أخلاق النبي محمد وعترته في النوم
*
عَنْ الْإِمَامِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ :
نَمْ نَوْمَ الْمُعْتَبِرِينَ وَلَا تَنَمْ نَوْمَةَ الْغَافِلِينَ ، فَإِنَّ الْمُعْتَبِرِينَ مِنَ الْأَكْيَاسِ يَنَامُونَ اسْتِرَاحَةً وَلَا يَنَامُونَ اسْتِبْطَاراً .
وَقَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) : تَنَامُ عَيْنَايَ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي . وَانْوِ بِنَوْمِكَ تَخْفِيفَ مَؤُنَتِكَ عَلَى الْمَلَائِكَةِ وَاعْتِزَالَ النَّفْسِ عَنْ شَهَوَاتِهَا ، وَاخْتَبِرْ بِهَا نَفْسَكَ وَكُنْ ذَا مَعْرِفَةٍ بِأَنَّكَ عَاجِزٌ ضَعِيفٌ لَا تَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ حَرَكَاتِكَ وَسُكُونِكَ إِلَّا بِحُكْمِ اللَّهِ وَتَقْدِيرِهِ . وَأَنَّ النَّوْمَ أَخُ الْمَوْتِ وَاسْتُدِلَّ بِهَا عَلَى الْمَوْتِ الَّذِي لَا تَجِدُ السَّبِيلَ إِلَى الِانْتِبَاهِ فِيهِ وَالرُّجُوعِ إِلَى صَلَاحِ مَا فَاتَ عَنْكَ ، وَمَنْ نَامَ عَنْ فَرِيضَةٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ نَافِلَةٍ فَاتَهُ بِسَبَبِهَا شَيْءٌ فَذَلِكَ نَوْمُ الْغَافِلِينَ وَسِيرَةُ الْخَاسِرِينَ وَصَاحِبُهُ مَغْبُونٌ ، وَمَنْ نَامَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ أَدَاءِ الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ وَالْوَاجِبَاتِ مِنَ الْحُقُوقِ فَذَلِكَ نَوْمٌ مَحْمُودٌ .
وَإِنِّي لَا أَعْلَمُ لِأَهْلِ زَمَانِنَا هَذَا شَيْئاً إِذَا أَتَوْا بِهَذِهِ الْخِصَالِ أَسْلَمَ مِنَ النَّوْمِ ، لِأَنَّ الْخَلْقَ تَرَكُوا مُرَاعَاةَ دِينِهِمْ وَمُرَاقَبَةَ أَحْوَالِهِمْ وَأَخَذُوا شِمَالَ الطَّرِيقِ ، وَالْعَبْدُ إِنِ اجْتَهَدَ أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ ، كَيْفَ يُمْكِنُهُ أَنْ لَا يَسْتَمِعَ إِلَى مَا هُوَ مَانِعٌ لَهُ عَنْ ذَلِكَ ؟
وَأَنَّ النَّوْمَ مِنْ إِحْدَى تِلْكَ الْآلَاتِ الَّتِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا :
﴿إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾ .
وَإِنَّ فِي كَثْرَتِهِ آفَاتٍ وَإِنْ كَانَ عَلَى سَبِيلِ مَا ذَكَرْنَا ، وَكَثْرَةُ النَّوْمِ تَتَوَلَّدُ مِنْ كَثْرَةِ الشُّرْبِ وَكَثْرَةُ الشُّرْبِ تَتَوَلَّدُ مِنْ كَثْرَةِ الشِّبَعِ وَهُمَا يُثَقِّلَانِ النَّفْسَ عَنِ الطَّاعَةِ وَيُقْسِيَانِ الْقَلْبَ عَنِ التَّفَكُّرِ وَالْخُشُوعِ ، وَاجْعَلْ كُلَّ نَوْمِكَ آخِرَ عَهْدِكَ مِنَ الدُّنْيَا وَاذْكُرِ اللَّهَ بِقَلْبِكَ وَلِسَانِكَ وَحُفَّ طَاعَتَكَ عَلَى شَرِّكَ مُسْتَعِيناً بِهِ فِي الْقِيَامِ إِلَى الصَّلَاةِ إِذَا انْتَبَهْتَ ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَقُولُ لَكَ : نَمْ ! فَإِنَّ لَكَ بَعْدُ لَيْلًا طَوِيلًا ..!
يُرِيدُ تَفْوِيتَ وَقْتِ مُنَاجَاتِكَ وَعَرْضِ حَالِكَ عَلَى رَبِّكَ ، وَلَا تَغْفُلْ عَنِ الِاسْتِغْفَارِ بِالْأَسْحَارِ فَإِنَّ لِلْقَانِتِينَ فِيهِ أَشْوَاقاً .

*
المصدر :
(مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل : ج5، ص123 عن مصباح الشريعة.)