معظم الكتابات والخطابات والتصريحات التي تواصلت حول ما يجري في البلاد ينطبق عليها القول:
قومٌ جلوسٌ حولهم ماءُ......كأننا والماء من حولنا !!!
فلا جديد في الموضوعات المطروحة , وكأنها إسطوانة مشروخة , تدور على إيقاع رتيب , فالكلام ذاته والتبريرات لم تتغير , والتفاعلات المتوّجة بهوّ كما هي , ولا أحد مسؤول , والدنيا بخير وإن قالوا بأنها غير ذلك.
وسبب الهيجان الشبابي أجندات خارجية ومندسون , والذين سقطوا من الأبرياء المطالبين بأبسط حقوقهم , قد قتلتهم الأيادي الخبيثة , والمحافظات الأخرى تتفرج , وغير ذلك من الأقوال المتحاملة المنفعلة الخالية من الأدلة والبراهين , وإنما تريد أن تديم الحال , وإن تظاهرت بغير ما فيها من النوازع والدوافع والخِلال.
ولو شاركت جميع محافظات البلاد بما يحصل لقالوا ما قالوا كما في العديد من الحالات السابقة , فهم يسوّغون كل شيئ على مقاسات منافعهم الشخصية ومنطلقاتهم الطائفية والفئوية , وما أكثر البعابع التي يطلقونها لإخماد إرادة الجماهير وتحويلهم إلى قطيع مرهون بعمامة موالية لمن يطمع بالبلاد والعباد.
فلا جديد في الذي يُكتب ويُصرَّح به , ولن تتغير الأحوال إلى ما هو أفضل وأحسن لأن الجمع القابض على مصير الوطن والمواطنين قد تعوّد الفساد , وصار دينه ومذهبه وربه , ويأتيك بألف تبرير وتبرير لتسويغ ما يقوم به من إستحواذ على حقوق الآخرين بإسم الدين.
فلكل سلوك مهما كان آثما وظالما تبرير ديني وفتوى من مُتاجر بدين , والناس ترى وتسمع وتعيش مأساة الواقع الذي يستفحل فيه الضلال والبهتان والعدوان على الإنسان , والدين مطية لتحقيق الرغبات والنزوات فالمآثم والخطايا والجرائم أصبحت مقدسة ومبررة بدين.
وحتى الشباب الذي لا يعرف ما هو السابق وإنما يعيش حاضرا منورا ومعززا بوسائل التواصل الإجتماعي , التي جعلته يرى بوضوح ويقارن أحواله بغيره من بشر الدنيا , يتم إتهامه بما ليس فيه.
والقوى الفاعلة في الواقع تبيد الآلاف من أبناء الوطن بذرائع مشرعنة , وفقا لمقتضيات فتاوى العمائم التابعة لألف شيطان رجيم , ويقولون إن الأيادي الخبيثة قد قتلت , وأياديهم بلا إثم وعدوان على المواطنين.
قرأنا وسمعنا وشاهدنا , ولا أحد يضع النقاط على الحروف ويمتلك الجرأة لتوصيف الحالة بصدق وإخلاص وطني وغيرة وطنية , وإنما تكشفت حقائق الذين يدّعون المثالية والحرص على المواطنين والدفاع عنهم , وتبين أنهم أكثر ولاءً للآخرين , وأن وطنيتهم تعني الحفاظ على مصالح الطامعين في البلاد والعباد.
فالهدف من الطروحات هو التشويش والتشويه والدفاع عن أئمة الفساد والحرص على الفاسدين , ولن تتحرر البلاد بسهولة من الفساد المهين , لأنه منظومة مسوّغة بفتاوى ويقوده المعممون المتاجرون بجوهر الدين , ومن حولهم مَن يتبع ويقبع ويسبّح بأفكهم المبين.
فهل حقا أن الحياة ستتغير والواقع المعاصر سيكون أفضل؟!!
د-صادق السامرائي