هدوء هش ووعود مكرورة.. عراقيون يهددون بالعودة إلى الشارع
قناة الحرة
عندما خاطب الرئيس العراقي برهم صالح العراقيين لأول مرة بعد نحو أسبوع من اندلاع المظاهرات التي أودت بأكثر من مئة شخص حسب الأرقام الرسمية، اعترف بأن الاحتجاجات جاءت على خلفية البؤس والمظالم والشعور العام بحاجة البلد إلى الإصلاح.
صالح قدم وعودا بإجراء إصلاحات، لكن ناشطين رأوا أنها “نفس الوعود المكررة التي قطعتها حكومات متعاقبة”.
وأكد صالح أن “لا شرعية لأي عملية سياسية أو نظام سياسي لا يعمل على تحقيق متطلبات الشعب”، داعيا إلى “فتح حوار مع المتظاهرين ودعم إجراء تعديل وزاري لتحسين الأداء الحكومي (…) وتفعيل دور المحكمة المختصة بقضايا النزاهة، وتوفير الظروف الملائمة لعملها بحرية، وإحالة جميع ملفات الفساد لحسمها ضمن توقيتات محددة”.
وسبقه رئيس الوزراء عادل عبد المهدي ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي بتقديم سلسلة مقترحات لتدابير اجتماعية سعيا لامتصاص غضب المتظاهرين الذين أكدوا أن “لا شيء لديهم ليخسروه”، في بلد غني بالنفط ويعيش أكثر من خمس سكانه تحت خط الفقر.
احتجاجات العراق

“مجرد وعود”
يرى شوقي أبو أحمد، أحد منسقي التظاهرات في بغداد، أن الوعود التي أطلقها المسؤولون العراقيون تعتمد على المصالح الحزبية والميليشيات التي تسيطر على البلاد، فالميليشيات والأحزاب هم من يتحكمون بالتعيينات، وأيضا حملة تعيينات وزارة الدفاع اكتشفنا أنها فقط للمفسوخ عقدهم الذين كانوا قد هربوا من الخدمة”.
وأضاف في حديثه مع “موقع الحرة” أنه “سيبقى الحال على ما هو عليه والوعود ما هي إلا تخدير وكسب للوقت لكن الشعب العراقي أصبح واعيا”.
ويقول الناشط حسين العامل لموقع الحرة إن الوعود التي قدمها الرؤساء الثلاثة “لن تقدم ولن تؤخر وأن النار تحت الرماد”.
ولا يكمن الخلل، حسب رأيه، “بشخص ولا جهة معينة في إدارة الدولة، المشكلة في مجمل المنظومة والعملية السياسية، ولهذا فإن المتظاهرين رفعوا شعار إسقاط النظام، لأنه لا يصح أن يكون بلد نفطي يتمتع بثروات هائلة وأبناؤه يعانون من الإحباط والفقر والبطالة، وعندما تخرج الكفاءات العلمية للتظاهر وتطالب بأبسط حقوقها في التعيين يقمعون بالغازات المسيلة للدموع”.
الاقتصاد العراقي

ويضيف أن “هذه الوعود التي أطلقها برهم صالح تبقى مجرد وعود سمعنا مثلها كثيرا سواء من هذه الحكومة أو العبادي أو المالكي، ولم يتغير شيء، ولذلك هذه المرة لن تمر بسهولة حتى وإن هدأت المظاهرات فيبقى الجمر تحت الرماد، ولن تثني هذه الوعود المتظاهرين عن الانطلاق لتظاهرات قادمة إلى أن يحدث تغيير جذري”.
وعن رؤيته لماهية التغيير الجذري الذي طالب به بعض المتظاهرين، يرى أن “يتم تشكيل حكومة إنقاذ وطني مثلما حصل في السودان”.
وشهد العراق خلال اليوميين الماضيين هدوءا هشا، إلى حد ما، في ظل انتشار أمني كثيف في معظم مناطق العاصمة بغداد والمدن الجنوبية.
تحقيق أممي
ووصف صالح في خطاب للشعب العراقي الاثنين، وسط موجة من الاحتجاجات تشهدها بغداد والمدن الجنوبية، الذين أطلقوا الرصاص على المتظاهرين بأنهم “أعداء العراق”، و”خارجون عن القانون”، لكن الناشط في تظاهرات بغداد أبو أحمد شكك بمصداقية رئيس الجمهورية.
وأقرت القوات العراقية ذاتها الاثنين بـ”استخدام مفرط” للقوة ليل الأحد في مدينة الصدر شرقي بغداد خلال الحراك الاحتجاجي حيث قتل 13 شخصا.
وحسب حصيلة رسمية، قتل أكثر من مئة شخص، غالبيتهم من المتظاهرين وجرح أكثر من 6 آلاف آخرين، منذ انطلاق الاحتجاجات في الأول من أكتوبر في بغداد ومدن جنوبية للمطالبة باستقالة الحكومة المتهمة بالفساد، لكن شوقي يزعم أن عدد القتلى يتعدى خمسمئة شخص.
وأعلن صالح فتح تحقيق في استخدام القوة المفرطة مع المتظاهرين خلال الأيام الماضية، مضيفا أن “ما يجري فتنة وجريمة”، لكن شوقي طالب بلجنة تحقيق أممية رافضا أن “يكون التحقيق من خلال الحكومة التي تسيطر عليها الميليشيات التي شاركت في أعمال قتل وقمع التظاهرات”.
وفي تسجيلات مصورة انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، كان ممكنا سماع أصوات إطلاق رصاص متواصل، وأحيانا بالسلاح الثقيل، في مدينة الصدر حيث تواجه القوات الأمنية ووسائل الإعلام صعوبات في الوصول إليها. وتعدّ هذه المنطقة معقلا لأنصار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر الذي دعا الجمعة إلى استقالة الحكومة.
تطورات التظاهرات في العراق

وبالرغم من أن صالح قال إن من حق العراقيين التظاهر سلميا بحرية، ووصف تقييد حركة المتظاهرين والإعلاميين بأنه “غير مقبول” فقد تمت إعادة فتح الإنترنت بعدما قطعته السلطات لأيام، لكن إزالة الحظر لم تدم إلا لساعات قليلة وتم قطع الإنترنت مجددا.
وعززت عمليات اقتحام مراكز وسائل إعلام في عدة مدن نهاية الأسبوع، المخاوف حيال حرية التعبير في البلاد.
ويحتل العراق المرتبة 156 من بين 180 دولة على لائحة “مراسلون بلا حدود “لمؤشر حرية الصحافة في العالم للعام 2019.
في المقابل يتأمل الناشط إياد الرومي من بغداد خيرا من الوعود التي أطلقها برهم صالح “سمعنا عن حزمة إصلاحات ونتأمل خيرا”، حسب حديثه مع “موقع الحرة”.
وأعلن أنه مع عدد من النشطاء العراقيين سيعقدون مؤتمرا الأربعاء لإعلان مطالبهم للحكومة، وسيدعون للتهدئة وإيقاف نزيف الدماء.