النتائج 1 إلى 1 من 1
الموضوع:

الامام السجاد (ع)ورسالة الحقوق(بحث كامل)

الزوار من محركات البحث: 1487 المشاهدات : 4078 الردود: 0
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    في ذمة الخلود
    ابو مصطفى
    تاريخ التسجيل: August-2012
    الدولة: العراق
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 8,028 المواضيع: 865
    صوتيات: 7 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 3679
    مزاجي: الحمد لله
    مقالات المدونة: 7

    الامام السجاد (ع)ورسالة الحقوق(بحث كامل)

    الامام السجاد (ع) ورسالة الحقوق
    حياة الإمام السجاد(ع)
    الإمام زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام أحد الكوكبة النيرة في هذا العالم .. أحد أئمة الهدى الذين هم أمان لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء .. الذين تحملوا أعباء تبليغ الرسالة بعد جدهم وقد تحمل هذا الإمام العظيم كأسلافه هموم الناس وآلامهم وآمالهم وسخّر حياته في خدمة الأمة وإنقاذها وإخراجها من ظلمات الجاهلية إلى نور الإسلام .
    في هذا اليوم الجمعة 25 / محرم / 1427 هـ تصادف ذكرى وفاة الإمام زين العابدين عليه السلام على بعض الروايات .
    فقد ولد سنة 38 هـ وتوفي في 25 محرم سنة 95 هـ وقيل غير ذلك .. ونأسف لاختلاف الروايات في ولادته ووفاته كما في بقية آبائه عليه السلام .
    كُتبت في الإمام زين العابدين عليه السلام عشرات الكتب قديما وحديثا وقد تُرجمت ضمن كتب السير أضعاف ذلك ولكن مع الأسف الشديد لا يزال الكثير من جوانب سيرته العطرة لم تنجلي وذلك :
    1-صعوبة التعرف على سيرته الناصعة من خلال ما كتب عنه من غير القائلين بأفكاره في التوحيد والإمامة بل والاختلاف في الجانب السياسي .
    2-إن بعضاً من جوانب سيرته لا تزال إلى حد الآن قاتمة وغير واضحة ليس عند من لا يؤمن بخطه الفكري والعقائدي فحسب ، بل وحتى لأتباعه وشيعته الذين واكبوا أفكاره وأفكار آبائه ، فالكثير منهم يتصور أن هذا الإمام بعد حادثة كربلاء قد انزوى في زاوية من البيت وترك الأمة وشأنها ولم يتحمل أي مسؤولية ولا يهمه صلحت أم فسدت .
    3-الصورة الضبابية التي انتشرت على سيرته بسب بعض الألقاب التي استخدمت أوسع مما كانت مثل المريض والعليل وبقي هذا الوصف له طيلة حياته فيُصوَّر أنه على فراش المرض لم يفارقه حتى ارتحل إلى الملكوت الأعلى .
    الحياة الناصعة لزين العابدين
    الإمام السجاد عليه السلام كبقية آبائه الميامين الذين جاءوا لهذه الحياة حاملين رسالة من أعظم الرسالات وأجلها .. جاءوا من أجل الحفاظ على هذه الرسالة وإيصالها لأهلها سالمة إن هذا هدف سام وكبير وقد تحمله هؤلاء وأدوا ما عليهم من مسؤوليات .. وحينئذ لا بد أن تدرس حياة هذا الإمام وسيرته ضمن المسؤوليات التي تحملها وقام بها .
    التوجه العام :
    أن الشخص لا تعرف سيرته بكل وضوح إلا بعد أن يعرف خطه وهدفه العام ثم بعد ذلك يطبق هذا التوجه العام على كل الجزئيات .
    وفيما يرجع إلى الأئمة عليهم السلام توجههم العام إقامة الحكومة الإلهية وتطبيق حكم الله في الأرض فقيام أمير المؤمنين أو هدنة الإمام الحسن الذي قال ( وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين ) أو شهادة الإمام الحسين عليهم السلام كلها تتجه في هذا الاتجاه وتنحو حول هذا الهدف .
    التوجه العام للإمام زين العابدين عليه السلام والذي تصدى للمسؤولية من سنة 61- 95 هـ هو نفس توجه سلفه الصالح وهو إقامة حكومة العدل بالفعل أو في المستقبل وتطبيق الإسلام .
    وعند معرفة التوجه العام للإمام زين العابدين عليه السلام يلاحظ في حياته عدة مراحل :
    المرحلة الأولى في كربلاء
    أجمع المؤرخون وأهل السير والآثار وأهل الحديث أن الإمام علي بن الحسين عليه السلام المعروف بزين العابدين وسيد الساجدين قد كان في كربلاء مع أبيه الإمام الحسين عليه السلام ، وقد أبلى بلاء حسناً والمؤشرات تؤكد أن الإمام السجاد قد شارك في المعركة بشكل مباشر وذلك للنصوص التاريخية التالية :
    النص الأول : ( ما جاء في أقدم نص مأثور عن أهل البيت عليهم السلام في ذكر أسماء مَنْ حضر مع الحسين عليه السلام ، وذلك في كتاب (( تسمية مَنْ قُتِلَ مع الحسين عليه السلام من أهل بيته وإخوته وشيعته )) الذي جمعه المحدث الزيدي :
    الفُضَيل بن الزبير الأسدي الرسّان ، الكوفي من أصحاب الإمامين الباقر والصادق عليهما السلام [1]
    قال الفُضَيل بن الزبير الأسدي الرسّان ، الكوفي المتوفى بعد ( 145 هـ ) مشيراً إلى قتال الإمام زين العابدين عليه السلام في كربلاء في كتابه المذكور ما نصه :
    ( وكان علي بن الحسين عليلاً ، وارتُثَّ ، يومئذٍ ، وقد حَضَرَ بعض القتال ، فدفع اللهُ عنه ، وأُخِذَ مع النساء ) [2]
    قال السيد الجلالي : ومع وضوح النص في قتال الإمام السجاد عليه السلام في كربلاء فإن كلمة (( ارتُثَّ )) تدل على ذلك ، لأنها تقال لمن حُمِلَ من المعركة ، بعد أن قاتل ، وأثخن بالجراح فأُخرج من أرض القتال وبه رَمَقٌ كما صرح به اللغويون .[3]
    معنى ( ارتُثَّ ) في اللغة :
    قال أبو عبيد يقال ( ارتث ) الرجل فهو مرتث إذا حمل من المعركة وبه رمق [4]
    وقال الزبيدي : يُقَال للرَّجُلِ إِذا ضُرِبَ في الحَرْبِ فأُثْخِنَ وحُمِلَ وبِهِ رَمَقٌ ثم ماتَ قد ( ارْتُثَّ ) فُلانٌ وهو افْتُعِل على المَجْهُولِ أَي حُمِل من المَعْرَكَةِ رَثِيثاً أَي جَرِيحاً وبِهِ رَمَقٌ .
    وفي اللسان ( المُرْتَثُّ ) الصَّرِيعُ الذِي يُثْخَنُ في الحَرْبِ ويُحْمَلُ حَيًّا ثمّ يموتُ ، وقال ثعلبٌ : هوَ الذي يُحْمَلُ من المَعْرَكَةِ وبه رَمَقٌ فإِن كان قَتِيلاً فليس بمُرْتَثَ .[5]
    ارتث الجريح : إذا حمل من المعركة وبه رمق لأنه حينئذ يكون ضعيفا أو ملقى .[6]
    وقال ابن منظور : قال ثعلب هو الذي يحمل من المعركة وبه رمق فإن كان قتيلا فليس بمرتث .
    التهذيب : يقال للرجل إذا ضرب في الحرب فأثخن وحمل به رمق ثم مات قد ارتث فلان وهو افتعل على ما لم يسم فاعله أي حمل من المعركة رثيثا أي جريحا وبه رمق .[7]
    ( ارتث ) فلان على ما لم يسم فاعله حمل من المعركة رثيثا أي جريحا وبه رمق . [8]
    والحاصل أن المرتث : هو الذي يسقط في المعركة جريحا أو مثخن بالجراح وبه رمق من الحياة ، وقد ذكر التاريخ عدة أشخاص قد ( ارتثوا ) في المعركة منهم زيد بن صوحان وغيره .
    فهذا النص يفيد أن الإمام زين العابدين قد شارك في معركة كربلاء وجرح بها ، وإذا صح النقل من أن الإمام الحسين عليه السلام منع السجاد من الحرب ولم يسمح له بالمشاركة إنما هو بعد جرحه ومشاركته الأولى .
    النص الثاني : ما يشير إلى سبب مرضه عليه السلام ، فتكاد المصادر تتفق على مرضه في كربلاء سواء عبرت عن كونه مريضاً [9] ، أو عليلا ، أو موعوكاً كما جاء في سير أعلام النبلاء قال ( كان يومئذ موعوكاً فلم يقاتل ) [10]
    سبب المرض :
    سبب المرض الذي حل به قل من يشير إليه ومن هؤلاء القلة الذين أشاروا إليه :
    1-ابن شهر آشوب في المناقب نقلا عن الإمام أحمد بن حنبل في المقتل ، قال أحمد بن حنبل في سبب مرضه : كان سبب مرض زين العابدين عليه السلام في كربلاء أنه كان أُلبس درعاً ففضل عنه فأخذ الفُضلة بيده ومزقه ) [11]
    فهذا النص يدل على أن الإمام زين العابدين عليه السلام قد حمل السلاح ولبس الدرع للقتال ولما كان الدرع طويلا عليه كسر الزائد منه فتأثر حتى مرض . ولبس الدرع يشير إلى مشاركته في الحرب في ذلك اليوم .
    ويلاحظ على هذا النص أن هذا العمل هل هو في يوم كربلاء أم في غيره فإن كان في يوم كربلاء فالوقت لا يتسع حيث تحول في نفس اليوم إلى المرض بعد مشاركته .
    2-أما الشيخ المفيد في الإرشاد فذكر أن سبب مرضه طارئ وهو فساد المعدة فقال ( وهو مريض بالذِّرب وقد أَشْفَى ) [12]
    معنى الذرب :
    جاء في هامش النسخة المحققة : في معنى الذرب : ( ذربت معدته إذا فسد عليه الطعام فلم ينهضم وخرج رقيقاً ) .
    الذرب هو بالتحريك الداء الذي يعرض للمعدة فلا تهضم الطعام ويفسد فيها ولا تمسكه .[13]
    الذَّرَبُ فَسَادُ المَعِدَةِ وذَرِبَتْ مَعِدَتُهُ تَذْرَبُ ذَرَباً كالذَّرَابَةِ والذُّرُوبَةِ بالضم فهي ذَرِبَةٌ وصَلاَحُهَا وهو ضِدٌّ وذَرَبُ المَعِدَةِ حِدَّتُهَا عن الجُوعِ .[14]
    أقول : أي أن مرضه حادث بسبب فساد طعام وأثر على معدته حتى أصبح مبطوناً .
    معنى أشفى :
    و أشفيت على الشيء بالألف أشرفت و أشفى المريض على الموت و شفا كل شيء حرفه .[15]
    أشفى على الشيء أشرف عليه وأشفى المريض على الموت و استشفى طلب الشفاء .[16]
    والحاصل : أن الإمام كان مريضاً مرضاً طارئاً بمرض المعدة وقد أشرف على الموت من شدة ذلك المرض ولكنه قام بواجبه في القتال قبل المرض كما قام بأهم الواجبات في حالة الأسر وما بعدها . فهذا يدل على خلاف ما اشتهر في أذهان الناس من عدم مشاركته في يوم كربلاء نهائياً .
    المرحلة الثانية مرحلة الأسر
    فبعد شهادة الإمام الحسين عليه السلام في يوم عاشورا جاء دور الإمام زين العابدين عليه السلام وقد وقع في الأسر هو وبنات الرسالة وحرائر النبوة وتحمل ما تحمل .
    في هذه المرحلة بالرغم من كونه وقع في يد الأعداء أسيراً إلا أنه أثبت بكل شجاعة وقوة وبسالة موقفه المشرف الذي لم يعرف الذل والهوان والخوف .
    1-موقفه في الكوفة :
    وقف في الكوفة بين الجماهير المتفرجة عليه وعلى أهل بيته وهو كالطود الشامخ مرفوع الرأس برغم مرضه الذي حل به وهو يخاطبهم (أنا ابن من قتل صبرا وكفى بذلك فخرا...) [17] فهو يفتخر بأنه ابن سيد الشهداء وسيد شباب أهل الجنة .
    ثم بكوا وقالوا : نحن سامعون مطيعون... فمرنا بأمرك فإنَّا حرب لحربك سلم لسلمك ..
    فقال عليه السلام : ( ... هيهات هيهات أيها الغدرة المكرة حيل بينكم وبين شهواتكم .... ) [18] لقد فاتت الفرصة وقد حل عليكم العذاب بما كسبت أيديكم ولا يمكن الاعتذار .. وكيف تعتذر أمة قتلت ابن بنت نبيها .
    2-مع ابن زياد :
    في المجلس لما أراد قتله وقف مخاطبا ذلك الطاغية بلا رهبة ولا خوف وهل بعد الموت شيء يخافه الأحرار في الدنيا وهم يفتخرون بوسام الشهادة :
    قال الإمام عليه السلام : ( أما علمت أ ن القتل لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة) [19] .
    وجاء في كتاب الفتوح لابن أعثم الكوفي قال : ثم أقبل علي ( رضي الله عنه ) على ابن زياد فقال : أبالقتل تهددني ؟ أما علمت أن القتل لنا عادة ، وكرامتنا الشهادة .[20]
    3-مع يزيد :
    لقد وقف زين العابدين أمام يزيد بكل شموخ وعزة مع الحالة التي هو عليها قال يزيد لزين العابدين { وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ }الشورى/30
    فقال علي بن الحسين عليه السلام كلا ما هذه فينا نزلت ، إنما نزلت فينا { مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ....} الحديد /22- 23.
    فنحن الذين لا نأسى على مافاتنا ولا نفرح بما آتانا . [21]
    وجاء في خطبته التي خطبها في مجلس يزيد والذي جاء فيها حسب رواية الخوارزمي :
    ( أيها الناس أعطينا ستا ، وفضلنا بسبع أعطينا : العلم ، والحلم ، والسماحة ، والفصاحة ، والشجاعة ، والمحبة في قلوب المؤمنين .
    وفضلنا : بأن منا النبي المختار محمداً صلى الله عليه وآله ، ومنا الصديق ، ومنا الطيار ، ومنا أسد الله وأسد الرسول ، ومنا سيدة نساء العالمين فاطمة البتول ، ومنا سبطا هذه الأمة وسيدا شباب أهل الجنة فمن عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني أنبأته بحسبي ونسبي : أنا أبن مكة ومنى .
    أنا ابن زمزم والصفاء ، أنا ابن من حمل الزكاة بأطراف الرداء ........ إلى آخر الخطبة
    قال : ولم يزل يقول أنا أنا حتى ضج الناس بالبكاء والنحيب .[22]
    في هذه الخطبة ذكر كثيرا من الحقائق التي كانت خافية على جماهير أهل الشام المخدوعين بالحكومة الأموية وهم لا يعرفون عن أهل البيت إلا القليل خصوصا أحقية أهل البيت في الإمامة والخلافة وأنهم أساس الإسلام .
    كل ذلك شرحه الإمام وفي هذه الخطبة الرائعة التي تدل على شجاعته وعدم خوفه من الموت ولم يفت في إيمانه ما جرى عليه ولم يضعف ولم ينكل بل أعطاه قوة وصبراً .


    رسالة الحقوق للإمام زين العابدين ^

    وتشمل خمسين حقاً على الإنسان ، ابتداءً من حقوق الله تعالى الى حق نفسه ومحيطه ومجتمعه ودولته ، وحقوق أهل الأديان الأخرى . وتبدأ بإجمال كالفهرس، ثم تفصل الحقوق واحداً واحداً .

    وقد صحح روايتها علماؤنا ، وبحث أسانيدها العلامة الجلالي في كتابه جهاد الإمام السجاد×/269، وشرحها العلامة السيد حسن القبانجي & باسم (شرح رسالة الحقوق للإمام علي بن الحسين زين العابدين ×) ، وذكر شروحها وترجماتها صاحب الذريعة &: 7/42 ومعجم المطبوعات النجفية/220، وموسوعة مؤلفي الإمامية: 1/233.

    (راجع: رجال النجاشي/116، وتحف العقول لابن شعبة الحراني/255، والخصال/564 ، ومعجم رجال الحديث للسيد الخوئي: 4/293، ومستدرك الوسائل: 11/154، والبحار: 71/10، ونهج السعادة: 7/211، وأعيان الشيعة: 1/638، ومجلة تراثنا: 61/140).

    ونورد نصها من الخصال ، مع عبارات من تحف العقول:

    فهرس رسالة الحقوق والواجبات

    (عن أبي حمزة الثمالي قال: هذه رسالة علي بن الحسين × إلى بعض أصحابه: إعلم أن لله عز وجل عليك حقوقاً محيطة بك في كل حركة تحركتها أو سكنه سكنتها ، أو حال حلتها أو منزلة نزلتها أو جارحة قلبتها أو آلة تصرفت فيها (بعضها أكبر من بعض) ، فأكبر حقوق الله تعالى عليك ما أوجب عليك لنفسه من حقه الذي هو أصل الحقوق ، ثم ما أوجب الله عز وجل عليك لنفسك من قرنك إلى قدمك ، على اختلاف جوارحك ، فجعل عز وجل للسانك عليك حقاً ، ولسمعك عليك حقاً ، ولبصرك عليك حقاً ، وليدك عليك حقاً ، ولرجلك عليك حقاً ، ولبطنك عليك حقاً ، ولفرجك عليك حقاً ، فهذه الجوارح السبع التي بها تكون الأفعال .

    ثم جعل عز وجل لأفعالك عليك حقوقاً ، فجعل لصلاتك عليك حقاً ، ولصومك عليك حقاً ، ولصدقتك عليك حقاً ، ولهديك عليك حقاً . ثم تخرج الحقوق منك إلى غيرك من ذوي الحقوق عليك فأوجبها عليك حقوق أئمتك، ثم حقوق رعيتك ، ثم حقوق رحمك فهذه حقوق يتشعب منها حقوق .

    فحقوق أئمتك ثلاثة أوجبها عليك: حق سائسك بالسلطان، ثم حق سائسك بالعلم، ثم حق سائسك بالملك . (وكل سائس إمام)

    وحقوق رعيتك ثلاثة أوجبها عليك: حق رعيتك بالسلطان ، ثم حق رعيتك بالعلم فان الجاهل رعية العالم ، ثم حق رعيتك بالملك ، من الأزواج وما ملكت الإيمان . وحقوق رحمك كثيرة متصلة بقدر اتصال الرحم في القرابة وأوجبها عليك: حق أمك ثم حق أبيك ثم حق ولدك ثم حق أخيك ، ثم الأقرب فالأقرب والأولى فالأولى . ثم حق مولاك المنعم عليك ثم حق مولاك الجارية نعمته عليك

    ثم حق ذوي المعروف لديك ، ثم حق مؤذنك لصلاتك ، ثم حق إمامك في صلاتك ثم حق جليسك ، ثم حق جارك ، ثم حق صاحبك ، ثم حق شريكك ، ثم حق مالك ، ثم حق غريمك الذي تطالبه ، ثم حق غريمك الذي يطالبك ، ثم حق خليطك ثم حق خصمك المدعي عليك ثم حق خصمك الذي تدعي عليه . ثم حق مستشيرك ، ثم حق المشير عليك ، ثم حق مستنصحك ثم حق الناصح لك ثم حق من هو أكبر منك ، ثم حق من هو أصغر منك ، ثم حق سائلك ، ثم حق من سألته ، ثم حق من جرى لك على يديه مساءة بقول أو فعل عن تعمد منه أو غير تعمد ، ثم حق أهل ملتك عليك ، ثم حق أهل ذمتك ثم الحقوق الجارية بقدر علل الأحوال ، وتصرف الأسباب . فطوبى لمن أعانه الله على ما أوجب عليه من حقوقه ، ووفقه لذلك وسدده .

    حق الله عليك أن تطيعه بإخلاص

    فأما حق الله الأكبر عليك فأن تعبده لا تشرك به شيئاً ، فإذا فعلت ذلك بإخلاص ، جعل لك على نفسه أن يكفيك أمر الدنيا والآخرة .

    (ويحفظ لك ما تحب منها ).


    حقوق نفسك وجوارحك عليك

    وحق نفسك عليك أن تستعملها بطاعة الله عز وجل فتؤدي إلى لسانك حقه وإلى سمعك حقه ، وإلى بصرك حقه ، وإلى يدك حقها وإلى رجلك حقها ، و إلى بطنك حقه ، وإلى فرجك حقه ، وتستعين بالله على ذلك .

    حق لسانك عليك

    وحق اللسان إكرامه عن الخنى وتعويده الخير ، وترك الفضول التي لا فائدة فيها ، والبر بالناس ، وحسن القول فيهم . (ويعد شاهد العقل ، والدليل عليه وتزين العاقل بعقله وحسن سيرته في لسانه )

    حق سمعك عليك

    وحق السمع تنزيهه عن سماع الغيبة ، وسماع ما لا يحل سماعه ، (فإنه باب الكلام إلى القلب ، يودي إليه ضروب المعاني على ما فيها من خير أو شر) .

    حق بصرك عليك

    وحق البصر أن تغمضه عما لا يحل لك ، وتعتبر بالنظر به ، (وترك ابتذاله إلا لموضع عبرة ، تستقبل بها بصراً ، أو تستفيد بها علماً ، فإن البصر باب الإعتبار) .



    حق يدك ورجلك عليك

    وحق يدك أن لا تبسطها إلى ما لا يحل لك ، (فتنال بما تبسطها إليه من الله العقوبة في الأجل ، ومن الناس بلسان اللائمة في العاجل ، ولا تقبضها عما افترض الله عليها ولكن توقرها به) .

    وحق رجلك أن لا تمشي بها إلى ما لا يحل لك فيها (ولا تجعلها مطيتك في الطريق المستخفة بأهلها فيها ، فإنها حاملتك وسالكة بك مسلك الدين) بها تقف على الصراط ، فانظر أن لا تزل بك فتتردى في النار .

    حق بطنك وفرجك عليك

    وحق بطنك أن لا تجعله وعاء للحرام ، ولا تزيد على الشبع، (فإن الشبع المنتهى بصاحبه إلى التخمة مكسلة ومثبطة ومقطعة عن كل بر وكرم ، وإن الريَّ المنتهى بصاحبه إلى السكر مسخفة ومجهلة ومذهبة للمروة ).

    وحق فرجك أن تحصنه عن الزناء ، وتحفظه من أن ينظر إليه ، (والإستعانة عليه بغض البصر فإنه من أعون الأعوان ، وضبطه إذا هم بالجوع والظمأ ، وكثرة ذكر الموت والتهدد لنفسك بالله ، والتخويف لها به ).

    حق الصلاة عليك

    وحق الصلاة أن تعلم أنها وفادة إلى الله عز وجل ، وأنك فيها قائم بين يدي الله عز وجل ، فإذا علمت ذلك قمت مقام الذليل الحقير ، الراغب الراهب ، والراجي الخائف ، المستكين المتضرع ، المعظم لمن كان بين يديه ، بالسكون والوقار (والإطراق وخشوع الأطراف ولين الجناح ، وحسن المناجاة له في نفسك ، والطلب إليه في فكاك رقبتك ، التي أحاطت بها خطيئتك واستهلكتها ذنوبك) وتقبل عليها بقلبك وتقيمها بحدودها وحقوقها .



    حق الحج عليك

    وحق الحج أن تعلم أنه وفادة إلى ربك ، وفرار إليه من ذنوبك ، وبه قبول توبتك ، وقضاء الفرض الذي أوجبه الله عليك .




    حق الصوم عليك

    وحق الصوم أن تعلم أن حجاب ضربه الله على لسانك وسمعك وبصرك وبطنك وفرجك ، ليسترك به من النار ، فإن تركت الصوم خرقت ستر الله عليك .

    حق الصدقة عليك

    وحق الصدقة أن تعلم أنها ذخرك عند ربك عز وجل ، ووديعتك التي لا تحتاج إلى الإشهاد عليها ، وكنت بما تستودعه سراً أوثق منك بما تستودعه علانية ، وتعلم أنها تدفع البلايا والإسقام عنك في الدنيا ، وتدفع عنك النار في الآخرة . (ثم لم تمتن بها على أحد لأنها لك ، فإذا امتننت بها لم تأمن أن يكون بها مثل تهجين حالك منها إلى من مننت بها عليه ، لأن في ذلك دليلاً على أنك لم ترد نفسك بها ، ولو أردت نفسك بها لم تمتن بها على أحد ) .

    حق الأضحية في الحج عليك

    وحق الهدي أن تريد به الله عز وجل ، ولا تريد به خلقه ، ولا تريد به إلا التعرض لرحمة الله ونجاة روحك يوم تلقاه .

    حق الحاكم عليك

    (فأما حق سائسك بالملك فأن تطيعه ولا تعصيه إلا فيما يسخط الله عز وجل فانه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) .

    وحق السلطان أن تعلم أنك جعلت له فتنة ، وأنه مبتلى فيك بما جعل الله عز وجل له عليك من السلطان ، وأن عليك أن لا تتعرض لسخطه ، فتلقي بيديك إلى التهلكة ، وتكون شريكاً له فيما يأتي إليك من سوء ، (وأن تخلص له في النصيحة ، وأن لا تماحكه وقد بسطت يده عليك ، فتكون سبب هلاك نفسك وهلاكه . وتذلل وتلطف لإعطائه من الرضى ما يكفُّه عنك ، ولا يضر بدينك ، وتستعين عليه في ذلك بالله ، ولا تعازَّه ولا تعانده ، فإنك إن فعلت ذلك عققته وعققت نفسك ، فعرضتها لمكروهه ، وعرضته للهلكة فيك ، وكنت خليقاً أن تكون معيناً له على نفسك ، وشريكاً له فيما أتى إليك) . (وأما حق سائسك بالملك فنحو من سائسك بالسلطان إلا أن هذا يملك ما لا يملكه ذاك ، تلزمك طاعته فيما دق وجل منك ، إلا أن تخرجك من وجوب حق الله ، فإن حق الله يحول بينك وبين حقه وحقوق الخلق فإذا قضيته رجعت إلى حقه فتشاغلت به).



    حق أستاذك وقدوتك

    وحق سائسك بالعلم التعظيم له ، والتوقير لمجلسه ، وحسن الإستماع إليه ، والإقبال عليه ، (والمعونة له على نفسك فيما لا غنى بك عنه من العلم ، بأن تفرغ له عقلك ، وتحضره فهمك ، وتزكي له قلبك ، وتجلي له بصرك ، بترك اللذات ونقض الشهوات) ، وأن لا ترفع عليه صوتك ، ولا تجيب أحداً يسأله عن شئ ، حتى يكون هو الذي يجيب ، ولا تحدِّث في مجلسه أحداً ، ولا تغتاب عنده أحداً ، وأن تدفع عنه إذا ذكر عندك بسوء ، وأن تستر عيوبه وتظهر مناقبه ، ولا تجالس له عدواً ولا تعادي له ولياً ، فإذا فعلت ذلك شهد لك ملائكة الله بأنك قصدته ، وتعلمت علمه لله جل اسمه لا للناس .

    حق من تحكمهم عليك

    وأما حق رعيتك بالسلطان فأن تعلم أنهم صاروا رعيتك لضعفهم وقوتك ، فيجب أن تعدل فيهم ، وتكون لهم كالوالد الرحيم ، وتغفر لهم جهلهم ، ولا تعاجلهم بالعقوبة ، وتشكر الله عز وجل على ما آتاك من القوة عليهم .

    حق تلاميذك عليك

    وأما حق رعيتك بالعلم فأن تعلم أن الله عز وجل إنما جعلك قيما لهم فيما آتاك من العلم وفتح لك من خزائنه ، فإن أحسنت في تعليم الناس ، ولم تخرق بهم ، ولم تضجر عليهم ، زادك الله من فضله . وإن أنت منعت الناس علمك ، أو خرقت بهم عند طلبهم العلم منك ، كان حقاً على الله عز وجل أن يسلبك العلم وبهاءه ويسقط من القلوب محلك .


    حق زوجتك عليك

    وأما حق الزوجة فأن تعلم أن الله عز وجل جعلها لك سكناً وأنساً فتعلم أن ذلك نعمة من الله عليك ، فتكرمها وترفق بها ، وإن كان حقك عليها أوجب فإن لها عليك أن ترحمها لأنها أسيرك ، وتطعمها وتكسوها ، وإذا جهلت عفوت عنها .

    حق مملوكك عليك

    وأما حق مملوكك فأن تعلم أنه خلق ربك وابن أبيك وأمك ولحمك ودمك تملكه ، (لأنك صنعته من دون الله، ولا خلقت شيئاً من جوارحه ، ولا أخرجت له رزقاً ، ولكن الله عز وجل كفاك ذلك ثم سخره لك وائتمنك عليه واستودعك إياه ، ليحفظ لك ما تأتيه من خير إليه . فأحسن إليه كما أحسن الله إليك ، وإن كرهته استبدلت به ، ولا تعذب خلق الله عز وجل ).

    حق أمك عليك

    وأما حق أمك فأن تعلم أنها حملتك حيث لا يحتمل أحد أحداً ، وأعطتك من ثمرة قلبها ما لا يعطي أحد أحداً ، ووقتك بجميع جوارحها ، ولم تبال أن تجوع وتطعمك ، وتعطش وتسقيك ، وتعرى وتكسوك ، وتضحى وتظلك ، وتهجر النوم لأجلك ، ووقَتْكَ الحر والبرد ، لتكون لها ، فإنك لا تطيق شكرها إلا بعون الله وتوفيقه.

    حق أبيك عليك

    وأما حق أبيك فأن تعلم أنه أصلك ، وأنه لولاه لم تكن ، فمهما رأيت في نفسك مما يعجبك ، فاعلم أن أباك أصل النعمة عليك فيه، فاحمد الله واشكره ، على قدر ذلك .



    حق ولدك عليك

    وأما حق ولدك فأن تعلم أنه منك ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره و شره ، وأنك مسؤول عما وليته به من حسن الأدب والدلالة على ربه عز وجل ، والمعونة له على طاعته ، فاعمل في أمره عمل من يعلم أنه مثاب على الإحسان إليه ، معاقب على الإساءة إليه .

    (فاعمل في أمره عمل المتزين بحسن أثره عليه في عاجل الدنيا المعذر إلى ربه فيما بينك وبينه بحسن القيام عليه ، والأخذ له منه).

    حق أخيك عليك

    (وأما حق أخيك فتعلم أنه يدك التي تبسطها ، وظهرك الذي تلتجي إليه ، وعزك الذي تعتمد عليه ، وقوتك التي تصول بها ، فلا تتخذه سلاحاً على معصية الله ، ولا عدة للظلم لخلق الله ، ولا تدع نصرته على نفسه ، ومعونته على عدوه ، والحول بينه وبين شياطينه وتأدية النصيحة إليه ، فإن انقاد لربه وأحسن الإجابة له ، وإلا فليكن الله آثر عندك وأكرم عليك منه) .

    حق المولى على عبده الذي أعتقه

    وأما حق مولاك المنعم عليك ، فأن تعلم أنه أنفق فيك ماله وأخرجك من ذل الرق ووحشته ، إلى عز الحرية وأنسها ، فأطلقك من أسر الملكة ، وفك عنك قيد العبودية ، وأخرجك من السجن ، وملكك نفسك ، وفرغك لعبادة ربك . وتعلم أنه أولى الخلق بك في حياتك وموتك ، وأن نصرته عليك واجبة بنفسك ، وما احتاج إليه منك .

    حق المعتَق على المولى الذي أعتقه

    وأما حق مولاك الذي أنعمت عليه ، فأن تعلم أن الله عز وجل جعل عتقك له وسيلة إليه ، وحجاباً لك من النار ، وأن ثوابك في العاجل ميراثه ، إذا لم يكن له رحم مكافأة بما أنفقت من مالك ، وفى الآجل الجنة .

    رسالة الحقوق للإمام زين العابدين ^



    وتشمل خمسين حقاً على الإنسان ، ابتداءً من حقوق الله تعالى الى حق نفسه ومحيطه ومجتمعه ودولته ، وحقوق أهل الأديان الأخرى . وتبدأ بإجمال كالفهرس، ثم تفصل الحقوق واحداً واحداً .

    وقد صحح روايتها علماؤنا ، وبحث أسانيدها العلامة الجلالي في كتابه جهاد الإمام السجاد×/269، وشرحها العلامة السيد حسن القبانجي & باسم (شرح رسالة الحقوق للإمام علي بن الحسين زين العابدين ×) ، وذكر شروحها وترجماتها صاحب الذريعة &: 7/42 ومعجم المطبوعات النجفية/220، وموسوعة مؤلفي الإمامية: 1/233.

    (راجع: رجال النجاشي/116، وتحف العقول لابن شعبة الحراني/255، والخصال/564 ، ومعجم رجال الحديث للسيد الخوئي: 4/293، ومستدرك الوسائل: 11/154، والبحار: 71/10، ونهج السعادة: 7/211، وأعيان الشيعة: 1/638، ومجلة تراثنا: 61/140).

    ونورد نصها من الخصال ، مع عبارات من تحف العقول:

    فهرس رسالة الحقوق والواجبات

    (عن أبي حمزة الثمالي قال: هذه رسالة علي بن الحسين × إلى بعض أصحابه: إعلم أن لله عز وجل عليك حقوقاً محيطة بك في كل حركة تحركتها أو سكنه سكنتها ، أو حال حلتها أو منزلة نزلتها أو جارحة قلبتها أو آلة تصرفت فيها (بعضها أكبر من بعض) ، فأكبر حقوق الله تعالى عليك ما أوجب عليك لنفسه من حقه الذي هو أصل الحقوق ، ثم ما أوجب الله عز وجل عليك لنفسك من قرنك إلى قدمك ، على اختلاف جوارحك ، فجعل عز وجل للسانك عليك حقاً ، ولسمعك عليك حقاً ، ولبصرك عليك حقاً ، وليدك عليك حقاً ، ولرجلك عليك حقاً ، ولبطنك عليك حقاً ، ولفرجك عليك حقاً ، فهذه الجوارح السبع التي بها تكون الأفعال .

    ثم جعل عز وجل لأفعالك عليك حقوقاً ، فجعل لصلاتك عليك حقاً ، ولصومك عليك حقاً ، ولصدقتك عليك حقاً ، ولهديك عليك حقاً . ثم تخرج الحقوق منك إلى غيرك من ذوي الحقوق عليك فأوجبها عليك حقوق أئمتك، ثم حقوق رعيتك ، ثم حقوق رحمك فهذه حقوق يتشعب منها حقوق .

    فحقوق أئمتك ثلاثة أوجبها عليك: حق سائسك بالسلطان، ثم حق سائسك بالعلم، ثم حق سائسك بالملك . (وكل سائس إمام)

    وحقوق رعيتك ثلاثة أوجبها عليك: حق رعيتك بالسلطان ، ثم حق رعيتك بالعلم فان الجاهل رعية العالم ، ثم حق رعيتك بالملك ، من الأزواج وما ملكت الإيمان . وحقوق رحمك كثيرة متصلة بقدر اتصال الرحم في القرابة وأوجبها عليك: حق أمك ثم حق أبيك ثم حق ولدك ثم حق أخيك ، ثم الأقرب فالأقرب والأولى فالأولى . ثم حق مولاك المنعم عليك ثم حق مولاك الجارية نعمته عليك

    ثم حق ذوي المعروف لديك ، ثم حق مؤذنك لصلاتك ، ثم حق إمامك في صلاتك ثم حق جليسك ، ثم حق جارك ، ثم حق صاحبك ، ثم حق شريكك ، ثم حق مالك ، ثم حق غريمك الذي تطالبه ، ثم حق غريمك الذي يطالبك ، ثم حق خليطك ثم حق خصمك المدعي عليك ثم حق خصمك الذي تدعي عليه . ثم حق مستشيرك ، ثم حق المشير عليك ، ثم حق مستنصحك ثم حق الناصح لك ثم حق من هو أكبر منك ، ثم حق من هو أصغر منك ، ثم حق سائلك ، ثم حق من سألته ، ثم حق من جرى لك على يديه مساءة بقول أو فعل عن تعمد منه أو غير تعمد ، ثم حق أهل ملتك عليك ، ثم حق أهل ذمتك ثم الحقوق الجارية بقدر علل الأحوال ، وتصرف الأسباب . فطوبى لمن أعانه الله على ما أوجب عليه من حقوقه ، ووفقه لذلك وسدده .



    حق الله عليك أن تطيعه بإخلاص

    فأما حق الله الأكبر عليك فأن تعبده لا تشرك به شيئاً ، فإذا فعلت ذلك بإخلاص ، جعل لك على نفسه أن يكفيك أمر الدنيا والآخرة .

    (ويحفظ لك ما تحب منها ).



    حقوق نفسك وجوارحك عليك

    وحق نفسك عليك أن تستعملها بطاعة الله عز وجل فتؤدي إلى لسانك حقه وإلى سمعك حقه ، وإلى بصرك حقه ، وإلى يدك حقها وإلى رجلك حقها ، و إلى بطنك حقه ، وإلى فرجك حقه ، وتستعين بالله على ذلك .



    حق لسانك عليك

    وحق اللسان إكرامه عن الخنى وتعويده الخير ، وترك الفضول التي لا فائدة فيها ، والبر بالناس ، وحسن القول فيهم . (ويعد شاهد العقل ، والدليل عليه وتزين العاقل بعقله وحسن سيرته في لسانه )



    حق سمعك عليك

    وحق السمع تنزيهه عن سماع الغيبة ، وسماع ما لا يحل سماعه ، (فإنه باب الكلام إلى القلب ، يودي إليه ضروب المعاني على ما فيها من خير أو شر) .



    حق بصرك عليك

    وحق البصر أن تغمضه عما لا يحل لك ، وتعتبر بالنظر به ، (وترك ابتذاله إلا لموضع عبرة ، تستقبل بها بصراً ، أو تستفيد بها علماً ، فإن البصر باب الإعتبار) .





    حق يدك ورجلك عليك

    وحق يدك أن لا تبسطها إلى ما لا يحل لك ، (فتنال بما تبسطها إليه من الله العقوبة في الأجل ، ومن الناس بلسان اللائمة في العاجل ، ولا تقبضها عما افترض الله عليها ولكن توقرها به) .

    وحق رجلك أن لا تمشي بها إلى ما لا يحل لك فيها (ولا تجعلها مطيتك في الطريق المستخفة بأهلها فيها ، فإنها حاملتك وسالكة بك مسلك الدين) بها تقف على الصراط ، فانظر أن لا تزل بك فتتردى في النار .



    حق بطنك وفرجك عليك

    وحق بطنك أن لا تجعله وعاء للحرام ، ولا تزيد على الشبع، (فإن الشبع المنتهى بصاحبه إلى التخمة مكسلة ومثبطة ومقطعة عن كل بر وكرم ، وإن الريَّ المنتهى بصاحبه إلى السكر مسخفة ومجهلة ومذهبة للمروة ).

    وحق فرجك أن تحصنه عن الزناء ، وتحفظه من أن ينظر إليه ، (والإستعانة عليه بغض البصر فإنه من أعون الأعوان ، وضبطه إذا هم بالجوع والظمأ ، وكثرة ذكر الموت والتهدد لنفسك بالله ، والتخويف لها به ).





    حق الصلاة عليك

    وحق الصلاة أن تعلم أنها وفادة إلى الله عز وجل ، وأنك فيها قائم بين يدي الله عز وجل ، فإذا علمت ذلك قمت مقام الذليل الحقير ، الراغب الراهب ، والراجي الخائف ، المستكين المتضرع ، المعظم لمن كان بين يديه ، بالسكون والوقار (والإطراق وخشوع الأطراف ولين الجناح ، وحسن المناجاة له في نفسك ، والطلب إليه في فكاك رقبتك ، التي أحاطت بها خطيئتك واستهلكتها ذنوبك) وتقبل عليها بقلبك وتقيمها بحدودها وحقوقها .



    حق الحج عليك

    وحق الحج أن تعلم أنه وفادة إلى ربك ، وفرار إليه من ذنوبك ، وبه قبول توبتك ، وقضاء الفرض الذي أوجبه الله عليك .





    حق الصوم عليك

    وحق الصوم أن تعلم أن حجاب ضربه الله على لسانك وسمعك وبصرك وبطنك وفرجك ، ليسترك به من النار ، فإن تركت الصوم خرقت ستر الله عليك .



    حق الصدقة عليك

    وحق الصدقة أن تعلم أنها ذخرك عند ربك عز وجل ، ووديعتك التي لا تحتاج إلى الإشهاد عليها ، وكنت بما تستودعه سراً أوثق منك بما تستودعه علانية ، وتعلم أنها تدفع البلايا والإسقام عنك في الدنيا ، وتدفع عنك النار في الآخرة . (ثم لم تمتن بها على أحد لأنها لك ، فإذا امتننت بها لم تأمن أن يكون بها مثل تهجين حالك منها إلى من مننت بها عليه ، لأن في ذلك دليلاً على أنك لم ترد نفسك بها ، ولو أردت نفسك بها لم تمتن بها على أحد ) .



    حق الأضحية في الحج عليك

    وحق الهدي أن تريد به الله عز وجل ، ولا تريد به خلقه ، ولا تريد به إلا التعرض لرحمة الله ونجاة روحك يوم تلقاه .



    حق الحاكم عليك

    (فأما حق سائسك بالملك فأن تطيعه ولا تعصيه إلا فيما يسخط الله عز وجل فانه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) .

    وحق السلطان أن تعلم أنك جعلت له فتنة ، وأنه مبتلى فيك بما جعل الله عز وجل له عليك من السلطان ، وأن عليك أن لا تتعرض لسخطه ، فتلقي بيديك إلى التهلكة ، وتكون شريكاً له فيما يأتي إليك من سوء ، (وأن تخلص له في النصيحة ، وأن لا تماحكه وقد بسطت يده عليك ، فتكون سبب هلاك نفسك وهلاكه . وتذلل وتلطف لإعطائه من الرضى ما يكفُّه عنك ، ولا يضر بدينك ، وتستعين عليه في ذلك بالله ، ولا تعازَّه ولا تعانده ، فإنك إن فعلت ذلك عققته وعققت نفسك ، فعرضتها لمكروهه ، وعرضته للهلكة فيك ، وكنت خليقاً أن تكون معيناً له على نفسك ، وشريكاً له فيما أتى إليك) . (وأما حق سائسك بالملك فنحو من سائسك بالسلطان إلا أن هذا يملك ما لا يملكه ذاك ، تلزمك طاعته فيما دق وجل منك ، إلا أن تخرجك من وجوب حق الله ، فإن حق الله يحول بينك وبين حقه وحقوق الخلق فإذا قضيته رجعت إلى حقه فتشاغلت به).





    حق أستاذك وقدوتك

    وحق سائسك بالعلم التعظيم له ، والتوقير لمجلسه ، وحسن الإستماع إليه ، والإقبال عليه ، (والمعونة له على نفسك فيما لا غنى بك عنه من العلم ، بأن تفرغ له عقلك ، وتحضره فهمك ، وتزكي له قلبك ، وتجلي له بصرك ، بترك اللذات ونقض الشهوات) ، وأن لا ترفع عليه صوتك ، ولا تجيب أحداً يسأله عن شئ ، حتى يكون هو الذي يجيب ، ولا تحدِّث في مجلسه أحداً ، ولا تغتاب عنده أحداً ، وأن تدفع عنه إذا ذكر عندك بسوء ، وأن تستر عيوبه وتظهر مناقبه ، ولا تجالس له عدواً ولا تعادي له ولياً ، فإذا فعلت ذلك شهد لك ملائكة الله بأنك قصدته ، وتعلمت علمه لله جل اسمه لا للناس .



    حق من تحكمهم عليك

    وأما حق رعيتك بالسلطان فأن تعلم أنهم صاروا رعيتك لضعفهم وقوتك ، فيجب أن تعدل فيهم ، وتكون لهم كالوالد الرحيم ، وتغفر لهم جهلهم ، ولا تعاجلهم بالعقوبة ، وتشكر الله عز وجل على ما آتاك من القوة عليهم .



    حق تلاميذك عليك

    وأما حق رعيتك بالعلم فأن تعلم أن الله عز وجل إنما جعلك قيما لهم فيما آتاك من العلم وفتح لك من خزائنه ، فإن أحسنت في تعليم الناس ، ولم تخرق بهم ، ولم تضجر عليهم ، زادك الله من فضله . وإن أنت منعت الناس علمك ، أو خرقت بهم عند طلبهم العلم منك ، كان حقاً على الله عز وجل أن يسلبك العلم وبهاءه ويسقط من القلوب محلك .



    حق زوجتك عليك

    وأما حق الزوجة فأن تعلم أن الله عز وجل جعلها لك سكناً وأنساً فتعلم أن ذلك نعمة من الله عليك ، فتكرمها وترفق بها ، وإن كان حقك عليها أوجب فإن لها عليك أن ترحمها لأنها أسيرك ، وتطعمها وتكسوها ، وإذا جهلت عفوت عنها .



    حق مملوكك عليك

    وأما حق مملوكك فأن تعلم أنه خلق ربك وابن أبيك وأمك ولحمك ودمك تملكه ، (لأنك صنعته من دون الله، ولا خلقت شيئاً من جوارحه ، ولا أخرجت له رزقاً ، ولكن الله عز وجل كفاك ذلك ثم سخره لك وائتمنك عليه واستودعك إياه ، ليحفظ لك ما تأتيه من خير إليه . فأحسن إليه كما أحسن الله إليك ، وإن كرهته استبدلت به ، ولا تعذب خلق الله عز وجل ).

    حق أمك عليك

    وأما حق أمك فأن تعلم أنها حملتك حيث لا يحتمل أحد أحداً ، وأعطتك من ثمرة قلبها ما لا يعطي أحد أحداً ، ووقتك بجميع جوارحها ، ولم تبال أن تجوع وتطعمك ، وتعطش وتسقيك ، وتعرى وتكسوك ، وتضحى وتظلك ، وتهجر النوم لأجلك ، ووقَتْكَ الحر والبرد ، لتكون لها ، فإنك لا تطيق شكرها إلا بعون الله وتوفيقه.



    حق أبيك عليك

    وأما حق أبيك فأن تعلم أنه أصلك ، وأنه لولاه لم تكن ، فمهما رأيت في نفسك مما يعجبك ، فاعلم أن أباك أصل النعمة عليك فيه، فاحمد الله واشكره ، على قدر ذلك .



    حق ولدك عليك

    وأما حق ولدك فأن تعلم أنه منك ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره و شره ، وأنك مسؤول عما وليته به من حسن الأدب والدلالة على ربه عز وجل ، والمعونة له على طاعته ، فاعمل في أمره عمل من يعلم أنه مثاب على الإحسان إليه ، معاقب على الإساءة إليه .

    (فاعمل في أمره عمل المتزين بحسن أثره عليه في عاجل الدنيا المعذر إلى ربه فيما بينك وبينه بحسن القيام عليه ، والأخذ له منه).



    حق أخيك عليك

    (وأما حق أخيك فتعلم أنه يدك التي تبسطها ، وظهرك الذي تلتجي إليه ، وعزك الذي تعتمد عليه ، وقوتك التي تصول بها ، فلا تتخذه سلاحاً على معصية الله ، ولا عدة للظلم لخلق الله ، ولا تدع نصرته على نفسه ، ومعونته على عدوه ، والحول بينه وبين شياطينه وتأدية النصيحة إليه ، فإن انقاد لربه وأحسن الإجابة له ، وإلا فليكن الله آثر عندك وأكرم عليك منه) .



    حق المولى على عبده الذي أعتقه

    وأما حق مولاك المنعم عليك ، فأن تعلم أنه أنفق فيك ماله وأخرجك من ذل الرق ووحشته ، إلى عز الحرية وأنسها ، فأطلقك من أسر الملكة ، وفك عنك قيد العبودية ، وأخرجك من السجن ، وملكك نفسك ، وفرغك لعبادة ربك . وتعلم أنه أولى الخلق بك في حياتك وموتك ، وأن نصرته عليك واجبة بنفسك ، وما احتاج إليه منك .



    حق المعتَق على المولى الذي أعتقه

    وأما حق مولاك الذي أنعمت عليه ، فأن تعلم أن الله عز وجل جعل عتقك له وسيلة إليه ، وحجاباً لك من النار ، وأن ثوابك في العاجل ميراثه ، إذا لم يكن له رحم مكافأة بما أنفقت من مالك ، وفى الآجل الجنة .



    حق صاحب الفضل عليك

    وأما حق ذي المعروف عليك ، فأن تشكره وتذكر معروفه ، وتكسبه المقالة الحسنة ، وتخلص له الدعاء فيما بينك وبين الله عز وجل ، فإذا فعلت ذلك كنت قد شكرته سراً وعلانية ، ثم إن قدرت على مكافأته يوماً كافأته .



    حق مؤذن المحلة

    وأما حق المؤذن ، فأن تعلم أنه مذكر لك ربك عز وجل ، وداع لك إلى حظك ، وعونك على قضاء فرض الله عليك ، فاشكره على ذلك شكرك للمحسن إليك .



    حق إمام الجماعة

    وحق إمامك في صلاتك ، فأن تعلم أنه تقلد السفارة فيما بينك وبين ربك عز وجل ، (والوفادة إلى ربك) وتكلم عنك ولم تتكلم عنه ، ودعا لك ولم تدع له ، وكفاك هول المقام بين يدي الله عز وجل ، (والمسألة له فيك) فإن كان(في شئ من ذلك)نقص كان به دونك ، وإن كان تماماً كنت شريكه ، ولم يكن له عليك فضل ، فوقى نفسك بنفسه وصلاتك بصلاته ، فتشكر له على قدر ذلك .



    حق من تجالسه

    وأما حق جليسك فأن تلين له جانبك ، وتنصفه في مجاراة اللفظ ولا تقوم من مجلسك إلا بإذنه ، ومن يجلس إليك يجوز له القيام عنك بغير إذنه ، وتنسى زلاته وتحفظ خيراته ، ولا تسمعه إلا خيراً .



    حق جارك عليك

    وأما حق جارك ، فحفظه غائباً ، وإكرامه شاهداً ، ونصرته إذا كان مظلوماً ، ولا تتبع له عورة ، فإن علمت عليه سوءا سترته عليه ، وإن علمت أنه يقبل نصيحتك نصحته فيما بينك وبينه ، ولا تسلمه عند شديدة ، وتقيل عثرته ، وتغفر ذنبه ، (لا تتبع له عورة ، ولا تبحث له عن سوءة لتعرفها ، فإن عرفتها منه من غير إرادة منك ولا تكلف ، كنت لما علمت حصناً حصيناً وستراً ستيراً ، لا تستمع عليه من حيث لا يعلم ، ولا تسلمه عند شديدة ، ولا تحسده عند نعمة ، تقيله عثرته ، وتغفر زلته ، ولا تذخر حلمك عنه إذا جهل عليك ، ولا تخرج أن تكون سلماً له ، ترد عنه لسان الشتيمة ، وتبطل فيه كيد حامل النصيحة ، وتعاشره معاشرة كريمة).

    حق من ترافقه

    وأما حق الصاحب ، فأن تصحبه بالتفضل والإنصاف ، وتكرمه كما يكرمك ، ولا تدعه يسبق إلى مكرمة ، فإن سبق كافأته ، وتوده كما يودك ، وتزجره عما يهم به من معصية ، وكن عليه رحمة ولا تكن عليه عذاباً .



    حق شريكك في عمل

    وأما حق الشريك ، فإن غاب كفيته ، وإن حضر رعيته ، ولا تحكم دون حكمه ، ولا تعمل برأيك دون مناظرته ، وتحفظ عليه ماله ، ولا تخونه فيما عز أو هان من أمره ، فإن يد الله تبارك وتعالى على أيدي الشريكين ما لم يتخاونا .



    حق مالك عليك

    وأما حق مالك ، فأن لا تأخذه إلا من حله ، ولا تنفقه إلا في وجهه ، ولا تؤثر به على نفسك من لا يحمدك ، فاعمل فيه بطاعة ربك ، ولا تبخل به فتبوء بالحسرة والندامة مع التبعة .



    حق غريمك الذي يطالبك

    وأما حق غريمك الذي يطالبك ، فإن كنت موسرا أعطيته (ولم ترده وتمطله ، فإن رسول الله ’ قال: مطل الغني ظلم) ، وإن كنت معسراً أرضيته بحسن القول ، (وطلبت إليه طلباً جميلاً) ، ورددته عن نفسك رداً لطيفاً ، (ولم تجمع عليه ذهاب ماله وسوء معاملته ، فإن ذلك لؤم ) .



    حق من تعيش معه

    وحق الخليط أن لا تغره ولا تغشه ولا تخدعه ، وتتقي الله تبارك وتعالى في أمره (ولا تكذبه ، ولا تغفله ، ولا تخدعه ، ولا تعمل في انتقاضه ، عمل العدو الذي لا يبقي على صاحبه ، وإن اطمأن إليك استقصيت له على نفسك وعلمت أن غبن المسترسل ربا ).

    حق خصمك الذي يدعي عليك

    وحق الخصم المدعي عليك ، فإن كان ما يدعي عليك حقاً كنت شاهده على نفسك ولم تظلمه ، وأوفيته حقه ، وإن كان ما يدعي به باطلاً ، رفقت به ولم تأت في أمره غير الرفق ، ولم تسخط ربك في أمره . (فإن كان ما يدعي عليك حقاً لم تنفسخ في حجته ولم تعمل في إبطال دعوته ، وكنت خصم نفسك له ، والحاكم عليها ، والشاهد له بحقه دون شهادة الشهود . وإن كان مايدعيه باطلاً ، رفقت به وردعته وناشدته بدينه ، وكسرت حدته عنك بذكر الله ، وألقيت حشو الكلام ولفظة السوء الذي لا يرد عنك عادية عدوك بل تبوء بإثمه ، وبه يشحذ عليك سيف عداوته ، لأن لفظة السوء تبعث الشر ، والخير مقمعة للشر ) .

    حق خصمك الذي تدعي عليه

    وحق خصمك الذي تدعي عليه ، إن كنت محقاً في دعواك أجملت مقاولته ، ولم تجحد حقه ، (فإن كان ما تدعيه حقاً أجملت في مقاولته بمخرج الدعوى ، فإن للدعوى غلظة في سمع المدعى عليه ، وقصدت قصد حجتك بالرفق ، وأمهل المهلة ، وأبين البيان ، وألطف اللطف ، ولم تتشاغل عن حجتك بمنازعته بالقيل والقال ، فتذهب عنك حجتك ، ولا يكون لك في ذلك درَك ) .

    وإن كنت مبطلاً في دعواك اتقيت الله عز وجل ، وتبت إليه ، وتركت الدعوى .



    حق من يستشيرك

    (وأما حق المستشير ، فإن حضرك له وجه رأي جهدت له في النصيحة ، وأشرت عليه بما تعلم أنك لو كنت مكانه عملت به ، وذلك ليكن منك في رحمة ولين ، فإن اللين يونس الوحشة ، وإن الغلظ يوحش من موضع الأنس . وإن لم يحضرك له رأي وعرفت له من تثق برأيه وترضى به لنفسك ، دللته عليه وأرشدته إليه ، فكنت لم تأله خيراً ، ولم تدخره نصحاً ).



    حق من تستشيره

    وحق المشير عليك أن لا تتهمه فيما لا يوافقك من رأيه ، وإن وافقك حمدت الله عز وجل . (فإنما هي الآراء وتصرف الناس فيها واختلافهم ، فكن عليه في رأيه بالخيار إذا اتهمت رأيه . فأما تهمته فلا تجوز لك إذا كان عندك ممن يستحق المشاورة ، ولا تدع شكره على ما بدا لك من إشخاص رأيه ، وحسن وجه مشورته ، فإذا وافقك حمدت الله وقبلت ذلك من أخيك ، بالإرصاد بالمكافأة في مثلها إن فزع إليك ).



    حق من يطلب منك النصحية

    (وأما حق المستنصح ، فإن حقه أن تؤدي إليه النصيحة على الحق الذي ترى له أن يحمل ، ويخرج المخرج الذي يلين على مسامعه ، وتكلمه من الكلام بما يطيقه عقله ، فإن لكل عقل طبقة من الكلام ، يعرفه ويجيبه ، وليكن مذهبك الرحمة ).



    حق من نصحك

    وحق الناصح أن تلين له جناحك ، وتصغي إليه بسمعك ( حتى تفهم عنه نصيحته) ، فإن أتى بالصواب حمدت الله عز وجل ، (وقبلت منه وعرفت له نصيحته) وإن لم يوافق رحمته ولم تتهمه ، (وعلمت أنه لم يألك نصحاً إلا أنه أخطأ) ، ولم تؤاخذه بذلك ، إلا أن يكون مستحقاً للتهمة ، فلا تعبأ بشئ من أمره على حال .



    حق كبير السن

    وحق الكبير توقيره لسنه ، وإجلاله لتقدمه في الإسلام قبلك ، وترك مقابلته عند الخصام ، ولا تسبقه إلى طريق ، ولا تتقدمه ، ولا تستجهله ، وإن جهل عليك احتملته وأكرمته، لحق الإسلام وحرمته .



    حق صغير السن

    وحق الصغير رحمته في تعليمه ، والعفو عنه ، والستر عليه ، والرفق به ، والمعونة له . (والستر على جرائر حداثته فإنه سبب للتوبة ، والمداراة له وترك مماحكته ، فإن ذلك أدنى لرشده ).



    حق من يسألك حاجة أو تسأله حاجة

    وحق السائل إعطاؤه على قدر حاجته ، وحق المسؤول إن أعطى فاقبل منه بالشكر والمعرفة بفضلة ، وإن منع فاقبل عذره .

    وأما حق المسؤول ، فإن أعطى فاقبل منه ما أعطى بالشكر له ، والمعرفة لفضله ، واطلب وجه العذر في منعه وأحسن به الظن ، واعلم أنه إن منع ماله منع ، وأن ليس عليه التثريب في ماله ، وإن كان ظالماً ، فإن الإنسان لظلوم كفار ) .







    حق من أحسن اليك بخدمة

    (وأما حق من سرك الله به وعلى يديه ، فإن كان تعمدها لك حمدت الله أولاً ثم شكرته على ذلك بقدره ، في موضع الجزاء ، وكافأته على فضل الإبتداء ، وأرصدت له المكافأة .

    وإن لم يكن تعمدها ، حمدت الله وشكرته ، وعلمت أنه منةٌ توحدك بها.. سبباً من أسباب نعم الله عليك ).



    حق من أساء اليك

    وحق من ساءك أن تعفو عنه . وإن علمت أن العفو يضر انتصرت قال الله تبارك وتعالى: وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ. (فإن لم يكن عمداً لم تظلمه بتعمد الإنتصار منه ، فتكون كافأته في تعمد على خطأ، ورفقت به ورددته بألطف ما تقدر عليه).



    حق أهل ملتك ودينك عليك

    وحق أهل ملتك إضمار السلامة لهم والرحمة لهم ، والرفق بمسيئهم ، وتألفهم واستصلاحهم ، وشكر محسنهم ، وكف الأذى عنهم ، وتحب لهم ما تحب لنفسك ، وتكره لهم ما تكره لنفسك ، وأن يكون شيوخهم بمنزلة أبيك ، وشبابهم بمنزلة إخوتك ، وعجائزهم بمنزلة أمك ، والصغار بالمنزلة أولادك .







    حق أهل الكتاب في بلدك

    وحق الذمة أن تقبل منهم ما قبل الله عز وجل منهم، ولا تظلمهم ما وفوا لله عز وجل بعهده.(وتفي بما جعل الله لهم من ذمته وعهده ، وتكلمهم إليه فيما طلبوا من أنفسهم وأجبروا عليه ، وتحكم فيهم بما حكم الله به على نفسك فيما جرى بينك وبينهم من معاملة، وليكن بينك وبين ظلمهم من رعاية ذمة الله والوفاء بعهده وعهد رسوله).



    حق أقاربك وعشيرتك

    (وأما حق أهل بيتك عامة فإضمار السلامة ، ونشر جناح الرحمة ، والرفق بمسيئهم ، وتألفهم واستصلاحهم ، وشكر محسنهم إلى نفسه وإليك ، فإن إحسانه إلى نفسه إحسانه إليك إذا كف عنك أذاه ، وكفاك مؤنته، وحبس عنك نفسه ، فعمهم جميعاً بدعوتك وانصرهم جميعاً بنصرتك ، وأنزلهم جميعاً منك منازلهم ، كبيرهم بمنزلة الوالد وصغيرهم بمنزلة الولد ، وأوسطهم بمنزلة الأخ ، فمن أتاك تعاهدته بلطف ورحمة ، وصل أخاك بما يجب للأخ على أخيه . فهذه خمسون حقاً محيطة بك ، لاتخرج منها في حال من الأحوال يجب عليك رعايتها ، والعمل في تأديتها ، والإستعانة بالله جل ثناؤه على ذلك ، ولا حول ولا قوة إلا بالله . والحمد لله رب العالمين ). انتهى.

    (تم الكتاب والحمد لله رب العالمين).





    حق صاحب الفضل عليك

    وأما حق ذي المعروف عليك ، فأن تشكره وتذكر معروفه ، وتكسبه المقالة الحسنة ، وتخلص له الدعاء فيما بينك وبين الله عز وجل ، فإذا فعلت ذلك كنت قد شكرته سراً وعلانية ، ثم إن قدرت على مكافأته يوماً كافأته .

    حق مؤذن المحلة

    وأما حق المؤذن ، فأن تعلم أنه مذكر لك ربك عز وجل ، وداع لك إلى حظك ، وعونك على قضاء فرض الله عليك ، فاشكره على ذلك شكرك للمحسن إليك .



    حق إمام الجماعة

    وحق إمامك في صلاتك ، فأن تعلم أنه تقلد السفارة فيما بينك وبين ربك عز وجل ، (والوفادة إلى ربك) وتكلم عنك ولم تتكلم عنه ، ودعا لك ولم تدع له ، وكفاك هول المقام بين يدي الله عز وجل ، (والمسألة له فيك) فإن كان(في شئ من ذلك)نقص كان به دونك ، وإن كان تماماً كنت شريكه ، ولم يكن له عليك فضل ، فوقى نفسك بنفسه وصلاتك بصلاته ، فتشكر له على قدر ذلك .

    حق منتجالسه

    وأما حق جليسك فأن تلين له جانبك ، وتنصفه في مجاراة اللفظ ولا تقوم من مجلسك إلا بإذنه ، ومن يجلس إليك يجوز له القيام عنك بغير إذنه ، وتنسى زلاته وتحفظ خيراته ، ولا تسمعه إلا خيراً .

    حق جارك عليك

    وأما حق جارك ، فحفظه غائباً ، وإكرامه شاهداً ، ونصرته إذا كان مظلوماً ، ولا تتبع له عورة ، فإن علمت عليه سوءا سترته عليه ، وإن علمت أنه يقبل نصيحتك نصحته فيما بينك وبينه ، ولا تسلمه عند شديدة ، وتقيل عثرته ، وتغفر ذنبه ، (لا تتبع له عورة ، ولا تبحث له عن سوءة لتعرفها ، فإن عرفتها منه من غير إرادة منك ولا تكلف ، كنت لما علمت حصناً حصيناً وستراً ستيراً ، لا تستمع عليه من حيث لا يعلم ، ولا تسلمه عند شديدة ، ولا تحسده عند نعمة ، تقيله عثرته ، وتغفر زلته ، ولا تذخر حلمك عنه إذا جهل عليك ، ولا تخرج أن تكون سلماً له ، ترد عنه لسان الشتيمة ، وتبطل فيه كيد حامل النصيحة ، وتعاشره معاشرة كريمة).

    حق من ترافقه

    وأما حق الصاحب ، فأن تصحبه بالتفضل والإنصاف ، وتكرمه كما يكرمك ، ولا تدعه يسبق إلى مكرمة ، فإن سبق كافأته ، وتوده كما يودك ، وتزجره عما يهم به من معصية ، وكن عليه رحمة ولا تكن عليه عذاباً .


    حق شريكك في عمل

    وأما حق الشريك ، فإن غاب كفيته ، وإن حضر رعيته ، ولا تحكم دون حكمه ، ولا تعمل برأيك دون مناظرته ، وتحفظ عليه ماله ، ولا تخونه فيما عز أو هان من أمره ، فإن يد الله تبارك وتعالى على أيدي الشريكين ما لم يتخاونا .



    حق مالك عليك

    وأما حق مالك ، فأن لا تأخذه إلا من حله ، ولا تنفقه إلا في وجهه ، ولا تؤثر به على نفسك من لا يحمدك ، فاعمل فيه بطاعة ربك ، ولا تبخل به فتبوء بالحسرة والندامة مع التبعة .



    حق غريمك الذي يطالبك

    وأما حق غريمك الذي يطالبك ، فإن كنت موسرا أعطيته (ولم ترده وتمطله ، فإن رسول الله ’ قال: مطل الغني ظلم) ، وإن كنت معسراً أرضيته بحسن القول ، (وطلبت إليه طلباً جميلاً) ، ورددته عن نفسك رداً لطيفاً ، (ولم تجمع عليه ذهاب ماله وسوء معاملته ، فإن ذلك لؤم ) .



    حق من تعيش معه

    وحق الخليط أن لا تغره ولا تغشه ولا تخدعه ، وتتقي الله تبارك وتعالى في أمره (ولا تكذبه ، ولا تغفله ، ولا تخدعه ، ولا تعمل في انتقاضه ، عمل العدو الذي لا يبقي على صاحبه ، وإن اطمأن إليك استقصيت له على نفسك وعلمت أن غبن المسترسل ربا ).

    حق خصمك الذي يدعي عليك

    وحق الخصم المدعي عليك ، فإن كان ما يدعي عليك حقاً كنت شاهده على نفسك ولم تظلمه ، وأوفيته حقه ، وإن كان ما يدعي به باطلاً ، رفقت به ولم تأت في أمره غير الرفق ، ولم تسخط ربك في أمره . (فإن كان ما يدعي عليك حقاً لم تنفسخ في حجته ولم تعمل في إبطال دعوته ، وكنت خصم نفسك له ، والحاكم عليها ، والشاهد له بحقه دون شهادة الشهود . وإن كان مايدعيه باطلاً ، رفقت به وردعته وناشدته بدينه ، وكسرت حدته عنك بذكر الله ، وألقيت حشو الكلام ولفظة السوء الذي لا يرد عنك عادية عدوك بل تبوء بإثمه ، وبه يشحذ عليك سيف عداوته ، لأن لفظة السوء تبعث الشر ، والخير مقمعة للشر ) .

    حق خصمك الذي تدعي عليه

    وحق خصمك الذي تدعي عليه ، إن كنت محقاً في دعواك أجملت مقاولته ، ولم تجحد حقه ، (فإن كان ما تدعيه حقاً أجملت في مقاولته بمخرج الدعوى ، فإن للدعوى غلظة في سمع المدعى عليه ، وقصدت قصد حجتك بالرفق ، وأمهل المهلة ، وأبين البيان ، وألطف اللطف ، ولم تتشاغل عن حجتك بمنازعته بالقيل والقال ، فتذهب عنك حجتك ، ولا يكون لك في ذلك درَك ) .

    وإن كنت مبطلاً في دعواك اتقيت الله عز وجل ، وتبت إليه ، وتركت الدعوى .



    حق من يستشيرك

    (وأما حق المستشير ، فإن حضرك له وجه رأي جهدت له في النصيحة ، وأشرت عليه بما تعلم أنك لو كنت مكانه عملت به ، وذلك ليكن منك في رحمة ولين ، فإن اللين يونس الوحشة ، وإن الغلظ يوحش من موضع الأنس . وإن لم يحضرك له رأي وعرفت له من تثق برأيه وترضى به لنفسك ، دللته عليه وأرشدته إليه ، فكنت لم تأله خيراً ، ولم تدخره نصحاً ).



    حق من تستشيره

    وحق المشير عليك أن لا تتهمه فيما لا يوافقك من رأيه ، وإن وافقك حمدت الله عز وجل . (فإنما هي الآراء وتصرف الناس فيها واختلافهم ، فكن عليه في رأيه بالخيار إذا اتهمت رأيه . فأما تهمته فلا تجوز لك إذا كان عندك ممن يستحق المشاورة ، ولا تدع شكره على ما بدا لك من إشخاص رأيه ، وحسن وجه مشورته ، فإذا وافقك حمدت الله وقبلت ذلك من أخيك ، بالإرصاد بالمكافأة في مثلها إن فزع إليك ).



    حق من يطلب منك النصحية

    (وأما حق المستنصح ، فإن حقه أن تؤدي إليه النصيحة على الحق الذي ترى له أن يحمل ، ويخرج المخرج الذي يلين على مسامعه ، وتكلمه من الكلام بما يطيقه عقله ، فإن لكل عقل طبقة من الكلام ، يعرفه ويجيبه ، وليكن مذهبك الرحمة ).



    حق من نصحك

    وحق الناصح أن تلين له جناحك ، وتصغي إليه بسمعك ( حتى تفهم عنه نصيحته) ، فإن أتى بالصواب حمدت الله عز وجل ، (وقبلت منه وعرفت له نصيحته) وإن لم يوافق رحمته ولم تتهمه ، (وعلمت أنه لم يألك نصحاً إلا أنه أخطأ) ، ولم تؤاخذه بذلك ، إلا أن يكون مستحقاً للتهمة ، فلا تعبأ بشئ من أمره على حال .



    حق كبير السن

    وحق الكبير توقيره لسنه ، وإجلاله لتقدمه في الإسلام قبلك ، وترك مقابلته عند الخصام ، ولا تسبقه إلى طريق ، ولا تتقدمه ، ولا تستجهله ، وإن جهل عليك احتملته وأكرمته، لحق الإسلام وحرمته .



    حق صغير السن

    وحق الصغير رحمته في تعليمه ، والعفو عنه ، والستر عليه ، والرفق به ، والمعونة له . (والستر على جرائر حداثته فإنه سبب للتوبة ، والمداراة له وترك مماحكته ، فإن ذلك أدنى لرشده ).



    حق من يسألك حاجة أو تسأله حاجة

    وحق السائل إعطاؤه على قدر حاجته ، وحق المسؤول إن أعطى فاقبل منه بالشكر والمعرفة بفضلة ، وإن منع فاقبل عذره .

    وأما حق المسؤول ، فإن أعطى فاقبل منه ما أعطى بالشكر له ، والمعرفة لفضله ، واطلب وجه العذر في منعه وأحسن به الظن ، واعلم أنه إن منع ماله منع ، وأن ليس عليه التثريب في ماله ، وإن كان ظالماً ، فإن الإنسان لظلوم كفار ) .







    حق من أحسن اليك بخدمة

    (وأما حق من سرك الله به وعلى يديه ، فإن كان تعمدها لك حمدت الله أولاً ثم شكرته على ذلك بقدره ، في موضع الجزاء ، وكافأته على فضل الإبتداء ، وأرصدت له المكافأة .

    وإن لم يكن تعمدها ، حمدت الله وشكرته ، وعلمت أنه منةٌ توحدك بها.. سبباً من أسباب نعم الله عليك ).



    حق من أساء اليك

    وحق من ساءك أن تعفو عنه . وإن علمت أن العفو يضر انتصرت قال الله تبارك وتعالى: وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ. (فإن لم يكن عمداً لم تظلمه بتعمد الإنتصار منه ، فتكون كافأته في تعمد على خطأ، ورفقت به ورددته بألطف ما تقدر عليه).



    حق أهل ملتك ودينك عليك

    وحق أهل ملتك إضمار السلامة لهم والرحمة لهم ، والرفق بمسيئهم ، وتألفهم واستصلاحهم ، وشكر محسنهم ، وكف الأذى عنهم ، وتحب لهم ما تحب لنفسك ، وتكره لهم ما تكره لنفسك ، وأن يكون شيوخهم بمنزلة أبيك ، وشبابهم بمنزلة إخوتك ، وعجائزهم بمنزلة أمك ، والصغار بالمنزلة أولادك .

    حق أهل الكتاب في بلدك

    وحق الذمة أن تقبل منهم ما قبل الله عز وجل منهم، ولا تظلمهم ما وفوا لله عز وجل بعهده.(وتفي بما جعل الله لهم من ذمته وعهده ، وتكلمهم إليه فيما طلبوا من أنفسهم وأجبروا عليه ، وتحكم فيهم بما حكم الله به على نفسك فيما جرى بينك وبينهم من معاملة، وليكن بينك وبين ظلمهم من رعاية ذمة الله والوفاء بعهده وعهد رسوله).

    حق أقاربك وعشيرتك

    (وأما حق أهل بيتك عامة فإضمار السلامة ، ونشر جناح الرحمة ، والرفق بمسيئهم ، وتألفهم واستصلاحهم ، وشكر محسنهم إلى نفسه وإليك ، فإن إحسانه إلى نفسه إحسانه إليك إذا كف عنك أذاه ، وكفاك مؤنته، وحبس عنك نفسه ، فعمهم جميعاً بدعوتك وانصرهم جميعاً بنصرتك ، وأنزلهم جميعاً منك منازلهم ، كبيرهم بمنزلة الوالد وصغيرهم بمنزلة الولد ، وأوسطهم بمنزلة الأخ ، فمن أتاك تعاهدته بلطف ورحمة ، وصل أخاك بما يجب للأخ على أخيه . فهذه خمسون حقاً محيطة بك ، لاتخرج منها في حال من الأحوال يجب عليك رعايتها ، والعمل في تأديتها ، والإستعانة بالله جل ثناؤه على ذلك ، ولا حول ولا قوة إلا بالله . والحمد لله رب العالمين ). انتهى.

    (تم الكتاب والحمد لله رب العالمين).

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال