوطن هي مطلبهم الاساسي . فعندما تتوجه الى ساحة التحرير وتشاهد هذه المشاهد التأريخية
وصور التكافل الاجتماعي والاقتصادي والوطني ؛ تشعر بالرضا والغبطة. هذا المشهد طالما افتقدناه منذ زمن طويل؛ هؤلاء الشباب الذين لاتربطهم احزاب
، او طائفة او عشيرة ، جمعهم حب العراق والتضحية من اجله رغم العراقيل والمحبطات والمخدرات وغيرها من الافات التي وضعت في طريقهم ؛
لتقضي على شباب العراق نجدهم يقفون وقفة رجل واحد ، لينهضوا ببلدهم وهذا الانموذج الرائع ، سائق التكتك،
الشاب المعدم الذي يعاني من الفقر والتهميش ، يقف مع اخوته .
فهنيأ لك ياعراق بابنائك البررة ..
وألف سلام عليك على رافديك عراق القيم فأنت منار وحصن ودار لكل الأمم ..
للتذكرة فقط .. الشعوب ولودة ومن يرضى بالظلم لايستحق الحياة ..