عفواً هذه الحياة مؤلمة أكثر مما ينبغي… سنرحل معاً !
رسالة وداع لسبعة صديقات قبل انتحارهم ،و كانت هذه أول حادثة انتحار جماعي يتم توثيقها في التاريخ في هلسنبرج 1894
الانتحار واحد من كبائر الذنوب ، وفاعلها متوعد بالخلود في نار جهنم أبداً ، ويعذبه الله تعالى بالوسيلة التي انتحر بها ، وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن المنتحر يعاقب بمثل ما قتل نفسه به وقد ترك النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة على المنتحر ، عقوبةً له ، وزجراً لغيره أن يفعل فعله. كما ينظر الى الانتحار على انه خطيئة في معظم الديانات السماوية.
وأفتى الأزهر بحرمة إزهاق الأرواح، موضحًا أن الإسلام وفقا للقاعدة الشرعية العامة حرم الانتحار تحريمًا قطعيًا لأي سبب كان، وأنه ليس من حق الإنسان أن يزهق روحه كتعبير عن ضيق أو احتجاج أو غضب، يأتي ذلك بعد تعدد محاولات الانتحار حرقا في مصر والجزائر وموريتانيا، على طريقة الشاب التونسي محمد البوعزيزي الذي أضرم النار في نفسه مفجرًا احتجاجات شعبية عارمة في أنحاء تونس أدت إلى الإطاحة بحكم الرئيس زين العابدين بن علي.
والانتحار بالإنجليزية (Suicide) يرجع الى أصل الكلمة اللاتينية suicidium ، وتعني : ( يقتل نفسه ) .
والانتحار قرار ذاتي يتخذه شخص من اجل إنهاء حياته او لرغبه في تدمير ذاته
و إلحاق الأذى بها وهو نوع من العقاب او الانتقام من الذات وهو بذلك قمة الإحساس باليأس وفقدان الأمل.
ويشترك الإنسان وبعض الكائنات الحية الأخرى في هذا السلوك .. فمثلاً تقدم العقرب على قتل نفسها بنفسها بواسطة اللدغ عندما تجد أنها محاصرة بدائرة من النار ولا تستطيع الخروج من هذه الدائرة ..وهو سلوك تمارسه بعض الحيتان للخلاص من الحياة ربما لتأثرها بالسموم الكيميائية او البيولوجية التي انتشرت في البحر.
او لمرضها حيث يفقد الحوت المريض القدرة على معرفة الاتجاهات أثناء الهجرة السنوية وهو انتحار جماعي تمارسه في موسم معين ..كما ان هناك انتحار النسور في شيخوختها..
ويضرب مفهوم انتحار الحيوانات جذورا في القدم بما يشبه قدم الفلسفة ذاتها، حيث اخبر الفيلسوف أرسطو عن قصة حصان أقدم على رمي نفسه في واد سحيق بعد أن اكتشف أنه وقع في الخديعة ومارس الجنس مع أمه، وتلك قصة ناقشها العلماء في عصر الملكة فيكتوريا مطولا.
وهناك الانتحار الجماعي لبنو الإنسان أيضا عندما تقدم منظمة او جماعة على تنفيذه بإرادتها كما في حادثة جونز تاون التي تعد أكبر حادثة انتحار جماعي في التاريخ الحديث و نتج عنها اكبر عدد قتلى من الأميركيين في كارثة غير طبيعية قبل أحداث 11 سبتمبر2001 وذلك في 188 نوفمبر 19788 عندما جمّع جيم جونز أتباعه في قريه صغيّره في غويانا في أمريكا الجنوبية وأقنعهم أن يشربوا مادة السيانيد السامه الممزوجة بعصير العنب مدعياً ان ذلك انتحار ثوري وقامت القيادات الخاصة بالجماعة بحقن الأطفال الصغار بمادة السيانيد وأسفر عن مقتل 913 شخص من مجموع أعضاء المعبد.
وعن لعنة العراق كشفت دراسة استمرت خمسة أشهر إرتفاعا ملحوظا في محاولات الانتحار بصفوف الجنود الامريكان العائدين من ساحات القتال بالعراق أطلق عليها اسم ” فيروس الانتحار”.مشيرة الى أن 6200 جندي ومجندة أمريكية وضعوا حداً لحياتهم عام 2005, بعد عودتهم من ساحات القتال في العراق وأفغانستان حيث عانى غالبيتهم من أمراض نفسية جراء مناظر الحرب وويلاتها”.
فيما نشرت صحيفة الجارديان البريطانية إحصائيات تفصيلية عن معدلات انتحار الجنود الأمريكان خلال العام 2012، التي سجلت 349 حالة متجاوزاً عدد المنتحرين عام 2011 الذي بلغ 301 منتحرا
اما وكالة (أسوشيتد برس) فقد ذكرت ان متوسط الانتحار بالجيش الصهيوني سنويا بلغ 22 جنديا خلال السنوات العشر الماضية
فيما أكدت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية إن عشرة جنود على الأقل أقدموا على الانتحار خلال عام 2014، من بينهم أربعة جنود شاركوا في الحرب الإسرائيلية على غزة في شهري تموز وآب الماضيين..
وتختلف أسباب الانتحار من مجتمع لآخر , كما تختلف بين الجنسين , وهي لا تتشابه أبداً, وبالتالي فان لكل حال خصوصيتها وأسبابها و في أغلب حالاتها تكون بين الشباب في أعمار بين 17- 35سنة وتعود لأسباب اقتصادية اواجتماعية اوعاطفية الا انها على الاعم الاغلب تعود لفشل الدفاعات النفسية عند الانسان فتولد عنده فكرة الانتحار
فالأمراض النفسية , كالاكتئاب والوسواس القهري والهستيريا والصرع والقلق النفسي, وغيرها من الأمراض تدفع بصاحبها إلى التخلص من معاناة الحياة اثر عدم تحمله للضغوطات وشعوره بعدم جدوى الحياة وبخاصة عند مرضى الاكتئاب ، إذ أثبتت الدراسات إن50 % من مرضى الاكتئاب تنتهي حياتهم بالانتحار
ويعد الانتحار من الأمراض التي تحظى بالأولوية في برنامج منظمة الصحة العالمية للعمل على رأب الفجوة في الصحة النفسية والذي تم إطلاقه في عام 2008
، اذ تؤكد المنظمة ان مليون شخص ينتحرون سنويا، و أن كل محاولة ناجحة للانتحار تسبقها 20 محاولة فاشلة. بحسب المنظمة العالمية. وقد توقعت ارتفاع معدلات الانتحار بحلول 2020 بنسبة 50%، لتصل أعداد المنتحرين إلى مليون ونصف المليون سنوياً.
وتتصدر روسيا والصين دول العالم في أعداد المنتحرين بين مواطنيها بنسبة 13 منتحر لكل 100 ألف نسمة، بينما تقل النسبة إلى ما يتراوح بين 6.5 - 13 لكل 100 ألف نسمة في الولايات المتحدة والمكسيك وإيطاليا وإسبانيا.
وقد التزمت الدول الأعضاء في المنظمة بموجب خطة عمل منظمة الصحة العالمية للصحة النفسية 2013-2020 بالعمل من أجل تحقيق الهدف العالمي المتعلق بخفض معدل الانتحار في البلدان بنسبة 10ظھ بحلول عام 2020.
وتؤكد الدراسات العلمية على أن للتعاليم الدينية دور كبير في خفض نسبة الانتحار، وأن هذه التعاليم أقوى ما يمكن في الإسلام! لتدحض إدعاء الملحدين أن الإسلام دين يأمر بالانتحار!!! ففي دراسة قام بها جوس مانويل و فليشمان وهي دراسة علمية شاملة استندوا إلى مراجع الأمم المتحدة ،بينت بما لا يقبل الشك أن أعلى نسبة للانتحار كانت بين الملحدين، ثم البوذيين ثم المسيحيين ثم الهندوس وأخيراً المسلمين الذين كانت نسبة الانتحار بينهم تقترب من الصفر ودراسة ثانية منشورة على مجلة طب النفس وتصدر في أمريكا، أثبتت ايضا وجود تأثير قوي للتعاليم الدينية على الحد من ظاهرة الانتحار، وأثبتت كذلك أن الزواج له تأثير قوي في علاج الانتحار وكذلك إنجاب الأطفال وكذلك السعادة والاستقرار والعلاقات الاجتماعية الجيدة.
كما بينت هذه الدراسة الحقائق الآتية:
1- نسبة الانتحار لدى الملحدين أعلى ما يمكن!
2- نسبة الانتحار كانت أعلى لدى غير المتزوجين.
3- نسبة الانتحار قليلة بين من لديهم أطفال أكثر.
4- الملحدون أكثر عدوانية من غيرهم.
5- الإنسان المؤمن أقل غضباً وعدوانية واندفاعاً.
6- الدين يساعد على تحمل أعباء الحياة والإجهاد ويقلل فرص الإصابة بالاضطرابات النفسية المختلفة.
7- الملحدون كانوا أكثر الناس تفككاً اجتماعياً، وليس لديهم أي ارتباط اجتماعي لذلك كان الإقدام على الانتحار سهلاً بالنسبة لهم.
8- ختمت الدراسة بتوصية: إن الثقافة الدينية هي علاج مناسب لظاهرة الانتحار.
و على الرغم من ان معظم المنتحرين أو الأشخاص الذين يحاولون الانتحار هم مضطربون نفسياً او يعانون من خلل في التفكير أو اضطراب وظائف الدماغ الا ان أسوء حالات الانتحار على الإطلاق تلك التي تجعل المنتحر يتخذ من نفسه قنبلة بشرية تفتك او تقتل الناس الأبرياء من دون مسوغ أخلاقي او قانوني او شرعي ...
اما العلاج النفسي فيتلخص بأبسط صوره بالإصغاء للشخص المريض ليعبر عن معاناته ومحاولة فهم مايجول في خاطره وحثه على الكلام لنصل معه الى مايعرف بالتنفيس او التصريف الانفعالي وتسفيه المشكلة التي تقلقه او تؤرقه وتقديم الإسناد النفسي والمعنوي له ورعايته وبعث الأمل في نفسه لذا لا يجوز بالمطلق إهمال الشخص الذي يردد عبارات انه سوف ينتحر، أتمنى لو لم أكن هنا, لا معنى لحياتي أكثر, ما الفائدة من المعاناة. او يهدد بتنفيذه او قام بمحاولة او عدة محاولات فاشلة في الانتحار وفي حال ملاحظة هذه المؤشرات لدى أي شخص مقرب منه ضرورة اللجوء الى إستشاري نفساني أو طبيب نفسي لمعاينته او معالجته قبل حدوث المأساة. فضلا عن التواصل العاطفي والإنصات و التحدث بهدوء معه والمقربين وأصدقاءه لنصحه ومراقبته وبخاصة الأبناء ممن يمرون بظروف تكاد تكون صعبة.
وصدق رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، اذ قال:
مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلَا وَصَبٍ وَلَا هَمٍّ وَلَا حُزْنٍ وَلَا أَذًى وَلَا غَمٍّ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ
ومسك الختام { لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا } (سورة التوبة: الآية40).