بسم الله الرحمن الرحيم :
﴿ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ﴾
[سُّورَةُ التَّكَاثُرِ : 8.]
*
عَنْ الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الصَّوْلِيِّ عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ الْقَاسِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْعَبَّاسِ الصَّوْلِيِّ قَالَ : كُنَّا يَوْماً بَيْنَ يَدَيْ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ) ، فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : لَيْسَ فِي الدُّنْيَا نَعِيمٌ حَقِيقِيٌّ .
فَقَالَ لَهُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ مِمَّنْ يَحْضُرُهُ : فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَ ﴿ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ﴾ ، أَمَا هَذَا النَّعِيمُ فِي الدُّنْيَا وَهُوَ الْمَاءُ الْبَارِدُ .
فَقَالَ لَهُ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَعَلَا صَوْتُهُ : كَذَا فَسَّرْتُمُوهُ أَنْتُمْ وَجَعَلْتُمُوهُ عَلَى ضُرُوبٍ .
فَقَالَ طَائِفَةٌ : هُوَ الْمَاءُ الْبَارِدُ . وَقَالَ غَيْرُهُمْ : هُوَ الطَّعَامُ الطَّيِّبُ ؟ وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ النَّوْمُ الطَّيِّبُ .
فَغَضِبَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ، لَا يَسْأَلُ عِبَادَهُ عَمَّا تَفَضَّلَ عَلَيْهِمْ بِهِ وَلَا يَمُنُّ بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ ، وَالِامْتِنَانُ بِالْإِنْعَامِ مُسْتَقْبَحٌ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ ، فَكَيْفَ يُضَافُ إِلَى الْخَالِقِ عَزَّ وَجَلَّ مَا لَا يَرْضَى لِلْمَخْلُوقِينَ بِهِ ؟! وَلَكِنَّ النَّعِيمَ حُبُّنَا أَهْلَ الْبَيْتِ وَمُوَالاتُنَا يَسْأَلُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَنْهُ بَعْدَ التَّوْحِيدِ وَالنُّبُوَّةِ ، لِأَنَّ الْعَبْدَ إِذَا وَفَى بِذَلِكَ أَدَّاهُ إِلَى نَعِيمِ الْجَنَّةِ الَّذِي لَا يَزُولُ . وَلَقَدْ حَدَّثَنِي بِذَلِكَ أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمْ السَّلَامُ) أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) : يَا عَلِيُّ ، إِنَّ أَوَّلَ مَا يُسْأَلُ عَنْهُ الْعَبْدُ بَعْدَ مَوْتِهِ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ وَأَنَّكَ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ ، بِمَا جَعَلَهُ اللَّهُ وَجَعَلْتُهُ لَكَ ، فَمَنْ أَقَرَّ بِذَلِكَ وَكَانَ يَعْتَقِدُهُ صَارَ إِلَى النَّعِيمِ الَّذِي لَا زَوَالَ لَهُ .
فَقَالَ لِي ابْنُ ذَكْوَانَ بَعْدَ أَنْ حَدَّثَنِي بِهَذَا الْحَدِيثِ مُبْتَدِئاً مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ : أُحَدِّثُكَ بِهَذَا مِنْ جِهَاتٍ مِنْهَا لِقَصْدِكَ لِي مِنَ الْبَصْرَةِ ، وَمِنْهَا أَنَّ عَمَّكَ أَفَادَنِيهِ ، وَمِنْهَا أَنِّي كُنْتُ مَشْغُولًا بِاللُّغَةِ وَالْأَشْعَارِ وَلَا أُعَوِّلُ عَلَى غَيْرِهِمَا ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فِي النَّوْمِ وَالنَّاسُ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ فَيُجِيبُهُمْ ، فَسَلَّمْتُ فَمَا رَدَّ عَلَيَّ فَقُلْتُ مَا أَنَا مِنْ أُمَّتِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟َ! فَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) : بَلَى ، وَلَكِنْ حَدِّثِ النَّاسَ بِحَدِيثِ النَّعِيمِ الَّذِي سَمِعْتَهُ مِنْ إِبْرَاهِيمَ .
قَالَ الصَّوْلِيُّ : وَهَذَا حَدِيثٌ قَدْ رَوَاهُ النَّاسُ عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) ، إِلَّا أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ النَّعِيمِ وَالْآيَةِ وَتَفْسِيرِهَا إِنَّمَا رَوَوْا أَنَّ أَوَّلَ مَا يُسْأَلُ عَنْهُ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الشَّهَادَةُ وَالنُّبُوَّةُ وَمُوَالاةُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) .
*
المصدر :
عيون أخبار الْإمام علي بن موسى الرضا عليهما السلام : (ج 2 ، ص 129 - 130.)