فى إحدى ليالى شهر كانون الأول (ديسمبر) المظلمة من عام 1679 كان أشهر شعراء إنجلترا فى طريقه إلى المنزل فى لندن. و على حين غفلة، برز أمامه عدد من الرجال وصاح أحدهم هذا هو، و سرعان ما أنقض عليه الجميع و ضربوه ضرباً مبرحاً، ثم تركوه ملقى على الأرض ينزف.
ترى ماذا فعل جون دريدان شاعر البلاط الكبير لكى يستحق مثل هذه المعاملة؟؟؟
أولئك الاشرار كان قد أستأجرهم اللورد روشستر الذى أعتقد أن دريدان ضمن قصيدته المسماة " بحث فى الهجاء" ابياتاً تهكم فيها على اللورد، و الواقع بأن دريدان كان بريئاً من ذلك، و أن أحداً غيره كتب الابيات الهجائية و دسها فى القصيدة. و مهما يكن من أمر فإن الإعتداء الذى وقع عليه كان يعبر عن المشاعر العنيفة التى تثيرها أشعاره فى نفوس الذين موضوعاً لعبارتها التهكمية.
وقد سبق لدريدان ان كتب عن اللورد " شفتسبرى" وهو من أبرز سياسى ذلك العصر، فقال : " لقد باع ذكائه الرخيص بحفنة من الذهب، و أرتدى مسوح القديسيين، و عندما تكون النعم متيسرة، يزمجر و يتنهد و يصلى، وهو يشبه الصفرة العالية للقطار".
وقد ولد درايدن فى عام 1631 وكان أكبر الاسرة البالغ عددهم 14. وحصل على ليسانس الآداب فى عام 1654، ثم تزوج فى عام 1663 الليدى هوارد، وذكرت بعض الروايات بأن حياتهم كانت غاية الشقاء.
إن الشعراء اليوم لا يهاجمون رجال السياسة بمثل هذا التهجم الشخصى، ولكن ذلك كان مألوفاً فى القرن السابع عشر، فكان الناس يستخدمون الشعر كوسيلة دعائية لنقد و تسفية خصومهم السياسين، وكان ذلك هو المجال الذى نال فيه دريدان قوة عظيمة، فضلاً عن الشهرة.
كانت السياسة فى عهد دريدان تتسم بالشغب و البعد عن النزاهة، وفى عام 1660 عاد شارل الثانى إلى العرش، وكان درايدن فى التاسعة و العشرين من عمره، وجاءت عودته بعد حكم " الطهريين " ( البيوريتان ) بزعامة أوليفى كروميل، وجاءت معها كل مظاهر الأبهة والفخامة التى كان كرومويل قد قضى عليها. و فى عهد شارل أزدهرت الفنون، فى حين أن كرومويل كان قد حظر قول الشعر و أغلق المسارح.
مما يدعو إلى الدهشة أن يصبح درايدن عضواً فى حزب الاقاليم، و كان الحزب يعمل ضد الملك، سرعان ما اندمج دررايدن فى غمار السياسة، وكتب قصائد عدة هاجم فيها حزب البلاط، منها قصيدة " مال فليكنو "، وقصيدة الميدالية، و اشهر قصائد دريدان وأعظم الهجائيات السياسية فى اللغة الإنجليزية، كانت قصيدة ابشالوم و اخيتوفل التى نشرت عام 1681،فأبشالوم هو ابن الملك شارل الثانى. و كتب 28 مسرحية من بينها المسرحية الشهيرة " كل شئ من أجل الحب " ، و " الزواج على المودة". ولكنه لم يكن يجد متعة فى كتابة المسرحيات، ولم يكن يجد فيها وسيلة لكسب المال.