على هامش هيروشيما
كادَ الرجلُ السكرانُ أن يبكي
.بمجرّد أن تجلَّتْ بيننا غيمةُ هيروشيما
":قالَ: "قالت جدّتي
كانَ الناسُ يرمونَ بأنفسِهِم في النهرِ كالحصى
،لعلّهم يطفئونَ الجحيمَ في أجسادِهِم
لكنّ الماءَ كانَ بحرقةِ حطبٍ في مدفأةٍ
".والأرواحُ صعدت دونَ أحذيتِها كالهواء
:قالَ
".سلامي إلى هيروشيما التي لم أجرؤ على إثارةِ رمادِها بنثرِ زهرة"
قالتِ الكأسُ أشياءً كثيرةً عن غيمةِ عشِّ الغرابِ
عن الغربانِ الناصعةِ لهولِ الغبارِ
عن المطرِ الأسود الغزيرِ
وعن الأطفالِ الذين غفوا فجأةً
.في غابةٍ ساكنة
:قالت
.تساقطت عيونٌ وأصابعُ وظلال"
".لم تنهمر دمعةٌ واحدةٌ على الأديم
:قالت
،بعضُهُم بحث عن يديْهِ بلا ذراعيْن"
".أولئك الذينَ لم يعانقوا الموتَ حتّى
.بين هيروشيما وبيني كلامٌ لا يبدأ
بيننا كتابٌ مفتَّتُ الصفحاتِ
!يملأُ حضني بقِطَعِ الأطفال
.منذ ذلكَ الملجأ السحيقِ بينَ كراكيبِ الذاكرة
بين هيروشيما وبيني وعدُ مليون وردة
.من حديقةٍ قديمةٍ من القتلى في قلبي
.بيننا إعصارٌ كفيفٌ يجمّدُ القطاراتِ والأحلامَ كالأشجارِ في أرضها
يا لقسوةِ هذا المطر على نوافذِ أوساكا
.على واجهةِ الفندقِ المهولِ كسفينةِ فضاء
.بكلِّ فأسٍ يقطعُ الطريق
بين هيروشيما وبيني
وجهُ الرجلِ الذي كادَ أن يقلبَ خارطتي
لولا ابتسامة إيفا على الطاولة
وتلك العاشقة المكسورة
كرسالةٍ من كلمتيْنِ
.في زاويةٍ مظلمةٍ من الحانة
ماذا تفعلُ امرأةٌ أمريكيّةٌ بيننا؟
هل تحتملُ قنبلةٌ ذريّةٌ
ريشةَ اعتذار؟
لا تتلامسُ أكتافُ الغرباءِ
،إلّا حولَ بئرِ دمعة
والعالمُ مكتظٌّ بالغرباءِ
كليلِ أوساكا الماطر
وحاسرٌ من كلِّ معنى
عدا خيط دخانٍ ضئيلٍ
.يضيءُ ضفافَ هيروشيما