تاريخ دخول الكورد في الاسلام
ان الحالة التي كان يعيشها الكورد من التمزق والتشتت بين الإمبراطوريتين الكبيرتين (الساسانية والرومانية) وكانت أرض كوردستان مسرحاً لكل الحروب التي دارت بين هاتين الإمبراطوريتين العظمتين، واضطُهد الكورد وأجبروا على طقوسهم وعاداتهم، ولكنهم لم يأخذوها جملة، إذ أنهم حافظوا على أعرافهم وعاداتهم، ولكن سلب منهم أغلى ما في الوجود وهو الحرية، فكانوا يتطلعون إلى من ينقذهم من جور الفرس والروم، فما أن بزغت شمس الإسلام من الجزيرة العربية في أواخر القرن السادس الميلادي، وقامت الدولة الإسلامية الأولى في الحجاز ونجد ودخل الناس في دين الله أفواجاً، وتجسد عالمية هذا الدين الجديد في الممثلين للقوميات عند النبي r فكان بلال الحبشي وصهيب الرومي وسلمان الفارسي والصحابي الجليل(كافان أو جابان) الكوردي رضى الله عنهم كما أشار إليه الفقيه ( ابن حجر العسقلانى ) رحمه الله في كتابه ( الإصابة في تميز الصحابة ), ج 1ص 210 وهو والد التابعي الجليل ميمون الكوردي وقد ذكره الألوسي في تفسيره أيضاً ج 26ص 105 _ وابن جابان الصحابي الجليل (أبوبصير) صاحب القصة الشهيرة بعد صلح الحديبية والذي قطع طريق تجارة قريش مع ثلة من إخوانه وروى جابان حديثاً واحداً عن النبي والحديث في صحيح البخاري في كتاب النكاح، روى عنه ابنه ميمون .
وفي أوائل القرن السابع الميلادي أخذت دولة الإسلام في الاتساع في أراضي الإمبراطوريتين الفارسية في الشرق والبيزنطية في الغرب .
وقد دخل الكورد في الإسلام عندما طرق الصحابي الجليل عياض بن غنم أبواب العراق وشمالها الكوردي، في أوائل عهد أمير المؤمنين الخليفة العادل عمر بن الخطاب t وبالتحديد سنة 18ﻫتم فتحالعراق وكوردستان معاً، وكان القعقاع بن عمرو t قد فتح حلوان الواقعة في جنوب كوردستان قبل ذلك سنة (16ﻫ ) .
واعتنق الأكراد الإسلاموكانوا من الشعوب الذين أسلموا طواعية، من غير معركة وأسلم وآمن الكورد مع وصول أول طلائع من إخوانهم المجاهدين من العرب، الذين حملوا إليهم راية الحرية والعدالة والمساواة والعزة والكرامة، وخرجوا من ديارهم بقلب سليم وروحٍ مليء بالإيمان، لنشر الإسلام وتعاليمه السامية لإخراج إخوانهم من استعباد العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، وبهذا خرج الأكراد من الحكم الفارسي الجائر، ودخلوا في حكم الإسلام وأصبحت أرض كردستان قطعةً من أرض الخلافة الإسلامية، وأصبح الكورد جزءً من الأمة الإسلامية .
إن الكورد اعتنقوا الإسلام،بعد أن اقتنعوا به ديناً جاء ليساوي بين الأعراق والقوميات، بحيث لا يكون الفضل لأحد على آخر إلا بمقدار تقواه وتقربه إلى الباري عزوجل. وبعد أن رأوا فيه ديناً يخرجهم من الظلمات إلى النور، ومن ظلم الساسانيين واستعبادهم لهم، إلى فضاء الحرية والمساواة مع كل من ينتمي إلى الدائرة البشرية عموماً والإسلامية خصوصاً .
وكان الكورد فيخدمة الدين وجاهدوا جنباً إلى جنب مع إخوانهم العرب وقدموا التضحيات وبذلوا الغالي والنفيس في سبيل هذا الدين العظيم 0وبدأوا بالجهاد وتقديم التضحيات في سبيل هذا الدين . وشاركوا في أغلب الفتوحات الإسلامية في مراحلها المختلفة وفي كافة العهود من عهد الخلفاء الراشدين مروراً بالأمويين والعباسين والعثمانين، وكل ذلك من أجل إقامة شعائر الله وتثبيت حكم الله في الأرض، وهي أصل وظيفة الإنسان في الأرض 0
ولم يفكر الكورد يوماً ما، أن يميزوا أنفسهم وأرضهم من الأمة الإسلامية الكبرى، وعلى العكس من ذلك كانوا دوماً من المدافعين عن الخلافة الإسلامية حتى سقوطها بيد الاستعمار الغربي ومخطط الصهيوني العالمي، وعلى يد قواد الثورة العربية وقائد الثورة التركية كمال أتاتورك الملعون .
والكورد لم ينتهكوا الإسلام مثل غيرهمولم يستغلوا الدين والمشاعر الدينية من أجل مطامحهم ومنافعهم الخاصة، ولم يجعلوا الدين يوماً من الأيام وسيلة للتشبث بسلطتهم وحكمهم مثل ما فعل الآخرون بل اعتنقوا الإسلام للتسليم والإيمان به وضحوا وجاهدوا في سبيل الدين ونشر مبادئه بكل ما امتلكوه من قوة وثروة .
وحول تمسك الأكراد بتعاليم الإسلام يقول الأستاذ منذرالموصلي في كتابه عرب وأكراد ص 271 ( يعتز الأكراد بالإسلام ويتحمسون له ويحترمون العادات والتقاليد الإسلامية أيما احترام، ويجدون في هذاالدين التوحيدي مصدر قوة لهم، وأرومة انتماء لأسرة إنسانية واسعة ارتبطوا بها عنطريقه ) ..
لقد نزل رجال الكورد الأشداء، أولو البأس الشديد منجبالهم يوماً، وساهموا في طرد الصليبيين وتحرير مقدسات فلسطين, وتطهير العالم الإسلامي من الأعداء والعملاء ورد اعتباره إليه, وسينزل الكورد مرة أخرى مع صلاح الدين و سعيد بيران وبديع زمان جديد ...فالخير في هذا الشعب باق بإذن الله , الذين وهبوا أنفسهم للإسلام مذ دخلوا فيه وكانوا أهله وحماته ولا يزالون.