45 يوما فقط تفصل رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي عن سحب ثقة البرلمان منه، في حال فشله في تحقيق الإصلاحات التي وعد بها.
كان هذا القرار الذي خرجت به الكتل السياسية للبرلمان العراقي، وعلى رأسها رئيسا الوزراء السابقين حيدر العبادي ونوري الماكي وقادة الحشد الشعبي، بعد الاجتماع مع الرئيس العراقي برهم صالح ورئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، مع غياب ملحوظ لعبد المهدي.
وقد أمهل المجتمعون الحكومة برئاسة عبد المهدي 45 يوما، أي نهاية عام 2019، لتنفيذ الإصلاحات التي وعدت بها، وتعديل قانون الانتخابات الحالي “بشكل عادل لتوفير فرص متكافئة لفوز المرشحين المستقلين”، و”في حال عجزت عن ذلك سيتم سحب الثقة عنها”.
مراقبون رأوا أن القرار يجسد تخلي القوى السياسية التابعة لطهران، أو تخلي إيران بعبارة أخرى، عن عادل عبد المهدي الذي يواجه احتجاجات شعبية غير مسبوقة.
المحلل السياسي أحمد الشريفي قال في اتصال مع الحرة إن المعطيات تشير إلى أن “إيران باتت مدركة أن عملية تسويق عبد المهدي مرة أخرى باتت صعبة، وعدم وجود بديل قد يدخلها في مأزق، لذلك ذهبت طهران باتجاه جمع أتباعها من أجل تجهيز بديل في حال حدوث انهيار.”
“لكن المعادلة التي لم تدخل في حسابات إيران، هي الرأي العام العراقي، واحتمالية اقتناع الشارع بالبديل من عدمه، هذه هي المعضلة”، يضيف الشريفي.
وقال المحلل السياسي العراقي إن اسم المالكي يتردد بين الأوساط السياسية كبديل محتمل لعبد المهدي بعد ترشيح الأحزاب الشيعية له، “وليس الرهان عليه (المالكي) وإنما على حزب الدعوة الذي يتزعمه كمدرسة فكرية تتبع رؤى وتوجهات إيران”.
محاولة لاستباق الصدر
المحلل السياسي العراقي الدكتور محمد نعناع، قال إن الاجتماع الذي شهد غياب عبد المهدي، هو علامة على أن الأحزاب الشيعية تريد النأي بأنفسها عن رئيس الوزراء المغضوب عليه شعبيا، والذي قامت قوات الأمن التابعة له بقتل المتظاهرين.
وأشار نعناع إلى أن تحرك هذه الكتل الآن له هدف آخر، وهو سحب البساط من تحت قدمي رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، الذي يحاول “ركوب موجة التظاهرات الحالية، فإن لم ينأوا بأنفسهم عن عبد المهدي فإنهم بذلك سيمنحون فرصة للصدر لجذب الشارع إلى صفه”.
ومع انطلاق الاحتجاجات في الأول من أكتوبر، دعا الصدر إلى استقالة حكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، لكنه تراجع في 13 نوفمبر، بعد سلسلة من اللقاءات التي رعاها قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني مع قادة دينيين وسياسيين عراقيين بينهم الصدر، ونتج عنها اتفاق على بقاء الحكومة الحالية، حسب ما ذكرت رويترز وفرانس برس.
وقد دعا الصدر إلى استقالة الحكومة سابقا، رغم أنه شارك فيها بتولي خمس وزارت، وخلال الانتخابات العامة التي جرت في مايو 2018، جاءت كتلة “سائرون” التي يتزعمها الصدر في المرتبة الأولى بعد أن نال 54 مقعدا في البرلمان.
ويطرح الصدر، 46 عاما، نفسه راعيا للإصلاح ومحاربا للفساد، إذ حشد أنصاره في أكثر مناسبة لتنظيم احتجاجات جماهيرية ضد الحكومات السابقة، كان آخرها في عامي 2015 و2016.
على الجانب الآخر، يرى المحلل السياسي العراقي الدكتور بشير الدليمي، إن الاجتماع بدون رئيس الوزراء، لا يعني تخلي إيران عن عبد المهدي بالضبط، وإنما هناك أسباب أخرى، مثل عدم وجود كتلة برلمانية تابعة لعبد المهدي على عكس رئيسي الوزراء السابقين.
وأضاف الدليمي أن عبد المهدي قد أتى إلى منصبه دون انتخابات، وإنما كحل توافقي بين كتلة الفتح البرلمانية التي يقودها هادي العمري، وبين كتلة النصر التابعة لرئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي.
وأوضح المحلل السياسي العراقي أنه في حال اضطرت إيران لإيجاد بديل، فإنه لن يخرج عن الكتل السياسية الشيعية، “فجميع هذه الأحزاب تحت السيطرة (الإيرانية)” على حد وصفه.
وأكد الدليمي أن “أي شخص يخرج من الكتل السياسية المقربة لإيران لن يوفر حلا، لأن التظاهرات الحالية لم تتوقف عند المطالب الخدمية، وإنما وصلت إلى مطلب استعادة البلاد ومحاسبة الفاسدين”.
يذكر أن العراق يشهد احتجاجات مستمرة منذ أول أكتوبر، سقط فيها ما لا يقل عن 300 متظاهر، فضلا عن إصابة المئات.
يمكن قراءة الخبر من المصدر من هنا