ماذا يا قمر ؟
ماذا يا جميل المحيا
يا عاشق الضياء
ماذا يا سيد البهاء ؟
كيف أرتقيت السماء ؟
كيف أكتسيت كل هذا الجمال
هذا السمو وهذا النقاء وهذا الصفاء
كيف تبسط دثارك
تسكن اﻷرض
تخلب اللب
تملأ النفس ضياء
أحلاما وسحرا وسكينة
ساعة تظهر وحين تشاء
كيف تنامى لديك كل هذا الحسن
و هذه الرهافة وهذه الخيلاء
وهل بوثبة منك كبرى
فزعت من هذا الثرى شديد الظلمة
أم بقاذف مشحون بدهاء
قد تركتنا نعيش فيه خبط عشواء
فلا قدوة لتحديد خيار وشق مدار
واجتراح مآثر وأسفار وحسن بلاء
ولا مرود من ضياك
يسقي العيون جمالا ، نقاءا وبهاء
يزيل الغشاوة ، يهب العقول يقينا
والنفوس طيبة وصفاء
لا انتظام مسار يحتضن الشمس
يرتشف ما بها من سناء
ولا مقاربة لمد وجزر بما فيه
من عشق وغزل بين بحر وسماء
قد تركتنا نعاني
من قصور في احتضان السماء
حين نجثو على الثرى
وحين نتناول الفضاء
تركتنا نرقب حالمين
عودتك كل مساء
فلا تظهر إلا لماما
وغالبا من وراء سحب عجفاء
مثقلين بما في هذه الارض من عتمة
و بؤس وفقر وإضطهاد وموت
ومذابح وأقدار سوداء
نحلم حين تسامرنا
في الجمال والحب و الثراء
نتسمر في مقاعدنا
مشدوهين ، فاقدي الحيلة ، ضعفاء
منتحين لجاذبية بلهاء أذلاء ، سجناء
نشتاق لصحبة حميمة منك
محدقين في السماء
قد تركتنا في الأرض
مع خبثاء ودهماء
ومع اشباح ومصاصي دماء
وقد فرض علينا البقاء
فإلى متى يطول هذا البقاء ؟
وإلى متى ...
لا نحتسي أقمارا صغيرة كل صباح
ولا نكتسي منها حاجتنا كل مساء
كيف تعد بوصل
بعد كل مناجاة ولا يتحقق لقاء
ماذا يا جميل ويا أنيس
ويا سمير الشعراء ؟
و إلى ما كل هذا الجفاء ؟
لعلنا عما قريب نناطح السماء
نستعيد نجوما وأقمارا رحلت
وتلك التي فزعت منا
ونعيش في فلكنا على حد سواء
سادة نبلاء .
عبدالعزيز دغيش .