النتائج 1 إلى 2 من 2
الموضوع:

ماذا تعرفون عن أول "مكتبة تدربت على المشي"؟

الزوار من محركات البحث: 19 المشاهدات : 312 الردود: 1
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    من المشرفين القدامى
    سَرمَديّة
    تاريخ التسجيل: August-2014
    الدولة: بغداد
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 32,329 المواضيع: 2,167
    صوتيات: 152 سوالف عراقية: 98
    التقييم: 11949
    مزاجي: الحمدلله ، جيد
    المهنة: legal
    أكلتي المفضلة: دولمة
    آخر نشاط: منذ 3 يوم
    مقالات المدونة: 19

    ماذا تعرفون عن أول "مكتبة تدربت على المشي"؟

    متلك مكتبة فيها عشرات آلاف الكتب تحملها الجمال وفق نظام دقيق.. من هو الصاحب بن عباد؟
    كتب الأورغوياني إدواردو غليانو في مؤلّفه الشهير "أبناء الأيام" تحت عنوان "الذاكِرة الجوّالة": «في تاريخ البشرية كله، كان للكُتب ملجأ آمِن واحد من الحروب والحرائق: المكتبة الجوّالة التي كانت فكرة خطرت لوزير بلاد فارس الأكبر، عبد القاسم إسماعيل، في أواخر القرن العاشر. إنه رجلٌ حذرٌ، فذاك الرحَّالة الذي لا يملّ السّفر، كان يحمل مكتبته معه، أربعمئة جَمَل تحمل مئة وسبعة عشر ألف كتاب، في قافلةٍ تمتدّ كيلومترين طولاً، وكانت الجِمال تُستخدَم أيضاً فهرساً للكتب، كل مجموعة منها تحمل العناوين التي تبدأ بواحدٍ من حروف الأبجدية الفارسية الإثنين والثلاثين».
    أما الأرجنتيني ألبرتو مانغويل فيشرح في كتابه "تاريخ القراءة" بأن «سائقي تلك الجِمال خدموا بفعالية كأمناء مكتبة، إذ بإمكانهم تحديد موقع أي من العناوين التي طلبها الوزير بسرعةٍ بمُجرّد الرجوع إلى الفهرس المُتاح».
    لتأتي الباحِثة في تاريخ المكتبات مورين ساوا ومؤلِّفة "كتاب المكتبة: قصة المكتبة من الجِمال إلى الكمبيوتر"، فتعتبر خلال رحلتها الشاقّة في أصول المكتبات بأن "عبد القاسم إسماعيل هو واحد من أبطال المكتبة المألوفين مثل "غوتنبرغ" و"بنجامين فرانكلين"، لكنه الأكثر غموضاً، مثل "هيباتيا" أمينة مكتبة الإسكندرية العظيمة التي قُتِلَت على يد مجموعةٍ من الغوغاء لمُعارضتها تعاليم أفلاطون، وأكثر ما يُميّزه أنه امتلك "مكتبة تدرَّبت على المشي" لأن الجِمال التي تحمل آلاف الكتب كانت تسير وفق نظام دقيق، يختلف عن "نظام ديوي العشري" لكنه لا يقلّ أهمية عنه في ذاك التاريخ".
    تشابه أسماء
    مع كل تلك الإشارات ضمن الكتب والمقالات باللغتين الإنكليزية والفرنسية إلى الوزير الفارسي "عبد القاسم إسماعيل" ومكتبته الضخمة، إلا أن البحث والتدقيق سيُحيلنا إلى أن تلك الشخصية هي ذاتها "أبو القاسم إسماعيل بن أبي الحسن عباد بن العباس بن عباد بن أحمد بن إدريس الطالقاني" المُلَّقب بـ"كافي الكفاة"، والمعروف أكثر بـ"الصاحب بن عباد" الذي جاء ذِكر مكتبته في مُقدّمة كتاب "مختار الأغاني" لإبن منظور الإفريقي، مُتضمّناً وصف ضخامة قدرِها وكثرة مؤلّفاتها التي تشتمل على مائة ألف وسبعة عشر ألف مجلد، جعلته عندما استدعاه "نوحُ بن منصور أحدُ ملوك بني سامان" ليولّيه الوزارة يعتذر بأنه "لا يستطيع حمل أمواله، وأنَّ عنده من كُتب العِلم خاصّة ما يُحمَل على 400 جَمَل أو أكثر، وأن فهرسها يقع في عشرة مُجلّدات"، كما جاء في كتاب "وفيات الأعيان" لإبن خلكان، ما يجعل كُتُب تلك المكتبة الضخمة المملوكة لرجلٍ واحدٍ عاش في القرن العاشر الميلادي "أكثر ما يمكن إحصاؤه في كل مكتبات أوروبا مجتمعة" حسبما جاء في كتاب "الحضارة العربية" للمُستشرِق الفرنسي والأستاذ في معهد باريس للدراسات الإسلامية جاك ريسلر.
    من كاتب صغير إلى "كافي الكفاة"
    ولد الصاحب إبن عباد في إحدى كُور فارس باصطخر أو طالقان في 16 ذي القعدة سنة 326هـ/ 938م، وتتلمَذ أول أمره لأبيه عباد، وكان من أهل العِلم والمعرفة.
    إضافة إلى كونه وزيراً لركن الدولة البويهي، وقد صنّف كتاباً في أحكام القرآن الكريم، وكان مُناصِراً ومؤيِّداً للمُعتزلِة وآرائهم، كما تتلمَذ الصاحب على أبي الفضل محمّد بن العميد، ولازَمه وأخذ عنه، وتولّى منصب الكتابة لديه.
    ولما نجح نجاحاً عظيماً، لما يتميَّز به من ذكاء وسرعة بديهة إضافة إلى عِلمه الواسع، ودراسته الأدب وتذوّقه اللغة العربية عن أبي الحسن أحمد بن فارس صاحب كتاب "المُجمَل في اللغة"، رشَّحه ذلك ليكون كاتباً للأمير مؤيد الدولة بن ركن الدولة بن بويه الذي اصطحبه معه إلى بغداد عام 347 هـ وسجَّل الصاحب مُشاهداته ومُطارحاته الأدبية ضمن كتاب أسماه "الروزنامجية" أي "اليوميات"، ورتَّبه على شكل رسائل إلى مُعلّمه أبي الفضل إبن العميد.
    ثم تقدّمت الحال بإبن عبَّاد بعدما نال ثقة مؤيد الدولة الذي لقَّبه بعد تلك الرحلة بـ"الصاحب كافي الكفاة" واستوزره عام 366هـ واستمر وزيراً في عهد فخر الدولة وحتى وفاته عام 385 هـ/ 995 م.
    العلم من ينابيعه
    تلقَّى "الصاحب" العلم والأدب عن أساتذة أعلام بارزين لم يكن يحلم طلاب العِلم بشيء أسمى من التلقّي عنهم. فدرس عليهم اللغة بنحوها وصَرفها وفُقهها وعروضها وسائر فروعها، كما درس العلوم الإسلامية من تفسيرٍ وحديثٍ وفلسفةٍ وكلامٍ وما شاكلها، حتى نال من كل ذلك ما أهَّله للبحث والتأليف في تلك الموضوعات مع الإتقان والإبداع والإجادة.
    فمن أساتذته كما أسلفنا إبن العميد الوزير الأديب الشهير الذي قيل فيه "بُدئت الكتابة بعبد الحميد وخُتِمَت بإبن العميد"، وأبو الحسين أحمد بن فارس، إلى جانب أبو بكر أحمد بن كامل، وأبو بكر محمّد بن حسن المعروف بإبن مقسم، وغيرهم الكثير، فضلاً عن أن ارتياد "أبو القاسم" لمجالس العِلم التي كانت تُعقَد حينذاك، واستماعه بفهم لما يدور فيها من مُطارحات ومناقشات وسِجالات في شتّى جوانب الفكر والثقافة، كان له أثر كبير في صقل مواهبه وإنماء قابليّته وملكاته.
    وبرز الصاحب على الناس كأديب كبير بارز، فكثر حديث الأدباء عنه واختلفت آراؤهم فيه، حتى أصبح حديث المراجع الأدبية والتاريخية المُعاصِرة له والمُتأخّرة عنه، وقام الإجماع حول الاعتراف به ككاتب بليغ، وشاعر مجيد، وذي نظر صادق في النقد، وصاحب منهج خاص في النثر.
    نادرة الدهر
    وإلى جانب الأدب شاع نبوغ "أبو القاسم" في العلوم كافة، لدرجة أنه عُدّ في العِلم في عِداد "الكليني" و"الصدوق" و"المفيد" و"الطوسي"، ووصفه محمّد شفيع الجزائري الموسوي التستري في "حواشي نقد الرجال" بكونه «أفقه فُقهاء أصحابنا المُتقدّمين والمُتأخّرين».
    وعدَّه في مكانٍ آخر «من رؤساء المُحدّثين والمُتكلّمين»، كما وصفه الحر العاملي في "أمل الآمل" بأنه «مُحقّق مُتكلّم عظيم الشأن جليل القَدْر في العِلم»، بينما اعتبره الثعالبي «أحد أئمة اللغة الذين اعتمد عليهم في كتابه "فقه اللغة" وجعله في مصاف "الليث" و"الخليل" و"سيبويه"».
    وعُرِف عنه أنه كان جَزِل العطاء كريماً جواداً قال عنه إبن خلكان في "وفيات الأعيان": «كان نادِرة الدهر وأعجوبة العصر في فضائله ومكارِمه وكرَمه»، وفي السياق ذاته كتب إبن كثير في "البداية والنهاية" أن «الصاحب كان يبعث كل سنةٍ إلى بغداد بخمسة آلاف دينار لتُصرَف على أهل العِلم»، وهناك طُرفة أخرى يذكرها إبن كثير عنه قائلاً: «وقد مرض مرّة بالإسهال، فكان كلّما قام عن المطهرة وضع عندها عشرة دنانير لئلا يتبرّم به الفرّاشون، فكانوا يتمنّون لو طالت علَّته!" وهو دليل على كرم نفسه وسموّ ذاته.
    خصومته مع التوحيدي والمتنبي
    مؤلّفات أبو القاسم بن عباد وكُتبه كثيرة منها: "الإمامة في تفضيل أمير المؤمنين"، "نهج السبيل في الأصول"، "التذكرة"، "التعليل والأنوار"، "الفصول المُهذّبة"، وصنّف في اللغة كتاباً سمّاه "المحيط" ويقع في سبعة مجلدات رتَّبه على حروف المعجم.
    كما ألَّف "الكافي في الرسائل"، "الوزراء"، و"الكشف عن مساوئ شِعر المُتنبي"، إلى جانب كتابين في العروض، وكتابين في الطب، وعدّة كُتب في الأدب والشعر، حتى قاربت مؤلّفاته الثلاثين.
    وعلى الرغم من كثرة مشاغله بحُكم منصبه، بقي مُثابِراً على عَقْد مجلسه الأدبي وبحضور كِبار الأدباء والكتّاب ورجال العِلم، يُغدِق عليهم فتهافت عليه الشعراء وقد عدّهم الثعالبي فكانوا 500 شاعر من الذين مدحوه.
    لكن في المقابل كان له العديد من الخصوم يتتبّعون مثالبه وأخطاءه ومن أبرزهم أبو حيان التوحيدي الذي وصف "الصاحب" بقوله: «كان حاضِرِ الجواب، فصيح اللسان، قد نتف من كل أدب شيئاً وأخذ من كل فن طرفاً... إنه شديد التعصّب على أهل الحِكمة والناظِرين في أجزائها كالهندسة، والطب، والموسيقى... يتشيَّع بمذهب أبي حنيفة ومقالة الزيدية... والناس كلهم يحجمون عنه لجُرأته وسلاطته... شديد العِقاب، طفيف الثواب، طويل العِتاب...».
    ويقال إن كلام التوحيدي جاء بعد أن حجبه "الصاحب" عنه وأقصاه من مجلسه، أما خصومته مع المتنبي فتحدَّث عنها الثعالبي في "يتيمة الدهر" بالقول: «يحكى أن الصاحب أبا القاسم طمع في زيارة المتنبي، وإجرائه مجرى مقصوديه من رؤساء الزمان، وهو إذ ذاك شاب، ولم يكن استوزر بعد، وكتب إليه يلاطفه في استدعائه، وتضمن له مشاطرته جميع ماله، فلم يقم له المُتنبي وزناً، ولم يجبه عن كتابه ولا إلى مراده، وقصد حضرة عضد الدولة في شيراز، فأسفرت سفرته عن بلوغ الأمنية، وورد مشرع المنية، فاتخذه الصاحب غرضاً يرشقه بسهام الوقيعة، ويتتبّع عليه سقطاته في شعره وهفواته، وينعى عليه سيّئاته وهو أعرف الناس بحسناته، وأحفظهم لها، وأكثرهم استعمالاً إياها».
    أكذا تُصاب الأُسْدُ
    وفي الشعر كان "الصاحب" مجيداً بليغاً متمكِّناً من الصَّنعة والبحور، حتى أن السيّد إبن معصوم ذكر أن أبا القاسم قال قصيدة معرّاة من الألف في مدح أهل بيت رسول الله، فتعجّب الناس منها وتداولتها الرواة، واستمر على تلك الطريقة وعمل قصائد، كل واحدة منها خالية من أحد حروف الأبجدية.
    وبقيت عليه واحدة تكون خالية من الواو، فانبرى صهره فعملها وجعلها في مدح "الصاحب" الذي توفى سنة 385هـ/ 995م بالرَّيّ ودُفِن في أصفهان، ورثاه كثير من الشعراء منهم أبو القاسم الأصبهاني، أبو سعيد الرستمي، أبو الفياض الطبري، أبو الفرج بن ميسرة، والشريف الرضي الذي رثاه بقصيدةٍ طويلةٍ بلغت 112 بيتاً يقول في مطلعها:
    أكذا المنـونُ يقنـــــطرُ الأبطالا
    أكذا الزمــــــانُ يضـعضعُ الأجبالا
    أكذا تصــــابُ الأسْدُ وهي مُدلةٌ
    تحمي الشبــــــــولَ وتمنعُ الأغيالا

  2. #2
    من المشرفين القدامى
    تاريخ التسجيل: June-2018
    الدولة: بــــغـــداد
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 35,722 المواضيع: 5,001
    صوتيات: 1 سوالف عراقية: 1
    التقييم: 24244
    مزاجي: متغير
    شكرا

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال