قصة العصفور الجميل والورده البيضاء المغرورة. تروي الحكاية وهي قديمة بالطبع، ان عصفورا يعيش في أحد البساتين وقع في حب وردة بيضاء. وحاول العصفور مرارا ان ينقل مشاعره وحبه للوردة الجميلة التي فوجئت بحبه لها، لكنها رفضت مبادلته حبا بحب وسارعت بقولها «لا أحبك». لم ييأس العصفور ومن شدة حبه للوردة ظل يأتي لها فجر كل يوم ليجدد لها مشاعره تجاهها وما يكن لها من محبة وود. وظلت الزهرة على رفضها وتمنعها، وتجيبه كل يوم بالرفض في كل مرة يأتي اليها. وكحال كل المحبين والعشاق، ظل العصفور يخبر حبيبته الوردة في كل فحر بغرامه وحبه وهي تتجاهله رغم يقينها بان العصفور يحبها حبا جنونيا حتى جاءها في أحد الايام وقال لها «إني أحبك، إني أعشقك لقد دمرتي حياتي من حبي لكي وانت تتجاهلينني، فمتى ينطق لسانك بانك تصدقينني وتعرفين كم أحبك». وهنا حاولت الزهرة منع العصفور من مواصله بثه مشاعره وحبه وغرامه بها، فأرادت ان تضع شرطا صعبا لتمنعه عن مواصله هذا الحب فقالت له: «إذا تغير لوني الى الأحمر سأحبك». وكانت تعلم بالطبع ان لونها الأبيض لن يتغير انما أرادت إبعاده فقط. ومع طلعة فجر كل يوم يطير العصفور من عشه الى البتسان الكبير ليرى وردته وهل تغير لونها أم ظل علي بياضه، ليكتشف في كل مرة ان لون زهرته الحبيبة لم يتغير. وهنا تواترت الى مخه البسيط فكرة، وهي ان يقص جناحيه وينثر دمه على الوردة البيضاء ليصير لونها أحمر بلون دمه. ولكن الطائر الرقيق لم يتخيل ان دمه عندما يسيل ستقترب نهايته. وهنا أصبحت الوردة حمراء، ولكن حين تحقق ذلك، أدركت الوردة مدى محبة العصفور لها ولكن بعد فوات الآوان، لانها أيقنت ذلك متأخرا، وعندما تحركت مشاعرها نحو الطائر الرقيق كان قد فارق الحياة ومات، مات على حبه وعشقه للوردة التى أرهقته وخيبت مناه في البداية، وعندما أدركت حبه، كانت تقتص منه الحياة وتقربه من الموت، ليفقد حياته وحبه معا. القصة مع خيالها وغرابتها، الا انها تتكرر كل يوم في عالمنا، في كل مكان وزمان، فكم عاشق أضاع حياته من اجل حبيبته ولم تبثه عشقها وحبها، وكم من محبة ضاع عمرها تبحث عن قلب من تعشقه وتريد العيش بجانبه. ولدى كل منا مئات القصص والروايات عن العشاق، فالوقت يمر والعصفور راح ونزف دمه لعل يستميل قلب وردته، ولكن هناك قلوب تحب وتخلص ولكن كتب عليها الفناء، وأخرى تعيش بلا قلب وحب رغم ان الحب هو أصل الحياة. ينطبق على قصة حب العصفور والوردة عنوان «الحب غلاب»، حتى وإن لم يتمكن العصفور من جذب حبيبته الا بشروطها الصعبة والتى تمكن من تحقيقها أيضا ولكن للاسف في لحظة نزيفه ووفاته، فلونها تحول الى الأحمر بدمه، ومع كل لحظة يتحول فيها لونها الأبيض الى الأحمر كان رحيله يقترب، ليودع حبه وعشقه. نعم رحل العصفور ولكن بقيت حكايته لتروى للمحبين والعشاق، فحبه للزهرة كان حقيقيا، ولكنه فشل في اقناعها بحبه وهذا ليس ذنبه وإنما ذنب الوردة التي اعتادت ان تفتن ناظريها فكبر لديها الغرور ولم تستسلم لحب العصفور المسكين، الذي كان حبيبا ومفتونا بحبيبه ومتيما وعاشقا، وجعل من وردته حبه الوحيد على مدى العمر. وكان هذا الحب جياشا خارج إطار العقل والإدراك والحكمة والمنطق، ولكنه أحب وعشق وكان متيما بالوردة المغرورة. ورغم ان العصفور قضى على حياته بنفسه لانه أحب وعشق واخلص في حبه، فاننا لا ننكر انه عاش أجمل وأسمى المشاعر، ورغم جسمه الصغير، فهو عاش الحلم الجميل الذي سعى كل مخلوق الى تحقيقه. نعم نعترف انه لم يصادف مشاعر الحب الحقيقي من الوردة ولكنه حاول بث اشواقه لها والتقرب اليها عن قرب، بغض النظر عن عدم صدقها في مشاعرها ووضعها الشروط المجحفة لكي تحبه. وربما كانت الوردة أكثر ذكاء من العصفور، وأدركت مبكرا انها بطلبها المستحيل وتغيير لونها الى الأحمر، انها بذلك تضع نهاية له ولحبه، ولكن مع كل هذا الذكاء، فهي نسيت حقائق مهمة جدا عن مشاعر الحب الحقيقي، فهي مشاعر سامية تصفي الروح من كل كره او بغضاء، فالحب عطاء وتضحية وإيثار لا مجال للأنانية والذاتية. فالوردة لم تعش الحب الصادق الجياش، ولم تشعر بأحاسيسه المرهفة، والا ما وضعت الشروط أمام العصفور المحب. ثم ان الوردة لم تكن صادقة وكان بامكانها الاستمرار في صد العصفور بدلا من ايهامه بتغيير لونها كشرط لحبه، ونسيت ان الحب الحقيقي تسامح وغفران دون مقابل، فالحب عطاء لا مقابل له الا الحب والتضحية والإيثار. ثم ان الحب ثقة، والوردة خانت تلك الثقة، في حين وثق العصفور في كلام الزهرة ليقرب نهايته دون ان يعلم انه يلقي حتفه مقابل إسعادها. ولم تكن الوردة على قدر المسؤولية عندما لم تستمع لحب العصفور لها، فهو تفانى وضحى وحاول تخطي الصعاب ليحقق رغبتها او لنقل شرطها الصعب لكي تحبه، اما الوردة فنسيت انه مخلص لها ويحبها حبا حقيقيا ومخلصا لها وضحى بنفسه من اجلها. رحل العصفور، وكان بامكانه ان يعيش فترة اطول ليبث مشاعره للوردة ويعلمها الكثير من كلمات الحب والغزل والنظرات والهمسات التي قد تعشقها المحبات، وكان بامكانه ان ينقل لها أحساسه بالأمان والحنان معها، ولكن ثقته اللا محدودة بها عجلت بنهايته، لانه أراد ان يضحي بنفسه من اجلها وإسعادها وراحتها. ضحى بنفسه، ولم يسمع منها كلاما معسولا وهمسات ملتهبة ومشاعر طاهرة نقية. إننا مثل العصفور، ربما نحتاج في زحمة الحياة الى عناق بلا سبب، او وردة بلا مناسبة، او رسالة لطيفة تجعلنا نبتسم.. ونحن مثل ذاك العصفور، ونحب مثلما حب ونقول مثله: «عن حبي لها، لا تسألوني، فا أنا حقا أعجز عن وصفه». وإذا كانت المرأة تعشق الرجل الذي يمتلك ثلاث: عين لا ترى سواها، وقلب لا يعرف كيف يخون، وآمان لا ينتهي.. فالرجل أيضا يحتاج قلب هذه المرأة. ولتلك المرأة أوجه لها رسالتي لانها في حياتي مثل قصة اي رجل سعيد، ولانها في حياتي تملأ قلبي سعادة ومحبة وعشقا، وحين أسافر من عينيها تشدني اليها كل الجهات ولا تكفيني بوصلة واحدة لاعادتي الى نظراتها الحالمة.. فالمرأة لدي اجدها في أغنية وبين سطور قصة حب والمحها في أعين آخرين يتحدثون عن الحب، وعندما استمع الى صوتها اتخيله متسللا من وتر قيثارة او مفاتيح بيانو ليستقر في أذناي كزغزغة العصافير في أجمل فجر.