إسرائيل أرادت من حرب غزة استعادة هيبتها، ولكن ما حدث حتى الآن لا يبشر بخير لإسرائيل.الفلسطينيون أصابوا تل أبيب بالصواريخ. صحيح أن هذه الصواريخ ليس لها أثر كبير من الناحية العسكرية المباشرة، ولكن كما قلنا من قبل فإن 80% من قوة إسرائيل هي في الهيبة والهالة النفسية.لا يهم أن يقوم الفلسطينيون بتدمير القوات والمنشآت العسكرية الإسرائيلية. يكفي فقط أن يسقطوا هيبة إسرائيل وهذا سيكون هزيمة نكراء لها.الأنظمة العربية الموالية لأميركا زرعت في عقول العرب أن تل أبيب هي حرم مقدس لا يمكن لأحد بلوغه، ولكن إيران بتقديمها لبعض السلاح البسيط للفلسطينيين أسقطت هذه المقولة الخرافية، وأسقطت معها الدعامة التي يرتكز عليها آل سعود في حلفهم مع إسرائيل.ما هو المبرر الأيديولوجي والفلسفي لموقف آل سعود المتخاذل ظاهريا والعميل ضمنيا لإسرائيل؟ المبرر هو أن إسرائيل دولة خارقة جدا لا يمكن لأحد اختراق حصونها ودفاعاتها. هذا المبرر يسقط الآن في الحرب الجارية في فلسطين.الفلسطينيون في غزة لا يملكون سلاحا يذكر. سلاحهم هو أقل من السلاح الذي أرسله آل سعود وآل ثاني إلى المتمردين السوريين، ولكنهم رغم ذلك شلوا إسرائيل وأدخلوها في جو حرب، وأهم ما في الموضوع هو أنهم استباحوا كل المناطق الإسرائيلية بما في ذلك تل أبيب. هالة إسرائيل سقطت. قصف تل أبيب صار الآن أمرا عاديا. من الآن فصاعدا الإسرائيليون سيتوقعون سقوط صواريخ على تل أبيب كلما شنوا عملية عسكرية ضد غزة، أي أن العمليات العسكرية ضد غزة لم تعد مجرد نزهة وأمرا مأمون العواقب.سقوط هالة إسرائيل هو سقوط ضمني لنظام آل سعود. الآن المواطن العربي سوف يسأل نفسه لماذا لا يتصرف آل سعود مع فلسطينيي غزة كما تصرفوا مع المتمردين السوريين والليبيين؟ في السابق كانت الحجة أن إسرائيل خارقة جدا ولا فائدة من مقاومتها، أما الآن فهذه الحجة بدأت تسقط. المواطن العربي الآن سوف يبدأ برؤية الحقيقة. هو سيدرك أن موقف آل سعود من إسرائيل لا دخل له بقوة إسرائيل، بل هو موقف نابع من أن آل سعود لا يريدون سقوط إسرائيل، لأن سقوط إسرائيل يعني سقوط هيمنة أميركا على المنطقة، وسقوط هيمنة أميركا يعني سقوط نظام آل سعود الذي يستقوي بالاحتلال الأميركي على شعبه وشعوب المنطقة.لهذا السبب الصاروخ الذي سقط على تل أبيب هو في الحقيقة سقط على قصر سعود الفيصل. كل صاروخ يطلق على تل أبيب يهوي على قصر من قصور آل سعود. هذا هو سبب عداء آل سعود المميت لحركات المقاومة طوال السنوات الماضية، وهذا هو سبب عدائهم المميت لسورية وإيران. هم كانوا يعرفون أننا سنصل يوما ما إلى هذه المرحلة التي تسقط فيها هيبة إسرائيل وتسقط معها الذريعة التي يبررون بها خيانتهم.المتوقع في الأيام القادمة هو أن تلجأ إسرائيل إلى حملة مسعورة لترميم هيبتها، وذلك طبعا عن طريق المذابح والمجازر في غزة. إعلام آل سعود سوف يحاول تصوير هذه المجازر على أنها دليل على عبثية مقاومة إسرائيل. المواطنون العرب (خاصة في الدول التي تدعي أنها تحررت من الأنظمة السابقة) يجب أن يرفضوا هذه المذابح وأن يتظاهروا ويعتصموا ويطالبوا جامعة الدول العربية بالتحرك نحو فلسطين على نحو شبيه بتحركها نحو سورية.أنا أسأل المواطنين العرب الذين يدعون الحرص على الشعب السوري: هل الشعب الفلسطيني أرخص من الشعب السوري؟هناك الآن منظمة دولية اسمها “أصدقاء الشعب السوري”. هذه المنظمة تقوم بتسليح وتمويل وتدريب المتمردين السوريين على مقاتلة النظام السوري، وبالأمس طلب وزير خارجية فرنسا من الاتحاد الأوروبي إرسال أسلحة دفاعية إلى المتمردين السوريين.لو كان الثوار العرب يحترمون أنفسهم وغير خاضعين للوصاية الأميركية فهم يجب أن يتظاهروا أمام مقرات الجامعة العربية وأمام سفارات آل سعود ويطالبوا بإرسال أسلحة دفاعية إلى الفلسطينيين.لا نريد من العرب إرسال صواريخ هجومية إلى غزة. إيران وسورية سوف ترسلان هذه الصواريخ. نريد من العرب فقط أن يرسلوا أسلحة دفاعية إلى غزة، وخاصة مضادات الطائرات التي تملك الدول الخليجية منها أكواما هائلة وخرافية.قناة الجزيرة كانت طوال الأشهر الماضية تتباكي على استباحة الطائرات السورية للأجواء السورية، وهي كانت تطالب بتزويد الثوار السوريين بمضادات الطائرات، وهناك بالفعل مضادات طائرات لدى الثوار السوريين. يجب على العرب أن يتظاهروا أمام سفارات قطر وتركيا ويطالبوا هاتين الدولتين بإرسال مضادات طائرات إلى فلسطين.أنا أقترح على النظام السوري أن يقبل بهدنة مؤقتة مع المتمردين يتم خلالها تحويل المال والسلاح من سورية إلى فلسطين. بهذه الطريقة سوف لن تكون هناك حجة لدى آل سعود وشيخ قطر وتركيا. هم ربما يقولون الآن أنهم لا يملكون ما يكفي من المال لتسليح سورية وفلسطين في وقت واحد، لذلك الأفضل إيقاف القتال في سورية مؤقتا حتى نعطي الفرصة لأصدقاء الشعب السوري لكي يساعدوا الشعب الفلسطيني.إذا لم يتحرك الثوار العرب ويطالبوا الجامعة العربية وآل سعود وقطر وتركيا بتسليح الفلسطينيين فهذا سوف يكون دليلا قاطعا على أن الربيع العربي هو مجرد كذبة كبيرة، وأن المحبة التي يدعيها الثوار العرب للشعب السوري هي مجرد كذبة كبيرة. لماذا تطالبون بتسليح السوريين ولا تطالبون بتسليح الفلسطينيين؟ ما هذا النفاق؟